التخطي إلى المحتوى الرئيسي

الجذب.. وعلوم الهرطقة



المنطق الكوني والعلوم الزائفة.. قانون الجذب مثالاً.
مقال مفصّل.

يستطيع الإنسان أن يفسّر كثيرا من الأمور علمياً وتجريبياً، أو، يؤمن بها غيباً، وتظهر له حقيقتها بإشارات عديدة متفرقة.
يقول كارل بوبر، الأطروحة غير القابلة للتجريب، للدحض والإثبات، لا ترقى لأن تكون نظرية علمية، وما يعطي الأحقية للنظريات هو قدرتها على التكرار والعاودة، 
وتتيح للباحث بأن يفككها.
هناك خُزعبلات عديدة تُقحم في العلوم، تسمى بقانون الجذب والطاقة والشاكرا، يريدون أن يجعلونها علماً لمجرد حدوث بعض الخوارق لأشخاص معينين.
أولا؛ درس أبي حامد الغزالي هذا الحيّز بذكاء مبعر، بحيث يقول نفس ما يقوله علماء الفيزياء، بأن كثير من المواد في هذا العالم تبقى محبوسة فيه، تتغير وتأخذ شكلا آخراً، فإذا كان يعتقد الناس بأنها خوارق، فهذا لقصر معرفتهم بالطبيعة، يقول؛ إن تغير الشعور بحر النار إلى برد وسلام، خوارق على تمس عادة الطبيعة وليس منطق الطبيعة، فإذا اختفت الجاذبية، أو تغيرت طريقة تفاعل الأوزان في منطقة معينة على الارض، فهذا يعد ظاهرة داخل الكون، وليس ظاهرة خارجه، ما المقصود؟
خلق الله الكون وجعل له مسار دقيق، ومع تقدم علوم الإنسان، اكتشفوا بعضاً من صيرورة هذا النظام المعقد، بطريقة رياضية، فلا شك ولا ريب عند كل البشر، من آدم إلى اليوم، أن الكون مبني على نظام 1+1 يساوي 2، ولا يجادل في هذا إلا أحمق. هذا نظام الكون، أي قلبه النابض لأبصارنا.
فإذا أردت أن تفترض أن في الكون خوارق بقول أن النار لم تحرق فلاناً، وأن فلاناً مشى فوق الماء، وآخر استطاع أن يسمع ما يقال في قارة أخرى، نجيب أنها لم تغير أسس نظام الكون الرياضية، وأن تداخل العوالم [كالسحر والمس] الذي يجعلك ترى وتشعر وتفكر بطرق غريبة، أو آيات الله في صورة الكرامات لبعض الناس، أو تلك الآيات التي ارسلها للرسل عليهم صلوات الله، قد تسبب في حدوث كسر لصيرورة وسيرورة ما اعتاد الناس على مشاهدته، ولا يعد شيئا جديدا على الكون ذاته، الذي خلقه الله ولا يعرف الانسان منه الا ما أدركه، ولا يقاس الصانع بما صنع فهو فعال لما يريد.
السؤال؛ هل حدث وأثبت علمٌ ما أن 1+1=3 ؟ ،  لا يستطيع ساحر ولا أي مخلوق فضائي أن يغير هذه الحسبة الربانية، كل ما في الأمر، أن الانسان لا يعرف عن قدرة ربه الا القليل، وأن هذه الطبيعة لم تعدنا بدوام حالات التفاعل، والمؤمن يدرك أن هناك مخلوقات أخرى كالجن والشياطين تغشي أبصار الناس وتزعزع بصرهم وبصيرتهم، إليك قصة موسى وكيف قال الله أن تلك الحبال [صُوّرت لهم] على أنها ثعابين.
هناك من يبتلع العقارب والحجر والرمال والسموم ولا يحدث له شيء، لو كان أمراً علمياً، أي يؤخذ بالتجربة، لاستطعنا التعلم منه طريقة ابتلاع الحجر والعقارب والثعابين دون أن نموت، ولكن هؤلاء خوارق ليسوا يدرجون ضمن علم معين. 
كذلك من يأتينا بأفكار الشاكرا والجذب وما ورثوه من الهندوسيات، لنفترض أنها صحّت، لمَ لا تكرّر لكل من يتعلّم،  حتى السحر، بعد أن يقوم طالب السحر بفعل كل ما يلزم لكي يصبح ساحراً، لن يفلح إلا  إذا سمح له الخالق ليبتلي بعضا من الناس، وكثيراً ما يمنعهم عن عباده! 
العلم الزائف، هو اعتماد بعض الخوارق على أنها تعاد وتكرر بتجارب معينة، الا أن ايات الله تكون باختياره، كراماته باختياره، تغيير تفاعلات المادة باختياره، خروج الأرواح من الأجساد باختياره، نوم الشخص ويقظته من موته الصغير باخاياره.. فعن أي علمٍ يتحدث المتّحدون مع الشياطين هؤلاء! 

#عمادالدين_زناف

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

ابن بطوطة.. الذي لم يغادر غرفته

ابن بطوطة، الرّحالة الذي لم يغادر غرفته. مقال عماد الدين زناف. ليسَ هذا أول مقال يتناول زيفَ الكثير من أعمالِ المؤرخين القدامى، الذين كانوا يكتبون للسلاطين من أجل التقرّب منهم، ومن ذلك السعيُ للتكسّب، ولن يكون الأخير من نوعه. الكتب التاريخية، وأخص بالذكر كتب الرّحالة، هي عبارة عن شيءٍ من التاريخ الذي يضع صاحبها في سكّة المصداقية أمام القارىء، ممزوجِ بكثيرٍ من الروايات الفانتازيّة، التي تميّزه عن غيره من الرحالة والمؤرخين. فإذا اتخذَ أحدنا نفس السبيل الجغرافي، فلن يرى إلا ما رآه الآخرون، بذلك، لن يكون لكتاباته أيّ داعٍ، لأن ما من مؤرخ ورحّالة، إلا وسُبقَ في التأريخ والتدوين، أما التميّز، فيكون إما بالتحليل النفسي والاجتماعي والفلسفي، أو بابتداع ما لا يمكن نفيُهُ، إذ أن الشاهد الوحيد عن ذلك هو القاصّ نفسه، وفي ذلك الزمن، كان هناك نوعين من المتلقين، أذن وعين تصدق كل ما تسمع وتقرأ، وأذن وعين لا تلتفت إلا لما يوافق معتقدها أو عقلها.  الهدف من هذا المقال ليس ضربُ شخص ابن بطوطة، لأن الشخص في نهاية المطاف ما هو إلا وسيلة تحمل المادة التي نتدارسها، فقد يتبرّأ ابن طوطة من كل ما قيل أنه قد كتبه، ...

مذكرة الموت Death Note

إذا كُنت من محبّي المانجا و الأنيم، من المؤكد أنه لم تفتك مشاهدة هذه التُّحفة المليئة بالرسائل المشفّرة. هذا المسلسل اعتمد على عدّة ثقافات و إيديولوجيات و ارتكز بشكل ظاهريّ على الديكور المسيحي، في بعض اللقطات و المعتقدات. المقال الـ104 للكاتب Imed eddine zenaf / عماد الدين زناف  _ الرواية في الأنيم مُقسّمة الى 37 حلقة، الشخصيات فيها محدّدة و غير مخفية. تبدأ القصة بسقوط كتاب من السّماء في ساحة الثانوية موسوم عليه «مذكرة الموت» ،حيث  لمحه شاب ذكيّ يُدعى ياغامي رايتو، و راح يتصفحه، احتفظ به، رغم أنه أخذها على أساس مزحة ليس الّا، و بعد مدّة قصيرة اكتشف ان المذكرة "سحريّة"، يمكنه من خلالها الحكم على ايّ كان بالموت بعد اربعين ثانية من كتابة اسمه و طريقة موته بالتفصيل. لم تسقط المذكرة عبثاً، بل اسقطته شخصية تُسمى ريوك، من العالم الآخر، وكانت حجة ريوك هي: الملل والرغبة في اللعب. كلُ من يستعمل مذكرة الموت يطلق عليه اسم " كيرا".  بعدها تسارعت الأحداث بعدما أصبح "كيرا" يكثّف من الضحايا بإسم العدل و الحق، فقد كان منطلقه نبيلاً: نشر العدل و القضاء على الجريمة في الأرض....

أخلاق العبيد، نيتشه والمغرب الأقصى

مفهوم أخلاق العبيد عند نيشته، المغرب الأقصى مثالا. مقال عماد الدين زناف. فريدريش نيتشه، حين صاغ مفهومه عن «أخلاق العبيد» في مُعظم كتبه، لم يكن يتحدث عن العبودية الملموسة بالمعنى الاجتماعي أو الاقتصادي، أو بمعنى تجارة الرّق. بل تحدّث عن أسلوب في التفكير نِتاجَ حِقدٍ دفين وخضوع داخلي يولد مع الأفراد والجماعة. إذ بيّن أن الضعفاء، العاجزين عن تأكيد قوتهم، اخترعوا أخلاقًا تُدين الأقوياء، فرفعوا من شأن التواضع والطاعة فوق ما تحتمله، حتى أنها كسرت حدود الذل والهوان. ومن هذا المنطلق يمكن رسم موازاة مع خضوع شعب المغرب الأقصى لنظام المخزن. إذ أنها سلطة شكّلت لعقود علاقة هرمية تكاد تكون مقدسة بين الحاكمين والمحكومين. وما يلفت النظر هو أنّ هذا الخضوع لم يُقبل فقط بدافع الخوف والريبة، بل تَمَّ استبطانه كفضيلة بل وعمل أخلاقيًا. فالطاعة أصبحت عندهم حكمة، والعبودية وَلاءً، والاعتماد على الغير، أيًّ كانت مساعيه في دولتهم عبارة عن صورة من صور الاستقرار. نيتشه قال «نعم للحياة»، لكنها استُبدلت بـ«لا» مقنّعة، إذ جرى تحويل العجز التام على تغيير الظروف إلى قيمة، وتحويل الذل إلى فضيلة الصبر، وعندما عبّر قائلا...