التخطي إلى المحتوى الرئيسي

المشاركات

عرض المشاركات من يوليو, 2022

الحياة كلها مصلحة

الحياةُ، هي المصلحة. مقال يُطالع برويّة. أول ما يتبادر على ذهن القارئ عندما يقرأ مُصطلح "مصلحة"، هي المصلحة المادية، مصلحة المناصب والصداقات، مصلحة الزيجة الكريمة وكثرة الأولاد. ولقد قرأنا كثيراً من الفلاسفة الذين أرادوا الإلمام بالحياة في مُصطلحٍ جامعٍ، فمنهم من قالَ القوّة ومنهم من قال المرح ومنهم من قال العبث ومنهم من قال البؤس والكثيرون لخّصوها في السعادة، أو الأخلاق، أو الطاعويّة. والكثيرون لا يزالون يحاولون تلخيصَ الحياة، بشكلٍ يعقله جميع البشر على اختلافِ ثقافاتهم. والحقيقة أن في ديننا العديد من المصطلحات التي تجمع الحياة في كلمة او كلمتين، ومنه أن المال والبنون هم زينة الحياة الدنيا، ومنه أيضاً أن الماء هو الحياة، ومنه كذلك أن الحياة متاع الغرور، وأن الحياة كلها لعبادة لله، وكلها حقّ من الحق سبحانه. فنستطيع استنباط كلّ هذه الأمور وجعلها في شقّين، الشقّ المادي للحياة، والشّق الروحي. لكنّ قبل ذلك، دعونا نضع النقاط على الحروف، لنعرف ما الحياة التي نتحدّث عنها، ومع من نتحدّث عنها. فلا يمكننا أن نتحدّث عن نفس الحياة التي يراها غير المؤمن كمن يراها المؤمن، ومن هذا المنطلق ي...

العقل المُستعار

أحلامٌ تُصنع، وعقول تستعار. مقال جديد. المطلع على أحوال الشباب، يرتأى له أن الأحوال قد ساءت عما كانت عليه قبل عقودٍ يسيرة. وعلى الرغم من بعض التغيرات التي تؤخذ من منظور علميّ حسّي، إلا أن الجانب العقلانيّ في تدهور مستمرّ، فالتباعد بين المادة والحكمة يشبه التباعد الذي طغى بين الذهب والورق (العملات)، وكلما زاد الشرخ بينهما فقد المتبوع قيمته رغم تضخّمه المستمر، فالتضخّم في الكمّ لا يعكس شيئا ذا جودة. بل على العكس، فمن الرخيص الكثير، أما الغالي يُكنَزُ تحت الأرضِ بعيجاً عن الأنظار. والعلم خيرات مُكثّفة، بينما العالمُ لا يكون خيّراً بالضرورة، فكلّما كانت حكمته باردة وشحيحة، زادت مخاطر علمِه الحسّي والمعنوي على الناس.   ولقد رأينا ما حدث في الحرب العالمية الثانية، عندما فقدت الولايات المتحدة عقلها وراحت تستعرض جنونها على اليابان، وهذا بتدمير شعوبٍ بكاملها.  كذلك فعلت ألمانيا في الحقبة الناز.ية، وكذلك فعلت وتفعل كل الدول التي غلّبت المادّة على الروح، ففقدا معناهما معاً.  ثم عملت الولايات المتحدة الأمريكية على تلميع صورتها، لاستعادة ثقة العالم لقائده الوحيد إلى غاية وقت وجيز...

ما بعد الإنسان

ما بعد الإنسان، وكارثة انقطاع العلوم عن الحكمة. نحنُ على أبوابِ ما يُسمّى ما بعدَ الإنسان (Transhumanism)، وهو تزاوج بين تطوّر الذكاء الاصطناعي مع علم البيولوجيا، يهدف إلى تجاوز الإنسان الحالي، وجعله إنساناً خارقاً بالمعنى الحرفي، والهدف الأسمى كما يروّج لهُ المدافعون عنه، هو محاربة الموت، أو تأخير الموت لسنواتٍ طويلة أخرى.  طبعاً، الحديث في هذا الموضوع يحتاج كتاباً بحاله، لأنه يفتح عدّة أبواب يجب معالجتها علاجاً علميا، بكل تفرعات العلم، الحسي العقلي والنقلي، غيرَ أن حتى في هذه المصادر، لا يتفق البشر، فمن يصدّق بنظرية ما بعد الإنسان، لا يؤمن بالروح قولاً واحداً، ومن لا يؤمن بالروح، يعتقد أن الإنسان يُعالج مادياً وحسيّاً فحسب، وبالنسبة لهم، سبب الموت هو الشيخوخة والكِبَر، وأن هذا الشيء "مرض عضوي" راجع للتخلّف العلمي الذي هم فيه!  مُعالجة الموت بالنسبة لهم تمرّ بمعالجة الأمراض والقضاء عليها، بعد ذلك، يتم معالجة العمل العضوي الداخلي بإضفاء آلة (صناعية) تعمل على إطالة عمره. ومن بين هذا ذكرت في كتابي الشفق محاولة ايلون موسك للمساهمة في تطوير شريحة نيورالينك، التي تُزرع في الدماغ، ...

رواية مينيسوتا

بعضُ الإشارات عن مصادر وتنقيبات                    وغايات  رواية ميـنيـسُوتا . رواية مينيسوتا من النوعِ الأدبي الذي يسمى بالخيال السياسي.  أبرز ما كتب في هذا النوع: الجمهورية لأفلاطون، دون كيشوت لسيرفانتيس، كانديد لفولتير، مزرعة الحيوان لأرويل، والشياطين لدوستويفسكي. الرواية تحملُ كمّا لا بأسَ بهِ من المعلومات في المجال الحيواني، وكذا الثقافي بتفرعاته الدينية واللغوية والعُرفية، عند العرب وعند الأمريكيين، وصولاً إلى تفاصيلَ مثيرة للجدل مثل عملية استخراج الذهب في أقاصي جبال تلك الولاية الأمريكية!  وقبلَ أن تُرسلَ لدارِ أدليس الجزائرية، التي بدورها لم توفّر جُهداً في صناعة طبقٍ يليق بالطرفين، وبالقرّاء أيضاً، تم قراءة أكثر من كتاب عامّ ومُتخصّص، في الأدب الأمريكي، وفي التخصصات العلمية مثل البيطرة، وعلوم التربة، واذكرُ بعض المراجع بُعيدَ قليل. هذا لكي نضعَ تلك المعلومات التي تخدم النص والهدف، في قالب روائي بلغة عالية، يلتمس بها القرىء التزاوج بين الأدب والعلوم والتديّن.  فلم تكن العمليّة بتلكَ السهولة في بداية الأمر، ذلك...

الانحياز التاريخي

الانحياز  التاريخي وتفشي مرض الوهمالانحياز  التاريخي وتفشي مرض الوهم. مقال مفصّل لإنهاء العبث الفايسبوكيّ! تكلمت في السابق، وكذا في كتابي الشفق، عن الانحياز التاريخي في الأدب من باب ما يُسمى الرواية الوطنية، والرواية الوطنية صُنعت لتُمجّد مَرحلة تاريخية من تاريخ البلد، أو لتمجّد شخصيات أو أحداث مُعيّنة، أو أسرة حاكمة، وغيرها من الأمور التي تعمل على بناء لا وعي تاريخي جمعي لذا أبناء ذلك البلد، ولبعث روح الفخر وتعزيز الوحدة والتماسك الوطني فيهم. سواءً كانت الرواية التاريخية حقيقية أو محض خيال، فالنتيجة واحدة، بناء مخيّلة على أن تلك الأرض تحمل تاريخاً يفخر به الكبير والصغير، ومن هذا الجانب، لا يخلو بلدٌ من هذا، فلكل بلد رواياته التي تمجّد وتعظّم تاريخه، أو لنقل مرحلة أو مراحل متقطّعة من ذلك التاريخ. فالرواية التاريخية تختار بعناية تلك الأمور التي تريد إظهارها، والأخرى التي تريد طمرها، فلا يخلو بلد من نكسات وهزائم، فلا يوجد قاعدة شاذة لهذه الحتمية التاريخية، بيدَ أن الرواية الوطنية لا تتعاطى مع هذا الجانب، وان تعاطت، فسيكون من باب تمجيد البطولات كذلك، فتجعل الهزائم انتصارات من أبو...

من أجل عقل بارع

العقل البارع!  تلخيص لأبرز نقاط محاضرة الدكتور إدريس أبركان. بصفتي متتبع لأعمال هذا الكاتب والمُحاضر والباحث، أعتبر هذه المحاضرة عبارة عن جزء ثانٍ لمحاضرته الشهيرة التي ألقاها سنة 2018 بعنوان "كيفَ تحرّر عقلك؟"، والتي تعتبر كطريقة شفاهية للتعبير عن كتابه بنفس العنوان، الذي أملك نسخةً منه.   إدريس أبركان متحصّل عل أكثر من دكتوراه، نستطيع القول إنه من نوابغ العالم الفرونكوفوني، رغم أنه لم يسلم من الانتقادات، سواءً حول سيرته الذاتية، ولا حول معلوماته. لكن أغلب ما ينشره يمكنك التحقق منه بسهولة عبر الانترنت، وسيتراءى لك صحيحا.  من يقرأ العنوان، أقصد عنوانه السابق (حرروا عقولكم)، يعتقد أن الرجل يتحدث في التنمية البشرية، غير أن مجاله هو علم الاًعصاب والاسناد الى التاريخ وتطور الحضارات، بما في ذلك تطوّر آليات البشر وطريقة تعاطيهم مع الحضارة ومُحيطهم، كيف تآزرت الحضارات بطريقة غير مباشر في تطوير الآلات الإنسانية، وكيف وصلنا إلى ما نحن عليه من تطوّر تكنولوجي وتقني وربّما أوسع من ذلك بكثير.  عنوان هذه المحاضرة كان (العقل الرائع، أو العقل العبقريّ)، وقد لامس فيه الروعة عندما أعطى للموضوع...