التخطي إلى المحتوى الرئيسي

المشاركات

شعوب كنعان: التحقيق

آخر المشاركات

يوسف زيدان يهدم الأدب التاريخي في حاكم

هذه الرواية (حاكم: جنون ابن الهيثم) عبارة عن نكسة حقيقية في الأدب التاريخي، أسلوبًا وتركيبًا.  كنتُ أَنتظر شيئًا يعيدني إلى العصر الفاطمي، إذ بي أقرأ أدبَ الأطفال بأسلوبٍ سرديٍّ مملٍّ حدَّ الانفجار. في العادةِ لا أنشر آرائي حول الروايات، لأن الرواية — بالنسبةِ لي — متعةٌ وذوقٌ يختلفانِ من كاتبٍ إلى كاتبٍ ومن قارئٍ إلى قارئٍ، إذ ليست محلاً للتقييم الصارم الذي نحكم به على الكاتب أو على ميلِ القارئ. لكن عندما يرتفع شأنُ مفكّرٍ ما وتنتشر كتبه، ويُدّعى فيه وفي كتابه ما ليس في غيره، سواءً من صاحبها نفسه أو من محبيه، وعندما نعرف أن هذا النوع من الروايات يفتح بابَ التاريخ (التاريخ كعلمٍ قائمٍ بذاته)، فهنا وجب التوقفُ قليلاً لمراجعة الأمر. للدكتور يوسف زيدان أعمالٌ جيّدةٌ جدًا وتحقيقاتٌ مهمة، إذ ليس من الغريب أن أيَّ كاتبٍ لسبعين مؤلَّفًا يُوفَّق توفيقًا كبيرًا في عشرة مؤلَّفاتٍ منها.. فليس القصد استنقاصَ الرجل، إنما العتبُ على إطلاقِ دعايةٍ لمشروعٍ لا يرقى لكلّ هذه الصفحات. الأمور المزعجة في هذه الرواية تكاد لا تنتهي. أولًا: الإطالةُ والمماطلةُ والحشوُ والمبالغةُ في التفاصيل... 365 صفحة ليست ف...

أخلاق العبيد، نيتشه والمغرب الأقصى

مفهوم أخلاق العبيد عند نيشته، المغرب الأقصى مثالا. مقال عماد الدين زناف. فريدريش نيتشه، حين صاغ مفهومه عن «أخلاق العبيد» في مُعظم كتبه، لم يكن يتحدث عن العبودية الملموسة بالمعنى الاجتماعي أو الاقتصادي، أو بمعنى تجارة الرّق. بل تحدّث عن أسلوب في التفكير نِتاجَ حِقدٍ دفين وخضوع داخلي يولد مع الأفراد والجماعة. إذ بيّن أن الضعفاء، العاجزين عن تأكيد قوتهم، اخترعوا أخلاقًا تُدين الأقوياء، فرفعوا من شأن التواضع والطاعة فوق ما تحتمله، حتى أنها كسرت حدود الذل والهوان. ومن هذا المنطلق يمكن رسم موازاة مع خضوع شعب المغرب الأقصى لنظام المخزن. إذ أنها سلطة شكّلت لعقود علاقة هرمية تكاد تكون مقدسة بين الحاكمين والمحكومين. وما يلفت النظر هو أنّ هذا الخضوع لم يُقبل فقط بدافع الخوف والريبة، بل تَمَّ استبطانه كفضيلة بل وعمل أخلاقيًا. فالطاعة أصبحت عندهم حكمة، والعبودية وَلاءً، والاعتماد على الغير، أيًّ كانت مساعيه في دولتهم عبارة عن صورة من صور الاستقرار. نيتشه قال «نعم للحياة»، لكنها استُبدلت بـ«لا» مقنّعة، إذ جرى تحويل العجز التام على تغيير الظروف إلى قيمة، وتحويل الذل إلى فضيلة الصبر، وعندما عبّر قائلا...

الجمال والقوة في تماثيل اليونان

الجمال والقوة في تماثيل اليونان.. مقال عماد الدين زناف. في اليونان القديمة، كانت الثقافة السائدة بينهم أن الجميل في ظاهره جيد في باطنه تلقائيا، أو أن الذي يكون أقل كمالا في أحدهما، عليه أن يجتهد بقوة ليصل إلى ذلك التوازن. فقد كانوا يحبون الكمال إلى درجة أن الرجل عندهم يجب أن يكون: جميل المظهر، قوي البنية (رياضي)، وحكيما عاقلا، فاختصروا هذا الأمر في جملة شهيرة وهي: Kalos kagathos  كالوس كاغاتوس  καλὸς κἀγαθός هو كالوس التي تعني جميل، كاغاتوس تعني جيد (قوي وصاحب المبادئ)، حيث نرى ذلك في كل تماثيلهم. والمثير أن كثيرًا منهم رفض سقراط وفكره بالكامل فقط لأنه قبيح الوجه والشكل، لأن قبحه جعلهم يشككون في أصوله اليونانية أساسا، وقد كان محل سخرية من  مجموعة السفسطائيين الذين كانوا طبقة مثقة وجميلة المظهر.   وحتى بعد 2000 سنة من موته، جاء الفيلسوف نيتشه المحب لإحياء فلسفة يونان ما قبل سقراط، ليصفه بأنه قبيح، إذا عليه أن يصمت.. متهما كذلك أرسطو أنه غير آثيني الدم لأنه من مقدونيا.. وأن هؤلاء قد ساهموا في إنهاء بريق اليونان.  لكن طبعا هذا الحكم تعسفي وملني على نظرة شخصية، لأن اليونانيّون لم ينحصروا ف...

الفلسفة في الجزائر

كيف دخلت الفلسفة أرض الجزائر؟  مقال عماد الدين زناف  من مقدمة كتابي: فلسفتـنا. إن ترميم الفلسفة والفكر الاجتماعي ليسَ بالأمرِ الهيّن، وقد يكون موضوعا يفتحُ لنا تناقضاتٍ في ذاته، ويفتح صناديق مخفية تَكنُز قضايا قد أُهمِلَت. فقد يُقال إن لكل مجتمع فكره الخاص، وكذا فلسفته التي لا يمكن أن تتغير، إذ هي خاضعة للمناخ والأرض وخاضعة لتراكمات العامل الوراثي والظروف السياسية والاقتصادية .   ملاحظةٌ مهمّة، لكنها غير كاملة، أو لنقل أنها لا تُلْقي علينا نظرةً زمنية فوقية، وتحليلا دقيقا. فالذي يريد أن يدرس فلسفةَ مجتمع معيّن، عليه ألا يكتفيَ بما يراه في حاضره، خاصةً إذا أراد أن يسترق النظر وراء الأستار ليرى مستقبله الافتراضيّ، ولنقل، لينظًرَ مصيرهُ، وبالتالي إذا أردتُ أن أضع الفلسفة الجزائرية تحت المجهر، فعليّ أن أنظُرَ إلى تاريخ الفلسفة الجزائرية، وبذلك، على أن أعودَ إلى أقدم دولَة عرفتها هذه الأرض الشاسعة، لكي ننظر معًا حال ذلك المجتمع وعلى أي فِكرٍ نشأ، ولمَ اختارَ منهجًا أو منهجيّات مُعيّنة، وما الذي جعله على ما هوَ عليه اليوم، وهل هو تطوّر منطقي لهذه الفلسفة أم هو نتاج عوامل؟ أو أنه تطوّر مُنقَ...

سيمولاكر والنظام العالمي الأخير

سيمولاكر والنظام العالمي الأخير. مقال عماد الدين زناف هناك أشياء تحيّر الشباب وحتى الكبار، الدارسين أو الفضوليين.. يرون أن هناك مواضيع بلغت التكافؤ النسبي بين المستهزئين والرافضين لها، وبين المدافعين عنها والمتعصبين لوجودها.. فيقف أحدنا في الوسط، مقتنعًا بردود الطرفين، حذرًا من النيل لجهة على حساب أخرى لأنه لا يريد أن يعطي ظهره للحق -إذا كان في الطرف المقابل-، وهذا من ذكاء الفرد، فالذكي يبقى متفتحًا على نقيض فكرته إذا كان طرح الآخر محترمًا ومصوغًا. ومن المواضيع التي يمكنها أن تُسبب تجاذبات بين الفريقين، إضافة إلى الطرف الثالث الذي يُصنّف نفسه مراقبًا وباحثًا بينهما: عُمر الأرض؟ 🌍.. تاريخ البشر 👶🏻؟.. الإنسان والفضاء والكواكب 🧑🏻‍🚀🌌؟.. تاريخ البلدان أو حضارة 📜؟.. الدجال؟.. الأبحاث العلمية 🧬؟.. النووي ☢️.. في خضم بحث هذا المُراقب، سينتهي به المطاف بأن يميل إلى طرف على حساب الآخر، وسيبقى متوقفًا في مواضيع أخرى، وربما قد يتعصب في محاولة تحطيم الأفكار المخالفة له، وفي الحالات الثلاث سلوكه طبيعي جدًا. إذ لا يمكن أن يواصل الفرد البحث حول كل شيء، إضافة إلى أنه غير متخصص -وبالتالي هو يعت...

مجتمع الجزائر قديما ( عاتري قفصي وهراني سيفاري)

الإنسان في الجزائر قديما : العاتريّ، القبصي، الوهراني والسفاريّ. مقال عماد الدين زناف شهدت منطقتنا (شمال أفريقيا) وجودًا بشريًا مبكرًا ومستمرًا منذ بداية الخلق في الأرض، وتُعد ثلاثُ ثقافات ما قبل تاريخية في المنطقة من أبرز مراحل هذا الوجود البشريّ: الثقافة العاترية (Atérien)، والثقافة الإيبروموريسية (Ibéromaurusien) المعروفة أيضًا بالوهرانية (Oranien)، ثم الثقافة القفصية(Capsien). هذه الثقافات تغطي فترات زمنية مختلفة كما توضحه أبحاث العلماء، والحديث هنا عن بدايات العاترية في حوالي 145.000 سنة قبل الميلاد إلى حوالي حدود 6000 سنة قبل الميلاد، تمثل تطورات تقنية وسلوكية وإنسانية هامة في تاريخ شمال أفريقيا وأبعد من ذلك. تُعدّ الثقافة العاترية إذا أقدم هذه الثقافات، حيثُ امتدت تقريبًا بين 145.000 إلى 20.000 سنة قبل الميلاد، انتشرت في نقاط مختلفة من وسط ليبيا إلى أقصى الغرب، وارتبطت بصناعة حجرية مميزة، تتسم باستخدام رؤوس أدوات حجرية ذات قاعدة مشذبة (pedonculées)، يُعتقد أنها كانت تُركب على مقابض خشبية، مما يُشير إلى تقدم في تقنيات الصيد والبناء أيضًا، ما دفع الباحثين إلى تقريب النشاطات الحض...