التخطي إلى المحتوى الرئيسي

المشاركات

عرض المشاركات من أغسطس, 2022

جِيُوسياسة المعرفة

جِيُوسِياسَةْ المَعرِفَة. مقال مُكثّف بالمعلومات التاريخيّة، لفهم علاقة الجغرافيا السياسية مع المعرفة، بأسهل الطرق. الجيوبوليتيك عيارة عن مادة يُدرّس فيها تأثير المناطق الجغرافية، محل البلدان والتقاطعات، في السياسة المحلية والعالمية. كذلك، هي تدرس تاريخ المناطق الجغرافية والتطورات التي طرأت عليها، وانعكاس ذلك على العقيدة العسكرية، وإ إدارة المنطقة والإقليم. أما المعرفة فهو مصطلح يشمل العلوم والتكنولوجيا بكل أصنافها، فالمعرفة تعني الإحاطة بالمعارف، أي المعلومات، ومن يُحيط بالعلوم يسمى عارفاً، والمُتقن في علمٍ ما يسمى عالماً أو عارفاً كذلك، أما البلد الذي يحتضن المعارف فهو بلد متطوّر وكمثال على تأثير الجغرافيا على السياسة، وبذلك على توزيع المعرفة من تلك الأمكنة، نذكر الحضارة المينوسية، و التي أنجبت مملكة كنوسوس الإغريقية، أين يتواجد قصر مينوس الأثري، التي تُعتبر مهداً للحضارة الغربية جمعاء في العصر البرونزي، ومنطقتها في الحوض المتوسط بين اليونان وتركيا ومصر جعلها منطقة استراتيجية في التأثير المعرفي الثقافي القادم. وقد كانت نشأتها في نفس زمن الأهرامات المِصرية جنوباً، وقد كانت الحضارة الم...

رأب اليباب

في رأبِ اليَبابِ. فلسفة الدوائر الدقيقة داخلَ الساعة الأمّ.  الخرابُ يُرمّم. وليس كلّ خراب يُرمم، بل الخراب الواضح خرابه للعيانِ، الخراب الملموس قبل المعنوي.  ولا يرمم إلا الخراب الذي بدأ من قريب، فهو الوحيد القابل للترميم. وقبل ذلك، لا يرمّم شيء غير مُعترف بخرابه، فقد يُرى الخرابُ خراباً عند فئة، ويُرى أنه مأوى عند فئة، فبيت الضِباع لا يشبه بيتَ الخيل، ولا تتطابقُ نظراتهم للحياة، رغم اشتراطهم في الحيوانيّة. ولا يكون اليباب معترف به، إلا إذا اتفق عليه الغالبية، ولا يرمّم شيء غير معروف أو واضح إن هو خرابٌ أو أمرٌ طبيعي، فربما بتشابه على الناس الهرمُ المبنيّ من التل الطبيعيّ.  وربما لا يكون خراباً بل ثقافةً وعُرفا عند أقوامٍ، والثقافة لا ترمّم ولم يتم إصلاحها، إذ هي لا تُرى إلا بعين الصواب والتصويب، بل يجبُ أن تُستأصل وتُبتر ثمّ تُعوّض بثقافة أخرى، إذا أُريدَ الاستغناء عنها. ولا يرمّم الخراب بالخراب، ولا كثرةُ الثقوب بالترقيع، فالأولى عدم إهدار الطاقات في الاستدراكات، بل في العمل على مشروع جذري. ولا يرمم اليباب بمُداراتِ سطحه أو جوانبه، فما يوضع فوق الخراب، يَخِرُّ ويُخرّب....

عقم المادة وما تلده الفلسفة

عُقم المادة وما تلده الفلسفة. لقد كُتِبَ في الحياة أن التفوق المادي لا يكونُ إلا بعد التفوق المعنوي النفسي.والفرق بينهما جوهري. فمن يبحث عن التفوق المادي دون المعنوي سيُطيل الانتظار، أو يظلمُ الناس كي يصل، فإذا وصل بالظلم حرص على مكانته بالبطش والحيلة، وان تلاعب بالمصطلحات وأسماها ذكاءً وشطارة. فمن يصل بالمعنى والنفس لم يكن ذا غاية محدودة، بل يتمتع بروحانية عالية، فهو لا يعاني من نفس سقم البطّاش. وإن اشترك المادي والمتفلسف نفس المنصبّ، فهما لا يشتركان الرؤية والمَكانَة. فالروح والخاطر هما من يصنع الفوارق. إن راحة النفس لا تُرى بالعين الجارحة، ولا تُعقلُ بالحدقة والبؤبؤ، إنما بالبصيرة والإحساس. فالذي طوّر نفسه ماديا لا معنويا لا يكونُ ذا وهرة ووقار، بحيثُ يُرى فيه الطمع والتهوّر وحب التملّك والاستئثار. فلا يظلم المرء إلا إذا حرَصَ على الماديات دونَ المعنويات والروحانيات، فإذا لم يجعلها وسيلة في ذاتها، لن ينهار من متغيّراتها، فالمادة والمناصب أمورٌ مُتغيرة. أما العلم، بتثبيت الله، لا يُزال من القلوب والعقول بسهولة. فإذا كنزَ الإنسان العلم، فقد أبقى لنفسه جوهراً وَلوداً لتكرار المُحاول...

فلسفة الفارس في عصرنا

فلسفة الفُروسيّة في عصرنا. مقالة حول نفسيّة الفارس في عصر التكنولوجيا. لم تَعد لدينا نحن المعاصرون علاقةُ بعالم الفُروسيّة. هكذا أستهلّ هذا المقال، الذي سأحاول إحياء فيه فلسفة ونفسيّة الفارس وكيف يكون منهجه في كلّ زمان ومكان، فالفروسيّة ليست فقط في حمل السّيف واعتلاء الفرس واقتحام الثغور واعلاء الرايات، هذا جزءٌ من جزءٍ من الفروسية، فالفروسيّة شقّان، شقّ نفسي، وهو الذي سأستفيضُ فيه، وشقّ عملي، والعمليّ ينقسم لعدّة أجزاء، من بينها جزء المعارك.  فما الذي يدفع المرء إلى المعارك والمقاومة بشكل عام، وما الذي يجعله لا يعرف ما الخوف وما الشك والريبة، كيف يهمّ الفارس صوبَ هدفه وهو يعي المخاطر، هذه الجزئيات ليست سوى ترجمة لنفسيّة عظيمة جداً، أكبر من مجرّد رجل يحبّ معاركة الناس.  الإنسان المُعاصر يُشبه دونكيشوت في رواية سيرفانتيس، أوّل رواية حداثيّة ومعاصرة، كأنها فاروق بين العالمين في مجال الفروسية. فحتى لو أرادَ دونكيشوت أن يعيش بتلك الطريقة من البسالة والشجاعة، فالعالمُ المحيط به يتنصّل من كل أخلاق الفروسيّة، إلى أن يبدو أحدنا مجنونا يحاربُ الطواحين. فرواية سيرفانتيس أظهرت أن العالم ...

فلسفة الزينة

فلسفةُ الزينة.  مقالة منهجية في التعاطي مع المال والبنون. لقد اعتدنا سماعَ العديد من الناس، يكررون ما قاله أجدادهم في أن المال وَسَخُ الدنيا، وأن البنون تكاثر بلا معنى عندما لا تكون هناك مؤهلات ومرافق ومستقبل واضح. ولكي أكون صادقاً، هذه المقولة يمكن أن نأخذها بشقّين، الأول هو أخذها كجملة خبريّة، وهذا خطأ فادح ومُغالطة منطقيّة، وسأشرح لمَ، والثانية أخذها كجملة تعليلية، وهنا يمكن أن نقبلها بعلّة، والعلّة هنا هذه العبارة قد تكون صحيحة -إذا- اُستعملَ المال بطريقة سلبية، أو إذا تمّت عمليّة التكاثر في المجتمع، بلا منهجيّة ولا تخطيط ولا دراسة وانشاء مؤسسات، أي، أخذ أصحاب هذه المقولة بالنتيجة كحُكم مسبق، وأخذوا النتيجة 'الممكنة" مكان السبب، وتناسوا أنها ليس بقاعدة. فليسَ هناك قاعدة تقول إن المال والبنون سيّئان بالمُطلق، بل إن الآية قد ذكرت بأنها زينةٌ لكنّها مؤقتةٌ، كغيرها من أمور الدُنيا غير الباقية، فكلّ من عليها فانٍ. إذا ليسَ هنالك مكسبٌ باقٍ ومُخلّدٌ في الدنيا، سواءٌ أكان جيّدا في ظاهره أم سيّئا. لكنَّ لكلّ شيءٍ علّة وقرينة، فالمادّة بكل أصنافها والأبناء (التزاوج والتكاثر والانجا...

وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ

وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ مقالة تحليلية عن الذين يتّبعُون النور كالفراش.  آية يعرفها الجميع، بيدَ أن معنى التقفّي غائب عن الأكثريّة. فالتّقفي هو الاتباع والتتبّع، وقال، لا تقل رأيتُ وسمعت وأنت لم تر ولم تسمع (في تتمة الآية "إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤولا")، كما ذكره القرطبي في تفسيره. فتقفّي الأمور التي لا نعلمها، وادّعاء العلم والقول به ليسَ أسلوباً علميا ولا أسلوب الحُكماء، فهو كما قال النبي (المتشبع بما لم يعط كلابس ثوبي زور)، والمتشبّع بما لم يُعط تعني أنّه يدّعي شيئا ليس فيهِ، (كقول إنه مؤثّر في مجالٍ ما، وهو لم يُعطَ من ذلك العلم شيئا، أو يُعيد ذكر أشياء دونَ أن يفهمها). فإن مُصطلح النور الذي يتقفّى أثره هؤلاء أصلهُ من النّار، غير أن الناسَ لا يرون من النور سوى ضياؤه، ولا يعلمون أن وراء ذلك النور، مجهولَ المصدر، لهيبٌ قد يكوي صاحبه. والحقيقة أن العامّة تكتفي بالظاهر والظواهر والمظاهر والتظاهر، فهم لم يُمرّنوا عقولهم على السؤال والنّبش في جوهر الأشياء، وكما قال الإمام عليّ: رحم الله امرأً عرف من أين، وفي أين، وإلى أين.  فمعرفةُ من أين جاءَ ...

فلسفة الأديب مع محيطه

-التكنولوجيا والأدب- في فلسفة الكاتب والمفكر بالمحيط. لا يجمع الكثيرون بين هذين المصطلحين المتناقضين في الظاهر ولنقل المتباعدين في المعنى والخِدمة، رغم ذلك، وكما ذكرت في قضية اقتران اللغة بالعلوم والفكر ومساهمتها في النتيجة الحضارية للعصر وبروزها في حلّة راقية لازدهاره، فإنّ التكنولوجيا مقترنة تماما بالأدب والأدب مقترن بالتكنولوجـــيا قد يُخيل لكم أنّني سأتحدث عن آلة الطباعة التي شاعت في زمن "إيفان" الرهيب قيصر روسيا، والتي ساهمت في سهولة طباعة الأوراق وكثرة الإصدارات، صحيح ولكن ليس هذا هو موضوع الفقرة.  الموضوع هو كيف تطور الأدب العالمي مع تطوّر محيط الإنسان. القارئ للأدب الروسي يعلم علم اليقين أنّه أدب نَفسيّ داخليّ بحت. "دوستويفسكي" كان عالماَ نفسيا بامتياز كما ذكر "نيتشه" في أحد كتبه، كذلك عندما تقرأ لـ"تولستوي"، تدرك أنّه شخص يخاطب الأنفس منتقلا من التمرّد إلى الصلاح. قرأت لـ"أنطون تشيخوف"، وفي طيات مسرحياته، تجده يُعالج القضايا الحساسة أُسريا، كثيرا ما كان يحدّث عن نفسيّته وعن الحب، وإذا أردنا ربط تلك الحقبة العظيمة للأدب الروسيّ ...

تجربة طاولة الأكل

تجربة ”طاولة الأكل“ لشرح عملية تحوّل "العلوم" من شيءٍ «محبّذ» إلى شيءٍ «منبوذ». التجربة من كتاب (حرّروا عقولكم) لـ إدريس أبركان.  في هذا المثال، تنزل طالبة صغيرة إلى البوفيه الخاص بفندق فخم، فتجد في طاولة كبيرة ما لذ وطاب من المأكولات والحلويات والفواكه، فتبدأ باللّف حول الطاولة ولعابها يتطاير من الشهية.  وهي كذلك، يحضر النادل ويأمر بغلق باب الفندق! وبعدها يحاصر الفتاة أمام تلك الطاولة الشهية! ويأمر الفتاة بأكل كل تلك المأكولات! فإذا تركت أي شيءٍ من تلك المأكولات، ستدفع ثمنه، وتُطرد من الفندق تحت صافرات الاستهجان من الجميع، عُمال وزبائن! ليس هذا فحسب، بل وجب أن تأكل كل شيء في ظرف ساعة واحدة فقط، تحت مراقبة النادل وعدّه. في هذه الحالة، المأكولات لم تتغيّر، ما تغيّر هي النظرة والطريقة والقوانين. المأكولات هي المواد التي يدرسها الطلاب، الفندق يمثل المدرسة، النادل يمثل المؤسسات التعليمية، الزبائن والعمال هم الأولياء والمدرسون وباقي الناس.   المشكلة في ضخّ عدد هائل من المعلومات بطريقة إجبارية وبأسلوب يُشبه التعذيب، بالرغم من أن العلم أُكلة شهية وجب أن نستمتع بها، لا أن نأ...

شعوذة مدرب التنمية

تفكيك منهجيّة روّاد التنمية والتحفيز،  وكيف ينوّمون العوام. مقال مخصص عن «المدربين» إن الحديث في التحفيز والتنمية والتطوير هو شكل من أشكال المصادرة على المطلوب في غالب الأمر، فهو عبارة عن تكرار نفس الآليات بصياغة لغوية تكاد لا تختلف، ونفس الغايات المادية بغلافها الروحاني، رغم اختلاف الأماكن والثقافات والظروف والأزمنة، رغم علمنا أن الإنسان ابن بيئته وليس ابنا للعالم. المُصادِر على المطلوب هو المستفيد الوحيد من تكرار ما يزعزع الخواطر لدى الحالمين، والتي تتجاوب مع الهرمونات، فربما كرّر مقولاته تلك عقب كلّ صباحية ومساء، ومع مرور كل مجموعة وفريق، وربما شعر بالملل وكشّر عن أنيابه إذا ما ولّى وجهه شطر الحائط، وربما استهزأ كذلك من أسئلة وطلبات هؤلاء الناس بعد مغادرتهم، وقد يسبّ بعضهم في غيبتهم، هؤلاء "الملحون على النجاح"، وقد يجعل من حياة أو أجساد أو طريقة كلام البعض نكتة مع زملاءه المدربين.  فالمدرب يعمل على تحفيز الناس وإقناعهم بأن للنجاح طُرق محددة يصفها لهم، فمن غبر المعقول ألا يصف لهم شيئا من عنده، فالثمن يكون مدفوعاً على ذلك "الاختلاف" وان كان اختلافا في الصياغة كما أ...

الترقية وكيف تكون

الترقية عمل داخل الوظيفة! مقالة في مجال العمل. الترقية هي عملية انتقال من حالة دُنيا إلى حالة عُليا، في الوظيفة أو في أي عملٍ كان، وقد يترقّى الإنسان بصيغة شخصيّة معنويّاً (ثقافياً)، أو بشكل حسّس في صورة الشهادات. وقد يُرقّى من أطراف أخرى، سواءً من مسؤوله المُباشر في المؤسسة، أو من طرف الزبائن الذين يجعلونه أشهر بالحديث عنه وعن منتوجه. فهناك ترقية المناصب، وهي الصعود درجة في المسؤولية قبل أن تكون تشريفاً، وهناك ترقية روحيّة، ثقافيا وفكريا، أو دينياً وإيماناً، وهناك ترقية ماديّة محسوسة، كالشهادات الجامعية والدورات المستقلة، وهناك ترقية من تزكية الجمهور.  عند الكثير من الناس أفكار مغلوطة عن الترقيات، فسوف أحاول تناولها نقطةً نُقطة لتفكيكها. - السنوات لا تُرقّي صاحبها! يعتقد البعض أن السنوات المهدورة في عملٍ ما ووظيفةٍ ما، قد تشفع لهم في صعودهم اجتماعيا وثقافيا، أو في الانتقال من منصبهم إلى منصب أعلى. إذا بقيَ أحدنا في مكانٍ ما يُعيد نفس العمل دون أي إضافة، فهذا يضعه في محل فريسة يمكن تعويضها بسهولة، فالذي لا يقدّم ما يجعله لا يُعوّض، فهو لن يبرح مكانه، بل إنً مكانه مُهدّد حتى بعد سنوات ط...