التخطي إلى المحتوى الرئيسي

رواية مينيسوتا



بعضُ الإشارات عن مصادر وتنقيبات
                   وغايات  رواية ميـنيـسُوتا .

رواية مينيسوتا من النوعِ الأدبي الذي يسمى بالخيال السياسي. 
أبرز ما كتب في هذا النوع: الجمهورية لأفلاطون، دون كيشوت لسيرفانتيس، كانديد لفولتير، مزرعة الحيوان لأرويل، والشياطين لدوستويفسكي.

الرواية تحملُ كمّا لا بأسَ بهِ من المعلومات في المجال الحيواني، وكذا الثقافي بتفرعاته الدينية واللغوية والعُرفية، عند العرب وعند الأمريكيين، وصولاً إلى تفاصيلَ مثيرة للجدل مثل عملية استخراج الذهب في أقاصي جبال تلك الولاية الأمريكية!  وقبلَ أن تُرسلَ لدارِ أدليس الجزائرية، التي بدورها لم توفّر جُهداً في صناعة طبقٍ يليق بالطرفين، وبالقرّاء أيضاً، تم قراءة أكثر من كتاب عامّ ومُتخصّص، في الأدب الأمريكي، وفي التخصصات العلمية مثل البيطرة، وعلوم التربة، واذكرُ بعض المراجع بُعيدَ قليل. هذا لكي نضعَ تلك المعلومات التي تخدم النص والهدف، في قالب روائي بلغة عالية، يلتمس بها القرىء التزاوج بين الأدب والعلوم والتديّن. 

فلم تكن العمليّة بتلكَ السهولة في بداية الأمر، ذلك أن الفكرة كانت في ربط ثقافتين لتحليلهما واستنتاجِ ما يجب استنتاجه، وعلى إثر ذلك، وضعنا أمامنا كُتباً عديدة من الأدب الأمريكي مثل رواية فئرانٌ ورجال لجون ستينبك، الشيخُ والبَحر لارنست هيمنغواي، موبي ديك لهرمان مالفل، الحارس في حقل الشوفان لجيروم سالينجر، مارتن ايدن لجاك لوندون، نادي القتال لتشاك بولانيك، البريق لستيفان كينغ، ومغامرات توم سوير لمارك تواين، وكلها كانت عبارة عن استقراءات للإحاطة بشكل مكثف بمميزات الأدب الأمريكي، ثم انتقلنا لدراسة ثقافة مينيسوتا بكل تفاصلها، انطلاقا من بُحيراتها إلى حدائقها وعادات شعبها وأدبها، وكذا الاحتكاك الافتراضي بشوارعها، أين تدور فيها معظم الرواية.

ثم انتقلنا بعد ذلك لدراسة أساسيات البيطرة، وقد أخذ هذا نصيبَ الأسد من الوقت، ذلك أنه تخصص علمي مستقلّ وصعب، والروائي خريج كلية العلوم السياسية، بذلك بالغنا في البحث عن المواد التي تُدرّس لاستنباط رؤوس الأقلام الصحيحة، وهذا لكي نُحاكي تلك الظروف العلمية في المدرّج بتفاصيلها، فالرواية لا تكتفي بقصّة بطلها مُعاذ، بل تحاول إعطاء معلومات علمية مفيدة. 

لم نكتف بذلك، فكيف علينا أن نتحدّث عن مينيسوتا دون دراسة أصل التسمية، وأصول شعبها من هنود حُمر ونازحين من كَندا وأوروبا وغيرهم، فوضعنا طريقاً متناسقا بين المعرفة والأدب، للوصول إلى نقاط جوهرية أردنا أن تترسخ في ذهن القارئ الجزائري والعربي والمسلم بالعموم. 

وعلى ذكر الدين، لم نتوانى في ذكرِ قصص الفقهاء قصاً لطيفا سريعا، لنُسقطه على واقعنا، ولنستنبط منه السبل في الأدب والتهذيب، ولم نُخلي الرواية من الخيال، فقد جالت كثيراً دون مللٍ ولا حشوٍ، قبل أن تحطّ في الواقع، الذي يعتبر صدر الرواية وغايته.

#رواية_مينيسوتا 
#عمادالدين_زناف

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

ابن بطوطة.. الذي لم يغادر غرفته

ابن بطوطة، الرّحالة الذي لم يغادر غرفته. مقال عماد الدين زناف. ليسَ هذا أول مقال يتناول زيفَ الكثير من أعمالِ المؤرخين القدامى، الذين كانوا يكتبون للسلاطين من أجل التقرّب منهم، ومن ذلك السعيُ للتكسّب، ولن يكون الأخير من نوعه. الكتب التاريخية، وأخص بالذكر كتب الرّحالة، هي عبارة عن شيءٍ من التاريخ الذي يضع صاحبها في سكّة المصداقية أمام القارىء، ممزوجِ بكثيرٍ من الروايات الفانتازيّة، التي تميّزه عن غيره من الرحالة والمؤرخين. فإذا اتخذَ أحدنا نفس السبيل الجغرافي، فلن يرى إلا ما رآه الآخرون، بذلك، لن يكون لكتاباته أيّ داعٍ، لأن ما من مؤرخ ورحّالة، إلا وسُبقَ في التأريخ والتدوين، أما التميّز، فيكون إما بالتحليل النفسي والاجتماعي والفلسفي، أو بابتداع ما لا يمكن نفيُهُ، إذ أن الشاهد الوحيد عن ذلك هو القاصّ نفسه، وفي ذلك الزمن، كان هناك نوعين من المتلقين، أذن وعين تصدق كل ما تسمع وتقرأ، وأذن وعين لا تلتفت إلا لما يوافق معتقدها أو عقلها.  الهدف من هذا المقال ليس ضربُ شخص ابن بطوطة، لأن الشخص في نهاية المطاف ما هو إلا وسيلة تحمل المادة التي نتدارسها، فقد يتبرّأ ابن طوطة من كل ما قيل أنه قد كتبه، ...

مذكرة الموت Death Note

إذا كُنت من محبّي المانجا و الأنيم، من المؤكد أنه لم تفتك مشاهدة هذه التُّحفة المليئة بالرسائل المشفّرة. هذا المسلسل اعتمد على عدّة ثقافات و إيديولوجيات و ارتكز بشكل ظاهريّ على الديكور المسيحي، في بعض اللقطات و المعتقدات. المقال الـ104 للكاتب Imed eddine zenaf / عماد الدين زناف  _ الرواية في الأنيم مُقسّمة الى 37 حلقة، الشخصيات فيها محدّدة و غير مخفية. تبدأ القصة بسقوط كتاب من السّماء في ساحة الثانوية موسوم عليه «مذكرة الموت» ،حيث  لمحه شاب ذكيّ يُدعى ياغامي رايتو، و راح يتصفحه، احتفظ به، رغم أنه أخذها على أساس مزحة ليس الّا، و بعد مدّة قصيرة اكتشف ان المذكرة "سحريّة"، يمكنه من خلالها الحكم على ايّ كان بالموت بعد اربعين ثانية من كتابة اسمه و طريقة موته بالتفصيل. لم تسقط المذكرة عبثاً، بل اسقطته شخصية تُسمى ريوك، من العالم الآخر، وكانت حجة ريوك هي: الملل والرغبة في اللعب. كلُ من يستعمل مذكرة الموت يطلق عليه اسم " كيرا".  بعدها تسارعت الأحداث بعدما أصبح "كيرا" يكثّف من الضحايا بإسم العدل و الحق، فقد كان منطلقه نبيلاً: نشر العدل و القضاء على الجريمة في الأرض....

أخلاق العبيد، نيتشه والمغرب الأقصى

مفهوم أخلاق العبيد عند نيشته، المغرب الأقصى مثالا. مقال عماد الدين زناف. فريدريش نيتشه، حين صاغ مفهومه عن «أخلاق العبيد» في مُعظم كتبه، لم يكن يتحدث عن العبودية الملموسة بالمعنى الاجتماعي أو الاقتصادي، أو بمعنى تجارة الرّق. بل تحدّث عن أسلوب في التفكير نِتاجَ حِقدٍ دفين وخضوع داخلي يولد مع الأفراد والجماعة. إذ بيّن أن الضعفاء، العاجزين عن تأكيد قوتهم، اخترعوا أخلاقًا تُدين الأقوياء، فرفعوا من شأن التواضع والطاعة فوق ما تحتمله، حتى أنها كسرت حدود الذل والهوان. ومن هذا المنطلق يمكن رسم موازاة مع خضوع شعب المغرب الأقصى لنظام المخزن. إذ أنها سلطة شكّلت لعقود علاقة هرمية تكاد تكون مقدسة بين الحاكمين والمحكومين. وما يلفت النظر هو أنّ هذا الخضوع لم يُقبل فقط بدافع الخوف والريبة، بل تَمَّ استبطانه كفضيلة بل وعمل أخلاقيًا. فالطاعة أصبحت عندهم حكمة، والعبودية وَلاءً، والاعتماد على الغير، أيًّ كانت مساعيه في دولتهم عبارة عن صورة من صور الاستقرار. نيتشه قال «نعم للحياة»، لكنها استُبدلت بـ«لا» مقنّعة، إذ جرى تحويل العجز التام على تغيير الظروف إلى قيمة، وتحويل الذل إلى فضيلة الصبر، وعندما عبّر قائلا...