الخميس، 22 أبريل 2021

غسق اليونان



المقال 142.
_
أين اختفت اليونان؟
                                       -1-
مرّت اليونان بثلاثة عصور، عصر الإنحطاط، 700سنة قبل الميلاد، وكان عصر تأليف الإلياذة والأوديسيا، العصر الكلاسيكي، 400 قبل الميلاد مع الإنتصار عن الفرس وتأسيس الديموقراطية الآثينية، وبزوخ فكر فلاسفة ماقبل سقراط، وسيطرت الإسكندر، وتوسعها مع تأسيس مستعمرات في جنوب إيطاليا وماسيليا (مرسيليا) ،  ثم مرحلة الإنحطاط ، وهو العصر الهيلينستي، والهلنستيون خليط عرقي (في صورة سقراط) ، مما جعل اليونان تنزل الى الأبجدية الفينيقية عوض الاحتفاظ باليونانية.

                                     -2-
لماذا لم تنجب اليونان فلاسفة في عصر التنوير، ولا في عصر النهضة الأوروبية، ولا قبل ذلك!
لدراسة هذا الجفاف الفكري، وجب معرفة مولد الفلسفة اليونانية القديمة، أي ما قبل سقراط، في صورة فيتاغورت وطاليس، فنجد أنهم متأثرون بشكل غير مشروط بالخضارة المصرية والبابلية.
فكانت كل دراسات فلاسفة الإغريق القديمة، هي ترجمة الأفمار والعلوم الشرقية، في معاهدها، أو عن طريق الرحلات. 
فكان الفكر الإغريقي عبارة عن ردة فعل عن الفكر المصري الشرقي.

                                      - 3 -
استلم فلاسفة العصر الكلاسيكي اليوناني فكر أسلافهم على أنه فكرهم الخاص، أي، انتهجوا أسلوب القرصنة.
والمعروف أن الفلسفة وليدة البيئة، وأن الفلسفة تتماشى والطبيعة!
من غير المعقول أن ننتهج فكراً ألمانيا في الجزائر. 
إذا أردنا التأسيس لفكر حقيقي، وجب طبخه مه البيئة الجزائرية، وإلا فلن يُعمّر.

                                      -4- 
استلم سقراط فكر السابقين وحوّره إلى تعاليم معاكسة، أي كردّة فعل على ردّة الفعل الأولى، وحاول تكييفه مع الواقع الآثيني، ولم ينجح، مع موجة السفصطائيين.
جاء بعد سقراط، آفلاطون، الذي يعتبر المؤسس الفعلي للفكر الهيلينستي، الروحاني والفضيل، أمرٌ لم يلقى الترحاب رغم ملكيته وعرقه اليوناني الأصيل الذي كان يدّعيه.

                                      -5-
انتهى الحال عند آرسطو، الرجل الذي درس مشكلة الفلسفة اليونانية وقال باختصار ”نحن مجرد أطفال أمام الفلاسفة المصريين“
بحيث شخّص أزمة اليونان كلها في سطر، وهو عدم قدرتهم على التأسيس الفعلي للفلسفة اليونانية الخالصة.

                                      -6- 
كيف نفسّر اختفاء الفلسفة اليونانية ابتداءً من السيطرة الرومانية؟
علينا القول، أن الفلسفة الرومانية هي بنت الفلسفة اليونانية التي تعود للفلسفة الشرقية، إلا أن البراغماتية الرومانية، وإرادة القوة والسيطرة، جعلتهم يؤسسون فكراً مستقلاً، فكراً تماشى والعصور الجديدة مع تطور الزراعة والأسلحة.

                                       -7- 
وانتقل الفكر الروماني الذي ابتعد عن الفكر الإغريقي المتحجّر، الى الفرنج والجرمان والإسكندناف والبريطان، وبدورهم، طوروا الفكر بما يتناسب والمعتقدات السائدة (المسيحية واليهودية واالوثنية)، وجعلوا الفلسفة تتماشى واحتياجاتهم الاجتماعية والسياسية.

                                      //

بينما بقيت اليونان تحت رحمة الثقافات الفينيقية و الرومانية والعثمانية .. ولم تستطع انتاج فلسفة محلية، لأن منبت فلسفتها كان عبارة عن ”سرقة علمية“.

#عمادالدين_زناف

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق