الأحد، 23 يوليو 2023

حيوانيّة الإنسان

حيوانية الإنسان، عندما يصبح البشر هِرّا مُرتابًا.

الاستراتيجية الأنجح عبر التاريخ؛

 تكمن هذه العملية في صناعة أو دعم منافس نعلم أنه لا يرقى للمنافسة ولا يزعج الحظوظ التي لدينا في البقاء. وبالتالي يتم العمل على نفخه ليكون عبارة عن نقطة تشويش للمنافش الحقيقي، أي، نجعله أداة تلهي منافسنا المباشر. إذا كان هذا المنافس يملك طموحًا، فالاستراتيجية هذه تدفع صاحبها لدعم هذا المنافس ليبقى نشطا، واثقا ومصدّقا لنفسه على أنه يمكنه أن يصل، يقول نابليون «إياك أن تعرقل أي حرگة غبية من عدوّك» صحيح، وفي هذه الحال، لا تعرقل فكرته الغبية بل ادعمها حتى إذا كان ظاهرها يعاديك. 

هذا بالنسبة للدول، أما بالنسبة للأفراد، فنحن نرى ترجمة هذه الاستراتيجية يوميا لكننا لا نستطيع تفكيكها ولا أن نفهم معالمها، أنظر المثال: تجد شخصيات مشهورة في مجال ما، تتطوع من حين لآخر لتظهر شخصيات شبه نكرة، فتجعلها كأنها الوريثة لها من بعدها، أو تضعها في مقام الندية والمنافسة الشريفة بين الزملاء، أو تجعلها في مقام المنافس الشرس الذي يقلقها! وهي تعلم علم اليقين أن تلك الشخصيات لا ترقى لأن تكون شخصيات عامة ذات حضور متوسط.. حتى تكون شخصيات خاصة ذات هيبة! 

لكن هذه الاستراتيجية تجبر هؤلاء المشاهير والمؤثرين في مجالهم على تضخيم وتفخيم منافس وهمي، صناعة أو دعم منافس أو صديق مقرب يتم اختياره لسهولته ولسذاجته رغم مظهره الطموح، لكي يضمنوا أولا: استحالة أن يتم تجاوزهم في مجالهم من طرف هؤلاء المُصنَّعين، وبالتالي سيظهرون أمام جمهورهم أنهم أقوياء جدا، وثانيا: ليتم إبعاد نظر المتابعين أكثر فأكثر عن المنافس الحقيقي الذي يهدد فعلا وجودهم في ذلك المجال! فالمشهور لا يستطيع أن يطبّق هذه الاستراتيجية مع منافس حقيقي، لن تصبح إستراتيجية في هذه الحالة بل ستصبح استسلاما للأمر الواقع وربما أكثر: التودد لذلك المنافس! لأنها ستعتبر كخطوة انتحـ.ارية.

 الخطورة هي تعريف الجمهور بشخصية تطرح بضاعة مناقضة وذات جودة! لا يمكن بأي حال أن يُشهر ذلك المشهور، الذي يبقى في نهاية المطاف تاجرا كغيره، بتجارة منافس فعلي له، حتى على سبيل الصداقة والزمالة والأخوة، وهذا راجع لحيوانية الإنسان، إذ تجده يشبه القط الغضوب المرتاب من وجود قطط قد تقترب من أكله.. ويشبهه تشابها مطبقٍا. انظر، رغم قوة هذه الاستراتيجية والتي أكدت مفعولها ومازلات، إلا أن الحياة مركبة ومعقدة، لا يمكن التحكم في تفاصيلها بهذه البساطة، فربما تنجح العملية لمرة أو مرتين، لكن ليس في مل مرة تسلم الجرّة، سيأتي اليوم الذي فيه تنكسر.. لكن في اليوم الذي تصبح فيه قويا، ستجد نفسك أول من يبحث على صناعة عدو أو صديق لجعلهم مادة تبرز بها ضعلاتك وعطفك وإنسانيتك لتزيد من إثبات عرشك أمام جمهورك ومحيطك.

#عمادالدين_زناف

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق