التخطي إلى المحتوى الرئيسي

المشاركات

عرض المشاركات من سبتمبر, 2021

الكامل عن علم الكلام

كنت  قد أشرت إليه في السابق، ولم أخصّص له مقال مُفصّلاً كما يجب، فها هو المقال، لنتحدّث بالتفصيل  المُمل عن  🔹عـِـلْـ الكلام ــمِ🔹 يفتتح مُحمد جواد مُغنية كلامه في تعريف علم الكلام، في كتابهِ "معالم الفلسفة الإسلامية" بمقولة سيدنا علي بنُ أبي طالب كرّم الله وجههُ (بعَثَ اللهُ مُحمدا صلى الله عليه وسلّم، وليس في العرب يقرأ كتاباً، ولا يدّعي نُبوّة ولا وحياً). تفصيل كلامهِ يُجمل معنى أن العرب لم يكن لهم شأنٌ ولا ميول للعلم ولا للمعرفة الدينية الواسعة، فكُل تفاصيل حياتهم كانت بالتقاليد الموروثة عن آبائهم، وكان هذا هو ردّهم عن النبي صلى الله عليه وسلّم (انا وجدنا آباءنا على أمة وانا على آثارهم مُقتدون) سورة الزُخرُف. فتغيّر الأمر تماما بعد الإسلام، فقد سمعوا وتعلّموا أموراً جديدة عليهم، وبعضها لم تُعرف في لسانهم، مثل (الرُويبضة) و(الهرج) و(السنون) و(الوهن)، ولولا قولهم (وما الرويبضة.. وما الوهن) قبل كُلّ تساءل عن المصطلح، لما عرفنا أنهم لم يكونوا يعرفونه بين ألسنهم (وهذا لا يعني أن لا أصل له في اللسان).  فسمعوا أخبار الأقوام واطّلعوا على بعض العلوم والروحانيات، وشاهدوا...

السّعد التفتازاني ✨

رجلٌ يعدّ من درجة الغزالي، والسرخسي، والباقلاني!  فمن هو؟  🔹المختصر عن السّعد 🔹 هو سعد الدّين مسعود ابن عُمر ابن عبد الله، وُلد في تفتازان بإيران سنة 1322م وتوفى في سمرقند في أوزبكستان سنة 1390م.  ▪هو إمام حنفيّ، فقيه، نحوي وبلاغي، وعالم منطق، ومُتكلّم. تلقّى علمه من الإمام العبقريّ، عضد الدين الإيجي، والقُطب التحتاني، عالم المنطق والمعقولات. من تلاميذه علاء الدين البُخاري المعروف في ردّه على المُجسّمة. كـان السّعد طالباً ثقيل الفهم، ليس سريع البديهة، لا يَحفظ، إلى أن جاءته رؤيا، وفيها أن قدِمَ إليه رجلٌ يطلب منه ان يأتي معه في نزهة، فردّ عليه سعد الدين أنه مشغول بالقراءة، فهو لا يرى نفسه أهلا للتنزّه لأنه ضعيف العلم، فأصرّ عليه الرجل، فقال له: لم أرى أبلد منك! قُلت لك أنّ ليس لي في المشي، لست أهلا لهذا! فقال الرّجل: إنّ رسول الله صلى الله عليه وسلّم يطلبك، ففزع سعد الدين وهرول مع الرّجل، حتى إنه قد نسي لبس نعليه، فلمّ اقترب، وجد الصحابة ومعهم رسول الله صلى الله عليه وسلّم، فنظر إليه متبسّماً، وقال له، يا سعد؛ نرسل لك المرّة بعد المرّة ولا تأتي!  فقال سعد بأبي أنت ...

الرحمة والحب

🔹 المُلخّص المُطوّل عن ”مولانا“🔹 عاشَ جلال الدين، محمد بن محمد ▪بهاء الدين▪ البلخي، معظم حياته في قونية عاصمة الدولة السلجوقية في تركيا الحالية، وتوفى فيها. وُلد في بلخ بأفغنستان سنة 1207م ويصل نسبه إلى أبي بكر الصديق رضي الله عنه ، وتوفى سنة 1273م. ▪عُرفت قونية في تلك الفترة بتنوًّع ثقافي، وتعايش ديني [إسلامي نصراني بوذي وهندوسي] لم يُعرف من قبل، لأنها كانت تتوسّط ما كان يُعرف بـ [طريق الحرير]، أي الطريق التاريخي التجاري من أقصى الصين إلى أبعد نقطة في أوروبا، لنقل الحرير وغيره من المواد والتبادلات. [راجع مقالتي في الخصوص عبر مدوّنتي].  لم يبقى في بلدته في بلخ، بسبب غزو المَغول لها، كان والدهُ بهاء الدين، رجل دين، وأستاذاً في الفقه الحنفي، فترعرع وسط هذا الجوّ النَشط مع والده، فتعلّم كأهل البلاد، التركيّة، وكان يخطّ الأدب بالفارسيّة، والعربية للقرآن والمراسم الدينيّة.  ▪كتب في الفقه [فيه ما فيه]، قبل أن يلتقي بـمعلّمه الأوّل، في سن السابعة والثلاثين، شمس الدين التبريزي، الشاعر الشافعي المتصوّف. فألّف بعد تتلمذه عنده [ديوان شمس تبريز] و [الرباعيات]، التي كانت مزيجاً لكلامهما،...

علم الكلام ضد السّفسطة

▪هو أبو البركات عبد الله بن أحمد، وُلد في قرشي بأوزبكستان سنة 1223م وتوفى بإيذج في إيران، سنة 1310م. هو من سادة الأحناف، ومن جهابذة علم الكلام الأصلولي، عُرف بتفسيره لكتاب الكشاف للزمخشري وتفسير البيضاوي. شرَع النّسفي في نقد السّفسطة ، لأنها كانت من الأساليب الشائعة بين المتكلمين، أساسها قبول كل الآراء، والمُغالطة في الحوار، وعدم الخروج بأي نتيجة، فاعتبر هذا خطراً على الدين.  ▪وفي كتاب شرح العقائد النسفية، لسعد الدين الدين التفتزاني، نقل شروحات النسفي وردّه على أنصار السّفسطائية. يقولُ ما يلي: [..ردّا على القائلين بأنه لا ثبوت لشيء من الحقائق، ولا علم بثبوت حقيقة، ولا بعدم ثبوتهت. خلافاً للسوفسطائية، فإن منهم من ينكر حقائق الأشياء، ويزعم أنها أوهام وخيالات باطلة، وهم العِناديّة. ومنهم من ينكر ثبوتها، ويزعم أنها تابعة للإعتقاد، حتّى إن اعتقدنا الشيء جوهراً فجوهر، أو عرضاً فعرض، أو قديماً فقديم، أو حادثاً فحادث، وهم العِنديّة، ومنهم من يُنكر العلم بثبوت شيء ولا صبوته، ويزعم أنه شاكّ، وشاكّ في أنه شاكّ وهلمّ جرًا، وهم اللاأدريّة، ولنا تحقيقاً أنّا نجزم بالضرورة بثبوت بعض الأشياء بالعي...

طـاهر اللّغة

  ومن الشخصيات التي لا تُذكر كثيراً، الطـاهر الجزائري، يعرفه الدمشقيون جيّداً لأنهُ وُلد وترعرع ومات فيها، كأن يُعرف أنّه من مجموعة المُصلحين الدينيين، عُرف بميله عن الحُكم العُثماني، وقُربه من الفكر السلفي، وعُرف عليه اللغة والاتقـان فيها. وُلد في دمش سنة 1825م، في فَترة طويلة تُعرف بـ"هجرة الشيوخ" الجزائريين من الجزائر، خاصة بَعد توقّف الثورة ضد المستعمر، وقد هاجر الكثيرون لحاقاً بالأمير عبد القادر. كان يتبنّى التيَّار الذي يدعو الى التَّواصلَ الفكري والرُّوحي مع التُّراث العربي الإسلامي، مع الانفتاح على الغرب وثقافته وفلسفته وعلمه، وكان من رحبة الذيين مثّلوا ذلك التَّيار في بلاد الشَّام. هو طاهر بن صالح بن أحمد بن حسين بن موسى بن أبي القاسم الجزائري الدِّمشقي الحسَني، ينتهي نسبه الأصلي الى علي بنُ أبي طالب، أما نسبه الجزائري فهو من قرية في بجاية. تخرَّج على يد الأستاذ الشيخ عبد الرحمن البوسنوي، وقد تلقَّى على يديه اللغة العربية، والفارسية، والتُّركية، وتوسَّع في دراسة العلوم الشَّرعية. وكان سياسياً، دارساً لحالة الغرب واجتماعه،.فقد كان يُشبّه بالعلماء الذين درسوا الشعوب وا...

شمسُ الأئمة

اخترتُ لكم شخصية لا نكاد نسمع عنها شيئاً، رغم أنها لا تقل شيئاً عن الذين نكرر ذكرهم. ▪هو الإمام شمس الدين السرخسي الخزرجي الأنصاري، وُلد في إيران ببلدة سرخس سنة 1009م وتوفى في وادى فرغانة [أوزجند] بأزبكستان سنة 1090م. ▫هو من أئمة المذهب الحنفي،  فقد شرح في كتابه المبسوط ستة من عمدة كُتب ”ظاهِر الرواية“، التي جمعها [الحاكم المروزي الشهيد]، فكتابه يعد المصدر والمرجع للمذهب. وقصًة كتـاب المَبسوط من أعجبِ القصص. ▪كان الخاقان الذي يحكم إحدى مدن المنطقة، يحب إمرأة طُلّقت من زوجها، فاستعجل الزواج بها قبل انقضاء العدّة الواجبة، فبحث عن فتوى تُجيز لهُ ذلك، فوقف شمس الدين سدّاً له، ولم يُجز له ذلك، فحكم عليه الخاقان بالسّجن، وبقي فيه خمس عشرة سنة كـاملة. ▫السّجن في تلك البلدة كان داخل بئرٍ! فذكر شمس الأئمة مِحنته في كتبه [باب الطلاق، باب العتاق..] أنه المحبوس، المُبعد عن أهله، لكنه لم يكتب بيده! ▪فقد كان يُمليه إملاءً على الناس، تلاميذه، من قاع البئر، وهو في سطحه يكتبون ويدوّنون! كُتب المبسوط بهذه الطريقة!  🔹وقال عن محنته: يقولون لي فيك انقباض وإنما رأوا رجلا عن موقف الذل أحجما أرى الن...

مدرسة الجزائر في المقاومة

🔸مدرسة الجزائر في مقاومة الإستدمار 🇩🇿🇱🇾🔸 وُلد الشيخ محمد بمُستغام سنة 1787م، ربّته عمّته فاطمة، وعندما كبر قليلاً سافر إلى فاس، فأخذ العلم عن شيوخها، ثم عاد إلى جنوب الجزائر، فتتلمذ عند شيوخها ودرّس فيها، بعد ذلك سافر إلى مكّة، فأخذ يتعلم كل شيء، من التصوّف إلى فقه المذاهب إلى تعلم الفكر السلفي. أسّس هناك، أي بمكّة أول زاوية، وتسمى الزاوية السنوسيّة، علّم فيها الطلاب العلم الصحيح، والتصوف المليح، الخال من الشركيات والبدع، وعلمهم المِهن والصناعات التقليدية، وإلزامية مقاومة الإستعمار الفرنسي في الجزائر، وكل إستعمار في أرض الإسلام. بقي في مكة خمس عشرة سنة، ثم عاد بعدها للجزائـر مجاهداً ضد الإستعمار الفرنسي، لكنهم منعوه من دخولها، فأقام بليبيا في طرابلس. فكان يراسل الأمير عبد القادر بالجنود والعتاد. فداوم على الترحال، واستقر في بُرقة الليبية، وبنى فيها الزوايا، فأصبحت له مدرستان، سنوسية الحجاز، وسنوسية برقة. عُرف بعدم تمرده على الدولة العثمانية. وُلدَ له محمد المهدي، ومحمد الشريف. وعاد للحجاز مجددا ومكث فيها ثمان سنوات، ينشر العلم بين قبائلها. فنشأت له عداوات تخالف منهجه السويّ. ثم ع...

التصوّف كما لم تقرأ عنه

التصوّف كما لم تقرأ عنه من قبل. سيكونُ مقالاً شبه مفصّل، وان كان من الصّعب أن أقف عند كُل مرحلة أو شخصية بما يَليق به المقام، أو الحادثة، سواءً نافعة أو ضارّة، حيثُ سيكون مُختصر مُطوّل عن أصول التصوّف، وما الحق فيه والباطل، سيكون عبارة عن مقال تاريخي يُمكن التحقق من كل نقطة فيه، ليس الغرض منه أن أدافع أو أسيئ، لذلك لا أريد تعليقاً متشدداً في العداوة، ولا تعليقاً فيه غُلو في الحبّ.  أصلُ التصوّف هو الاحسان، أن تعبُد الله كأنك تراه، فان لم تكن تراه فهو يراك. هذا التعريف العام الذي اتّخذه الصوفية الأولون، متخذين هذا الحديث كمنهاج أساسي لتأطير وتهذيب سلوك الفرد. في بداية القرن الأوّل للهجرة، لم تكن الكتابة معروفة الا قليلاً، لا في العقيدة ولا في الفقه، الا في السنة الشيء القليل. فقد كان الصحابة على قدر كاف من الدراية بلسان العرب، وفهم الآيات لم يكن عسيراً عليهم كما في القرون التي ستليهم. أي كان التلقّي باللسان بشكل أساسي، في زمن أتباع التابعين، اتعست دولة المسلمين، وزادت قضاياهم باختلاف نفوذهم في الأرض، فقد تداخلت ثقافات ولغات ومناخات وعادات جديدة لم يكن يعرفها الأولون. فصارت الحاجة الى ال...

العالِم ابنُ بيئته

العالِم إبن بيئته وزمانه، وإبنُ مشاكل عصره وأولوياته، فلا يصحّ أن نَلوم عالم مـا على عدم خوضه في مسائل، أو التخفّف والتساهل في أُخر، أو التعصب لأشياء، بنفس المنطق، لا يجب التعصّب لما تعصّب إليه، ولا التساهل فيما تساهل فيه، لأن الظروف تختلف، فالحُكم يختلف. لماذا اختلفت وتفىعت المسائل، وأصبح في الدين مذاهب وطرق! ببساطة، يحدث تغيّر في الفهم للنصوص الدينية والفكرية والفلسفية، مع تغير العصر، لما فيه من تغيّر للعمران والتجارة، وزيادة الديموغرافية وتضاعف مسائل وحوائج الناس، فما كان سهلاً أضحى معقّداً، ولكل فترة جهبذ من العلماء يفكّ ألغازها، محافظاً على الأصل بيد، وممسكاً بزمانه باليد الأخرى. علاوة على ذلك، وإذا خصصنا الحديث عن الدين، مع كل تقدم في الزمان، تنزل المَلَكة اللغوية، فيزيد الإختلاف لضعف اللسان، بهذا يصبح الأمر أكثر تعقيداً في كل مرّة. وكمثال، في فترة أبو بكر الصديق رضي الله عنه، كان منشغلا أيما انشغال بالمرتدين، الذين رفضوا تقديم الزكاة بعد وفاة المعصوم عليه الصلوات والتسليمات، فكرّس سنتيه في الحكم معهم، ولم يكن يهتم بشيء عدى استرجاع القبضة على محيط مكة البعيد. كذلك في فترة سيدنا ع...

نعم لتيسير العلـوم

رداً على مقالة الأستاذ الدكتور محمد باسل الطائي، أستاذ في الفيزياء، والذي تكلم فيها عن ”خطأ نشر العلوم إلى العوام“، بعد أن اشتكت أمٌ عن شُبهة إلحاد إبنها، لما قرأه من اكتشافات حول صناعة الجاذبية للعالم وانشاء الذرة من العدم، أو شيء قريب من هذه الفكرة، لستيفن هوكينغ. واستشهد في حديثه عن عتاب بنُ رشد للغزالي على نشره للفلسفة وعلم الكلام بين العوام، في المقاصد والتهافت، رغم معرفته أنه لمصلحتهم، أي لتبيان خطأ الفارابي وابن سينا.  حيث قال أنه اضطر بعد ذلك (أي الغزالي) إلى نشر كتاب إلجام العوام عن علم الكلام، أي إبعادهم عن علم الكلام لخطورته على إيمانهم.  لكن أجيب أستاذنا الطائي أن الزمن تغير بشكل كلي، لأن ما كان في زمن الغزالي، قد تضاعف، أي أن الحواجز العلمية قد انكسرت تماما، فلم يعد هناك وسيط بين الباحث أو الفضولي، وبين المعلومة، في كل مجال، من الفلسفة إلى الفيزياء مرورا بكل ما يخطر وما لا يخطر ببالك، العلم المزيف والعلم الصحيح وما بينهما. كذلك، لم تعد هناك قدرة لحظر، وحجب، وإخفاء أي شيء عن الناس، وهذا الأمر خليط بين حسنات ومساوئ. إذاً، دعوتكم أستاذنا بأن يتوقف العلماء والمتمكنون ...

الغزالي

  المُختصر المُطوّل عن الحجة ولد أبو حامد الغزالي في بلدة طوس في خراسان (إيران). وكان أبوه يغزل الصوف ويبيعه في دكان بسوق الصوافين، فقال فريق أنه سمي بالغزالي بتشديد الزاي نسبة الى حرفة والده. كان والده رجل خير وصلاح، فعندما أحس بأجله، وصى صديقه المتصوف بأن يرعاهما هو وأخوه، ولما نفء كل ما خلفه لهما والدهما من المال، نصحهما الدخول في احدى المدارس التي أسسها الوزير نظام الملك، للحصول على قوتهما. وهكذا انقطع الأخوان الصغيران الى العلم حتى بلغا أحسن المراتب. انتقل الغزالي الى نيسابور واتصل فيها بأبي المعالي الجُواني الملقب بإمام الحرمين، ولازمه حتى وفاته، تعلم عنده الفقه وعلم الكلام وتعلم الجدل والمنطق وأصولهما وأساليبهما، ثم قرأ شيئا من الفلسفة. ثم لقيَ الوزير السلجوقي نظام الملك، فأكرمه وبالغ في الإقبال عليه، وكان بحضرة الوزير جماعة من الأفاضل، فجرت بين الغزالي وبينهم عده مناقشات ظهر فيها عليهم، فأعجب به نظام الملك، وتمت تسميته بحجة الإسلام وهو في الثالثة و الثلاثين من سنه، فرأى أن يستعين به في الدفاع عن عقيدة أهل السنة، والرد على الباطنية ببغداد. اتسعت سعة حلقاته حتى لقب بإمام العراق...

الزمخشري، أستاذاً للُغة

▪رغم تمسكه بمذهب الاعتزال، إلا ان كتبه ماتزال مصدرا عند كل المسلمين، خاصة في اللغة العربية، وهو الذي كان أستاذا فيها، وصنف فيها التصانيف، واستعملها في تفسير القران في كتابه الكشاف، على ما فيه من أخطاء كان قد صوّبها العلماء. 🔸على عكس  معظم علماء المعتزلة، لم تُرد المذاهب والفرق الاسلامية التخلي عن الأخذ باجتهادات ”جار الله“ محمود الزمخشري، فقد صنّف في اللغة والنحو على سبيل المثال: المفصل في صنعة الاعراب، والمفرد المؤلف، والكتاب الضخم في عدّة مجلّدات ”أساس البلاغة“. ▪فقد كان إماما في التفسير وفي النحو وفي الأدب والبيان والفلسفه والكلام والشعر، و لُقّب بجار الله لبقائه أمام الكعبة لمدة طويلة. 🔸أبو القاسم الزمخشري فارسي المنشأ، ولد بزمخشر سنة 1074 م،  ورحل الى بخارى لطلب العلم ثم الى بغداد. كبر وهو عاشق للغة العربية، فقد قسم علوم البلاغة الى بيان ومعاني، وأضاف لها البديع، وقد ألّف معجماً لغويّاً مرتبا على الحروف الهجائية. ↩ ذكر غير عالم بأنه أفضل وأعلم فضلاء العجم بالعربية في زمانه، بعد سيبويه. وقد كان جار الله أعرجا، يمشي في رجل من خشب، أي أنه كان مبتور القدم. وكان يأخذ تارة بالمذهب الح...

سيبويه صانع علم النحو

🔸يُعتبر سيبَويه [عمرو بن عثمان -أبو بشر-] أكبر نحوي، بل صانعُ علمه في اللغة العربية. فارسي وُلد في بيضا بإيران بالقرن الثامن ميلادي ولم يُعمّر طويلاً.  ▪سيبَويه باللغة الفارسية تعني "رائحة التفاح". فقد أسمتهُ والدته كذلك، لمقارنته برائحة أزهار التفاح. ومنذ ذلك الحين ، أصبح هذا لقبهُ، واسم عائلته في نفس الوقت.  كل من يريد أن يتعلم لسان العرب عليه أن يلتقي بهذا الإسم، فقد كان مُحيطاً بكل ما يتعلق بقواعد النحو، وأستاذاً لا يشق له غُبار في مدرسة البصرة أو مدرسة الكوفة. أسلوبه وقواعده التشكيلية كانت تعد استثناءً.  ▪عندما كان طفلاً ، غادر سيبويه وطنه ”بلاد فارس“ ليستقر في البصرة بالعراق ، وكانت إحدى عواصم الثقافة الكلاسيكية.  وهناك درس اللغة العربية، وقواعدها، متفوقًا على أساتذته في دراسة القرآن الكريم، ودراسة كل الأعمال الأدبية العظيمة منذ عصور ما قبل الإسلام. فقد كان حمّاد، المؤرخ الشهير للغة العربية، وقبله الخليل بن أحمد [المبرمج للمقاييس والقواعد العربية] معلميه الرئيسيين في فن الجمع بين القواعد المنطقية للغة. 📖 سريعاً ما أثار سيبَويه ضجة كبيرة بين أقرانه، وأصبح قائد...

ابنُ خلدون، الشامل

🔶ابن خلدون..الرحّالة المُفكّر 🔶 هو ابو زيد عبد الرحمٰن ابن خلدون الحضرمي، ولد في تونس، من بيت علم وشرف، وينتهي نسبه  إلى وائل بن حجر، الذي كان من كبار الصحابة، الذي تولى تعليم القران ونشر الاسلام في اليمن. ذكر ابن خلدون في ترجمة حياته، ان أحد اجداده المسمى خالد بن عثمان، قد رحل الى الاندلس مناليمن في اوائل القرن الثالث للهجرة، وذكر مؤرخ الاندلس ابن حيان ان آل خلدون كانوا في اشبيلية. 🔹 رحَلاته: 🇩🇿🇪🇬🇲🇦🇹🇳 حفظ ابن خلدون القرآن وتلاوته بالقراءات السبع.  ثم تعلم الصناعة العربية على والده، ودرس على بعض علماء تونس كثيرا من كتب الفقه والحديث والأدب، أعانه السلطان ابي الحسن المريني على تونس. ولم يكد بن خلدون يبلغ السابعة عشر من سنه، حتى مات والده، وأكثر أشياخه ماتوا جميعا في الطاعون الجار في الذي اجتاح تونس.  فلما قام أمير قسنطينة الحفصي يطالب بعرش تونس، خرج السلطان ابو اسحاق للقائه ومعه ابن خلدون، فانهزم السلطان وجماعته، ونجى ابن خلدون بنفسه وذهب والى تبسة، ثم الى قفصة. ولما عاد السلطان ابو عنان الى فاس، جرى ذكر ابن خلدون عنده، فاستدعاه واستعمله في كتاباته للتوقيع عنه. ...