التخطي إلى المحتوى الرئيسي

المشاركات

عرض المشاركات من أبريل, 2022

إخوان الصفا، بين الإسلام والفلسفة

اربطوا الأحزمة، سنتحدّث عن لُغز إخوان الصفا، في الإسلام والفلسفة. لُغزُ "إخوانُ الصفاء" والفلسفة في الإسلام.  قبل البداية في الحديث عن هذه الجماعة، لا يمكن بأي حال من الأحوال الإحاطة بالفكر الإسلامي بشكلٍ سليم، دون دراسة وإن كانت سطحية، للفكر المُعتزلي، الأشعري، الصوفي، الباطني، الجهمي، الكرّاميّ، المشّائي بكل فلاسفته كالكندي والفارابي والمعرّي وابن سينا، علمُ الكلام بأبرز من تكلّم فيه، المذاهب الأربعة وخاصة المذهب الحنفيّ بكل أعمدته كشمس الأئمة السرخسي، ولم أذكر هذا الأخير عبثاً، ذلكَ أن منوط بموضوع المقال. كل ما ذكرت في الفقرة الأولي تجدونَه على شكل مقالات مُفصّلة كنت قد صنّفتها من قبل في مدوّنتي في موقع بلوجر، ما عليكم سوى إدراج الكلمات المفتاحية داخر المدونة.  لماذا علينا الإحاطة بكل تلك الأمور قبل الحديث عن الفلسفة في الإسلام، لأن وببساطة لا يجب أن نبدأ بالتفاصيل قبل الحديث عن الفترة، الظروف الزمكانية، البواعث، الأزمات، الوضع الحضاري السّائد، البُعد المعرفي، وغيرها من التفاصيل التي إذا ما كنا نجهلها، فسوف نقع لا محالة في الخلط، والتعصّب، والمناقشة السطحية لتلك المواضيع ا...

الزيتيتيك!

الزيتيتيك، أو طريقة التشكيك!  مقال مفصّل حول موضوع غائب عنا. الزيتيتيك أسلوب إغريقي قديم يتمحور في الفصل بين المُعتقدات (الأمور الظنيّة) والحقائق العلمية والفكرية والإجتماعية، كذلكَ تفصل بين العلوم الحقيقية والعلوم الزّائفة، المعلومة الحقيقية والمعلومة الكاذبة، الدفاع الموضوعي عن بعض المعلومات والدفاع عن المعلومات المتأثرة بتعارض المصالح (مثل دفاع شخص ما عن شركة مُعيّنة، دون ذِكر أنه موظف فيها أثناء المحاجة، وهو أمر غير قانوني).  يُمكننا استخراج نوعان من الزيتيتيكيين، أو لنقل "المُشككون، الشكاكون" حتى تَسهُلَ الكتابة ويَسهُل النطق. الأول هو الذي يدافع عن الأمور العلمية البَحتة، يُعارض الأفكار دون أن يتطرّق إلى الأشخاص، ولا يملك أي مصالح مُلتوية أو مَدخول مُقابل ذلك العمل، لأن أي مَدخول يُعرّض المُشكك إلى مفهوم تعارض المصالح، فمن يدفعُ له كي يصحح أخطاء الآخرين، سيدفع له ليدرأ عن أخطائه.  النوع الثاني هو الذي يَخلط بين الجميع، أي، يَضع المؤمنين وأصحاب نظريات المؤامرة وأصحاب إيديولوجية مخالفة له في نفس الرُّكن، ويذهب لينتقدهم "علميا". هاذا ما يُسمّى بالانحياز المعرفي و...

تأملات في الفلسفة

تأملات في الفلسفة 📃  يسأل الكثير من الذي يودّون ولوج عالم الفكر والفلسفة عن الكتب الأساسية في هذا المُحيط الواسع، ومنذ أكثر من سنتين تقريبياً، أردّد نفس الاقتراح، كُتب الرواقيين جميعاً. من الإحسان ومن الغضب لسينيكا، المُختصر لإبتكتيتوس، وتأملات الإمبراطور الروماني ماركوس أوروليوس. لماذا؟ لأن الرواقية وفّقت بينَ أمرين أساسين في الأدب التربوي، الأول هو الفلسفة بكل ما تحمله من واقعيّة، الواقعيّة الرومانية المعروفة بالمبادرة والعمل والتوسّع، المتأثرة بطريقة مباشرة بالفلسفة الإغريقية الأم، التي، وعلى عكس الفلسفة الرومانية، هي فلسفة افتراضيّة (من الافتراض والفرضية) فكرية نفسيّة طوباويّة وعلميّة، والثاني هو الأسلوب السّهل، الكتابة الدّارجة، الكتابة القريبة من اللغة، أي، لا تعتمِدُ على البلاغة والمجاز والعالي، إنّما هو أسلوب يخاطب العوام، بتكثيف الحِكم فيما أصبحَ يُسمّى بالمأثورات.  فإذا تكلّمنا عن تأملات ماركوس أوريليوس، فسوف نجدهُ أنه يقترب من أسلوب الخواطِر، بَيْدَ أن تأملاته أنضج من الخاطرة، ذلك أن الخاطرة لا تعدو أن تكونَ فكرةً غير ناضجة، أم التأمل، فهو التوسّع في مجموعة خواطر وأفكار مبن...

الفلسفة السياسية والأدب

🔱 الفلسفة السياسية ما الفلسفة السياسية؟ ولماذا اخترتُ هذا الموضوع؟  سأبدأ أولا بشرح الفلسفة السياسية، منشأها وتفرّعاتها، ثم أبيّن سبب اختياري لهذا الموضوع.  الفلسفة وكما تعرف عندَ اليونانيين هي حبُ الحكمة، الحكمة النظريّة فقط "سوفيا"، وليس التطبيقية، ما يسمي "فرونيزيس" Phronesis . تتفرع الفلسفة التطبيقية إلى شقّين، الشق الأوّل هو الفلسفة الأخلاقية، والشّق الثاني هو الفلسفة السياسية.  الفلسفة الأخلاقية باختصار، تطمح إلى تدريس الفرد طريقة التعامل مع نفسه، مع محيطه، ومع المجتمع، حيثُ يمكننا أن نسميها أيضا الفلسفة "التربوية"، غيرَ أن التربوية لا تشمل كل المفهوم الأخلاقي، لذلك سُمّيت بالإجمال الفلسفة الأخلاقية لدراسة الحياة اليومية.  أما بخصوص الفلسفة السياسية، فهي تدرس الحِكمة العملية في حياتنا الجمعيّة، والتي تنطلق من العائلة، ثم الحيّ، أو القرية، ثمّ المدينة، ثم البلد بكامله، والنظام أو النُظُم بشكل أكثر شمولية.  يحدثُ تداخل مباشر بين الفلسفة الأخلاقية والسياسية، بحيثُ تفرض الحكمة الأخلاقية على الفلسفة السياسية نوعاً من الضوابط والالتزامات، ما يُسمى السياسي...

فن أن تجعل محاورك يبدو سخيفاً

عندَ سماعي لكل المناقشة والمساءلة والحوار الذي دارَ بين إيمانويل ماكرون ومارين لوبان في الدور الثاني لرئاسيات فرنسا، عادَت إلى ذهني جملة كنتُ قد كتبتها في رواية بشر لا تنين، والتي تقول (لقد ابتلينا بحمقى يسيئون الدفاع عن الحق، وحرمنا من أذكياء يحسنون الدفاع عن الباطل). طبعا، في هذا الحوار، لا يعنينا بشكل مباشر من الذي يملك الحق من الذي يروّج للباطل، لكن بطريقة غير مباشرة نعم، ذلك أن سياسة فرنسا لها ردة فعل مباشرة على وطننا. لا يعنينا أيضا، بطريقة مباشرة، فوز ماكرون أو لوبان، ذلكَ أن أيّا كانَ الفائز، فعلينا أن نُدافع عن مصالحنا وفقط، إلى هُنا أكون قد أقفلت قضيّة العلاقة بين رئاسيات فرنسا وبين المتابعين الجزائريين والعرب. الآن، سأتطرّق لموضوع المقال الأساسي، ألا وهو فن الكلام والمحاججة والمجادلة والمِراء والإقناع بشكل خاص.  قبل التطرق إلى النقاط التي جعلت لوبان تظهر بمظهرٍ لا يليق بمترشّحة لرئاسيات الدولة، علينا ان نعلم أن عالم السياسة لا يخضع للأخلاقيات، وهذا لا يعني أنه غير أخلاقي بالمُطلق! ما أقصده أن الحوارات السياسية لا ترتكز عن الحقائق والوضوح والنزاهة، بل ترتكز على كيفية إظها...

متلازمة غوارديولا

متلازمة غوارديولا! قبل بداية المقال، أشيرُ أن هذه المتلازمة غير موجودة، فلا تبحثوا عنها في جووجل، هذه المتلازمة من "استنتاجي الخاص". جاءتني فكرة هذه المتلازمة منذ سنتين تقريباً، وفي كل مرّة أقول إن هذه "الفكرة"، تحتاج إلا حجج أكبر لكي تنضج وتصبح بهذا المصطلح القاسي نوعاً ما. ما المتلازمة؟ باختصار وبدون الدخول في الشروحات العلمية، من المصطلح نفسه نفهم بأنها عادة أو مرض، عضوي أو نفسي أو وراثي، يُلازم صاحبه. طيّب لمَ غوارديولا؟ هو ضحيّة فكرتي فحسب، وليسَ عن تقصّد، ذلك أن متابعي كرة القدم يعلمون جيّداً حقيقة ما سأقوله حول المدرب الكاتالوني الكبير.  غوارديولا مدرّب ذكي جدا، لمن لا يتابع كرة القدم بشغف، أعرّف له بأنه يُدعى الفيلسوف، وإذا ما أطلق هذا الاسم عن شخص ما، فعلينا أن نعلم بأن هناك خلفية وراء ذلك. غوارديولا هو الرجل الذي طوّر أسلوب لعب أحدث ثورة في عالم كرة القدم وغير عدة مفاهيم، العديد من المتابعين يُرجعون ذلك الأسلوب لكرويف والكرة الهولندية الشاملة، نعم، لكن التطبيق الحقيقي الذي أتى بالنتائج كان عندَ بيب غوارديولا، فبالتالي فلسفة "التيكي تاكا" تُنسب...

هيمنغواي، أديب القوة

في عالم الأدب، هناك من هوَ مُنخرط في إيديولوجية سياسية وشعبية معيّنة مثل جون بول سارتر والحزب الاشتراكي، أو من هو داعم لتحرر الشعوب واستقلالها، دون التحيّز لشيء سوى الحرية مثل ألبير كامو، وهُناك من يشارك في قضايا، في بلدان أخرى، كصحفيّ ناقل للوقائع، كرحّالة ومصارع من أجل البقاء، كرجل حر، وكأديب استعادَ بريقه بعملٍ بآخر أعماله. هيمينغواي ليسَ كغيره من الأدباء، فهو يمثّل الشخصية الميدانية التي لا تختفي وراء الصفائح والصحف، فكل ما ألّفه الأديب، كانَ نتاجاً لرحلاته وتجاربه المتعددة، وقد كان إرنست، على غرار مواطنه والروائي الشهير جاك لندن، من أواخر الروائيين في القرن الماضي، الذين كانوا يوفّقون بين التأليف الروائي والقَصصي والمقالات الصحفية، مع الترحال والعمل الميداني الناقل للحقائق، خاصة في أحداث الصراع الداخلي في إسبانيا.  رواية الشيخ والبحر، لم تكن سوى إسقاطاً عبقرياً من الأديب عن حالته الحقيقة في سنواته الأخيرة، سنوات ابتعدَ فيها بريقه الأدبي ونَقُص كثيراً، فعادَ برواية قصيرة جداً، سهلة اللغة والتركيب، عميقة المعنى، ليحقق بها نوبل للأدب. فقد ظَهَرَ فيها على شكل الشيخ سنتياغو، الصائد...

أنت ضحية هذه الفلسفة

فلسفة المصفوفات عندَ جون بودريار.  هي لا تُسمى فلسفةً، أنا من أضافَ عليها هذا، وستعلمونَ لماذا. في الحقيقية، المصفوفة هي مجموعة من الأعداد مكتوبة بشكل مستطيل عموديّ، بلغة أشهر، تُسمى the Matrix أو la matrice. وهي غير محصورة في الأعداد فقط، بل في الرموز والحروف أيضاً.  لماذا تناولَ فيلم "ماتريكس" كِتاب الفيلسوف الفرنسي جون بودريار عندما أشار إليه في بداية الفيلم (Simulacres et Simulation)؟  ربما لأنه يشير إلى موضوع أعمق من الخيال العلمي الذي جاءَ به الفيلم، ورغم أن بودريار لم يوافق فكرة الفيلم التي ابتعدت عن مقصده الذي يرمي إلى ابتعاد البشر بشكل نهائي عن الواقع، أي أن وعي البشر سيصبحُ في عالم "ميتا"، ولن يكونَ لهم وعيٌ غير ذلك. لكي نفهم فلسفته، علينا تقسيمها إلى بعض النقاط، وفي الأخير، سنجمعه في استنتاجٍ واحد. نحنُ في زمن الفائض المعرفي والمعلوماتي والإخبارين فائض لا يمكننا عقلنتُهُ، ولا فهمهٌ، ولا تحليلهُ. كثرة الأخبار وتتابعها تجعلُ منا كالبُلهٌ أمام الشاشات، لا نَصلُ بين الخبر والآخر، هي أرقام متتابعة، ذلك المزيج من الأشياء المُحزنة والمفرحة والتعيسة والمضحكة قد أ...

أتحب الرداءةَ خِفيةً؟

 كل ما هنالك، هو أننا نَشعُرُ بالذنب عندَ استمتاعنا بالرّداءة.  المُتعة المُصاحبة للذنب، هو شعور يتملّك الشخص "الواعي" برداءة أو بخطورة الشّيء الذي يقرأه أو يُشاهدهُ، يَقومُ بذلك مراراً وتكراراً خفيةً عن الأنظار، مع استنكارهِ وامتعاضهِ الشديد لتلك المواضيع عندَ العامّة ومع الأصدقاء، وهو شعور مُختلف بعض الشّيء عن "النفاق"، ذلك أنّ النفاق هو الكذب في المشاعر، بينما الشعور بالتقزّز من الشيء الذي نقوم به، هو شعورٌ صريح، لكنّنا مع ذلك نستمتعُ به.    كيفَ نُفسّر ذلك؟  إننا نُدرك حقّ الإدراك ضرورة البحث عن الأمور التي تفيدنا معرفياً وفكرياً، بينما نُدركُ أيضاً أن تلك العمليّة ليست بالشيء الهيّن، فالباحثُ عن الأمور النافعة يعلمُ أنّه سيصبِحُ فعّالاً، أي، سيُصبحُ قارئاً أو مُشاهداً إيجابياً لا سلبيا. فما الفرق بينهما؟ الفرق أن القارئ أو المُشاهد السلبي، يكتفي بالقراءة والمشاهدة، بنظرة غير نقدية، أو غير مُركّزة مع التفاصيل، فهو يكتفي "بالمتعة الآنية"، وأن الشيء الذي يقرأه أو يشاهده، سريع التفاعل مع الخيال والعاطفة، ولا يحتاج مجهوداً عقليا للتفسير أو التحليل.  بينما ...