عندما قرات كتاب مولد الاخلاق لفريدريك نيتشه، لاحظتُ كثرة الحواشي والملاحظات (Nb، ps) في الكتاب، ثم رأيت بان هذا الشيء يتكرر كثيرا، في كتابه الفجر وهذا هو الإنسان..، نجد هذا في كتب القرن التاسع عشر وما قبل.
تلك الملاحظات تشير الى اسم الباحثين الذين اعتمدوا على تلك المأثورات والنصوص، ومن اين جمعوا تلك المأثورة (أقارب او أصدقاء)، وبأي لغة جُمعت لأول مرّة، كذلك تساعد تلك الملاحظات في وضع القارئ في زمان ومكان ذلك الفيلسوف أو المفكر، ومن اين أتى بنصوصه (المؤلف)، لأن ما كان يمكن قوله في تلك الفترة، ربما قد أصبح خطأ علميا أو فكرة تجاوزها الزمن (تم إثبات بطلانها) ، أو للإشارة الى أنها قد أصبحت ممنوعة مثل معاداة الساميـ،، ة.
المقال الـ140 للكاتب Imed eddine zenaf / عماد الدين زناف
يكمن اعتماد تلك الملاحظات كمراجع، وليس للتحكّم برأي القارئ أو توجيهه، ولا يجب خلط ذلك مع ”الإنذارات“ التي قد نجدها في كُتب سيلين فيردناند الفرنسي أو كفاحي لهيتلر.
فمثلا، تكرر إسمُ ”بول ريه“ في أحد كتب نيتشه، وبالتالي سنجد أن الذي راجع الكتاب، أضاف تعريفاً عن المذكور وعلاقته بالمؤلف، لأن مأثورات نيتشه ليست سردية ولا روائية، فهو لا يشرح علاقاته ولا زمكانه.
الآن، سنتحدّث عن ”كتابه“: «إرادة القُوّة»!
الكتاب تم إصدارهُ لأوّل مرّة سنة 1901، أي سنة بعد موته، و11 سنة بعد ”مرضه المزمن“، يُعرّف الكتاب على أنه ”مشروع كتاب لنيتشه، تم التخلي عنه سنة 1888“، مع ذلك، ما زال يُنسب الكتاب إلى نيتشه، وما زالت التهمة تطاله.. على أنه هو من صنع جحيم النازية.
جعل أنصار نيتشه هذا الكتاب ككتابهم ”المحبّب والمُحرّم“، ظناً منهم أنه قد حمل حقائق لا يُراد أن لا تُقرأ ولا أن تجسّد!، إذن، ظُلم نيتشه من أنصاره قبل أعدائه.
وفي الحقيقة، هو عبارة عن تلفيقات شقيقته (إليزابيث فورستر نيتشه) وزوجها ”المعادي للساميّـ ،ة“ والمتأثر بالايديولوجية "العرقية" (برنهارد فورستر)، لخدمة مشروع النازية القادم، وقد حاول وزوجته صناعة عرق آري خالص في البارغواي..وتوفى هناك مُنتحراً.
حيث تم تحوير مأثورات نيتشه، وخلطها بمأثورات مفكرين آخرين، وأدركنا ذلك لغياب الملاحظات والحواشي!، فهي شبه غائبة، أي لا توجد مراجع للمأثورات سوى أنها من شقيقة فريدريش.
عندما ألغى نيتشه مشروع كتابه ”إرادة القوة“، فتح المجال لفكرة (نقيض المسيح) و (غسق الأوثان)، وفيهما تكلم بإسهاب عن قلبِ القِيم، وحارب إرادة القوة الكامنة في كل الأحياء.
إصدار هذا الكتاب كان عبارة خيانة لفكر نيتشه، لأنه متناقض وغير منظّم (مسودّة) وموجّه، ويحمل بعداً إيديولوجي غير معهود عن المؤلف.
تعرّض هيدجر لكتاب نيتشه بالنّقد اللاذع، معتقداً أنه قد كتبه فعلا، كذلك فعل مازينو مونتيناري في كتابه
”لا وجود لإرادة القوة“، أيضا الفيلسوف دولوز في كتابه ”نيتشه والفلسفة.“
وعلى عكس كتبه السابقة، لا نجد فيه الإرادة الأدبية، فالمعروف عن نيتشه أنه أديب أيضاً، أي أنه لغته عالية، عكس فلاسفة آخرين مثل هيغل، أين نجد أنه لا يبحث عن الجانب الأدبي.
من المهم أن نجد معلومات كافية داخل الكتاب، في شاكلة الملاحظات والمراجع والإشارات، فهي ترفع من
جودة الكتاب واعتماده.
#عمادالدين_زناف
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق