التخطي إلى المحتوى الرئيسي

معركة أقدين


، يمكن لأي أحد استعمالها لإعادة نشرها في ويكيبيديا. 
_
وقعت معركة أكدين يوم 10 ديسمبر 1847 بين قوات سلطان مراكش عبد الرحمان بن هشام بقيادة ابنيه مولاي محمد ومولاي سليمان ضد جيش الأمير عبد القادر الجزائري، في سياق احتلال فرنسا للجزائر .

🔸السياق التاريخي.
بعد ما تم إبرام معاهدة طنجة (1844) ، تم الإعلان على أن الأمير عبد القادر الجزائري الإدريسي هو شخص خارج عن القانون في جميع أنحاء التراب المراكشي وكذلك في التراب الجزائري التابع للاحتلال الفرنسي آنذاك .
لقد كان الأمير يريد تجنب الحرب مع سلطان المغرب بقدر الإمكان في كل مرة، بل وكان يسعى لكسب إعانته ضد الاحتلال الفرنسي، وقد كان يرسل خليفته في كل مرة إلى حاكم مراكش، ثم أرسل أخلص مراسليه وهو بوحميدي بفاس لكي يتمكن من التفاوض معه مرة أخرى.
كان في كل مرة يُقتل أو يُسجن مراسلي الأمير عبد القادر. ووصل بوحامدي إلى قصر العاهل المغربي وطلب أن يتم استقباله وفق طقوس الاستقبال المقدسة، وراح باسم الصداقة والدين يستحضر له ذكريات الماضي والأخوة. لكن أدخله مولاي عبد الرحمن إلى السجن، ويقال إنه أُجبره على شرب السم [1] ، ومات بعد فترة قصيرة من سجنه.
بعد المعركة الأولى ضد جيوش السلطان المغربي في جويلية 1847، حطّ الأمير عبد القادر جيشه وقاعدته في زمالة، وهي في أكدين على الضفة اليسرى لنهر ملوية [2] الذي يعتبر هو الحد التاريخي الفاصل بين الجزائر والمغرب.
سير التحركات العسكرية
في 9 ديسمبر 1847 ، سمع الأمير إشاعات مفادها أن الجيش المغربي يتقدم نحو موقعه بسرعة عالية لينهي عليه، وذلك في إطار التعاون المغربي الفرنسي لصد مقاومة الأمير. وفي 10 ديسمبر، حصل الأمير عبد القادر على تأكيد مفاده أن ابني السلطان عبد الرحمن كانا في قلعة سلوان [3] ، وكانا على بعد 3 ساعات فقط من مكان السمالا ليهجموا على موقعه وينهوا بذلك حلم مساعي الأمير عبد القادر.
تكوّن الجيش المغربي الذي أرسله سلطان مراكش من 50 ألف رجل مقسمين إلى 3 فرق متتابعة.
كانت تفصل بينها مسافة كيلومتر واحد تقريبًا. عندما رأى عبد القادر هذه القوة تتقدم نحو معسكره الذي يضم 5000 شخص فقط، عرف أنه سيتم الاستيلاء على زماله لا محالة وحتماً إذا لم يتحرك بخطى محكمة. ومن ناحية أخرى، لم يكن لديه سوى قوة خفيفة من الضخيرة والأسلحة والعتاد بالمقارنة مع الجيش المغربي النظامي، فقد كان غير قادر على التعامل مع مثل هذه الأعداد بالطرق العادية.
في 11 كانون الأول (ديسمبر) حشد الأمير عبد القادر حوالي 1200 جندي مشاة و800 رجل وأمرهم بالاستعداد لمتابعته في ساحة المعركة ليلاً، وقد كانت حيلة منه لتفكيك الجيس المغربي من الداخل. أمر عبد القادر هؤلاء الجنود بتغطية جملين بالكامل بالحلفة بعد أن تم تغطيتهم بالقطران بشكل كامل[2] . وبعد أن أشعل النار فيهما، اندفع الجملان نحو المعسكر بقوة مرعبة، وأعقب ذلك إطلاق نار من المشاة الجزائريين الذين استظهروا ب سلاح الفرسان بقيادة عبد القادر وهو يهاجم معسكر العدو ببسالة منقطعة.
في خضم هذه الأحداث الملتهبة، واصل الأمير عبد القادر وفرسانه هجومهم وهم يستعدون للاصطدام بالفرقة الثانية من الجيش المغربي المرعوبة والمهزومة والمشتتة مثل الأولى. وفي أقل من ثلاثين دقيقة وصلوا إلى الدرجة الثالثة للفرقة المغربية التي كما ذُكر كانت تتباعد بنحو الكيلومتر عن بعضها. وبعد أن تحذيرهم من الأصوات القادمة من مقدمة الجيش المغربي من خطورة مشاة الأمير، كان لدى الأمراء المغربيين الوقت الكافي لإعداد بعض الجنود النظاميين للدفاع عنهم بالإعانة. وكان عبد القادر يعتزم مهاجمة خيامهم مع أَسْرهم هم كذلك .
في ظهر ذلك اليوم، تقدم 5000 من سلاح الفرسان المغربي نحو موقع الأمير ومخيمه. انتظر الأمير عبد القادر اقترابهم بفارغ الصبر بما كان يحضّره من قوة ردّ، وعندما اقتربوا من مسافة معقولة حسب نظرة الأمير، وضع نفسه على رأس جيشه وقاد الهجوم المعاكس.

🔸اللواحق والعواقب
لم تتعرض سمالة عبد القادر لمثل هذا الخطر الكبير من قبل، فقد نفدت الذخيرة - ولم تكن الذخيرة التي تم استعمالها من المغاربة مطابقة لذخيرة بندقيتهم. وعلى الرغم من استمرار أعداءه في مضايقة جيشه بعد عبور نهر ملوية، إلا أن الأمير عبد القادر رفض مغادرة هذه الضفاف حتى تكون سماله أمامه بمسافة ساعة في سهول طريفة . فقد العديد من الرجال حياتهم أو أصيبوا خلال اشتباكات على ضفاف نهر ملوية. وقد قُتل منهم القائد محمد بن يحيى الملقب بالشيطان بعد مآثره ومعاركه الكثيرة [2] . وفي حوالي حوالي منتصف الليل، وصلت السمالة إلى قبلة الواد ، ثم توقفت القواة المغربية عن إزعاجه فقد. كانوا على الأراضي الفرنسية.
لم يفقد أحد حياته بفضل عبقرية عبد القادر وشجاعته، ولم تتعرض السمالة لأي خسائر معتبرة. ومن بين هؤلاء الرجال المخلصين الذين تبعوه في ساحة المعركة، هلك ما يقرب من 200 [2] . أما بقية هؤلاء الجنود فقد أصيبوا بجروح طفيفة. عبد القادر نفسه فقد 3 خيول، ما عرف انتصار قواة الأمير ضد الجيش المغربي.

🔸المذكرات و المراجع
1. ^ Elsa Marston (2013). The Compassionate Warrior (بالإنجليزية). Indiana, USA: World Wisdom Inc. p. 63.

2. Charles Henry Churchill (1867). The Life of Abdel Kader, Ex-sultan of the Arabs of Algeria : Written from His Own Dictation, and Comp. from Other Authentic Sources (بالإنجليزية). Londres: Chapman and Hall. p. 261.

3. ^ أمير معسكر محمد باشا الجزائري (1903). كتاب تحفة الزائر في مآثر الامير عبد القادر واخبار الجزائر. Alexandrie. ص. 321

4- كتاب الاستقصا؛. ص 57 [بقية أخبار الحاج عبد القادر]

المقال 368

#استرجع_تراثك
#عمادالدين_زناف

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

ابن بطوطة.. الذي لم يغادر غرفته

ابن بطوطة، الرّحالة الذي لم يغادر غرفته. مقال عماد الدين زناف. ليسَ هذا أول مقال يتناول زيفَ الكثير من أعمالِ المؤرخين القدامى، الذين كانوا يكتبون للسلاطين من أجل التقرّب منهم، ومن ذلك السعيُ للتكسّب، ولن يكون الأخير من نوعه. الكتب التاريخية، وأخص بالذكر كتب الرّحالة، هي عبارة عن شيءٍ من التاريخ الذي يضع صاحبها في سكّة المصداقية أمام القارىء، ممزوجِ بكثيرٍ من الروايات الفانتازيّة، التي تميّزه عن غيره من الرحالة والمؤرخين. فإذا اتخذَ أحدنا نفس السبيل الجغرافي، فلن يرى إلا ما رآه الآخرون، بذلك، لن يكون لكتاباته أيّ داعٍ، لأن ما من مؤرخ ورحّالة، إلا وسُبقَ في التأريخ والتدوين، أما التميّز، فيكون إما بالتحليل النفسي والاجتماعي والفلسفي، أو بابتداع ما لا يمكن نفيُهُ، إذ أن الشاهد الوحيد عن ذلك هو القاصّ نفسه، وفي ذلك الزمن، كان هناك نوعين من المتلقين، أذن وعين تصدق كل ما تسمع وتقرأ، وأذن وعين لا تلتفت إلا لما يوافق معتقدها أو عقلها.  الهدف من هذا المقال ليس ضربُ شخص ابن بطوطة، لأن الشخص في نهاية المطاف ما هو إلا وسيلة تحمل المادة التي نتدارسها، فقد يتبرّأ ابن طوطة من كل ما قيل أنه قد كتبه، ...

مذكرة الموت Death Note

إذا كُنت من محبّي المانجا و الأنيم، من المؤكد أنه لم تفتك مشاهدة هذه التُّحفة المليئة بالرسائل المشفّرة. هذا المسلسل اعتمد على عدّة ثقافات و إيديولوجيات و ارتكز بشكل ظاهريّ على الديكور المسيحي، في بعض اللقطات و المعتقدات. المقال الـ104 للكاتب Imed eddine zenaf / عماد الدين زناف  _ الرواية في الأنيم مُقسّمة الى 37 حلقة، الشخصيات فيها محدّدة و غير مخفية. تبدأ القصة بسقوط كتاب من السّماء في ساحة الثانوية موسوم عليه «مذكرة الموت» ،حيث  لمحه شاب ذكيّ يُدعى ياغامي رايتو، و راح يتصفحه، احتفظ به، رغم أنه أخذها على أساس مزحة ليس الّا، و بعد مدّة قصيرة اكتشف ان المذكرة "سحريّة"، يمكنه من خلالها الحكم على ايّ كان بالموت بعد اربعين ثانية من كتابة اسمه و طريقة موته بالتفصيل. لم تسقط المذكرة عبثاً، بل اسقطته شخصية تُسمى ريوك، من العالم الآخر، وكانت حجة ريوك هي: الملل والرغبة في اللعب. كلُ من يستعمل مذكرة الموت يطلق عليه اسم " كيرا".  بعدها تسارعت الأحداث بعدما أصبح "كيرا" يكثّف من الضحايا بإسم العدل و الحق، فقد كان منطلقه نبيلاً: نشر العدل و القضاء على الجريمة في الأرض....

أخلاق العبيد، نيتشه والمغرب الأقصى

مفهوم أخلاق العبيد عند نيشته، المغرب الأقصى مثالا. مقال عماد الدين زناف. فريدريش نيتشه، حين صاغ مفهومه عن «أخلاق العبيد» في مُعظم كتبه، لم يكن يتحدث عن العبودية الملموسة بالمعنى الاجتماعي أو الاقتصادي، أو بمعنى تجارة الرّق. بل تحدّث عن أسلوب في التفكير نِتاجَ حِقدٍ دفين وخضوع داخلي يولد مع الأفراد والجماعة. إذ بيّن أن الضعفاء، العاجزين عن تأكيد قوتهم، اخترعوا أخلاقًا تُدين الأقوياء، فرفعوا من شأن التواضع والطاعة فوق ما تحتمله، حتى أنها كسرت حدود الذل والهوان. ومن هذا المنطلق يمكن رسم موازاة مع خضوع شعب المغرب الأقصى لنظام المخزن. إذ أنها سلطة شكّلت لعقود علاقة هرمية تكاد تكون مقدسة بين الحاكمين والمحكومين. وما يلفت النظر هو أنّ هذا الخضوع لم يُقبل فقط بدافع الخوف والريبة، بل تَمَّ استبطانه كفضيلة بل وعمل أخلاقيًا. فالطاعة أصبحت عندهم حكمة، والعبودية وَلاءً، والاعتماد على الغير، أيًّ كانت مساعيه في دولتهم عبارة عن صورة من صور الاستقرار. نيتشه قال «نعم للحياة»، لكنها استُبدلت بـ«لا» مقنّعة، إذ جرى تحويل العجز التام على تغيير الظروف إلى قيمة، وتحويل الذل إلى فضيلة الصبر، وعندما عبّر قائلا...