التخطي إلى المحتوى الرئيسي

جون لوك..التجربة هي الأهم



جون لوك..  التجربة فوق كل شيء.

«يمتلئ وعي الانسان بالتجارب وما يحفّز الحواس».
يتميز الفلاسفة الإنجليز بحب التجربة والتطلع والمغامرة، وهذا ما يترجم غزو بريطانيا للعالم، فهي جزيرة معزولة بعض الشيء عن أوروبا، مما دفع شعوبها للتطلع الى ما وراء البحار.
المقال الـ 138 للكاتب عماد الدين زناف.
مصطلح empirisme الذي يعني التجريبية ، ليس ببعيد من مصطلح empire أي الإمبراطورية، وهذا المنطلق الفكري مهم جدا لفهم الأسس التي عبر عن عنها جون، فقد كان فكره يعتمد على اتجاهين، تجريبي وليبيرالي.
في محاولته، ذكر أن هناك تباعد بين الأفكار واللغة، حيث قال بأن ليس هناك عدد كافٍ من الكلمات في كل اللغات للتوغل في ظلال وأعماق الروح الإنسانية، فليس هنالك ربط سرّي بين الكلمات وواقع الأشياء، إذن العلاقة بين الواقعية واللغة متشعبة.
وعي الإنسان يُصنع بالتجربة، تُطبع التجارب في عقل الإنسان وتشكل أحاسيساً نختبرها بالحواس الخمس.
وهذه العملية تصنع تجربتنا، ومن هنا نكتشف العالم بنا يسمى المعرفة.
الشك، الإيمان، التفكير والتخيّلات، كلها أمور تأتي بالتجارب مع الذات، وهي نتيجة ترمي الى الزيادة المعرفية بالعالم.
هناك أفكار بسيطة، وهي أفكار كاملة وموحّدة، مثل اللون الأحمر، كيف نشرح أنه أحمر وليس لوناً آخراً؟، عليك فقط النظر اليه لتعرف أنه أحمر وليس لونا آخراً.
وهناك أفكار معقّدة، مثل الحَلق الأحمر، ويسمى أيضا أبو الحناء، وهو طائرٌ أحمر، يحمل أصواتاً مختلفة في أوقات مختلفة، وجب تتبّعه ودراسته، فهو فكرة غير موحّدة.
الانسان ينطلق من شعور أصليّ تجريبي، الى أقصى نقطة في العبثيّة اللامادية.
جون لوك درس التطوّر وللتدرّج المعرفي للروح، وهي ايضاً تجربة خطّية، تتبع مساراً مباشراً.
لن تكون كاتباً مميّزاٌ اعتماداً على تجربة الآخر، التجربة الحسية تقرّب اللغة مع الفكرة لصاحبها، لكنه تقارب لن يعبّر بحال من الأحوال عن الواقع الحقيقي، لأننا نفتقر للمصطلحات الصحيحة أمام عظم ما نختبره.

#عمادالدين_زناف

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

ابن بطوطة.. الذي لم يغادر غرفته

ابن بطوطة، الرّحالة الذي لم يغادر غرفته. مقال عماد الدين زناف. ليسَ هذا أول مقال يتناول زيفَ الكثير من أعمالِ المؤرخين القدامى، الذين كانوا يكتبون للسلاطين من أجل التقرّب منهم، ومن ذلك السعيُ للتكسّب، ولن يكون الأخير من نوعه. الكتب التاريخية، وأخص بالذكر كتب الرّحالة، هي عبارة عن شيءٍ من التاريخ الذي يضع صاحبها في سكّة المصداقية أمام القارىء، ممزوجِ بكثيرٍ من الروايات الفانتازيّة، التي تميّزه عن غيره من الرحالة والمؤرخين. فإذا اتخذَ أحدنا نفس السبيل الجغرافي، فلن يرى إلا ما رآه الآخرون، بذلك، لن يكون لكتاباته أيّ داعٍ، لأن ما من مؤرخ ورحّالة، إلا وسُبقَ في التأريخ والتدوين، أما التميّز، فيكون إما بالتحليل النفسي والاجتماعي والفلسفي، أو بابتداع ما لا يمكن نفيُهُ، إذ أن الشاهد الوحيد عن ذلك هو القاصّ نفسه، وفي ذلك الزمن، كان هناك نوعين من المتلقين، أذن وعين تصدق كل ما تسمع وتقرأ، وأذن وعين لا تلتفت إلا لما يوافق معتقدها أو عقلها.  الهدف من هذا المقال ليس ضربُ شخص ابن بطوطة، لأن الشخص في نهاية المطاف ما هو إلا وسيلة تحمل المادة التي نتدارسها، فقد يتبرّأ ابن طوطة من كل ما قيل أنه قد كتبه، ...

مذكرة الموت Death Note

إذا كُنت من محبّي المانجا و الأنيم، من المؤكد أنه لم تفتك مشاهدة هذه التُّحفة المليئة بالرسائل المشفّرة. هذا المسلسل اعتمد على عدّة ثقافات و إيديولوجيات و ارتكز بشكل ظاهريّ على الديكور المسيحي، في بعض اللقطات و المعتقدات. المقال الـ104 للكاتب Imed eddine zenaf / عماد الدين زناف  _ الرواية في الأنيم مُقسّمة الى 37 حلقة، الشخصيات فيها محدّدة و غير مخفية. تبدأ القصة بسقوط كتاب من السّماء في ساحة الثانوية موسوم عليه «مذكرة الموت» ،حيث  لمحه شاب ذكيّ يُدعى ياغامي رايتو، و راح يتصفحه، احتفظ به، رغم أنه أخذها على أساس مزحة ليس الّا، و بعد مدّة قصيرة اكتشف ان المذكرة "سحريّة"، يمكنه من خلالها الحكم على ايّ كان بالموت بعد اربعين ثانية من كتابة اسمه و طريقة موته بالتفصيل. لم تسقط المذكرة عبثاً، بل اسقطته شخصية تُسمى ريوك، من العالم الآخر، وكانت حجة ريوك هي: الملل والرغبة في اللعب. كلُ من يستعمل مذكرة الموت يطلق عليه اسم " كيرا".  بعدها تسارعت الأحداث بعدما أصبح "كيرا" يكثّف من الضحايا بإسم العدل و الحق، فقد كان منطلقه نبيلاً: نشر العدل و القضاء على الجريمة في الأرض....

أخلاق العبيد، نيتشه والمغرب الأقصى

مفهوم أخلاق العبيد عند نيشته، المغرب الأقصى مثالا. مقال عماد الدين زناف. فريدريش نيتشه، حين صاغ مفهومه عن «أخلاق العبيد» في مُعظم كتبه، لم يكن يتحدث عن العبودية الملموسة بالمعنى الاجتماعي أو الاقتصادي، أو بمعنى تجارة الرّق. بل تحدّث عن أسلوب في التفكير نِتاجَ حِقدٍ دفين وخضوع داخلي يولد مع الأفراد والجماعة. إذ بيّن أن الضعفاء، العاجزين عن تأكيد قوتهم، اخترعوا أخلاقًا تُدين الأقوياء، فرفعوا من شأن التواضع والطاعة فوق ما تحتمله، حتى أنها كسرت حدود الذل والهوان. ومن هذا المنطلق يمكن رسم موازاة مع خضوع شعب المغرب الأقصى لنظام المخزن. إذ أنها سلطة شكّلت لعقود علاقة هرمية تكاد تكون مقدسة بين الحاكمين والمحكومين. وما يلفت النظر هو أنّ هذا الخضوع لم يُقبل فقط بدافع الخوف والريبة، بل تَمَّ استبطانه كفضيلة بل وعمل أخلاقيًا. فالطاعة أصبحت عندهم حكمة، والعبودية وَلاءً، والاعتماد على الغير، أيًّ كانت مساعيه في دولتهم عبارة عن صورة من صور الاستقرار. نيتشه قال «نعم للحياة»، لكنها استُبدلت بـ«لا» مقنّعة، إذ جرى تحويل العجز التام على تغيير الظروف إلى قيمة، وتحويل الذل إلى فضيلة الصبر، وعندما عبّر قائلا...