الأربعاء، 3 نوفمبر 2021

الحرية قيدٌ شفاف



الإنسان خاضع للضمنية، فهو ضمن كون، وضمن نظام طبيعي، وضمن عالم المخلوقات، وضمن عالم الإنس، وضمن مجتمعه، وضمن نفسيّته، وضمن قوقعته [ الأنا]، ولو بقينا نعدد الضِّمَن فلن ننتهي.
 فقط تخيّل كرة صغيرة، ضمن كرة أكبر منها، وأخرى أكبر.. وكل كريّة خاضعة لظرفها، المرتبط بالكرة المحيطة بها، أصغرهم مرتبطة بأكبرهم بالتسلسل النظامي، المعنوي، الروحاني، والمادي.
فعندما يأتي أحدهم، ويدّعي التحرّر، نطرح عليه سؤالاً وجيهاً؛ التحرّر عن ماذا؟ تقصد أن تُصبح إلكترون حرّ؟
لن تجد تعريفاً مباشراً للالكترون المتحرّر.
 كل فكرة وحركة واعتقاد يُقيّدك بضمنية أخرى، صنعها أشخاصٌ آخرون.
ربما يكون مصطلح [الأحرار والحريّة والتحرّر] هو أكبر أكذوبة يصدّقها بعض الناس. لأنه مصطلح مُقيّد كغيره، فأنت تتحرّر من فهم، لتتقيّد بفهمٍ آخر، حتى لو ادّعيتَ التنصّل من كل المفاهيم، حتى لو سكنت الكهوف، وتجرّدت من كل رمز حضاري، مادي وفكري أو معتقدي، فأنت مقيّد بالفكر البدائي.
يُستعمل مصطلح التحرر والتمرد عادة، لإخفاء الإنتماء الحقيقي للأفراد، أو الإنتماء الجديد الذي يعتقدونه، وبحكم القيد الإصطلاحي في المجتمعات، يمتنع الكثيرون عن ذكر المعتقد الذي يسيرون عليه.
يحدثُ أن يجهل مدّعي التحرر ما الإعتقاد الذي يسلّم به، وهذا للعجز الثقافي والفكري الفادح.
من لا يَعبدُ الله، فهو يعبدُ رغباته، اي نفسه، يُقدّس ملذاته، ورغباته، أو، يقدّس إنساناً مثله، لا حول له ولا قوة. فإذا تحررت عن الدين، تقيّدت بشيء آخر، له نفس قُدسية الدين!
اللعب بالمُصطلحات، هو التحرر الذي يعتقده الناس في معتقداتهم اليومية، وأفعالهم العشوائية.
إن الذي إذا جاع أكل، وإذا تعصّر أحدث، وإذا حزن بكى، وإذا فرح ابتسم، وإذا أحب أعطى، وإذا كره عادى.. لا يُحسن أن يتحرر من عاداته الضمنية، فكيف له أن يتحرر بما يفوقه إدراكاً، وهو جزء من بليون جزء، ضمن عالم كالخاتم، ملقي في وسط صحراء شاسعة..بالمقارنة بعرش الرحمٰن.

#عمادالدين_زناف

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق