الاثنين، 25 ديسمبر 2023

ديزني تكذب على صغاركم


لماذا شركة ديزني هي ماكينة تغليط وتحريف بامتياز؟
مقال

 عندما نشرتُ شيئا عن كذب ديزني وتغييرها للقصص، وذلك منذ سنتين، اعترض البعض بقولهم إن ديزني "لطّفت" من القصص الحقيقية، ذلك أن القصص الحقيقية "مُرعبة". الواقع يقول أن لا شيء يبرّر التحريف، ولنذكر أعلى الأمثلة على الاطلاق وهو القرآن، حيث نقل الله لنا قول إبليس كاملاً، وهو يتوعّد البش إلا عباد الله المخلصين، فإذا جاز التحريف دينا وعُرفاً إنسانيا، لما نقل القرآن أقوال الملعون كما هو، وما نقل لنا قول فرعون أيضاً، فحجة أنه أقوالهم ودعواهم مرعبة وغامضة ليست بحجة، ذلك أن الحق لا تشوبه شائبة، ولا يخشى قول هذا وقصة ذاك.

 فالقول بأن ديزني لطّفت الأحداث والشخصيات لأن الأطفال لا يتحمّلون تلك القصص أمر مُغالط، فالأطفال يعرفون معنى الرعب وما يُستنتج منه بطرق كثيرة، لذلك، وجب أن يعرفوه بصيغة صحيحة، وليس بتحريف القصص، وجعل كل النهايات سعيدة، ما يجعل الطفل شخصية ساذجة لن تتوقف عن البكاء بلا معنى، حتى وهي ناضجة، ذلك أن مفهوم الحياة عندها لا يعرف التوازن بين الخير والشر. 

لديزني عشرات المؤلفين، فلمَ اختاروا تحريف قصص الماضي عوض تأليف قصص جديدة بالكامل؟ الجواب سهل جداً، الو.م.أ عملت وتعمل على سرقة كل قصص وموروثات العالم، ثم تعيد طرحها بطريقة تفكريها وايديولوجيتها، لتستقطب انتباههم، فهي لم تفعل هذا في الأفلام والرسومات فحسب، حتى في الفلسفة، وقد تكلمت عن النظرية الفرنسية في مقال مستقل، حيث استوعبت فلاسفة فرنسا في القرن العشرين، وصنعت بهم ما يسمى النظرية الفرنسية (فرانش ثيوري) لتصدّر للعالم الفكر الفلسفي الجديد. وهذا لتُمرّر فكرة أن الأسلوب الأمريكي في النظر للحياة هو الأصح، دائما وأبداً.

احذر، هذا المقال يحمل قصصاً حقيقية، غير تلك التي عرضتها والت ديزني لسنوات طوال، القصص الحقيقية مُرعبة وصادمة بالنسبة لمن يعشق أفلام والت ديزني الوردية الناعمة، والأمثلة التي سأذكرها، تبقى أحسن من مشروع ديزني القادم في كسر كل الثوابت والفطرة الإنسانية من جذورها. 

نبدأ بقصة كتاب الغاب، وهي من أشهر القصص التي تروي حياة ماوغلي وسط الحيوانات مع صراعه الدائم ضد النمر الشرير شيرخان. 

في القصة الحقيقية، يتعهد شيرخان بقتل كل إنسان موجود في الغابة، فهو  يبحث طوال الوقت عن ماوكلي ليقتله قبل أن يصبح رجلاً قادرًا. فشيرخان كان على أهبة لقتل أي شخص يعترض طريقه، وقد كان الدب بالو والفهد الأسود باغيرا والنسور ضحيةً لهذا.   النمر في القصة لا يخشى إلا النار، والتي بفضلها سيخرج ماوغلي منتصرا من المواجهة معه. 
شيريخان مندفع، فهو بعيد كل البعد عن أن يكون مصدر رعب لحيوانات الغابة الأخرى، فقد كان يُرى باحتقار لظلمه للضعفاء، فهو يشتهر بقتل الماشية والثيران وتناول الجثث فقط، إذ هو غير قادر على قيادة عملية صيد حقيقية ولا يثير سوى الازدراء. طريقته في التهام القطعان جعلت البشر تطارده باستمرار.  في القصة، وبعدما اقفز على النار وحرق كفوفه، أصبح هذا النمر يخشى النيران أكثر من أي شيء آخر. كان ظذلك على علاقة جيدة مع حيوانات الغابة كما يتضح من الحوارات العديدة التي أجراها مع الشخصيات المختلفة: مثل الثعبان كاه.

لكن في نسخة ديزني الأمر مختلف، فهي على عكس العمل الأصلي الذي كان فيه محتقرًا .. وليس مهيبًا كما سنرى.  يعتبر شيريخان في ديزني  حيوانًا قويًا، ومفترسًا وقاسٍ ويحب القتل لمجرد اللهو، وأن رغبته في قتل ماوكلي ما هي إلى مجرد رغبة في اللعب! 

هو شخصية ساديّة، حيث يستمتع هذا النمر بالبحث عن ماوغلي في الغابة، وعندما يجده أخيرًا، يرفض قتله  ويعرض عليه فرصة للفرار. هو واثق من نفسه، يتمتع شيريخان بسمعة الوحش القاتل الخطير، ولهذا السبب يتفق باغيرا والذئاب على أن ماوكلي يجب أن يغادر الغابة في أسرع وقت ممكن للانضمام إلى أقرانه.
شيريخان يحب فكرة أن مجرد ذكر اسمه يثير الخوف ويلعب عليها بشكل كبير. تناديه النسور بـ "  صاحب السمو  " وني ترجمة شيري خان، النمر المبجل، وهو يستمتع بإخافتهم.
كذلك هو متعجرف ولا يحترم أحدا، لكنه في أعماقه مجرد نمر  مرعوب من الإنس واللهيب.. وعندما واجه ماوكلي، فر خائفا من النار!  

شخصية شريخان في ديزني تشبه إلى حد بعيد الجيش الأمريكي المتعجرف، ولمن لم يلحظ ذلك، فليعد قراءة النسختين!

الآن إلى رقصة حورية البحر، أو عروس البحر، القصة الأصلية تعود لهانس كريستيان أندرسين، وهو كاتب دنماركي من القرن التاسع عشر، وقبل الخوض في تفاصيلها، أشير الى أن كل هذه القصص كانت موجهة للأطفال، منها قصة شارل بيرولت الأشهر: ذات الرداء الأحمر، والتي أكلها الذئب بالكامل وهي في فراشها، والرسالة الذي أراد أن يوصلها بيرولت هي تخويف النساء من الاغتصاب الذي كان شيئاً مرعبا في فرنسا في القرن السابع عشر! بينما تُظهر والت ديزني أن الذئب هنا مجرد آكل للبشر، بلا أي معنى خلف ذلك.
إعادة كتابة هذه القصة بمفهوم آخر هو تحريف معناها الأصلي، وما كان يجب تسميتها بذات الرداء الأحمر، إنما كان يجب صناعة قصة أخرى، باسم آخر فحسب.

هذه القصص كانت تبعث برسائل تجعل الأطفال أكثر في تلك الحقبة أكثر حرصاً وفطنةً وذكاءً، اليوم، أضحت رسائل مُفرغة من كل المعاني، رسائل تجعل الطفل في تنويم مغناطيسي مليء بالإيجابية، على طريقة التحفيز والتنمية البشرية، إلى أن يصطدم بالواقع المناقض لما كان يحلم ب، ويراه الواقع لا واقع غيره.
عودة لقصة عروس البحر، هذه القصة روحانية وفلسفية، بعيدة عما عرضته ديزني.  فحواها أن حريات البحر لا يمتن، فهن يتحولن إلى نصف سمكات، أما الرجال، فروحهم تموت. إذا ولكيلا يمتن، عليهن إغراء الرجال، وبما أنه لا يمكنهن ذلك.. فقد أصبحن مثل الجماد، ثم بنات الرّيح، وبنتُ الريح يمكنها أن تبقى حُرِية للأبد إذا ما قامت بالأعمال الصالحة، بعيداً عن إغراء الرجال (الأمير)، ذلك أن في القصة، لم تستطع فعل ذلك.

نأتي للمثال الثالث، وهي قصة هرقل، فيلم معروف للجميع، القصة التي كلها سعادة وجمال، بينما ليس لفيلم ديزني نصيب أذن الجمل من القصة الحقيقية من الميثولوجيا الإغريقية. قصة هرقل تكمنُ في رجل أصبح مجنوناً، فقتل زوجته وأولاده، وفي النهاية ينتحر من الحزن، حزنٌ جاء بعد أن اكتشفَ أن زوجته تركت له رداءً مسموماً قاتلاً لغيرتها عليه. الحقيقية أن القصة تروي للأطفال خطر الغيرة! وليس فيها أية سعادة. 
هل على الأطفال أن يسعدوا طوال الوقت؟ أم عليهم الشعور بالخوف من حين الى آخر! 
طبعا، عليهم الشعور بالخوف، لأنه الشعور الوحيد الذي سيجعلهم يفهمون العالم الذي سيواجهون غدا.

أما عن قصة سندريلا، فقد تم تمزيقها تمزيقاً، وهي قصة الإخوة "غراي"، غير تلك التي عرضتها ديزني، في الحقيقية، وصلت غيرة وحقد أخوات سندريلا منها 'لكي يلبسن نفس الحذاء' بقطع أصابع وعقب أرجلهن، وادخالها في الحذاء بكل تلك الدماء.
ولكذبهن، تمت معاقبتهن، لكن كيف؟ تم وضع الغربان لكي ينقروا أعينهن. ما رأيكم؟ أليسَ هذا أجمل بكثير؟ (أمزح).

قصة علاء الدين الحقيقة يعلمها العرب والفرس والهند، فهي قصة من قصص ألف ليلة وليلة المليئة بالجنس والمجون والسحر، لا تصح للأطفال، وليسَ فيها من فيلم ديزني سوى الديكور العام.

علينا الحذر من رسائل ديزني بشكل جاد.


عمادالدين_زناف

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق