من شيوخ المؤرخين المسلمين، نجم الأدب المسيلي التلمساني.
هو أحمد بن محمد المَقْري، أصلهُ من المسيلة ببلدية مَقْره وهو تلمساني المولد والنشأة. هو مؤرخ وأديب وشاعر جزائري، ولد في زمن إيالة الجزائر البحريّة، وذلكَ سنة 1578م، تعلّم عند عمّه مًفتي تلمسان سعيد المقري، الذي ارتحل إليها جدّه وسكنت عائلته بها. رحل إلى فاس ومراكش وقد أعجبَ سلطان فاس المنصور به لنُدرة أمثال ذلك الجزائري وافتقار محيطه لخامةٍ أدبية مثله، فقرّبه واستفاد منه كثيرًا، ثمَّ نصبه إماما ومفتيا وخطيبا، فردّ له المقري جميله بتأليف كتاب يمتدح فيه فاس والعلماء الذين حلّوا فيها. ثم رحل منها بعد صراع أبناء المنصور على مُلكِ فاس، فتدهورت الأوضاع وترك أسرته هناك ثم هجَّ إلى الحجاز، ثم بعدها إلى مصر، فتزوّج بسيدة مصريّة وسكنَها مُدرّسا في الأزهر، وشرع فيها بتأيف أشهر كتبه وهو كتاب النفح الطيّب، وهو كتاب في التاريخ الأندلسيّ. ثمّ هاجر إلى القدس ومنها إلى دمشق، فأعجب بها ولاق استحسان علمائها، فألحّوا عليه البقاء معهم، فقبل وهمّ يغادر مصر إلى دمشق، لكن سبقته المنيّة وتوفّى بها سنة 1632م. كـان أبو العباس مـالكيا أشعريا مثل أجداده الجزائريين، وهو لم يعمّر أكثر من 53 سنة، فلم يسعه عمره في تأليف كتابه أنواء نيسان في أنباء تلمسان المسقط والجنّة، الذي نوى تأليفه عندما كان في فاس حيث قال "حالت بيني وبين ذلك العزم والأقدار، فشغلت بأمور اللإمامة والفتوى والخطابة" وهو الذي كان كثير الحديث عن حنينه لهواء الجزائر، وقد كان كثير النقل لشعراء مدحوا تلمسان في نفح الطيب، كقوله : "أحسن قولا لكاتب الثغر ييمدح تلمسان بقوله،
تاهت تلمسانٌ بحسن شبابها ... وبدا طراز الحسن في جلبابها
فالبشر يبدو من حباب ثغورها ... متبسّماً أو من ثغور حبابها
قد قابلت زهر النجوم بزهرها ... وبروجها ببروجها وقبابها
حسنت بحسن مليكها المولى أبي ... حمو الذي يحمي حمى أربابها
ملك شمائله كزهر رياضها ... ونداه فاض بها كفيض عبابها
أعلى الملوك الصّيد من أعلامها ... وأجلّها من صفوها ولُبابها
غارت بغرة وجهه شمس الضحى ... وتنقيت خجلاً بثوب ضبابها
والبدر حين بدت أشعّتها له ... حسناً تضاءل نوره وخبا بها
لله حضرته التي قد شرّفت ... خدّامها فسموا بخدمة بابها
فاللثم في يمناه يبلغها المنى ... والمدح في علياه من أسبابها.
أما مؤلفاته فلا حصر لها، كثير منها متوفرة في موقع مكتبة نور، ومنها «نفح الطِّيب من غصن الأندلس الرَّطيب» في أربعة أجزاء وهو في تاريخ الأندلس وعلمائها وأدبائها، والثَّاني « أزهار الرِّياض في أخبار القاضي عِياض» في أربعة أجزاء، ولا يزال الكتابان من أبرز مصادر الأدبين المغاربيّ والأندلسيِّ حتَّى اليوم. من كتبه الأخرى «روضة الأنس العاطرة الأنفاس في ذكر من لقيته من علماء مراكش وفاس» و«عرف النَّشق في أخبار دمشق» و«حسن الثَّنا في العفو عمَّن جنى» وله أرجوزة سمَّاها «إضاءة الدُّجنَّة في عقائد أهل السُّنَّة» وله في النَّبويَّات «فتح المتعال في وصف النِّعال» نعال النبيّ.
من علماء الجزائر الذين أشعلوا شمعة علمهم في المشرق والمغرب.
المقال 367
#عمادالدين_زناف #استرجع_تراثك
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق