"الشّفَرات" في الفلسفة!
هُناك في الفلسفة مُصطلح مَعروف يُدعى الشفرة "كذا"، شفرة الأوكامي، شفرة دافيد هيوم، شفرة ايتشنز، شفرة ألدير، شفرة بوبر، وشفرة هانلون! ستقولونَ لي: ما هذه الشعوذة أيضاً؟ سأشرحُها بطريقة بسيطة جداً، تابعوا.
استعمال اسم الشّفرة ليسَ عَبثيّ، الشفرة عبارة عن مُوسَى صغيرة حادّة يُقطع بها ما يستطاع قطعه. تتابع المفكرون في استعمال هذا المصطلح للإشارة الى قطع الأمور والمفاهيم والأفكار التي لا نحتاجها، أو التي تعتبر غير واردة، أو التي تعيق فهمنا، أو الخاطئة منهجياً، وغيرها من الاستعمالات.
🔪أولاً، شفرة الأوكامي. تكلّمتُ عنها في أحد دروسي في اليوتيوب، تعود الى الراهب الإنجليزي جِيّوم من مدينة أوكام من القرن الرابع عشر. عندما تكون أمام أكثر من اقتراحات تعاكس بعضها بعضاً، أو تتسابق مع بعضها لشرحِ مفهوم ما، أو حدثٍ ما، يقترح علينا الأوكامي أن نختار الاقتراح الأبسط والوارد من بينهم، بكل بساطة. نفعل ذلك عن طريق قطع كل الاقتراحات الأخرى بضربة موسى واحدة. لماذا علينا أن نعقّد الأمور، إذا كانَ بالإمكان أن نسهّلها، لماذا نتّجه نحو الحل الأعقد، والحل الأسهل متوفّر.
🔪ثانياً، شفرة هيوم. دافيد هيوم فيلسوف واقتصادي ومؤرّخ أسكتلندي من القرن الثامن عشر. يقترح هيوم مبدأ السببية، أو بالسبب الكاف. إذا كان السبب المُلحق بأي شيء غير كافٍ لإعادة انتاجه، علينا إذا اما التخلي عنه، أو نظيف له بعض الميزات التي تسمح له ليعيد انتاج ما نريده. إذا كان الشاي عاملاً للتنحيف، فإما لا علاقة للشاي بالنحافة، واما ليس هو السبب الوحيد في النحافة.
🔪ثالثا، شفرة ايتشنز. كريستوفر ايتشنز صحفي ومؤلّف، يقول بأن من يقترح تأكيداً ما، عليه أن يبرّر نجاعة ذلك الشيء، أو يُرفض. يقول، ما يُؤكّد دون دليل، يُرفض دونَ دليل.
🔪رابعاً، شفرة أدلر. مايك أدلر رياضياتي أسترالي، إذا كان هناك شيء لا يمكن صناعته بالتجربة أو بالملاحظة، إذا هو لا يحتاج الى جدالٍ ما. كلّ حوار يدور حول أطروحة غير محققة، لاقتراحات سطحية، لاحتمالات، أو معتقدات، هو حوار عقيم.
🔪خامساً، شفرة بوبر. تكلمت من قبل عن كارل بوبر في احدى دروسي باليوتوب، خاصة هو نظريّته للرّفض بالنسبة للنظريات العلمية. يقول أن هدف العلم ليس التحقق من الأطروحات، بل بمحاولة رفضها. وبمحاولة رفضها بكل قوة، تُثبت أحقيتها العلمية من هشاشتها. العالم يبحث بكل الطرق على اثبات ان ما يظنه هو خطأ وليس صواباً، وإذا لم يستطع اثبات انها خاطئة، فبهذا قد ينجح في اثبات أحقيّة تجربته.
🔪سادساُ، شفرة هانلون. روبرت هانلون مبرمج بريطاني، يقول باختصار، "لا تنسب شيئاً الى الحقد، عندما يُفسّر ذلك الغباء". جملة مُعقّدة؟ يقول إننا لا يجب أن ننسب لبعض الأشخاص صفات الحقد أو المكر والخديعة والبغضاء والتهجّم والتنمّر، اذا كان السبب الوحيد الذي يشرحُ سلوكه هو الغباء. بعض الأشخاص يقومون بحماقات لا يدركون حجمها، ولا يدركون أنها تؤذي الماس، او تقودهم الى الهلاك. هناك كثير من الحمقى في العالم، لا يجب أن نعطيهم أكثر من حجمهم، ذلك أن المكر والخديعة والحقد يحتاج شيئاً من التخطيط، وهي صفات تحتاج الى الذكاء، غير أننا نظلمُ الغبيّ عندما نعتقد انه ذكيّ.
#عمادالدين_زناف
المقال 272
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق