السبت، 19 أغسطس 2023

تطور منهجيتي الفكرية



نبذة عن تطور منهجيّتي البحثية من البداية.. إلى اليوم.
«من سيرتي»

في بداية مطالعاتي وأنا في الجامعة، كنت أهتم بشكل كلي بالحضارات لا غير، كنت مهووسًا لدرجة أنني كنت أقتني الألعاب التي لها علاقة بالحضارات (يوغي يو، برينس اوف بيرسيا، ايج اوف أومبير..)، كنت أحفظ (وما زلت) عن ظهر قلب التسلسل الحضاري من بلاد ما بين النهرين إلى غاية الحاضر، لكن لماذا؟ 
لأنني كبرت على جوّ تقليدي، في المنزل، كنا نشاهد كل خميس ليلا فيلم ڨلادياتور دون أن نمل منه، وعندما كبرت قليلا، كنت أعشق أفلام الصينيين والمصارعة، ثم الأنميات التي تحاكي الماضي.

بعدها، ولجت إلى عالم السياسة، بما أنني كنت أدرس العلوم السياسية، وأول كتاب نصحت به من الأستاذ روابحية، أستاذ الاقتصاد السياسي هو كتاب الأمير، ثم كتاب من الحرب لفان كلاوسفيتز البْروسي. طبعا، لم أعقل بشكل صحيح معظم ما كتب فيهما، كل ما كان يثيرني وأنا شاب هو تلك الطاقة والذكاء والتخيطيط عند هؤلاء الرجال، وشيئا فشيء أصبحت أبتعد عن المراهقة الفكرية وأتوجّه إلى محاولة فهم العالم الحديث، بعد أن كنت منغلقا في حب العالم القديم.  طبعا، هذه العملية تستوحب عدة أدوات، تسمى علوم الآلة، وتعريفها هو كالآتي: هي العلوم التي تستعمل لغيرها. ما المقصود بهذا؟ ببساطة، لكي نرسم خطا مستقيما علينا أن نستعمل المسطرة، بالتالي، لكي تفهم العالم، عليك ان تستعمل أدوات الفهم.  في بداية الأمر، تأثرت كثيرا بعلم النفس، ذلك أن شقيقتي كانت تدرسه، ولم تكن تبخل عليّ بنقاشات تفوقني سنا. كانت تتقاسم معي بشكل يومي كل ما يتعلق بالموضوع، حتى أنني تاثرت بشكل كامل، وصرت أشاهد نفس المسلسلات النفسية التي كانت تتابعها، من بينها مسلسل ”مانتاليست“، المسلسل الذي وضعني أمام الإنسان بشكل مباشر.

 ثم توالت المسلسلات بهذا الخصوص مثل ”لاي تو مي ..وصولا إلى الاسطورة كريمينال مايندز“.    في نفس الوقت، بدأت أنتقل من الكتب التاريخية والسياسية إلى النفسية، إلى أن اصطدمت بالفيلسوف نيتشه.

اكتشافي لنيتشه لم يكن بشكل مباشر، لقد كانت مرحلة كبيرة جدا اوصلتني إليه، وآخر باب قبل غرفته كانت أفكار فرويد، فمن يقول فرويد وكارل يونغ، يقول خلفية نيتشية بحتة.  اكتشاف نيتشة أحدث زوبعة في عقلي، وهذا ليس حكرا علي، يمكنكم أن تسألوا أي شخص قرأ لنيتشه أول مرة، سوف ترون ردة فعله.
نيتشه كان بوابة الفلسفة بشكل رسمي عندي، وقد طالت هذه المرحلة لأن اكتشاف الفلاسفة ليس بالشيء الهين، بل يحتاج تجرعا. وقد كان هو -نيتشه- الذي أعاد فتح ملف التاريخ والحضارات مجددا بالنسبة لي، ولكن بالمنظور والنظارات الفلسفية البحتة، الشيء الذي دفعني لزاما للنظر في الفلسفة عند المسلمين. وهنا كانت مرحلة الحسرة والصدمة بالنسبة لي على ما تم إهماله من طرفي، فقد فُتح علي أخيرا أثقل ملف يمكن أن يلجه أي باحث في الفكر كيف لا وما تركه المسلمين هو إرث للعالم وليس لنا فحسب، فاكتشفت علم الكلام والمتكلمين، وفلاسفة الفرس والهند والسند والأناضول، حتى قادمي ذلك إلى شمال إفريقيا، وبها بلدي.

أما ملف الجزائر، فقد كان بالنسبة لي شيئا غامضا محصورا على ما تعلمناه في المدرسة، إلى أن رحت أقلب الصفحات وأرى ما كتبنا وما كتب عنا، ففتحت ملفا جديدا يدعى الجزائر بكل ما فيها.. 
وها أنت الآن تقرأ مقالة شخص دخل عالم الفكر والفلسفة بشكل غير منظم، لكنه سريعا ما كان يتدارك الثغرات وما يزال يفعل، وإا نظرت إلى مكتبته والكتب فيها ستقول: هل هي مكتبة شخص واحد أم عدة شخوص؟!..

قد يُتبع!

المقال 368
#عمادالدين_زناف

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق