التخطي إلى المحتوى الرئيسي

خيار شمشون ومصير العالم



بين دَليلة وخِيار شَمشون النوويّ!

هل تعرفون أسطورة "شَمشون" هذا؟ من لا يَعرف قصّة شمشون "الخارق"، لن يفهمَ مشروع شمشون للكيان المُحتلّ، ولن يَفهم قوّة الرّدع الأخيرة للبلدان النوَوِيّة! لا تقلقوا، سأُلخّصها لكم بنُسختِهم.
تروي لنا الأساطير الإسرائيلية في عهدها القديم، أن في زمنٍ بعيد، سيطرَ الفلستيون "الفلسطينيون القُدماء" على كل منطقة كنعان (فلسطين الحالية)، بعدَ أن هُزمَ "بني إسرائيل" بغضبٍ من الرّب. وقد بقيَ منهم قليل من العائلات من بني إسرائيل، ومن بينها ترعرع فتى يُدعى شمشون. تربّى على كره الفلستيين، ذلك أنّهم "هزموا" قومه. عندما كَبُر شمشون، عَمِلَ على استرداد "وطنهم". عُرفَ على شمشون البُنية الجسديّة الخارقة والذكاء والحكمة.
سافر بينَ أطراف فلستين. وأحبّ امرأة فلستيّة تُدعى دليلة. في طريقهِ اليها للزواج منها، ومنهُ لضرب الفلستيين في معقلهم، هاجمهُ أسدٌ عظيم، فهَزَمهُ. وفي حفل زواجهِ من دليلة، أخبر شمشون ثلاثين رجلا فلستيا ما يُدعى الآن أحجيةً، وعدهم بثلاثين قميصا وثلاثين ثوباً اذا وجدوها، . الأحجية تقول أن من الآكل خرج أكل، ومن القوي خرجت حلاوة، وذلك ما شاهدهُ في جثّة الأسدالذي هزمهُ، فقد رأى التفاف النحل به. ففهمها الفلستيون وغضبوا من الأحجية وأخبروا زوجته دليلة أنهم سيحرّقونها مع عائلة أبيها إن لم تكتشف الحل وتقضيَ عليه قبل الكارثة.
عندما عادَ شمشون الى بيتِ زوجته، وجَدَ أنّ والدها قد حَرمهُ منها، وعَرضَ عليه أختها الصُّغرى، فغضبَ غضباً شديداً، قام شمشون بوضع مشاعل على أذناب ثلاثمئة ثعلب لتهجم على حقول الفلستيُّون وتحرقها كلها. فعرف الفلستيُّون سبب حرق شمشون لمزارعهم فانتقموا من أقربائه، وانتقاما منهم، قام شمشون بقتل أكبر عدد من الفلستيُّون.
طلبَ الفلستيّون بحدّ قوّة شمشون، حتى شمشون نفسهُ كانَ يساعدها في إيجاد نقطة ضعفه لأنهُ كانَ يُحبّها. فقد كانَ يُخبرها بأمور مثل أن تقيّده في نومه، لكنها لم تنجح، فقد كانَ يتخلّص من كل حيلها بسهولة. الى أن قالَ لها أنّ سرّ قوّته تكمن في شعرهِ الطويل، فقامت بقصّه، أو طلبت من الخدم بأن يفعل ذلك، فأصبحَ ضعيفاً.
قبض عليه الفلستيّون، وأحرقوا عينيهِ، فأصبحَ أعمى، ثمّ ساقوه الى سجنٍ في غَزّة ليعملَ كطحّانٍ للشعير.
في أحد الأيام اجتمع الفلستيُّون في المعبد ليضحوا للرب داجون كشكر على مسكهم شمشون. فأحضروا شمشون ليسليهم. لكنهم نسوا أن شعر شمشون كان قد عاد وطال، أيّ أنهُ استعادَ قوّتهُ الخارقة. فسأل شمشون الخادم عن أعمدة المعبد الرئيسية لكي يستند عليها، فعندما استنَدَ عليها قام بتدميرِ كل المَعبدِ كعمليّة انتحاريّة وأسقدَ كل الفلستيين الذين كانوا في المعبد، وقيل انه قتل عندَ موته أكثرَ مما قتل في حياته.
ماذا تخبرنا أسطورة شمشون؟ الحدق منكم قد فهمَ ان مشروع الكيان المسمى samson option أو خِيار شمشون، هوَ أنّه اذا استشعروا أنّهم قد خسروا، فسيدمّرون الجميع نوَوَيّاً. وليسَ الكيانُ فَحسب، بل كل دولة نووية كُبرى، من بينهم روسيا الاتحادية، تملك هذا الخيار المُدمّر للإنسانية، ويعود هذا الخيار لهذه الأسطورة العقديّة العميقة، اذا سقطتُ سيسقُطُ الجميع.
لم يَعد الحديث عن انهزامٍ ما، بل سينهزمُ الجميع اذا ما انهزمت الدولة الخارقة. طبعاً تلكَ أساطيرهم، ولكن الرّدع النووي ليسَ كذلك، على الأقل، لا نملك دليلاً يدحض هذا. وعليه، نحنُ أمام مُفترق الطّرق في تاريخ الإنسانية، من كلّ زاوية ننظر اليها.
بقدرة الله وحده وارادته، لن يحدثَ شيء، أو سيحدثُ كلّ شيء.
المقال 273

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

ابن بطوطة.. الذي لم يغادر غرفته

ابن بطوطة، الرّحالة الذي لم يغادر غرفته. مقال عماد الدين زناف. ليسَ هذا أول مقال يتناول زيفَ الكثير من أعمالِ المؤرخين القدامى، الذين كانوا يكتبون للسلاطين من أجل التقرّب منهم، ومن ذلك السعيُ للتكسّب، ولن يكون الأخير من نوعه. الكتب التاريخية، وأخص بالذكر كتب الرّحالة، هي عبارة عن شيءٍ من التاريخ الذي يضع صاحبها في سكّة المصداقية أمام القارىء، ممزوجِ بكثيرٍ من الروايات الفانتازيّة، التي تميّزه عن غيره من الرحالة والمؤرخين. فإذا اتخذَ أحدنا نفس السبيل الجغرافي، فلن يرى إلا ما رآه الآخرون، بذلك، لن يكون لكتاباته أيّ داعٍ، لأن ما من مؤرخ ورحّالة، إلا وسُبقَ في التأريخ والتدوين، أما التميّز، فيكون إما بالتحليل النفسي والاجتماعي والفلسفي، أو بابتداع ما لا يمكن نفيُهُ، إذ أن الشاهد الوحيد عن ذلك هو القاصّ نفسه، وفي ذلك الزمن، كان هناك نوعين من المتلقين، أذن وعين تصدق كل ما تسمع وتقرأ، وأذن وعين لا تلتفت إلا لما يوافق معتقدها أو عقلها.  الهدف من هذا المقال ليس ضربُ شخص ابن بطوطة، لأن الشخص في نهاية المطاف ما هو إلا وسيلة تحمل المادة التي نتدارسها، فقد يتبرّأ ابن طوطة من كل ما قيل أنه قد كتبه، ...

مذكرة الموت Death Note

إذا كُنت من محبّي المانجا و الأنيم، من المؤكد أنه لم تفتك مشاهدة هذه التُّحفة المليئة بالرسائل المشفّرة. هذا المسلسل اعتمد على عدّة ثقافات و إيديولوجيات و ارتكز بشكل ظاهريّ على الديكور المسيحي، في بعض اللقطات و المعتقدات. المقال الـ104 للكاتب Imed eddine zenaf / عماد الدين زناف  _ الرواية في الأنيم مُقسّمة الى 37 حلقة، الشخصيات فيها محدّدة و غير مخفية. تبدأ القصة بسقوط كتاب من السّماء في ساحة الثانوية موسوم عليه «مذكرة الموت» ،حيث  لمحه شاب ذكيّ يُدعى ياغامي رايتو، و راح يتصفحه، احتفظ به، رغم أنه أخذها على أساس مزحة ليس الّا، و بعد مدّة قصيرة اكتشف ان المذكرة "سحريّة"، يمكنه من خلالها الحكم على ايّ كان بالموت بعد اربعين ثانية من كتابة اسمه و طريقة موته بالتفصيل. لم تسقط المذكرة عبثاً، بل اسقطته شخصية تُسمى ريوك، من العالم الآخر، وكانت حجة ريوك هي: الملل والرغبة في اللعب. كلُ من يستعمل مذكرة الموت يطلق عليه اسم " كيرا".  بعدها تسارعت الأحداث بعدما أصبح "كيرا" يكثّف من الضحايا بإسم العدل و الحق، فقد كان منطلقه نبيلاً: نشر العدل و القضاء على الجريمة في الأرض....

أخلاق العبيد، نيتشه والمغرب الأقصى

مفهوم أخلاق العبيد عند نيشته، المغرب الأقصى مثالا. مقال عماد الدين زناف. فريدريش نيتشه، حين صاغ مفهومه عن «أخلاق العبيد» في مُعظم كتبه، لم يكن يتحدث عن العبودية الملموسة بالمعنى الاجتماعي أو الاقتصادي، أو بمعنى تجارة الرّق. بل تحدّث عن أسلوب في التفكير نِتاجَ حِقدٍ دفين وخضوع داخلي يولد مع الأفراد والجماعة. إذ بيّن أن الضعفاء، العاجزين عن تأكيد قوتهم، اخترعوا أخلاقًا تُدين الأقوياء، فرفعوا من شأن التواضع والطاعة فوق ما تحتمله، حتى أنها كسرت حدود الذل والهوان. ومن هذا المنطلق يمكن رسم موازاة مع خضوع شعب المغرب الأقصى لنظام المخزن. إذ أنها سلطة شكّلت لعقود علاقة هرمية تكاد تكون مقدسة بين الحاكمين والمحكومين. وما يلفت النظر هو أنّ هذا الخضوع لم يُقبل فقط بدافع الخوف والريبة، بل تَمَّ استبطانه كفضيلة بل وعمل أخلاقيًا. فالطاعة أصبحت عندهم حكمة، والعبودية وَلاءً، والاعتماد على الغير، أيًّ كانت مساعيه في دولتهم عبارة عن صورة من صور الاستقرار. نيتشه قال «نعم للحياة»، لكنها استُبدلت بـ«لا» مقنّعة، إذ جرى تحويل العجز التام على تغيير الظروف إلى قيمة، وتحويل الذل إلى فضيلة الصبر، وعندما عبّر قائلا...