اعتبرت حنّة نفسها وريثة الفلسفة الآرسطية البحتة، الذي أخذت عنه تعريف الإنسان بالحيوان السياسي. جدير بالذكر أن نفكك مصطلح حيوان، كي لا نفكر في تشبيه غير لائق بالدواب، الحيوان من حياة وحيوات، فكل ما فيه حياة هو حيوان. يعي الإنسان إنسانيته وسط المدينة وقوانينها، لأن بذلك الفعل السياسي يتميّز عن باقي الكائنات الحيّة، بالكلام والمنطق. فهما يشكلان قدرة للتفاعل، وبذلك يساهم الإنسان في صناعة العالم من حوله. على عكس الذي يعتني بذاته وحاجياته، ذلك عند الإغريق ليس بإنسان. بنفس الطريقة، ترى أرنت بأن السياسة طريقة مناسبة للتعبير عن إنسانيتنا، بل هي شرط أساسي لكل الحريّات، دون السياسة لا حريّة ممكنة، ودون حريّة، لا عمل سياسي نافع. وهذا الفكر يعد نقيضاً للمدرسة الرواقية، التي ترى أن كل العمل الإنساني يكمن في دواخلنا، لا في المحيط. فقد كان يرى إبكتيتوس أنه حرٌّ من كل سيّد، رغم مهنته كخادم. هذه النظرة بالنسبة لآرنت تعتبر عيباً سياسياً، وشعور بالهزيمة، هزيمة تشبه هزيمة الآثينيين ضد الإسبرطيين. كذلك في العصور الوسطى، أين كانت شروط السلام تحت رحمة الدين فقط، ثم ما عرفه ا...
مُدوّن، روائي، وصانع محتوى على اليوتيوب