الخميس، 29 أبريل 2021

الموضة



حديثٌ عن الموضة!

 

إلى غاية سن معيّن، تبقى مهمة جدّاً للفرد، فهي تضمن له البقاء في المجموعة، ليس كفاعل أو مفعول به، بل مجرّد عضو شفّاف لا يتعرّض للمضايقة، لأن حيوانية جمهور البشر، تلزمهم على طرد كل من لا يلبس نفس ثوبهم، ونفس تسريحتهم، ونفس الكتاب في إبط كلّ واحدٍ منهم،

 هل أخذت نسختك من كتاب أدهم أم لم تفعل بعد؟ 🔪.

ليس من البطولة أن يبقى الفرد في المجموعة، ولا في محاولة الخروج منها، البطولة في وعي الفرد التام لما يقومُ به، من أفعال إرادية، مثل حريّة التحرّك والتفكير والعمل والإنتاج، ومن أفعال لا إرادية، مثل جنسه وجنسيته وثقافته محيطه ولغته وتاريخيه.

بحيثُ يصل إلى درجة ”التضحية“ بالقليل من أجل الكثير، سؤال: هل ترى أن حلقك للحيتك طوال فترة الخدمة الوطنية أمرٌ صعب وجللٌ لا تستطيع القيامَ به؟ الجواب هو لا، الأمر عادي، علاوة على أنّهُ ظرفٌ مُؤقّت.

كذلك في الوظيفة، إذا كان العمل في المكاتب يُجبر الأفراد على ارتداء سراويل عِوض ألبسة رياضية، فما المانع من الإلتزام بهذا التفصيل الصغير؟ خاصة إذا كانت الوظيفة جيدة وراتبها مُريح.

عند الحديث عن الموضة، لا يجب التفكير في تلك السراويل المُمزقة والضيقة، لأن الموضة بالمطلق هي ” ذلك المظهر العام للبشر المعاصرين"، وهو ذلك التقارب في نوع الألبسة وقصات الشعر والمستلزمات التجارية.

متى نستطيع التخلص من الموضة دون تحمّل العواقب ”الحيوانية" للإنسان؟

 

- الاستقلال المادّي التام.

- المناصب العُليا.

- الشُهرة المفرطة.

- الزُّهد عن الحياة.

 

إذا لم تجد نفسك بين هؤلاء، فأنت مُجبر على الانصياع للموضة، ليس لأنّك عديم الشخصية، أو لأنك خاضع لمخططات الغرب الماسوني، بل لأنّك لست مستعداً لمواجهة الفقر من أجل سروال عوض قميص، ولستَ مستعداً للطرد من جموع البشر عوض التكافل الاجتماعي ، وأنك لست مستعداً للتخلّي عن رغباتك وشهواتك من أجل مظهرٍ مُفزع.. أم أنت مُستعد؟

 

لماذا قُلت.. إلى غاية سنّ مُعيّن؟

لأن الإنسان يتطوّر، لن تبقى تحت رحمة ظرفٍ واحد، لن تبقى مراهقاً.. إذا كُن ذلك المراهق!، قد لن تبقى مجهولاً.. فكن ذلك المجهول المطيع للمجتمع الى حين، لن تبقى ذلك الطائش.. قد تستحيلُ تقيّاً زاهداً، فكُن شيئاً وتيقّن أنّه سيتغيّر.

ستُصبح كهلاً ثم شيخاً.. ولن يعنيك شيئاً، ولن تعني شيئاً لأحدٍ في شكلك.

 

#عمادالدين_زناف

الثلاثاء، 27 أبريل 2021

الجماهير متعطّشة للدّم



الجماهير ولعقها للدّم المُنهمر.
المقال 147

من سرق من؟، من ظلم من؟، من قام بفعلٍ لا أخلاقي؟، من وعدَ وأخلف؟، من يتحكّم؟، من خان؟، من كذب؟، كلّها أمور تؤرّق الجماهير، أقصد أن الذي يؤرقّها هو أن يكونَ "مَحبوبها" و"نجمها" و"بطلها" هو صاحب هذا الفعل الشرير، فيصبح ذلك الرّجل النبيل والقديس.. شيطاناً وجبَ أن يُجلد في الساحات العامّة، ليكون عبرة لمن يعتبر.
 حتى الذي لا يَهتمّ بذلك الانسان، أي لا يعنيه ذلك المحيط (الفني، العلمي، السياسي..)، يجدُ نفسه يميل لمعرفة ما قامَ به، وقد يُشارك في حملة رمي الطماطم عليه.
كلّنا نريد "أن نعرف" ما الفضيحة، ومن صاحب الفضيحة، للشماتة أولاً، لتغذية فضولنا، وضخّ جرعات لنرجسيّتنا "هناك أشخاص أسوء منّا".
أوّل تساءل يُطرح، هَل ادّعى هؤلاء المشاهير العفّة والصّلاح والايمان؟، إذا فعلوا ذلك فقد بَحثوا عن ذلك الجَلد، لكن الكثيرَ لم يفعَلوا، ومع ذلك، يُعاملون كأنبياءٍ خانوا العهد وغشّوا أتباعَهُم، ليس فينا رجلٌ يَسبَحُ في النّقاء، لا المشاهير ولا الجماهير.
ومن هذا المُنطلق ننطلق في كَسرِ أسطورة الجماهير الصّالحة، لأن الجمهور هو عبارة مجموعة أفراد، تماماً مثل المشاهير، مُعرّضين لغرائز واغراءات وإغراءات وشهوات وملذّات ووساوس وميول وخُبثٍ وحِيل، الّا أنّ القَدر لم يَضعُهم في اختبار مع الحياة. وأمام الملأ.
كُلّنا سيّئون، بالمطلق، الّا من أعرض عن الانصياع للسّوء الذي يكمنُ فيه، وهي نظرة تناقض فكر روسو الذي يَعتقِدُ بـ"براءة الانسان"، ثم "تلوّثه" عند الاحتكاك "بالمجتمع".
كُلّنا نريد ان نرى شخصاً يُهانُ ويُركل أمامنا، عندما يُعتقدُ أنّه "شرير"، ولا نُفكّر لوهلة في ماذا لو كنّا محلّه، ألن نَرجوَ التوبة والغُفران؟، هل نَحنُ بتلك الدّرجة من الوعي الرّاشد والصلاح..الذي نُفضّل فيه أن نُجلد على أن يتم العَفوُ عنّا؟
من المُستحيل أن يُفكّر الجَمعُ في ذلك، الجماهير لا تَجتمعُ الّا لرؤية الدّم، فاجتماع البشر هو مناداة للحيوانية، وافتراقهم مناداة للعقل والرويّة.
الجمهور هو عبارة عن أفراد لا أخلاقيّين يُحاولون فَرض الأخلاق على أفرادٍ مِنهُم، عقاباً على نجاحهم وتجاوزهم درجة التجمهُر (الحيوانية)، فيُجبرون المشاهير على التحلّي بسمحِ المسيح وحِلم محمّد وصبرِ أيّوبُ ويعقوبُ وقوّة موسى ولِسان هارون، وليسوا بآحادِ التّابعين!
"لقد قلت من قبل أن جمهور المسرح يريد أن يكون لبطل المسرحية فضائل مبالغ فيها، ومن الملاحظ أن الجمهور صاحب الصفات الدنيئة، يكون الأكثر قسوة في الحكم عن الأفراد.
"غالبًا ما يتذمر بشكل مبالغ فيه ذلك الكاذب المحترف، القوّاد، السفاح الساخر..أمام مشهد محفوف بالمخاطر إلى حد ما، أو ملاحظات خفيفة، غير ضار جدًا بالمقارنة بمحادثاتهم المعتادة." غوستاف لوبون، سيكولوجية الجماهير.
يَجب ان يفهم الأفراد، بأن تواجدهم أمام بعضهم البعض، هو أخطر ما يُمكن أن يَحدُث لوعيهم، ويَجدُ أحدنا نفسه وسط جريمة جماعية لا يَعرف من المتسبّب فيها..سوى أنّه ثار مع الثائرين على شيءٍ قد يُنهيه بحوارٍ هادئ أو بإعراض عن ردّ السوء بالسوء.
المشاهير ليسوا أنبياءً، حتى الذي ادّعى النبوة فيهم وجبَ ان يؤخذ على أنّه مجنون يشبه الكثير من المجانين المتخفّية بيننا.
أنظر نفسك في الآخر، في كلّ شيء، في أكبر العيوب التي فيه، وسف تعفو عنه.
_
لكلّ من أكمل المقالة، فليَنشُرها  في حسابه أو صفحته فضلاً.

Imed eddine zenaf / عماد الدين زناف

الاثنين، 26 أبريل 2021

البروباغاندا



عايشَ القرن العشرين كلّه..ماتَ وعمرهُ 103سنة، إنّه الرّجل الذي أسّس للبروباغاندا بمفهومها الحديث، تأثّر بعلم النفس التحليلي لفرويد، وبالنظرة الاجتماعية لغوستاف لوبون.
المقال 145 للكاتب عماد الدين زناف. 

                                        -1-
وضع كل مخزونه الفكري والنفسي والاجتماعي في خدمة بقاء السياسيين وأصحاب المؤسسات واللوبيات في أماكنهم، تحت غطاء الديموقراطية، بمعنى آخر، يعتبر إدوارد بيرنيز  ماكيافيلي العصر.

                                        -2-
في سنة 1917، وفي عزّ الحرب العالمية الأولى، ساعد إدوارد الرئيس ويلسون في تهيئة المجتمع الأمريكي نفسياً للدخول في الحرب،  فقد ساهم في صناعة لوحة العم سام الشهيرة (أريدك i want you) في الجيش الأمريكي، وقد أخرج الشعب الأمريكي من "النظرة الحيادية" الى "الأحلاف".

                                       - 3 -
صنع دعاية وهمية للأطباء، فأرسلوا له نتائجا الجيدة، حولها مباشرة الى الجرائد، كي ينصحوا التجار ببيع منتوج Bacon breakfast، على أنه مفيد للصحة! ، ومن يومها صارت بايكون الرقم واحد بكل البلد.
منتوج مدعوم من أربعة آلاف طبيب وإعلام قوي، لا يمكن إلا أن ينجح.

                                       -4-
في سنة 1920، كان إدوارد مديوناً من شركة التبغ، ولكي يسد ديونه، ابتكر دعاية ليقنع النساء على التدخين، وما قام به هو تغيير النظرة والتأويل حول السيجارة بالنسبة للنساء، وما قام به هو صناعة حِراك مُصغّر في نيويورك سنة 1929، حراك مكون من نساء حاملات للسيجارة، مع لوحة مكتوب عليها ”تورش للحريّة“، إذن جعل من السيجارة رمزية لحرية المرأة، فاشترت الاف النساء من تبغه، واصبحن يتفاخرن بالسيجارة.

                                      -5-
فن الدعاية والتحكم في الرأي العام يقتضي بأن يكون الرأي الشخصي طاغياً عن الهدف الرئيسي، لم يكن هدف إدوارد تحرير الدول الأحلاف ولا نجاح بيكون ولا تحرير المرأة من الرجل.
هدفه كان للنجاح الشخصي، البروباغاندا تجعل الأفراد مشاركين، بل ومقتنعين بأن ما يفعلونه هو الخير والإصلاح.

                                      -6-
البروباغندا تتماشى مع وهم الحرية، لذلك دعا إدوارد الى التأكيد على الديموقراطية، لأن بفضلها واستناداً على عمودها، يمكننا أن نسوّق لأي فكرة.

                                      -7-
البروباغاندا هي تضييق مفهوم الحرية لصالح الرغبة، وتضييق مفهوم الرغبة لصالح النزوات (محركات الحياة).
///

القوة الاقتصادية والسياسية تتحرك بالرغبات واللذات، لذلك يعمل الأشخاص على مخاطبتها، عوض التعامل مع ما يتناسب ومصالح الناس.
لأن المصلحة العليا للفرد، هي ذاته.

#عمادالدين_زناف

الخميس، 22 أبريل 2021

غسق اليونان



المقال 142.
_
أين اختفت اليونان؟
                                       -1-
مرّت اليونان بثلاثة عصور، عصر الإنحطاط، 700سنة قبل الميلاد، وكان عصر تأليف الإلياذة والأوديسيا، العصر الكلاسيكي، 400 قبل الميلاد مع الإنتصار عن الفرس وتأسيس الديموقراطية الآثينية، وبزوخ فكر فلاسفة ماقبل سقراط، وسيطرت الإسكندر، وتوسعها مع تأسيس مستعمرات في جنوب إيطاليا وماسيليا (مرسيليا) ،  ثم مرحلة الإنحطاط ، وهو العصر الهيلينستي، والهلنستيون خليط عرقي (في صورة سقراط) ، مما جعل اليونان تنزل الى الأبجدية الفينيقية عوض الاحتفاظ باليونانية.

                                     -2-
لماذا لم تنجب اليونان فلاسفة في عصر التنوير، ولا في عصر النهضة الأوروبية، ولا قبل ذلك!
لدراسة هذا الجفاف الفكري، وجب معرفة مولد الفلسفة اليونانية القديمة، أي ما قبل سقراط، في صورة فيتاغورت وطاليس، فنجد أنهم متأثرون بشكل غير مشروط بالخضارة المصرية والبابلية.
فكانت كل دراسات فلاسفة الإغريق القديمة، هي ترجمة الأفمار والعلوم الشرقية، في معاهدها، أو عن طريق الرحلات. 
فكان الفكر الإغريقي عبارة عن ردة فعل عن الفكر المصري الشرقي.

                                      - 3 -
استلم فلاسفة العصر الكلاسيكي اليوناني فكر أسلافهم على أنه فكرهم الخاص، أي، انتهجوا أسلوب القرصنة.
والمعروف أن الفلسفة وليدة البيئة، وأن الفلسفة تتماشى والطبيعة!
من غير المعقول أن ننتهج فكراً ألمانيا في الجزائر. 
إذا أردنا التأسيس لفكر حقيقي، وجب طبخه مه البيئة الجزائرية، وإلا فلن يُعمّر.

                                      -4- 
استلم سقراط فكر السابقين وحوّره إلى تعاليم معاكسة، أي كردّة فعل على ردّة الفعل الأولى، وحاول تكييفه مع الواقع الآثيني، ولم ينجح، مع موجة السفصطائيين.
جاء بعد سقراط، آفلاطون، الذي يعتبر المؤسس الفعلي للفكر الهيلينستي، الروحاني والفضيل، أمرٌ لم يلقى الترحاب رغم ملكيته وعرقه اليوناني الأصيل الذي كان يدّعيه.

                                      -5-
انتهى الحال عند آرسطو، الرجل الذي درس مشكلة الفلسفة اليونانية وقال باختصار ”نحن مجرد أطفال أمام الفلاسفة المصريين“
بحيث شخّص أزمة اليونان كلها في سطر، وهو عدم قدرتهم على التأسيس الفعلي للفلسفة اليونانية الخالصة.

                                      -6- 
كيف نفسّر اختفاء الفلسفة اليونانية ابتداءً من السيطرة الرومانية؟
علينا القول، أن الفلسفة الرومانية هي بنت الفلسفة اليونانية التي تعود للفلسفة الشرقية، إلا أن البراغماتية الرومانية، وإرادة القوة والسيطرة، جعلتهم يؤسسون فكراً مستقلاً، فكراً تماشى والعصور الجديدة مع تطور الزراعة والأسلحة.

                                       -7- 
وانتقل الفكر الروماني الذي ابتعد عن الفكر الإغريقي المتحجّر، الى الفرنج والجرمان والإسكندناف والبريطان، وبدورهم، طوروا الفكر بما يتناسب والمعتقدات السائدة (المسيحية واليهودية واالوثنية)، وجعلوا الفلسفة تتماشى واحتياجاتهم الاجتماعية والسياسية.

                                      //

بينما بقيت اليونان تحت رحمة الثقافات الفينيقية و الرومانية والعثمانية .. ولم تستطع انتاج فلسفة محلية، لأن منبت فلسفتها كان عبارة عن ”سرقة علمية“.

#عمادالدين_زناف

الأربعاء، 21 أبريل 2021

القومية ضد الواقعية



مـا مصير الاستشهاد بأبطال وشهداء الأمس، والسؤال الأقوى؛ ما الذي نجنيه فعلاً عند استشهادنا بأبطال الأمس؟
 هل هناك من دافع لإعادة تلك الملحمات والتضحيات؟
السؤال الأكثر جرأة؛ ما مصير البلدان التي تعتمد على أساطيرها لإخماد أمراض واقعها.. 
اخترت لكم ترجمة لهذه المأثورة من كتاب ”ضد فاغنر“ لفريدريك نيتشه؛ 
المقال 141 للكاتب عماد الدين زناف
« ..ربما كانت موسيقانا هي الموسيقى الأخيرة ، بغض النظر عن الإمبراطورية التي تستعملها.. والتي لا تزال ترغب في استعمالها ، إن أمامها فترة زمنية قصيرة جدًا : فقد نشأت من محصولٍ سرعان ما أصبحت تربتهُ مظلمة ، - محصولٌ سيتم ابتلاعه قريبًا- .
موسيقى كاثوليكية مخصصة للعواطف ولأصحاب المذاق الرفيع، و لبعض الأرواح المرتبطة بالتربة القديمة ، ارتباط يسمى " القومية" ، وهذه هي شروطها الأساسية؛ ”الافتراضات“ التي اقتبسها فاغنر من الأساطير القديمة، والمرويات، حيث اعتقد بتحيزه هذا المكتسب ..أنه يرى فيه شيئًا جرمانيًا بامتياز!
 - اليوم أصبح شيئاً نضحك عليه - 
مثل قيامة هذه الوحوش الاسكندنافية ، التعطش للإثارة الشديدة والروحانية -.. كل هذه الطرق في العطاء للقومية الخاصة بفاجنر ، من حيث الموضوعات والشخصيات والعواطف والأعصاب ، تعبر بوضوح عن روح موسيقاهُ فحسب ، معترفًا بأن هذه الموسيقى نفسها ، مثل كل الموسيقى التي تتحدث عن تلك الأساطير، لا تترك مجالًا للغموض: لأن الموسيقى امرأة ...
 يجب ألا ننخدع في هذه الحالة بحقيقة أننا نعيش حاليًا في رد فعل ، داخل رد الفعل نفسه!
عصر ”الحروب الوطنية“ ، عصر الاستشهاد من أجل الوطن. كل هذا التشخيص الفاصل للوضع الحالي في أوروبا يمكن أن يجلب بالفعل مجدًا ”مفاجئًا لها“.. مثل موسيقى فاجنر ، #دون_ضمان_مستقبل_لها. 
الألمان أنفسهم ليس لديهم مستقبل..»

كانت هذه الفقرة، هي إعلان لطلاقه النهائي بين ربط التراث بالمستقبل، وأن الحرب تتطلب إرادة قوة تتماشى والوضع الحالي..، دون الانسياق الى العاطفة التاريخية والأسطورية..التي لن تغير من الواقع شيئا، إنما تجعلنا نموت في اليوم أكثر من مرة.

#عمادالدين_زناف

الاثنين، 19 أبريل 2021

إرادة القوة..غير موجود



عندما قرات كتاب مولد الاخلاق لفريدريك نيتشه،  لاحظتُ كثرة الحواشي والملاحظات (Nb، ps) في الكتاب،  ثم رأيت بان هذا الشيء يتكرر كثيرا،  في كتابه الفجر وهذا هو الإنسان..، نجد هذا في كتب القرن التاسع عشر وما قبل.

تلك الملاحظات  تشير الى اسم الباحثين الذين اعتمدوا على تلك المأثورات والنصوص،  ومن اين جمعوا تلك المأثورة (أقارب او أصدقاء)، وبأي لغة جُمعت لأول مرّة،   كذلك تساعد تلك الملاحظات في وضع القارئ في زمان ومكان ذلك الفيلسوف أو المفكر، ومن اين أتى بنصوصه (المؤلف)، لأن ما كان يمكن قوله في تلك الفترة، ربما قد أصبح خطأ علميا أو  فكرة تجاوزها الزمن (تم إثبات بطلانها) ، أو للإشارة الى أنها قد أصبحت ممنوعة مثل معاداة الساميـ،، ة.
المقال الـ140 للكاتب Imed eddine zenaf / عماد الدين زناف 

يكمن اعتماد تلك الملاحظات كمراجع، وليس للتحكّم برأي  القارئ أو توجيهه، ولا يجب خلط ذلك مع ”الإنذارات“ التي قد نجدها في كُتب سيلين فيردناند الفرنسي أو كفاحي لهيتلر.
فمثلا، تكرر إسمُ ”بول ريه“ في أحد كتب نيتشه، وبالتالي سنجد أن الذي راجع الكتاب، أضاف تعريفاً عن المذكور وعلاقته بالمؤلف، لأن مأثورات نيتشه ليست سردية ولا روائية، فهو لا يشرح علاقاته ولا زمكانه.

الآن، سنتحدّث عن ”كتابه“: «إرادة القُوّة»!

الكتاب تم إصدارهُ لأوّل مرّة سنة 1901، أي سنة بعد موته، و11 سنة بعد ”مرضه المزمن“، يُعرّف الكتاب على أنه ”مشروع كتاب لنيتشه، تم التخلي عنه سنة 1888“، مع ذلك، ما زال يُنسب الكتاب إلى نيتشه، وما زالت التهمة تطاله.. على أنه هو من صنع جحيم النازية.

جعل أنصار نيتشه هذا الكتاب ككتابهم ”المحبّب والمُحرّم“، ظناً منهم أنه قد حمل حقائق لا يُراد أن لا تُقرأ ولا أن تجسّد!، إذن، ظُلم نيتشه من أنصاره قبل أعدائه.

وفي الحقيقة، هو عبارة عن تلفيقات شقيقته (إليزابيث فورستر نيتشه) وزوجها ”المعادي للساميّـ ،ة“  والمتأثر بالايديولوجية "العرقية" (برنهارد فورستر)، لخدمة مشروع النازية القادم، وقد حاول وزوجته صناعة عرق آري خالص في البارغواي..وتوفى هناك مُنتحراً.

حيث تم تحوير مأثورات نيتشه، وخلطها بمأثورات مفكرين آخرين، وأدركنا ذلك لغياب الملاحظات والحواشي!، فهي شبه غائبة، أي لا توجد مراجع للمأثورات سوى أنها من شقيقة فريدريش.

عندما ألغى نيتشه مشروع كتابه ”إرادة القوة“، فتح المجال لفكرة (نقيض المسيح) و (غسق الأوثان)، وفيهما تكلم  بإسهاب عن قلبِ القِيم، وحارب إرادة القوة الكامنة في كل الأحياء.

إصدار هذا الكتاب كان عبارة خيانة لفكر نيتشه، لأنه متناقض وغير منظّم (مسودّة) وموجّه، ويحمل بعداً إيديولوجي غير معهود عن المؤلف.

تعرّض هيدجر لكتاب نيتشه بالنّقد اللاذع، معتقداً أنه قد كتبه فعلا، كذلك فعل مازينو مونتيناري في كتابه 
”لا وجود لإرادة القوة“، أيضا الفيلسوف دولوز في كتابه ”نيتشه والفلسفة.“

وعلى عكس كتبه السابقة، لا نجد فيه الإرادة الأدبية، فالمعروف عن نيتشه أنه أديب أيضاً، أي أنه لغته عالية، عكس فلاسفة آخرين مثل هيغل، أين نجد أنه لا يبحث عن الجانب الأدبي.

من المهم أن نجد معلومات كافية داخل الكتاب، في شاكلة الملاحظات والمراجع والإشارات، فهي ترفع من 
جودة الكتاب واعتماده.

#عمادالدين_زناف

الأحد، 18 أبريل 2021

قطبيّ مشاعر



يتعرض الانسان يوميا الى ما يسمى بالمصعد العاطفي،   فقد يشعر بسعادة غامرة دون سبب معين، وبعدها يشعر بحزن واحباط دون سبب أيضاً.
الأمر يبدو منطقيا بعض الشيء، لأن دوام الشعور بالسعادة غير ممكن، فقد تختفي تلك الصورة المسعدة من أذهاننا.
 السعادة والكآبة مربوطين بهرمونين،  الاولى موصولة بهرمون السيراتونين و”الدوبامين بعض الشيء“،  والثانية مربوطة بهرمون الكورتيزول بشكل أساسي.

المقال الـ139 للكاتب Imed eddine zenaf / عماد الدين زناف 

ان دوام عمل هرمون واحد يعد أمراً مستحيلا، لأن الـ hypothalamus  والغدة الدرقية وأعضاء أخرى مسؤولة على إفراز الهرمونات ..طاقتهم محدودة،  علاوة على ذلك،  ليس من الصحي ان يغلب هرمون على اخر، او ان يطيل البقاء في الدم، لأنه يستحيل سماً قاتلاً.

و لأن المتهيئات والتصورات منوطة بمشاعر الانسان،  وأن للهرمونات دور أساسي في تقلب المزاج.. أو يكون تذبذبها نتيجة لتقلب المزاج،  فمن الطبيعي أن يشعر الانسان بهذا "المِصعد" الذي يعلو وينزل  حسب الحالة المعنوية للفرد و حسب التدفقات ”التخيلية“، أو بفعل ”صناعة الأحداث“ في العقل.

هذه العملية البيولوجية يتحكم فيها الإنسان الناضج، عكس الإنسان غير الناضج أي غير الواعي،  فالعقل الناضج يدرك بأن الإنسان يتعرض الى ”نزلات“ معنوية  لا يكون سببها واقعي مباشر، ولا تجربة ملموسة.
لأن التفكير في شيء ما،  ومحاولة ايجاد حلول له، يثير الحواس حسب الأوامر الإدراكية!
عكس المتهيئات التي تُفرض علينا فرضاً، ويكون سببها النفس، أو الشيطان، أو نزول هرموني، أو ”تأزّم" وتسرّبات من اللاوعي.

كل هذا التأزّم يحدث بين الإنسان ونفسه،  فيكون على درجه كبيرة من الوعي، ليفرّق بين الأسباب المادية، والأسباب العاطفية والأخرى العميقة التي تدفعه لهذه القبطية العاطفية.

بحيث يتعامل معها الإنسان الناضج والواعي والمدرك بهذه الحالة.. بسلاسة ومرونة، كمثل من ينتظر  مرور العاصفة، دون أن يزعج أحدا بحالته الهستيرية.

لكن الإنسان غير الناضج، يُخرج ويعبر على كل لحظة هستيرية يمر بها، ويصنع من تهيئه قرارات حياتية مصيرية دون أن يدرك بأن هناك تناقض في مشاعره وعواطفه.
 
الأمر يصبح فاضحا أمام محيطه، كمن يُري للناس أنه قد جُنّ ويحتاجُ الى مساعدة عاجلة.

 فمن غير المعقول ان يكون المرء سعيدا فيستحيل تعيسا،ثم يعود هنيئا هادئا.. أو كأن يكون محبا لشيء،  فيبغضه في لحظة،  ويحقد عليه،  ويمقته،  ويجيّش عليه، وقد يعود ويحبه مجدداً!

الفرق بين الناضج والصبيّ يكمن ها هنا، في معرفة الإنسان ونفسيّته، في فهم العواطف التي تتداخل مع الأمور العقلانية، في القدرة على التفريق بين النزول العاطفي ”ومعه نزول المنطق والإدراك“، بما يتطلب عدم التهور بقرارات مبنية على أسس هشة، وبين النزول العقلاني إثر أزمة واقعية تتطلب ردود فعل حازمة.

لا تعد أحداً وأنت سعيد، ولا ترد على أحد وأنت غاضب ، ولا تتخذ قرارا وأنت حزين.

قال رجل: يا رسول الله أوصني، قال: لا تغضب.(فردد مراراً)، لأن الغضب يسبب شراً، ويسبب خطراً عظيماً، على نفسية الإنسان وعلى محيطه.

ولا تُنافق أحداً، كي لا يُقال.. ذاك طيّبٌ؛ لأن لا مخالبَ لهُ.

#عمادالدين_زناف

السبت، 17 أبريل 2021

جون لوك..التجربة هي الأهم



جون لوك..  التجربة فوق كل شيء.

«يمتلئ وعي الانسان بالتجارب وما يحفّز الحواس».
يتميز الفلاسفة الإنجليز بحب التجربة والتطلع والمغامرة، وهذا ما يترجم غزو بريطانيا للعالم، فهي جزيرة معزولة بعض الشيء عن أوروبا، مما دفع شعوبها للتطلع الى ما وراء البحار.
المقال الـ 138 للكاتب عماد الدين زناف.
مصطلح empirisme الذي يعني التجريبية ، ليس ببعيد من مصطلح empire أي الإمبراطورية، وهذا المنطلق الفكري مهم جدا لفهم الأسس التي عبر عن عنها جون، فقد كان فكره يعتمد على اتجاهين، تجريبي وليبيرالي.
في محاولته، ذكر أن هناك تباعد بين الأفكار واللغة، حيث قال بأن ليس هناك عدد كافٍ من الكلمات في كل اللغات للتوغل في ظلال وأعماق الروح الإنسانية، فليس هنالك ربط سرّي بين الكلمات وواقع الأشياء، إذن العلاقة بين الواقعية واللغة متشعبة.
وعي الإنسان يُصنع بالتجربة، تُطبع التجارب في عقل الإنسان وتشكل أحاسيساً نختبرها بالحواس الخمس.
وهذه العملية تصنع تجربتنا، ومن هنا نكتشف العالم بنا يسمى المعرفة.
الشك، الإيمان، التفكير والتخيّلات، كلها أمور تأتي بالتجارب مع الذات، وهي نتيجة ترمي الى الزيادة المعرفية بالعالم.
هناك أفكار بسيطة، وهي أفكار كاملة وموحّدة، مثل اللون الأحمر، كيف نشرح أنه أحمر وليس لوناً آخراً؟، عليك فقط النظر اليه لتعرف أنه أحمر وليس لونا آخراً.
وهناك أفكار معقّدة، مثل الحَلق الأحمر، ويسمى أيضا أبو الحناء، وهو طائرٌ أحمر، يحمل أصواتاً مختلفة في أوقات مختلفة، وجب تتبّعه ودراسته، فهو فكرة غير موحّدة.
الانسان ينطلق من شعور أصليّ تجريبي، الى أقصى نقطة في العبثيّة اللامادية.
جون لوك درس التطوّر وللتدرّج المعرفي للروح، وهي ايضاً تجربة خطّية، تتبع مساراً مباشراً.
لن تكون كاتباً مميّزاٌ اعتماداً على تجربة الآخر، التجربة الحسية تقرّب اللغة مع الفكرة لصاحبها، لكنه تقارب لن يعبّر بحال من الأحوال عن الواقع الحقيقي، لأننا نفتقر للمصطلحات الصحيحة أمام عظم ما نختبره.

#عمادالدين_زناف

الجمعة، 16 أبريل 2021

جورج بيركلي ..انا لست موجودا



جورج بيركلي، إذا غبت عن نظرك.. إذا فـ أنا لستُ موجوداً.
سيتعبك المقال قليلاً.

ماذا تعرف عن الفلسفة الإنجليزية عدى آدام سميث؟ أو إسحاق نيوتن؟، ليس الكثير! ، ليس لنقص الفلاسفة الانجليز، بل لأن فلسفة البريطانيين أقرب الى أفلام ديزني، أي بعيدة عن الواقعية الفرنسية، أو التعقيد الألماني، أو العاطفية الروسية.
المقال الـ 138 للكاتب عماد الدين زناف.

الفلسفة الإنجليزية هي فلسفة متقوقعة داخل العقائد "الدوغماتية" البروتسنتية، الفلاسفة الانجليز لهم خاصية الملاحظة المازحة، أو الساخرة أو الرمزية.
بالنسبة لجورج بيركلي، المادة غير موجودة. انتهى.
لا، فقد شرح بأن كل ما نراه موجود، وما لا نراه، غير موجود.. هكذا.
وجود الشيء مقرون بالوعي الذي يراه، وكأنن الوعي هو الذي يصنع المادة التي تقابله، إذا، فتلك المادة موجودة فقط في خيال من يراها، حتى رائحتها وملمسها وذوقها.
المعرفة هي عبارة عن تأويلات تصوّريّة، إذا المادة هي مجموعات تصوّرات تسكن عقل الانسان، يستعملها الوعي بشكل عبثي ليعطينا نظرة مشابهة لما رأيناه. 
 إذا "الشيء" غير موجود فعليا، فهو في اذهاننا فقط، بل لدينا تصورات عنه، وتلك التصورات نعطيها اسماءً كي ننظم العملية.
حتى في حال تواجده أما الرائي، فهو مجرّد تأويل لمن يراه، بسبب الخلفية التي يمتلكها عنه، ولنقل انه اسماه تفاحة او كرسي، لكيلا يختلك عليه ما يتصوّره.
واسم الشيء عينه، هو وسيلة لتجميع ما نشعر به عند تصوره، فاذا كان للتفاح رائحة معينة وذوق معين وحجم معين وملمس معين، فعلينا ان نجمع كل هذه الحواس باسم واحد، التفاح.
وهو نوع من أنواع الايمان الميتافيزيقي، أي أنك تعتقد بشيء وتحاول إعطائه معنى وخصائص.
إذا، كلها تأويلات على ان هذا الشيء الذي تحمله هو تفاح، تجتمع فيه تلك الخصائص، وإذا لم يحضر هذا التفاح، فهو غير موجود من الأساس، لأنه تصوّر.
 أن تكون موجوداً، يعني أن تُرى.
أن تُرى، يعني ان تجتمع فيك خصائص تميزك عن غيرك، فتصبح "فلان الفلاني" اعتمادا على تلك الخصاص.

إذا يوماً تغيرت خصائك، فستصبح غير موجوداً، لأنك عبارة عن "تصوّر" وليس حقيقة مادية دائمة.

#عمادالدين_زناف

الخميس، 15 أبريل 2021

مونتين هو الأب



ميشال دي مونتين .. أب الفلسفة الحديثة.

مونتين هو أصل الفلسفة الفرنسية، فقد كانت مواضيعه هي الشعلة التي ألهبت عقول الفلاسفة من بعده امثال ديكارت وسبينوزا وباسكال، الا ان عمّت الى كانط وهيجل وغيره من فلاسفة اوروبا.
المقال الـ137 للكاتب عماد الدين زناف.
اعتمد مونتين على أسلوب الأنا في كتاباته، فقد كان كثير الحديث عن نفسه، اذ كان يعتمد على الاستفزاز.
النرجسية التي اعتمدها في مخطوطاته كان لها وقع كبير على محيطه، ولاحقاً، كانت مادة دسمة لردود الفلاسفة عليه، ومن ثم التعمق في أفكار جديدة.
ففي القرن السادس عشر، وفي عزّ الحروب الدينية التي كانت تطغى على بلدان اوروبا، ما كان يفعله مونتين يعد أمراً غريباً، لأن في تلك الفترة، لم يكن هناك تفرّغٌ للكتابة والرسائل.
كان لمونتين آراء شخصية في كل موضوع يتناوله، حيث كان ينظّم رسائله فيما يسمى "المحاولات"، فهو المؤسس لهذا الأسلوب الأدبي 'المحاولة' (essai).
وقد كان في معظم الأوقات يبرر ما يفعله، "التفكير والكتابة"، لأن وكما ذرت انفا، لم يكن الأمر دارجاً مع تلك الظروف المحيطة بفرنسا وأوروبا، فعالم الكتابة كان محصورا بين رسائل الملوك او الكنائس.
لم يكن مونتين يكتب عن شجاعته ورحلاته وجماله أو أصوله، فهو لم يكن كاذباً، بل كان يقضي معظم اوقاته في الكتابة عن الحب والفقراء والروح، مما فتح للمفكرين من بعده ملف علم النفس.
كان رجلاً طيبا وخلوقاً ومضيافا وعاطفيا جدا، فقد كانت كتاباته لا تشبه حتى كتابات النقيضين أفلاطون ونيتشه.
وكان مرحاً وضعيفاً جدا، يقول" الروح تحتاج جسدا قويا ليتحملها".
ووصف نفسه بالضعيف، لدرجة ان "صفعة" واحدة قد تتركه طريح الفراش لأيام.
عرف أيضا بتقديسه للصداقة، لدرجة الفضيلة العليا. 
وقد كان يعتقد بأن المرأة لا تملك القدرة الكافية للحفاظ على العلاقة الحبية. (القرن سادس عشر للتذكير).
كان من أوائل الكتاب باللغة الفرنسية! لأن اللغة السائدة علميا ودينيا في تلك الحقبة هي اللاتينية.

#عمادالدين_زناف

الأربعاء، 14 أبريل 2021

كارل ماركس ..للجميع



الطبقية والاستلاب..ماركس للجميع.

ماركس مفكر اقتصادي وفيلسوف اجتماعي، محلل وناقد للعالَم الرأسمالي نهاية القرن التاسع عشر، عَرض على العالم نظرة جديدة/قديمة للحياة الاجتماعية والاقتصادية، وكنتيجة: تغيير الحُكم السياسي.
فلسفياً، تأثر ماركس بـ هيجل، حيث أخذ منه ”منطق“ التاريخ ومجراه، وتعلم منه أن هناك مساراً محدداً لكل حقبة، وما يبلور هذا المسار هو السببية والبحث الدائم على المثالية.
 أما اقتصاديا، فقد كانت سنواته التي قضاها بفرنسا وتأثره بـ بابوف هي الشعلة لنضج فكرته التي ستُسمى لاحقاً بالماركسية.
وعكس هيجل، لم يكن يعتقد ماركس بأن الروحانية هي التي تقود الى المثالية، بل إن الرغبة المادية هي التي تحرّك المسار، وما يغيّر التاريخ هو: الصراعُ الطّبقيّ.
فقد لخّصها في قوله ”تاريخ الإنسانية هو صراع الطبقات.“
المقال الـ136 للكاتب عماد الدين زناف.
إذا تناولنا التاريخ الإنساني، فسنجده يعجّ بالصراعات، إذن، من الصعب أن نجد تعريفاً مُلخّصاً أحسن من تعريفه، لأن الصراعات مصدر التنافسات والمسابقات، وهي المادة التي تحرّك الحضارات، وتستفز العقل البشري للتطوّر في شتى المجالات.
وكما يشير هيجل: ”يتطوّر الوعي عند اصطدامه المتكرر بالنقيض.“
فانطلاقاً من فكرة أن ”الصراع مُحرّك التاريخ“، يجد أن الصراع في ذاته أمرٌ إيجابي، لأنه يدفع لتجاوز الذات في كلّ مرّة، ”من يريد السّلام عليه أن يتهيأ للحرب.“
للوصول الى السلام علينا تخطي الحرب، وللوصول الحقيقة، علينا مواجهة الكذب، وكل هذا يعتمد على الآخر، فالآخر يدفعنا لردّة الفعل المتكررة.
الصراع الطبقي هو صراع اقتصادي، ومن يطبق هذه المسرحية هم المُلّاك والعُمّال، الفاعل والمفعول به، المُسيطِر والمُسَيطَر.
نتائج هذا الصراع، هو الذي سيرينا ما سيصبح عليه العالم غداً.
بالنسبة لماركس، لا يوجد شيء ما ورائي قد يغير المفاهيم، ومن هذا المنطلق، لن تكون هناك نتائج الا من عمل الوعي الإنساني المبني على الصراعات المادية. 
فقد أخذ ماركس بمبدأ السببية الهيجيلية ”المثالية“، التي تقول ”العقل من يسيّر المادة” وحوّرها  أو ”طوّرها“ الى رغبة في الاستلاب المادي ”المادة من تسيّر العقل.“
يقول :”ليس الوعي من يمثّل الإنسان، إنّما الظروفُ المادية من تصنع ما يُمثّله.“
اختلاف الفكر والعادات والرغبات، يعود لاختلاف الظروف الاقتصادية، ومن هذا المنطلق يبدأ الصراع الطبقي مع الفاعل، في أيّة منطقة من المعمورة، لذلك تفشّت الماركسية بشكل واسع، لأنها ايديولوجية شمولية تلامس كل ”مُحتاج“. 

#عمادالدين_زناف

الخميس، 8 أبريل 2021

رِهـآن بــاسكال



رِهان باسكال..فتح الباب للإيمان في الفلسفة.
التحليل المُبسّط لفكرته في المقال الـ 135 للكاتب Imed eddine zenaf / عماد الدين زناف 

بليز باسكال هو الرجل الذي وفّق بين العلم والفلسفة، بين المراهنات والايمان الحقيقي، بالمجرّد والملموس، يعتبر باسكال شُعلة الفلاسفة المؤمنين مع ليبنيز الألماني، والذين لم يخفوا ايمانهم في أسطرهم ولا في نقاشاتهم، وفي نفس الوقت، قدّموا اختراعات وخدمات عظيمة في العلوم مثل الرياضيات والفيزياء والكمياء والطب، الامر الذي جعلهما بعيدان بسنوات عن أقرب المفكرين والفلاسفة في عصرهما، إضافة الى ذلك سبينوزا ونيوتن، كمثالين جديدين للمفكرين المؤمنين.
كان باسكال يعتادُ أماكن اللعب والقمار والمخاطرات، رغم ايمانه الشديد بالحتمية وبوجود الله، فوضع أطروحة معروفة جدا: الايمان بوجود الله، او عدم الايمان بوجوده.
يمكننا القول "شكرا باسكال على الإضافة القيّمة".
تقسيم باسكال يُحتّم على كل سكان المعمورة هذا المنطق المطلق، الايمان او الالحاد، فقد أقصى الشك او حركات أخرى، معتبراً إياها كنوع من التهرّب من الجواب فقط.
لكلّ قناعة آثار حقيقية على حياة الفرد، إذا كنت تومن بوجود الله، فسوف تمتنع عن القيام بأمور معينة من أجله، وتفعل أموراً أخرى لإرضائه، وجزاء ذلك يكون الجنة الأبدية.
وقد مثلها على الشكل التالي:

+E  و –E
، (هو عدد 3 معكوس ليس حرف E)
، أي الأمور الإيجابية التي ستكون في صالحك كمؤمن، والأمور السلبية التي تعترضك.
اولاً، اما أن يراهن على وجوده، في هذه الحالة، عليه ان يخضع لشروط رهانه، فسوف يحصل على
 –E،
 سواءً أكان موجوداً أو لا، بما يكون من توابع في الحياة كتثبيط الشهوات، وبعد الموت كحساب.
أو، ان يراهن على عدم وجدوه، في هذه الحالة، سيخضع لشروط رهانه أيضا، ويحصل على  +E ، سواءً أكان موجوداً أو لا، في كل الحالات سيتمتع بحياته، وسوف يختفي في العدم بعد الموت.
في الحالة الأولى، إذا راهنت على وجده ستفوز بشكل لا نهائي.  ∞+
في الحالة الثانية، إذا راهنت على عدم وجدوه ستخسر بشكل لا نهائي∞-
ركّزوا،
 معادلة من يراهن على وجوده ستكون هكذا ( -E +∞)  أو (-E +0)
أو، معادلة من يراهن على وجوده ستكون هكذا (∞- +E ) أو ( +E +0)
إذا آمنت بالله ستكون اما ∞+ أو∞- 
هذا هو رهان بــاسكال.
يقول باسكال، إذا من مصلحتنا ان نختار الايمان بوجود الله، أي أن نراهن على وجوده أحسن من المراهنة على عكس ذلك، لأن هناك تفاوت في الجزاء.

#عمادالدين_زناف

الثلاثاء، 6 أبريل 2021

الحُزن




حُــ Mūsou_Tensei ــزنٌ

صدَعَ الشّجى،إبتَركَ الشجَنُ
جاءَ الكَمدُ، سَنَحَ النّكَدُ
إتّرعَ الضّنكُ، لَبَدَ النفّاخُ
تهتّفَ اللُبُّ، إنفَلّ الجُنانُ
على الأثَرِ، على التَرحِ
أوْجِم لا تبالي، أنغصّ لا تُواري 
”فإنّ مَعَ العُسرِ يُسرا..إنّ معَ العُسر يُسرا“
استجمِع وتوكّل، سِر، قارِع ونافِس
فعُصبةٌ من الذّرّ، لا تكبحُ الشّجعانِ
أمامَكَ رَ! لمعانَ الضياءِ
شُعاعٌ أومأ بين شَدَا العينانِ
إنّ الشّكيمة منبَتها
شماتةٌ المناوئ والمُعادِ
وإنّ الرأفة مبعتُها 
استردادُ البُرْء والسدادِ

#عمادالدين_زناف

الاثنين، 5 أبريل 2021

ألم



..ألــ Pٓ aُ i ًn ــم..

في غرفي المُظلمة، في عمق ليلةِ دَيجورٍ، أكتب على ورقة، إن كانت فعلاً هي ما أتحسّسهُ، ما لا أُريد قرائته، لا على الأثرِ، ولا بعد أن أنتهي منه، كُن أيها القلمُ جلفاً، رحمة بمن يهابُ الغيهب،، 
تلك الحُروف التي نستعملها،  حُروفٌ تتسوّل الأوراق، في زمكانٍ واحدٍ، لا تنفعُ أحداً،،
ألمـ.
في العُتمة، يختفي الجَسَد، وتبقى الرّوح، في النّور، يقرّ الجَسد ويُريّم، وتَتوارى الرّوح تستتر..
تحتجبُ الأحاسيس، عند سُفور الجِرم، والجُرم في إضمارِ الضمائر.. عند بزوغِ الآلام.
ألمـ.
زَنَفَت نفْسي من تردادِ المزاميرِ، وزنّاف، حينَ يَخطّ للأكمهِ الطَميسِ، يروحُ يطنُزُ لمزاً على رَويّتهِ.
عاوَصتُ النّصّ للعواصِ..، لمن مَرنوا لُدونة المَسالك.
ألمـ.
أن تتوارى، وتتغابى، وتتجاوز،
بعدَ الألمـ..
عواصفٌ وصرصرٌ وسهوكٌ وشتلْ..
ثم تبصّرٌ.. ورجاجةٌ، سمتٌ وسكينة..
حكمةٌ وبصيرة..
ثمّ ألمـ.

#عمادالدين_زناف

ما وراء الخير والشر ..بين نيتشه والخَضر


ما وراء الخير والشر، بين فريدريش والخضر. 
(أسلوب المأثورات) 
المقال الـ134 للكاتب Imed eddine zenaf / عماد الدين زناف 

-الخير عند الفلاسفة الأولين-
"الجنس، هو العودة الى الحيوانية" شوبنهاور الكئيب، "الهدف من الحياة هو أن تتعامل بلطف وواقعية" كانط المُفتي، "الانسان متخلّق، الى ان يفسده المجتمع" روسو المُبرّر.
ماذا فعل هيجل؟ وصف لنا العالم الذي كان يتمناه طوال الوقت، ولم يصف لنا الواقع الذي نحن بحاجة الى التعرف اليه، لنقبله ونحبه.

-الإشكالية في الماهية-  
ليست كل المساوئ أخطاءً، الخير والشر وسيطان، يشوّشان لنـا الواقع.
البحث عن الحقيقة متعة، وليست عذابا، العذاب في كتابة آلاف الأوراق لتبرير وجود الوسيط، المفروض فرضاً، عوض وصف الواقع بمأثورات مختصرة.
عوض التفاني في الدفاع عن فكرة مشوشة، كان عليهم القبول بإمكانية وقوعهم في الخطأ، بقبول تركيبة العالم، وتعقيده.
عوض تضييع الوقت في البحث عن النوايا، كان يجب البحث عن نتائج كل الأفعال. 
 النية، فرصة أخرى للأخلاقيين للتفرّد من أجل التفرّد عن المجموعة.
عوض البكاء على العالم، كان عليهم النهوض ووضع الحِمل الذي وضوعه على عاتقهم، وهو الدفاع عن الأخلاق، عوض تجاوز هذه التعريفات.

-التمشيط في الفلسفة- 
لا يحاربُ أحدنا وهو مُحمّل، بل عليه ان يتخفف قدر المستطاع.
عوض تبنّي فكرة انعدام معنى الحياة، كانت أمامهم الحياة لتعديلها، لكنهم انشغلوا بالعدمية، وتبريرها، أكثر من محاولة الخروج منها.
لقد أرهقتُم الفلسفة، فلم يعد يريد أحدٌ أن يأخذ شكل جرذان المكاتب مثلكم. 
كان عليكم أن تقبلوا الحياة، كما قبلها هرقليطس وفيتاغورت وكل من كانوا قبل سقراط.

-الفلسفة والأرض-
الانجليز فلاحون، الفرنسيون متابعون، الألمان متغطرسون، اليهود أقوياء، اليونانيون مجانين، هكذا أردتم ان تكونوا.

- (قال ألم أقل لك إنك لن تستطيع معي صبرا)؟ -
لم تستطع ان تتجاوز ما تراهُ عيناك، رغم أنك حاولتَ أن ترى الأشياء بما وراء البصر.
(قال إن سألتك عن شيء بعدها فلا تصاحبني قد بلغت من لدني عذرا)
ولم تستطع الابتعاد عن البصر، وليست البصيرة ما ينقُصك.

-(قال هذا فراق بيني وبينك ۚ سأنبئك بتأويل ما لم تستطع عليه صبرا)-
سأخبرك بما أنكرت عليَّ من أفعالي التي فعلتها، والتي لم تستطع صبرًا على ترك السؤال عنها والإنكار عليَّ فيها.
ومن يصبر على رجل يقتلع رأس غلام بريء.
فأنكر النبي، فما كان من الخضر إلّا أن ذكّره بشرطه مرّة ثانية، واعتذر إليه موسى -عليه السلام-وأخبره بأنّه إن اعترض عليه بشيء مرة أخرى أن يتركه ولا يُصاحبه.
فاعترض، فقال الخضر: هذا فراقٌ بيني بينك.

-المعرفة تسبق الحدس- 
الشر والخير هما آخر ما تستنجه، أما الحدسُ والاحساس، فليس بعلم.
علم التأويل، وأصبح ذلك الشر خيرا.

-الهدم، هو إشارة للبناء-
ان النقد هو الإشارة للمعلم، المطرقة تفكيكٌ للمعلم، الإصلاح إعادة بناء المعلم بأكثر صلابة.

-البصر والبصيرة- 
البصر مخلوق لتصغير الأحجام، فلو رأينا الأحجام على حقيقتها لما رأينا من ضخامتها.
البصيرة حكمة البصر، التحجيم والتكبير، يشير الى ما وراء الاحجام.

#عمادالدين_زناف

الخميس، 1 أبريل 2021

الغيبوبة.. قصة




الغيبوبة..

إن موضوع الغيبوبة يستفز مخيّلتي، يرعبني، يؤرقني، أكثر من الموت نفسها، لمَ لا يُجيب العلم عمّا يشعر به المغيبين؟ 
كيف يمكن لإنسان أن يبقى نائما لسنوات طوال، وهو يكبر، ويشيب، وتظهر تجاعيد وجهه جلياً في ذلك السرير، الذي بقي فيه لعقد ..!
ما زلت لا أهضم فكرة  الإنقطاع عن الحياة دون موت، قرأت عديد القصص والتجارب، عن الفتاة التي قصّت أن طوال فترة غيبوبتها كانت تريد شرب الماء، ولم تستطع، عن التي كانت تخاف عندما يقترب منها الأطباء، عن الذي كان يبحث عن بصيص من الألم..ولم يفز به لكي يشعر بوجوده!
لم ارتوي، مناظرهم وهم كذلك تؤرقني، حتى ان أعين  بعضهم بقيت مفتوحة لعشر سنوات،  مسجونين في أنفسهم ، لا نعلم ما يرون، 
هل هو ينظر إلي؟ أم هو في عالم آخر؟ هل سيتكلم معي  ويفزعني؟ أم سيتكلم بعد ثلاثين سنة من الآن؟
هل سيستيقظ، ام سيموت وهو كذلك؟
وما زلتُ احدّق، وأنتظر أن يحدث شيء اسمه الحياة، أو الموت، ولم يحدث شيء.
استعرت سريراً، غلفته بالأبيض، وتمددتُ، حاولت أن أقلل حركتي كلياّ، لم يكن الأمر سهلا، فقد دخلت في تنويمٍ ذاتي، أُثقل فيه جسدي على السرير،  أحاول أن أتنفس ببطء شديد، فكأنني بدأت أغفو.. بدى الأمر مخيفاً، لأنني شعرت بثقل جسدي ..بطريقة غير معتادة، كأن وزني تضاعف، وصرت متيقناً أنه الجاثوم، ولكن الامر طال، وطال كثيراً، وكأن شيئا يمنعني من تحريك يدي أو قدمي، ”ابقى على هذه الحال“، وبقيت كذلك..
وفجأة! فزعت من أصوات غريبة من حولي ..ارتعبت كثيراً، ورحت أحاول النهوض! لم أستطع! فرحت أتخبط في مكاني الى أن شعرت بانفلاتي.. كأنني تحررت.. لكنني أصعد ببطء الى سقف الغرفة، أتحركّ بمرونة وثقل كأنني في أعماق البحر، أو في تيه الفضاء، فتحت عيني، فإذا بأشكالٍ مضيئة تتحرك بشكل حلزوني متناغم، ارى فيه اشخاصا يكلمونني ويبتسمون، وبعضهم يحاولون البكاء .. وآخرون يخدشون حدود تلك الأشكال السوداء غربية الأبعاد..، حركاتنا غير مفهومة، نلتفت لنرى أجسادنا في الأسرّة، وأشخاص يعبثون بها، أريد أن اخبرهم ان ينظروا الى السقف.. فهو أقرب لكي تتقابل انظارنا..
وأنا أكذلك أرى أشخاص تُخطف الى بعدٍ أخار بسرعة الضوء.. وأخرى تنزل بسقطة حادة فوق أجسادها.. وآخرون معلقون مثلي.
وحدث أن سقطتُ في غفلة على جسدي، فقلتُ ..ياه على نومة العصر.. فإذا بي أفتح عيناي فرفعتُ يدي الهرمة، جلدها المتجعّد المبيض صلبُ جافٌّ ومتصحّر. فتذكرتُ أنني أريد شرب الماء مثل تلك الفتاة..،
 دخلت الممرضة فأغمضت عيني، فقالت: هذا الشيخ يزداد ورعاً.. فصدمت، ومن الرعشة، انتقلت بسرعة الضوء الى العالم البعيد.

#عمادالدين_زناف