الأحد، 18 أبريل 2021

قطبيّ مشاعر



يتعرض الانسان يوميا الى ما يسمى بالمصعد العاطفي،   فقد يشعر بسعادة غامرة دون سبب معين، وبعدها يشعر بحزن واحباط دون سبب أيضاً.
الأمر يبدو منطقيا بعض الشيء، لأن دوام الشعور بالسعادة غير ممكن، فقد تختفي تلك الصورة المسعدة من أذهاننا.
 السعادة والكآبة مربوطين بهرمونين،  الاولى موصولة بهرمون السيراتونين و”الدوبامين بعض الشيء“،  والثانية مربوطة بهرمون الكورتيزول بشكل أساسي.

المقال الـ139 للكاتب Imed eddine zenaf / عماد الدين زناف 

ان دوام عمل هرمون واحد يعد أمراً مستحيلا، لأن الـ hypothalamus  والغدة الدرقية وأعضاء أخرى مسؤولة على إفراز الهرمونات ..طاقتهم محدودة،  علاوة على ذلك،  ليس من الصحي ان يغلب هرمون على اخر، او ان يطيل البقاء في الدم، لأنه يستحيل سماً قاتلاً.

و لأن المتهيئات والتصورات منوطة بمشاعر الانسان،  وأن للهرمونات دور أساسي في تقلب المزاج.. أو يكون تذبذبها نتيجة لتقلب المزاج،  فمن الطبيعي أن يشعر الانسان بهذا "المِصعد" الذي يعلو وينزل  حسب الحالة المعنوية للفرد و حسب التدفقات ”التخيلية“، أو بفعل ”صناعة الأحداث“ في العقل.

هذه العملية البيولوجية يتحكم فيها الإنسان الناضج، عكس الإنسان غير الناضج أي غير الواعي،  فالعقل الناضج يدرك بأن الإنسان يتعرض الى ”نزلات“ معنوية  لا يكون سببها واقعي مباشر، ولا تجربة ملموسة.
لأن التفكير في شيء ما،  ومحاولة ايجاد حلول له، يثير الحواس حسب الأوامر الإدراكية!
عكس المتهيئات التي تُفرض علينا فرضاً، ويكون سببها النفس، أو الشيطان، أو نزول هرموني، أو ”تأزّم" وتسرّبات من اللاوعي.

كل هذا التأزّم يحدث بين الإنسان ونفسه،  فيكون على درجه كبيرة من الوعي، ليفرّق بين الأسباب المادية، والأسباب العاطفية والأخرى العميقة التي تدفعه لهذه القبطية العاطفية.

بحيث يتعامل معها الإنسان الناضج والواعي والمدرك بهذه الحالة.. بسلاسة ومرونة، كمثل من ينتظر  مرور العاصفة، دون أن يزعج أحدا بحالته الهستيرية.

لكن الإنسان غير الناضج، يُخرج ويعبر على كل لحظة هستيرية يمر بها، ويصنع من تهيئه قرارات حياتية مصيرية دون أن يدرك بأن هناك تناقض في مشاعره وعواطفه.
 
الأمر يصبح فاضحا أمام محيطه، كمن يُري للناس أنه قد جُنّ ويحتاجُ الى مساعدة عاجلة.

 فمن غير المعقول ان يكون المرء سعيدا فيستحيل تعيسا،ثم يعود هنيئا هادئا.. أو كأن يكون محبا لشيء،  فيبغضه في لحظة،  ويحقد عليه،  ويمقته،  ويجيّش عليه، وقد يعود ويحبه مجدداً!

الفرق بين الناضج والصبيّ يكمن ها هنا، في معرفة الإنسان ونفسيّته، في فهم العواطف التي تتداخل مع الأمور العقلانية، في القدرة على التفريق بين النزول العاطفي ”ومعه نزول المنطق والإدراك“، بما يتطلب عدم التهور بقرارات مبنية على أسس هشة، وبين النزول العقلاني إثر أزمة واقعية تتطلب ردود فعل حازمة.

لا تعد أحداً وأنت سعيد، ولا ترد على أحد وأنت غاضب ، ولا تتخذ قرارا وأنت حزين.

قال رجل: يا رسول الله أوصني، قال: لا تغضب.(فردد مراراً)، لأن الغضب يسبب شراً، ويسبب خطراً عظيماً، على نفسية الإنسان وعلى محيطه.

ولا تُنافق أحداً، كي لا يُقال.. ذاك طيّبٌ؛ لأن لا مخالبَ لهُ.

#عمادالدين_زناف

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق