التخطي إلى المحتوى الرئيسي

الكِندي، صانع الفلسفة العربية


▪المؤسس المَظلوم! ▪

يتّصل الكندي - الكوفي المُتولد سنة 805م - من نواحي كثيره بأئمة المعتزلة، هذا الفيلسوف كان أول من أخذ بمذهب المشائين في الاسلام. وهو أول من لُقب بفيلسوف العرب!
 نستطيع أن نقول أنه أول من تبحّر في فنون الحكمة وأحكام جميع العلوم وثبّت المعاني الفلسفية في ادألفاظ عربيى دقيقه. أما فلسفته، فتقوم على أساس الرياضيات، [كما أعتقد أن الفلسفة مستخيلة دون فهم الفيزياء]، تمتزج فيه الأفلاطونية الحديثة بالفيتاغورتيه الجديدة.
فتعلُم الرياضيات عنده ضروري لتحصيل الفلسفة، وكثيرا ما يطبق المنهج الرياضي في المسائل الفلسفية والعلمية والطبية، ويحرص على اِبراز فكرة التناسب في كل شيء. أضف الى ذلك، أنه يُقدّس العقل، ويعتقد أن مردُّ الاشياء كلها اليه. 
فالمادة لا تتصور الا بالصورة التي تفيض عليها من العقل، والنفس الوسطى بين العقل الالهي والعالم المادي فإنها تصدر عالم الافلاك، أما النفس الانسانية، فهي ايضا من النفس الكونية، هبطت من عالم العقل الى عالم الحس، مزودة بذكريات حياتها السابقة، الا أنه لا يقَرُ لها قرار حتى تعود الى عالم العقل، وتحضى فيه بديمومة مستقرة.
وقد ألّفف الكندي رساله أثرت في جميع الفلاسفه الذين جاءوا من بعده، تقسم العقل الى اربعه اقسام: 
▪ العقل الذي بالفعل ابدا وهو العقل الاول.
▪ الذي بالقوة.
▪ العقل بالفعل الذي خرج في النفس من القوه الى الفعل بتاثير العقل الاول.
▪ العقل الظاهر الذي تخرجه النفس فيكون موجودا لغيرها منها بالفعل.

وللمعرفه عند الكندي طريقان، أحدهما طريق العقل والاخر طريق الوحي، وهذان طريقان يوصلان الى حقيقة واحده.
[أخذها الفارابي منه]
 وما حاوله الكندي، هو التوفيق بين الحقائق التي يهتدي اليها بالنظر العقلي، والحقائق المستفاده من مصدر ديني.
كان المعتزلة قد سبقوه إليها في الدفاع عن الوحي والعقل. فهو وإن اتفف مع المعتزلة في القول بالعدل والتوحيد وفي اثبات النبوات والقول بحدوث العالم وتنزيه الخالق عن صفات المخلوقات، الا انه يختلف عنهم بسعهدة افقه العلمي. وجمعه بين تعاليم الفيثاغوريين والأفلاطونيين والمشائين. اضف الى ذلك ان الظواهر الوجود عنده مرتبطه بعضها ببعض، والاعلى يؤثر في الادن،ى والله واحد وازلي ومبدع لم يسبقه وجود، لا ينتهي له وجود، ولا يكون وجود الا به.
واذا كان العقل عل جميع المعقولات وكانت العله تؤثر في المعلول، كانت الحقائق كلها بمعنى ما الهيه لانها كليه وضروريه ومطلقه وكامله.
فقد اثر الكندي في كل من ابن سينا والفارابي.
وكانت شهره ابن سينا والفرابي قد غطت الكندي، فتم التغافل عنه وتجاهله،  فقد ردد السرّاح اسمي الفارابي وابن سينا في كثير من كتبهم وأهمل اسم الكندي!
 حتى ان الغزالي لما ذكر الفلاسفة لم يذكر منهم الا ابا نصر وابن سينا زاعما انه لم يقم بنقل علوم ارسطو احد من الاسلاميين كقيام هذين الرجلين.
وكما ان ابن طفيل لم يجد حاجه الى نقد فلسفة الكندي بمقدمه كتابه [حي ابن يقظان]، كذلك القاضي صاعد لم يذكره في كتاب طبقات الأمم الا ليتّهمه بالتقصير في صناعى التحليل.
ومع ذلك، أنا أعتقد ان الكندي كان واضع حجر الاساس في صرح الفلسفة العربية ، وبفضل عنايته ظهر في اللغه العربية ما ظهر من أنواع العلم واصناف الصناعة. ولولاه لما رادت الفلسفة في الاسلام، ولا كان لغيره فيها مجال ولا مقال، نهيك به امام المحيطا بجميع علوم عصره مع جودة عقله وحسن تمييزه ولطف من نظره وهو المتقدم بين الفلاسفه العرب والفضل للمتقدم دائماً.

رحم الله الكندي المتوفي سنة 873م ، وغفر له ما تجاوز فيه الضرورات.

معلومات من تاريخ الفلسفة العربية.
المقال 201
#عمادالدين_زناف

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

ابن بطوطة.. الذي لم يغادر غرفته

ابن بطوطة، الرّحالة الذي لم يغادر غرفته. مقال عماد الدين زناف. ليسَ هذا أول مقال يتناول زيفَ الكثير من أعمالِ المؤرخين القدامى، الذين كانوا يكتبون للسلاطين من أجل التقرّب منهم، ومن ذلك السعيُ للتكسّب، ولن يكون الأخير من نوعه. الكتب التاريخية، وأخص بالذكر كتب الرّحالة، هي عبارة عن شيءٍ من التاريخ الذي يضع صاحبها في سكّة المصداقية أمام القارىء، ممزوجِ بكثيرٍ من الروايات الفانتازيّة، التي تميّزه عن غيره من الرحالة والمؤرخين. فإذا اتخذَ أحدنا نفس السبيل الجغرافي، فلن يرى إلا ما رآه الآخرون، بذلك، لن يكون لكتاباته أيّ داعٍ، لأن ما من مؤرخ ورحّالة، إلا وسُبقَ في التأريخ والتدوين، أما التميّز، فيكون إما بالتحليل النفسي والاجتماعي والفلسفي، أو بابتداع ما لا يمكن نفيُهُ، إذ أن الشاهد الوحيد عن ذلك هو القاصّ نفسه، وفي ذلك الزمن، كان هناك نوعين من المتلقين، أذن وعين تصدق كل ما تسمع وتقرأ، وأذن وعين لا تلتفت إلا لما يوافق معتقدها أو عقلها.  الهدف من هذا المقال ليس ضربُ شخص ابن بطوطة، لأن الشخص في نهاية المطاف ما هو إلا وسيلة تحمل المادة التي نتدارسها، فقد يتبرّأ ابن طوطة من كل ما قيل أنه قد كتبه، ...

مذكرة الموت Death Note

إذا كُنت من محبّي المانجا و الأنيم، من المؤكد أنه لم تفتك مشاهدة هذه التُّحفة المليئة بالرسائل المشفّرة. هذا المسلسل اعتمد على عدّة ثقافات و إيديولوجيات و ارتكز بشكل ظاهريّ على الديكور المسيحي، في بعض اللقطات و المعتقدات. المقال الـ104 للكاتب Imed eddine zenaf / عماد الدين زناف  _ الرواية في الأنيم مُقسّمة الى 37 حلقة، الشخصيات فيها محدّدة و غير مخفية. تبدأ القصة بسقوط كتاب من السّماء في ساحة الثانوية موسوم عليه «مذكرة الموت» ،حيث  لمحه شاب ذكيّ يُدعى ياغامي رايتو، و راح يتصفحه، احتفظ به، رغم أنه أخذها على أساس مزحة ليس الّا، و بعد مدّة قصيرة اكتشف ان المذكرة "سحريّة"، يمكنه من خلالها الحكم على ايّ كان بالموت بعد اربعين ثانية من كتابة اسمه و طريقة موته بالتفصيل. لم تسقط المذكرة عبثاً، بل اسقطته شخصية تُسمى ريوك، من العالم الآخر، وكانت حجة ريوك هي: الملل والرغبة في اللعب. كلُ من يستعمل مذكرة الموت يطلق عليه اسم " كيرا".  بعدها تسارعت الأحداث بعدما أصبح "كيرا" يكثّف من الضحايا بإسم العدل و الحق، فقد كان منطلقه نبيلاً: نشر العدل و القضاء على الجريمة في الأرض....

أخلاق العبيد، نيتشه والمغرب الأقصى

مفهوم أخلاق العبيد عند نيشته، المغرب الأقصى مثالا. مقال عماد الدين زناف. فريدريش نيتشه، حين صاغ مفهومه عن «أخلاق العبيد» في مُعظم كتبه، لم يكن يتحدث عن العبودية الملموسة بالمعنى الاجتماعي أو الاقتصادي، أو بمعنى تجارة الرّق. بل تحدّث عن أسلوب في التفكير نِتاجَ حِقدٍ دفين وخضوع داخلي يولد مع الأفراد والجماعة. إذ بيّن أن الضعفاء، العاجزين عن تأكيد قوتهم، اخترعوا أخلاقًا تُدين الأقوياء، فرفعوا من شأن التواضع والطاعة فوق ما تحتمله، حتى أنها كسرت حدود الذل والهوان. ومن هذا المنطلق يمكن رسم موازاة مع خضوع شعب المغرب الأقصى لنظام المخزن. إذ أنها سلطة شكّلت لعقود علاقة هرمية تكاد تكون مقدسة بين الحاكمين والمحكومين. وما يلفت النظر هو أنّ هذا الخضوع لم يُقبل فقط بدافع الخوف والريبة، بل تَمَّ استبطانه كفضيلة بل وعمل أخلاقيًا. فالطاعة أصبحت عندهم حكمة، والعبودية وَلاءً، والاعتماد على الغير، أيًّ كانت مساعيه في دولتهم عبارة عن صورة من صور الاستقرار. نيتشه قال «نعم للحياة»، لكنها استُبدلت بـ«لا» مقنّعة، إذ جرى تحويل العجز التام على تغيير الظروف إلى قيمة، وتحويل الذل إلى فضيلة الصبر، وعندما عبّر قائلا...