التخطي إلى المحتوى الرئيسي

الكتب السهلة سرطان



📌 الكُتُب السّهلة مثل السرطان..!

تنقسمُ الثقافة في العالم إلى طبقتين، الثقافة الشعبية والثقافة البورجوازية، الثقافة الشعبية تتمحور في العلم المجاني أو شبه المجاني، مثل التمدرس والحصص التلفزيونية، وتسمى شعبية لأنها ثقافة متساوية عند غالبية الشعب، سأعود لاحقاً لفتح قوس حول الحصص التلفزيونية.
أما الثقافة البورجوازية، فهي تعني تمكن نلك الطلقة من إضافة ثقافة جديدة بعضها نادر، وبعضها مُكلّف، مثل حضور قاعات السينما والأوبرا وشراء الكُتب والمجلات وشراء آخر الأفلام والمسلسلات، بالإضافة إلى القدرة على الاشتراك في المواقع التي تنشر مقالات علمية وحصرية، مما يتشكل عند هذه الطبقة ”ثقافة إضافية“ عن الثقافة الشعبية.
في أغلب الأحيان، نجد الكثير من أبناء الثقافة الشعبية يحاولون القفز لقطف بعض من ممتلكات البورجوازيين، مثل شراء الأفلام والكُتب، لكن العملية تشبه ”التشبّه“ بالبورجوازية ولن تكون مُطابقة لها، دون أن ننسى أن من تربّى على الثقافة البرجوازية، غير ذلك الذي يحاول ”تدارك“ ذلك، بعد سنوات من ”الاكتفاء“ بالثقافة الشعبية، وبالعودة للحصص التلفزيونية، جدير بالذّكر أن الأفلام والمسلسلات والوثائقيات والرسومات المتحرّكة موجّهة للشعوب، لكنّها مصنوعة من البرجوازيين، الذين يعملون على توجيه الثقافة الشعبية، وصناعة الثقافة التي يتنطّع بها الأفراد على بعضهم البعض، وليس الأمر في الاحتفاظ بالثقافة ”ذات الجودة“ إلى مجموعات معيّنة منهم، بل هو صناعة ثقافة أخرى كُلّياً.
كما يعلم الجميع، هناك علوم وآثار وأبحاث واكتشافات ”حصرية“ لعوائل وطبقات معيّنة، فمن هذا المنطلق، كُلّ ما يتمّ الإشهار له، فهو توجيه بورجوازي للمُطالع الشعبي.
كل هذا يصنع من المُثقّف الشعبي ”ببّغاءً“ يُكرّر ما يَعرضه من هم أعلى طبقة منه، يمكننا تسميتهم بـ ”المُوجّهون“، الأمر الذي يصنع وهماً ثقافياً، يتكرّر على ألسنة الجميع، كعناوين الكُتب، والأفلام، والمسلسلات، والوثائقيات، والأحداث والتواريخ ”المُساقة“.
الثقافة الشعبية مصنوعة لكي تغرق الشعوب فيها، معظمها سهلة مثل الأكل الخفيف، والسكر السريع، الذي يجعل منك شخصا جائعا متعطشا للمزيد من السكر السريع طوال الوقت.
اخترت عنوانا مستفزاً للمقال، لأن السّهل ليس كنزاً، وليس ثقافة بأي حال من الأحوال، وكل ما هو شعبيّ ليس إلا صناعة للشعوب، فليس هناك ثقافة إلا الحقيقة، والحقيقة ..ليست سهلة وغير ممتعة أبداً.



Imed eddine zenaf / عماد الدين زناف

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

ابن بطوطة.. الذي لم يغادر غرفته

ابن بطوطة، الرّحالة الذي لم يغادر غرفته. مقال عماد الدين زناف. ليسَ هذا أول مقال يتناول زيفَ الكثير من أعمالِ المؤرخين القدامى، الذين كانوا يكتبون للسلاطين من أجل التقرّب منهم، ومن ذلك السعيُ للتكسّب، ولن يكون الأخير من نوعه. الكتب التاريخية، وأخص بالذكر كتب الرّحالة، هي عبارة عن شيءٍ من التاريخ الذي يضع صاحبها في سكّة المصداقية أمام القارىء، ممزوجِ بكثيرٍ من الروايات الفانتازيّة، التي تميّزه عن غيره من الرحالة والمؤرخين. فإذا اتخذَ أحدنا نفس السبيل الجغرافي، فلن يرى إلا ما رآه الآخرون، بذلك، لن يكون لكتاباته أيّ داعٍ، لأن ما من مؤرخ ورحّالة، إلا وسُبقَ في التأريخ والتدوين، أما التميّز، فيكون إما بالتحليل النفسي والاجتماعي والفلسفي، أو بابتداع ما لا يمكن نفيُهُ، إذ أن الشاهد الوحيد عن ذلك هو القاصّ نفسه، وفي ذلك الزمن، كان هناك نوعين من المتلقين، أذن وعين تصدق كل ما تسمع وتقرأ، وأذن وعين لا تلتفت إلا لما يوافق معتقدها أو عقلها.  الهدف من هذا المقال ليس ضربُ شخص ابن بطوطة، لأن الشخص في نهاية المطاف ما هو إلا وسيلة تحمل المادة التي نتدارسها، فقد يتبرّأ ابن طوطة من كل ما قيل أنه قد كتبه، ...

مذكرة الموت Death Note

إذا كُنت من محبّي المانجا و الأنيم، من المؤكد أنه لم تفتك مشاهدة هذه التُّحفة المليئة بالرسائل المشفّرة. هذا المسلسل اعتمد على عدّة ثقافات و إيديولوجيات و ارتكز بشكل ظاهريّ على الديكور المسيحي، في بعض اللقطات و المعتقدات. المقال الـ104 للكاتب Imed eddine zenaf / عماد الدين زناف  _ الرواية في الأنيم مُقسّمة الى 37 حلقة، الشخصيات فيها محدّدة و غير مخفية. تبدأ القصة بسقوط كتاب من السّماء في ساحة الثانوية موسوم عليه «مذكرة الموت» ،حيث  لمحه شاب ذكيّ يُدعى ياغامي رايتو، و راح يتصفحه، احتفظ به، رغم أنه أخذها على أساس مزحة ليس الّا، و بعد مدّة قصيرة اكتشف ان المذكرة "سحريّة"، يمكنه من خلالها الحكم على ايّ كان بالموت بعد اربعين ثانية من كتابة اسمه و طريقة موته بالتفصيل. لم تسقط المذكرة عبثاً، بل اسقطته شخصية تُسمى ريوك، من العالم الآخر، وكانت حجة ريوك هي: الملل والرغبة في اللعب. كلُ من يستعمل مذكرة الموت يطلق عليه اسم " كيرا".  بعدها تسارعت الأحداث بعدما أصبح "كيرا" يكثّف من الضحايا بإسم العدل و الحق، فقد كان منطلقه نبيلاً: نشر العدل و القضاء على الجريمة في الأرض....

أخلاق العبيد، نيتشه والمغرب الأقصى

مفهوم أخلاق العبيد عند نيشته، المغرب الأقصى مثالا. مقال عماد الدين زناف. فريدريش نيتشه، حين صاغ مفهومه عن «أخلاق العبيد» في مُعظم كتبه، لم يكن يتحدث عن العبودية الملموسة بالمعنى الاجتماعي أو الاقتصادي، أو بمعنى تجارة الرّق. بل تحدّث عن أسلوب في التفكير نِتاجَ حِقدٍ دفين وخضوع داخلي يولد مع الأفراد والجماعة. إذ بيّن أن الضعفاء، العاجزين عن تأكيد قوتهم، اخترعوا أخلاقًا تُدين الأقوياء، فرفعوا من شأن التواضع والطاعة فوق ما تحتمله، حتى أنها كسرت حدود الذل والهوان. ومن هذا المنطلق يمكن رسم موازاة مع خضوع شعب المغرب الأقصى لنظام المخزن. إذ أنها سلطة شكّلت لعقود علاقة هرمية تكاد تكون مقدسة بين الحاكمين والمحكومين. وما يلفت النظر هو أنّ هذا الخضوع لم يُقبل فقط بدافع الخوف والريبة، بل تَمَّ استبطانه كفضيلة بل وعمل أخلاقيًا. فالطاعة أصبحت عندهم حكمة، والعبودية وَلاءً، والاعتماد على الغير، أيًّ كانت مساعيه في دولتهم عبارة عن صورة من صور الاستقرار. نيتشه قال «نعم للحياة»، لكنها استُبدلت بـ«لا» مقنّعة، إذ جرى تحويل العجز التام على تغيير الظروف إلى قيمة، وتحويل الذل إلى فضيلة الصبر، وعندما عبّر قائلا...