التخطي إلى المحتوى الرئيسي

المشاركات

عرض المشاركات من أكتوبر, 2021

الشك واليقين، فيتغنشتاين

ما زلتُ أكتُب عن الأمور التي لا تُثيرُ الفُضول، وأنا سعيدٌ بهذا.  حديثي اليوم عن واحد من أكبر فلاسفة القرن العشرين، لودفيك فيتغنشتاين، لا يعرفهُ الكثيرون، وهذا أحسن بكثير من معرفةٍ مُزيّفة! ، في الحقيقة، إذا كانت الفلسفة صعبة، فإن لودفيك جزءٌ لا يتجزّأ من هذه الصعوبة بحقّ. كان النمساوي متخصّصاً في فلسفة اللغة! ولا أعلمُ له ترجمة بالعربية إلا كتاب «تحقيقات فلسفية»، ولستُ مستعداً لمطالعته، لخوفي الشديد من جودة الترجمة، فقد قرأت له بالفرنسية واكتفيت بها. مواضيعه تحوم حول اللغة كما ذكرت، ولكن أيضاً في الشك واليقين!، كنتُ أظنّ أن نظرته للشك واليقين في كتابه de la certitude لن تختلف كثيراً عن نظرة الغزالي، وديكارت، وهيوم. إلا أنني وجدتُ له نظرةً جديدة للمَفهوم. يقولُ «كلُ إنسانٍ لهُ عقلٌ ”أولا”، ثم يُضاف إليه مُعتقد ”ثانيا“»، «أعتقد أن هُناك نهرا في أستراليا، أن هؤلاء هُم أبواي، هذا ما اعتقد، لكن لم أعبر ولم أفكر يوماً في هذا اليقين، وحتى التفكير في حقيقة هذا، لم يتم التفكير فيها.»، «الطفل يتعلّم بتصديقه للرّاشد»، «الشّك يأتي بعد الإعتقاد»، «تعلمتُ عدة أمور، قبلت بهم عن ثقة، عن تحكّم ورقابة ...

المصادرة على المطلوب

مُغالطات منطقية -غير واضحة المعالم- في كلام من ينتسبون إلى الثقافة؛ تابع المنشور لتُسقطهم بالحجج.  المُصادرة على المَطلوب. يَعتمد المُتكلّم المُطاع، أي من لهُ آذانٌ صاغية، على أسهَل الطُّرُق لاقناع القارئ، أو المُستمع، دون الحاجة إلى ابراز المراجع التي يعتمدُ عليها، ولا حتى محاولة اقناعهم أن الأمر يحتاج بحثاً.  ينطلقُ المُتحدّث في موضوعه بعمليّة -من لحيته بخّر له- أي، الموضوع يبرّر نفسه! والموضوع مرجعُ نفسه! سأعطيكم مثالاً سهلاً، سأقولُ لكم أنني شاهدتُ صحنا فضائياً فوق منزلي، وبما أنني لا أكذب عادةً، فأنا إذن أقول الحقيقة. يجعلُ المتكلّم هنا الحجّة من ذاته، بطريقة أخرى، هو المرجع التوحد للمعلومة. مثالٌ ثانٍ، قرّرت المؤسسةُ تعويض اللغة الفرنسية بالإنجليزية، ويبرّرُ مديرها الأمر قائلاً، من الصواب أن نستعمل الإنجليزية عِوض اللغة الفرنسية السيئة. العملية هنا أيضاً تلخّصت في التبرير من الفعل نفسه، وليس لسببٍ عِلميّ! وهذا ليس بربع حُجة، بل اعتمد على الخلفية الجماهرية التي تقبل هذا الفعل، و كان الأوجه أن يقول، غيّرناها لحاجتنا الماسة للتعامل بلغة العلم. مثالٌ آخر، الزيت يطفو فوق الما...

آرسطو Metaverse

الفراعنة، آرسطو، الروايات.. هكذا يصنع الإنسان مستقبله. تـابع 🔱 [ميتا] ”المشروع الفرعوني“ الذي أطلقه مارك زوكربرغ. لن تحمل شركته اسمه الأصلي مجدداً، بل ستحمل اسم ميتافرس، الهوية الجديدة التي تستعمل تكنولوجيا التخاطر او التنقل الإفتراضي.. ⚛ما المقصود بـ "ميتافيرس"؟ [تفكيك] باختصار، هي طريقة تمكنك من الوصول إلى العالم المادي عبر الإنترنت، وهذا عن طريق التشكل بصورة رمزية تحاكيك. مصطلح metavers، أو meta-universe، يعني حرفيا «ما وراء الكون»، لذلك سُمي بالفِرعوني، فقد كان لهم السبق -أي الفراعنة- في هذه التصورات، وهي إشراك الجسد والعواطف والأحاسيس الحية، دون التواجد فعلياً. ♻ من المفترض أن تسمح الشاشات، والصور المجسمة، والسماعات الافتراضية، والنظارات المختصة بالواقع المعزز او المُطوّر، بالحركات المتسلسلة، بالتنقل عن بعد، افتراضياً. هو  «الإنترنت المتجسد»، انترنت ملموس، حيث يصبح المرء مُمَثلاً ومُمَثِلاً للتجارب والأفعال، في عالم افتراضي. بدلاً من أن يكون مجرد مراقب أو مستهلك للمحتوى عن بعد. نشأ مصطلح "metaverse" من رواية تعيسة من التسعينيات، إلا أن كتاب «The Virtual Samura...

الشَّفقُ في أعينِ البُومِ، كتابي الثالثُ

عن {الشَّفَقُ فِي أعْيُنِ البُومِ} بين ما أتعهّد به، والذي أتركهُ لحُكم القارئ. لكلّ من ستقع بين يديه نُسخة من كتاب الشفق، وعند تصفحه ابتداءً من باب الفكر، وهو باب من الأبواب الأربعة التي صنًفتها في الكتاب ، سيفهم كيف تكون أسس تصويب العقل نحو التفكير السليم والمنطقي والمشروط لكل ما يحوم من حوله، وكيفية التعامل مع كل معلومة يستقبلها، علمية أو تاريخية، وكيف يتخلّص بين ذلك من المعيقات. سوف يستفيد من هذا -ان شاء الله- كثيرٌ من الطلبة، وكذا الكتاب الجُدد، وصنّاع المحتوى الثقافي، وكل من يريدون دخول عالم الفكر الواسع بكل تفرعاته، وللقُرّاء النجباء. هو ليس عبارة عن تدريس بيداغوجي، إنما هو -توطئة- في تأسيس المسلك الفكري المنطقي. في باب الفلسفة، سوف يجد القارئ تبسيطاً طازجاً لبعض الأفكار الفلسفية، خاصة منها النيتشاوية وغيرها، والذي يحمل في طيّاته نقداً لأمور لا تواطئ ما نحتاجه، وتأييداٌ -بتوضيح الضوابط- لأخرى، وكذا وضع مقارنات بين المدارس، واستخلاص ما يمكن فهمه منهم بسهولة، وتعريف ما يكاد لا يُذكر منها. أما عند باب العلوم والشخصيات، فسوف تسبحون في فضاء الأرقام والكون والحيوان والتفاعلات بين الفن...

عالمٌ من صلبِ طاغية

 ومن الشخصيات، اخترت لكم خالد الخيميائي! هو خالدٌ بن يزيد بن مُعاوية، أخ معاوية بن يزيد، ثالث ملوك الدولة الأموية بعد هلاكِ والدهِ، ولم تجاوز فترة حُكم معاوية الثاني إلا شهرين، ولم يُولّي ولم يعهد الملك بعدهُ لأحدٍ، وخطب خطبتهُ الشهيرة يذمُّ فيها أباه وما أحدثه. وقد كانا [معاوية وخالد] أتقى وأرشد من أبيهما كثيراً، بحيث تنازل معاوية الثاني عن المُلك، بينما ترك خالد الخلاف عن ذلك المنصب بين مروان بن الحكم، وعبد الله بن الزبير رضي الله عنه. وعندما تمّت الغلبة لمروان، تعهّد أن يكون خالداً هو الملك من بعده، لكنّ خالداً لم يلتفت كثيراً لهاذا، وقد آثر التفرّغ تماما لميدان العلم، وبالضبط علم الكيمياء! الذي هاجر يتتلمذ فيه عند الأقباط، وعند كل من يملك علماً في المجال. اهتم خالد بالترجمة وتصنيف الكتب والرسائل كثيرا، وقد كانت له أولى الترجمات في مقالات النجوم والفلك والطب والفيزياء والفلسفة من الإغريقية إلى العربية، وقد تبحّر فيهم جميعا، إلى أن أصبح يلقًب بعالم قُريش والعرب! وقد اخذ منه الكيمياء جابر بن حيان وكذا الإمام الجليل جعفر الصادق رضي الله.   فتُرجمت كتبه ورسائله إلى اللغة اللاتينيية وانت...

الجذب.. وعلوم الهرطقة

المنطق الكوني والعلوم الزائفة.. قانون الجذب مثالاً. مقال مفصّل. يستطيع الإنسان أن يفسّر كثيرا من الأمور علمياً وتجريبياً، أو، يؤمن بها غيباً، وتظهر له حقيقتها بإشارات عديدة متفرقة. يقول كارل بوبر، الأطروحة غير القابلة للتجريب، للدحض والإثبات، لا ترقى لأن تكون نظرية علمية، وما يعطي الأحقية للنظريات هو قدرتها على التكرار والعاودة،  وتتيح للباحث بأن يفككها. هناك خُزعبلات عديدة تُقحم في العلوم، تسمى بقانون الجذب والطاقة والشاكرا، يريدون أن يجعلونها علماً لمجرد حدوث بعض الخوارق لأشخاص معينين. أولا؛ درس أبي حامد الغزالي هذا الحيّز بذكاء مبعر، بحيث يقول نفس ما يقوله علماء الفيزياء، بأن كثير من المواد في هذا العالم تبقى محبوسة فيه، تتغير وتأخذ شكلا آخراً، فإذا كان يعتقد الناس بأنها خوارق، فهذا لقصر معرفتهم بالطبيعة، يقول؛ إن تغير الشعور بحر النار إلى برد وسلام، خوارق على تمس عادة الطبيعة وليس منطق الطبيعة، فإذا اختفت الجاذبية، أو تغيرت طريقة تفاعل الأوزان في منطقة معينة على الارض، فهذا يعد ظاهرة داخل الكون، وليس ظاهرة خارجه، ما المقصود؟ خلق الله الكون وجعل له مسار دقيق، ومع تقدم علوم الإنسان، ...

المطوّل عن ابن عربي

مقال مُطوّل، تعقيباً على من عقّب مُفسّراً ومُؤولاً لمقولات مُحيي الدين ابن العربي. بعدما تكلّمت عن التصوّف، وتاريخه، طُلب مني الحديث عن ابن عربي، والحلاّج. فآثرتُ الحديثُ عن ابن عربي، لما له من أثر عند الكثيرين، وأريد ان أقول قبل البداية في المقال، أنني لستُ أشارع نصوصه دينياً، فأنا لست شيخاً، بل سأحاول التعقيب على من يبرّر بعض الأمور التي لا تُبرّر -من وجهة نظري-، أنا من أنصار الفلسفة، من الفلسفة أن نُفكّك النصوص، ومن الذين يدعون الى أن يتكلّم المُتكلّمُ في مجاله، لأن الذي يخوض في غير مجاله، أو، يجعل كل التخصصات 'شيئا واحداً'، خاصة ونحن نتكلّم عن الدين والفلسفة، فهذا يُشوّشُ كثيراً. النّص من موقع هنداوي، سأحاول أن أعلّق على كل نصّ. يقولون: للصوفية اصطلاحات ورموز، ولغة اختُصوا بها، فإذا اختُلف في معانيها، يجب أن ترد إلى أصحابها وأولي العلم بأسرارها. يقول محيي الدين: «اعلم أن أهل الله لم يضعوا الإشارات التي اصطلحوا عليها فيما بينهم لأنفسهم؛ فإنهم يعلمون الحق الصريح في ذلك؛ وإنما وضعوها منعًا للدخيل؛ حتى لا يعرف ما هم فيه؛ شفقةً عليه أن يسمع شيئًا لم يصل إليه، فينكره على أهل الله...

بلغ السيل الزبى

اشتعلت غضباً.. وبلغ السيل الزبى! أكثر ما يغضبني من بعض العلماء، هؤلاء الذين يقولون لك ”من أنت لتفهم الغزالي، من أنت لتفهم ابن تيمية، من أنت لتفهم الشيرازي، من أنت لتفهم ابن العربي من أنت ومن أنت..“ ويقولون لك ”هل تعلم أن فقط كلمة {بسم الله} لها سبعة تفسيرات ومعاني“، ويقولون لك ”أنت عامّي لا تستطيع أن تفهم كلام الخاصّة“.. لا والله لست بشيء صحيح، وانا الآن أتكلّم بلسان كل البسطاء والسواد الأعظم من المسلمين،  يا رجل!  أليس هذا الدين جاء لكل الناس، ويخاطب جميع العقول، أليس أركانه من اسهل ما قد يفقهه ”العامي“ لكي يستطيع أن يعبد ربه كما يجب. هل يصحّ أن تقول لرجل ما، يتقن شيئا من لسان العرب، وله مضغة من عقل.. قرأ مخالفات واضحة كالقمر في كبد السماء الصافية، للغزالي على سبيل المثال لا الحصر، وغيره من العلماء، فتُرعبه بقول {هروبا من الإجابة}' أنت لا تفقه شيئاً في: علوم الفقه، وعلوم الحديث، وعلوم الرجال، وعلوم اللغة، والمذهب المقارن، والدين المقارن، والنحو والصرف والإعراب والبلاغة والمجاز، والشعر الجاهلي والحديث، ولم تقرأ المجلدات الطوال،  ولم تأخذ السند من العلماء، ولم تتلمذ ولم ول...

بين ماكْرون والمآكرون

أريد أن أقف وقفة يسيرة عند تصريحات رئيس فرنسا، التي طعن من خلالها في تاريخ الأمة الجزائرية، ويردّد كما يردّد العامّة والخاصّة عندهم أنهم ”صنعوا“ الجزائر، وأنها كانت مُستعمرة من قبل الأتراك قبلهم، ولو طالت مقالته، لقال أن قبل الأتراك استعمارٌ عربي، وقبلهُ، رومانيّ، وقبله اسكُندينافيّ، وقبله فينيقيّ، وقبله أمازيغيّ، وقبله إنسانيّ، أي أن هذه  المنطقة، لا يجبُ أن يكون لها جذر، هكذا؛ لهوى في نفسه، بلا عِلم ولا مَنطق. تاريخ الجزائر كدولة قديم، فإذا كان هؤلاء لا يملكون الكلمات المفتاحية اللازمة، إلا التي يحومون حولها في قاموسهم الفقير، نعطيهم بعض الإشارات، يمكنهم البحث عن مملكة نوميديا وملوكها، عاصمتها قسنطينة، أشهر ملوكها ماسينيسا، أشهر شخصياتها يوغرطة، وتاكفاريناس، ثم الملكة ديهيا. قبل قدوم العرب.  ثم نقولُ لهم إن للجزائر عدة دويلات مُستقلّة عن الحكم الأموي والعباسي، ولكلّ منها ملوك وقصص، نذكر منها:  الدولة الرُستمية، الدولة الأغلبية أو الفاطمية أو العُبيدية، التي نشأت في مدينة سطيف، قبل أن تنطلق لتونس [المهدية] ومن هناك الى تأسيس الأزهر والقاهرة،  الدولة الزيريّة، الدولة الحماديّة، الدولة ...

الفيزياء والفلسفة في الأدب

الفلسفة والفيزياء في فنجان الأدب. قبل أن يصبح علما مُستقلاً قائما بذاته، كان علمُ الفيزياء مندرجا ضمن آليات الفلسفة، على بساطته في فلسفة مآ قبل سقراط، عند فيتاغورتس وطاليس وكزينوفانيس، ثم انتقاله الى وجه آخر، مع الفلسفة الآرسطية، ما يسمى أيضاً بالفيزياء الآرسطية، التي كانت تشمل كُل العلوم الطبيعية، وعلى بدائيّة بعض التصوّرات التي فيها، الا أنها كانت ممهّدة  لاستقلال الكثير من المفاهيم والمصطلحات، والطريق العام نحو قيام العلوم التجريبية بعدها شيئا فشيئا.  أخذ آرسطو من أفلاطون تقسيمه الشهير للعناصر، ما يسمى العناصر الأربعة الأرضية (نار، ماء، أرض، هواء)، حيق بُنيت على إثر هذا التقسيم العديد من الأطروحات المنطقية والتجريبية، بما كان يتوفّر آنذاك.  دَرس آرسطو المعادن، ودرس التغيرات المادية، أي التداخلات بين الماء والبخار، وتفاعل النار مع الجماد، والماء مع النار، وانعكس هذا بطريقة مُباشرة على قراءته العامّة للطبيعة، في التفاعلات المادية الحيويّة أوّلاً، ثم على الإنسان والمجتمع، وكل ما يتعلّق بهذا الحقل ثانياً.  فأصبح يُعرف بالمُعلّم الأوّل، لأنه أوّل من ربط "بتصوّره" التفا...