شعرت بمرارات كثيرة وأنا أقرأ كِتاب صيد الخاطر لأبو الفرج ابن الجوزي، أوّلها هو قراءتي المتأخّرة لهذا الكتاب، ثانيها هو أن لا أحد، لا أديب ولا متديّن قد تحدّث عن هذا الكتاب الفريد من نوعه، لأن ابن الجوزي معروف جداً بعناوين مُختلفة مثل: زاد المسير، تلبيس ابليس، دفعُ شبه التشبيه، صفةُ الصّفوة، أخبار الحمقى والمغفلين، بستان الواعظين، وغيرهم، ولكن كتابهُ هذا (صيدُ الخاطر) وربما كتاب آخر مثل لفتة الكبد، ليس من بين ما يُذكر في ألسنة الناس ومن يُعرّفون به. وهذا يُذكّرني برواية دوستويفسكي التي تكلمتُ عنها سابقا (رسائل من تحت الأرض)، وقولي بظلم مُحبيه بطمس هذه الرواية وتقديم روايات أخرى، التي لا أشكك في جودتها، ولكن، في كثير من الأحيان، علينا ان نبحث في أطراف الدرج حينما يتعلّق الأمر بالنوابغ والفقهاء، فربّما ما يُشهره الناس لا يكون من أعمق الأعمال. أما المرارة الأخيرة التي شعرتُ بها، هو بظنّي أن أدب المقالات لم ينطلق الا مع مُحاولات ميشال دي مونتين في القرن الخامس عشر، وظنّي أنني لن أجد كتاباً فلسفيا وفقهيا عميقا بأسلوبٍ سهل، بل وبطريقة المأثورات، الا عند الرواقيين، والمتأخرين من القرن الثامن و...
مُدوّن، روائي، وصانع محتوى على اليوتيوب