الثلاثاء، 28 سبتمبر 2021

الرحمة والحب



🔹 المُلخّص المُطوّل عن ”مولانا“🔹

عاشَ جلال الدين، محمد بن محمد ▪بهاء الدين▪ البلخي، معظم حياته في قونية عاصمة الدولة السلجوقية في تركيا الحالية، وتوفى فيها. وُلد في بلخ بأفغنستان سنة 1207م ويصل نسبه إلى أبي بكر الصديق رضي الله عنه ، وتوفى سنة 1273م.
▪عُرفت قونية في تلك الفترة بتنوًّع ثقافي، وتعايش ديني [إسلامي نصراني بوذي وهندوسي] لم يُعرف من قبل، لأنها كانت تتوسّط ما كان يُعرف بـ [طريق الحرير]، أي الطريق التاريخي التجاري من أقصى الصين إلى أبعد نقطة في أوروبا، لنقل الحرير وغيره من المواد والتبادلات. [راجع مقالتي في الخصوص عبر مدوّنتي]. 
لم يبقى في بلدته في بلخ، بسبب غزو المَغول لها، كان والدهُ بهاء الدين، رجل دين، وأستاذاً في الفقه الحنفي، فترعرع وسط هذا الجوّ النَشط مع والده، فتعلّم كأهل البلاد، التركيّة، وكان يخطّ الأدب بالفارسيّة، والعربية للقرآن والمراسم الدينيّة. 
▪كتب في الفقه [فيه ما فيه]، قبل أن يلتقي بـمعلّمه الأوّل، في سن السابعة والثلاثين، شمس الدين التبريزي، الشاعر الشافعي المتصوّف. فألّف بعد تتلمذه عنده [ديوان شمس تبريز] و [الرباعيات]، التي كانت مزيجاً لكلامهما، والتي احتوت 1759 رباعية و3318 بيت ، و الكتاب المثير للجدل [المثنوي] لما فيه من تعاليمه.
 وقد كان قبل أن يتتلمذ عنده -أي عند شمس الدين- رجلاً مُتصوّفاً عادياً. فأصبح بعدها شـاعراً. ومن خلال تلك الأشعار كان يُنشد ويَرقُص.
ومع تزايد صداقتهما، دفع تلاميذ شمس الدين مولاهم للرحيل إلى دمشق. 

🔹بعض مما نشد في الرباعيات:

طِوال النهار والليل، لحنٌ
نيرٌ، هادئ
غناءُ مِزمارٍ
لو خَبا، نذوي 
_
النومُ هذا العام ليس له سلطان
ربما الليل أيضا يكف عن البحث عنا
حين نكون على مثل هذا
محجوبين،  ما عدا في الفجر
_
لِم كل هذا الأسى والشحوب؟
لا تنظر علي.
كمثل وجه عاكسٍ نور آخر 
القمر نبع الألم
_
في داخلِ الماء، ساقيةٌ تدور.
نجم يلفُ مع القمر
على بخر هذا الليل نحيا ذاهلين،
ما هذه الأنوار؟
_
يرجع الليل حيث أتى
كلهم عائدٌ أحياناً
يا ليلُ، عند وصولك
إحكِ لهم كم أحبك

▪لقد كانت عملية ترجمة كلمات الرومي من أصعب ما واجهه أيُّ مترجم، فانتقاء المفردات والمصطلحات يشبح عمليةً جراحية دقيقة لقلبٍ أحدهم. فقد استوجب عليهم معرفة اللغة الفارسية، وأحوال الزمن، واختلاف المعاني بين الأزمنة، واختلاف الاستعمالات والدلالات، ومعرفة حقل اللغة والمصطلحات للمتصوّفة العرب ومتصوًفة المدرسة الفارسية، ومعرفة محترمة للشعر الأعجمي.

 ▪كان استاذه شمس الدين كثير التجوال، درويشاً، فقد اختفى سريعاً عن جلال الدين، فارك في قلبه غصّة، عبر عنها في أشعاره.
كان يحاول الرومي فك شيفرة اللفظ والمعنى، والوصل بينهما. لكنه كان يرى -فيما معناه- أن الألفاظ ليست سوى غبار على مرآة تجارية.
🔹يقول الفيلسوف الألماني هيـجل:
إذا أردت رؤية أجمل الطهارة والسمو فعليك الانتقال إلى شعراء الإسلام حسنما يضع جلال الدين الرومي الرائع تركيزاً خاصا على وحدة النفوس مع الواحد في المحبة.
فقد قال أنه ينقي الطبيعة من الضحالة والتفاهة ويبسطها مجرّدة.

▫خلاصتي عن الرومي:
قرأت الكثير عنه، وله، وسمعت عنه، وعليه، الرومي بسيط غير متبجّح، متكلّف في المشاعر، فهي كسطح الماء الذي يرجف لنسمة خفيفة. كان يرى الدين من فتحة الحب والرحمة،  محب لدينه، الغالب انه على مذهب أبيه الحنفي، منفتح للجميع، كما ذكرت، لبيئته المتنوعة، يقول

 «إن قلبي مثل الفرجار، رجل ثابتة في أرض الشريعة والأخرى تدور على اثنين وسبعين ملة».

▪وفي حبه للنبي عليه صلوات الله، وتنصًله مما ينسب إليه من الشركيات:

«إنني خادم للقرآن، وذرة غبار في طريق المصطفى المختار صلى الله عليه وسلم، وإني لأشكو أمري إلى الله من هذه» الإسنادات وأبرئ نفسي من قائلها»
«كل ما يمتلكه الأولون  والآخرون إنما يمتلكونه بوصفه انعكاساً له، وهم ظلّه صلى الله عليه وسلم»

رحمة الله عليه.
#عمادالدين_زناف

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق