التخطي إلى المحتوى الرئيسي

جورج بيركلي ..انا لست موجودا



جورج بيركلي، إذا غبت عن نظرك.. إذا فـ أنا لستُ موجوداً.
سيتعبك المقال قليلاً.

ماذا تعرف عن الفلسفة الإنجليزية عدى آدام سميث؟ أو إسحاق نيوتن؟، ليس الكثير! ، ليس لنقص الفلاسفة الانجليز، بل لأن فلسفة البريطانيين أقرب الى أفلام ديزني، أي بعيدة عن الواقعية الفرنسية، أو التعقيد الألماني، أو العاطفية الروسية.
المقال الـ 138 للكاتب عماد الدين زناف.

الفلسفة الإنجليزية هي فلسفة متقوقعة داخل العقائد "الدوغماتية" البروتسنتية، الفلاسفة الانجليز لهم خاصية الملاحظة المازحة، أو الساخرة أو الرمزية.
بالنسبة لجورج بيركلي، المادة غير موجودة. انتهى.
لا، فقد شرح بأن كل ما نراه موجود، وما لا نراه، غير موجود.. هكذا.
وجود الشيء مقرون بالوعي الذي يراه، وكأنن الوعي هو الذي يصنع المادة التي تقابله، إذا، فتلك المادة موجودة فقط في خيال من يراها، حتى رائحتها وملمسها وذوقها.
المعرفة هي عبارة عن تأويلات تصوّريّة، إذا المادة هي مجموعات تصوّرات تسكن عقل الانسان، يستعملها الوعي بشكل عبثي ليعطينا نظرة مشابهة لما رأيناه. 
 إذا "الشيء" غير موجود فعليا، فهو في اذهاننا فقط، بل لدينا تصورات عنه، وتلك التصورات نعطيها اسماءً كي ننظم العملية.
حتى في حال تواجده أما الرائي، فهو مجرّد تأويل لمن يراه، بسبب الخلفية التي يمتلكها عنه، ولنقل انه اسماه تفاحة او كرسي، لكيلا يختلك عليه ما يتصوّره.
واسم الشيء عينه، هو وسيلة لتجميع ما نشعر به عند تصوره، فاذا كان للتفاح رائحة معينة وذوق معين وحجم معين وملمس معين، فعلينا ان نجمع كل هذه الحواس باسم واحد، التفاح.
وهو نوع من أنواع الايمان الميتافيزيقي، أي أنك تعتقد بشيء وتحاول إعطائه معنى وخصائص.
إذا، كلها تأويلات على ان هذا الشيء الذي تحمله هو تفاح، تجتمع فيه تلك الخصائص، وإذا لم يحضر هذا التفاح، فهو غير موجود من الأساس، لأنه تصوّر.
 أن تكون موجوداً، يعني أن تُرى.
أن تُرى، يعني ان تجتمع فيك خصائص تميزك عن غيرك، فتصبح "فلان الفلاني" اعتمادا على تلك الخصاص.

إذا يوماً تغيرت خصائك، فستصبح غير موجوداً، لأنك عبارة عن "تصوّر" وليس حقيقة مادية دائمة.

#عمادالدين_زناف

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

ابن بطوطة.. الذي لم يغادر غرفته

ابن بطوطة، الرّحالة الذي لم يغادر غرفته. مقال عماد الدين زناف. ليسَ هذا أول مقال يتناول زيفَ الكثير من أعمالِ المؤرخين القدامى، الذين كانوا يكتبون للسلاطين من أجل التقرّب منهم، ومن ذلك السعيُ للتكسّب، ولن يكون الأخير من نوعه. الكتب التاريخية، وأخص بالذكر كتب الرّحالة، هي عبارة عن شيءٍ من التاريخ الذي يضع صاحبها في سكّة المصداقية أمام القارىء، ممزوجِ بكثيرٍ من الروايات الفانتازيّة، التي تميّزه عن غيره من الرحالة والمؤرخين. فإذا اتخذَ أحدنا نفس السبيل الجغرافي، فلن يرى إلا ما رآه الآخرون، بذلك، لن يكون لكتاباته أيّ داعٍ، لأن ما من مؤرخ ورحّالة، إلا وسُبقَ في التأريخ والتدوين، أما التميّز، فيكون إما بالتحليل النفسي والاجتماعي والفلسفي، أو بابتداع ما لا يمكن نفيُهُ، إذ أن الشاهد الوحيد عن ذلك هو القاصّ نفسه، وفي ذلك الزمن، كان هناك نوعين من المتلقين، أذن وعين تصدق كل ما تسمع وتقرأ، وأذن وعين لا تلتفت إلا لما يوافق معتقدها أو عقلها.  الهدف من هذا المقال ليس ضربُ شخص ابن بطوطة، لأن الشخص في نهاية المطاف ما هو إلا وسيلة تحمل المادة التي نتدارسها، فقد يتبرّأ ابن طوطة من كل ما قيل أنه قد كتبه، ...

مذكرة الموت Death Note

إذا كُنت من محبّي المانجا و الأنيم، من المؤكد أنه لم تفتك مشاهدة هذه التُّحفة المليئة بالرسائل المشفّرة. هذا المسلسل اعتمد على عدّة ثقافات و إيديولوجيات و ارتكز بشكل ظاهريّ على الديكور المسيحي، في بعض اللقطات و المعتقدات. المقال الـ104 للكاتب Imed eddine zenaf / عماد الدين زناف  _ الرواية في الأنيم مُقسّمة الى 37 حلقة، الشخصيات فيها محدّدة و غير مخفية. تبدأ القصة بسقوط كتاب من السّماء في ساحة الثانوية موسوم عليه «مذكرة الموت» ،حيث  لمحه شاب ذكيّ يُدعى ياغامي رايتو، و راح يتصفحه، احتفظ به، رغم أنه أخذها على أساس مزحة ليس الّا، و بعد مدّة قصيرة اكتشف ان المذكرة "سحريّة"، يمكنه من خلالها الحكم على ايّ كان بالموت بعد اربعين ثانية من كتابة اسمه و طريقة موته بالتفصيل. لم تسقط المذكرة عبثاً، بل اسقطته شخصية تُسمى ريوك، من العالم الآخر، وكانت حجة ريوك هي: الملل والرغبة في اللعب. كلُ من يستعمل مذكرة الموت يطلق عليه اسم " كيرا".  بعدها تسارعت الأحداث بعدما أصبح "كيرا" يكثّف من الضحايا بإسم العدل و الحق، فقد كان منطلقه نبيلاً: نشر العدل و القضاء على الجريمة في الأرض....

أخلاق العبيد، نيتشه والمغرب الأقصى

مفهوم أخلاق العبيد عند نيشته، المغرب الأقصى مثالا. مقال عماد الدين زناف. فريدريش نيتشه، حين صاغ مفهومه عن «أخلاق العبيد» في مُعظم كتبه، لم يكن يتحدث عن العبودية الملموسة بالمعنى الاجتماعي أو الاقتصادي، أو بمعنى تجارة الرّق. بل تحدّث عن أسلوب في التفكير نِتاجَ حِقدٍ دفين وخضوع داخلي يولد مع الأفراد والجماعة. إذ بيّن أن الضعفاء، العاجزين عن تأكيد قوتهم، اخترعوا أخلاقًا تُدين الأقوياء، فرفعوا من شأن التواضع والطاعة فوق ما تحتمله، حتى أنها كسرت حدود الذل والهوان. ومن هذا المنطلق يمكن رسم موازاة مع خضوع شعب المغرب الأقصى لنظام المخزن. إذ أنها سلطة شكّلت لعقود علاقة هرمية تكاد تكون مقدسة بين الحاكمين والمحكومين. وما يلفت النظر هو أنّ هذا الخضوع لم يُقبل فقط بدافع الخوف والريبة، بل تَمَّ استبطانه كفضيلة بل وعمل أخلاقيًا. فالطاعة أصبحت عندهم حكمة، والعبودية وَلاءً، والاعتماد على الغير، أيًّ كانت مساعيه في دولتهم عبارة عن صورة من صور الاستقرار. نيتشه قال «نعم للحياة»، لكنها استُبدلت بـ«لا» مقنّعة، إذ جرى تحويل العجز التام على تغيير الظروف إلى قيمة، وتحويل الذل إلى فضيلة الصبر، وعندما عبّر قائلا...