الأربعاء، 8 سبتمبر 2021

الفارابي الآرسطي



لم أنم وأنا أحاول أن أفرّق بين المعلّم الأوّل والمعلّم الثاني، أي بين آرسطو والفارابي، لديّ موسوعة لم تُخلي شيئاً عن الأخير، التفرقة بينهما كمحاولة تفريق الماء من الماء، ومن يعتقد أن مجرّد تغيير المصطلح، أو إلباسه عِمامة فارسيّة قد يُحدِثُ فرقاً، فهو واهم. ومع ذلك، يُسمّى بالمعلّم الثاني، والتسمية سُلطة، والسُّلطةُ تسمية كما قال نيتشه، فمن هو ابنُ مدينة فاراب التركمانية؟
هو أبو نصر محمد بن طرخان، كان قائد جيش، كانت أسرته ميسورة الحال، لكنه مال إلى العزلة والتأمل. قال ابن أبي اصيبعة أنه كان قاضياً، ثم رغب عن القضاء عند توسع في المعارف. أهداه أحدهم كتب آرسطو فالتهمها وأصبح فيلسوفاً. سكن بغداد لمدّة. قال ابنُ خلكان: كان بها ابو بشر بن يونس الحكيم، وهو الوحيد الذي يُدرّس المنطق ويفقهه، فتعلّم الفارابي منه. فقرأ كتب ارسطوطاليس، وألف كتبه من خلالها وألف مذاهبه في أسفار الفارابي، ثم غادر إلى حلب، ودمشق. 
كان زاهداً لا يحب منازل الرفعة. فأخذ أخذ بزي التصوف. وكان موسوعياً واسع الثقافة، فوصل الى تعلّم سبعين لساناً، متحكما في اللغة الفارسية والعربية والتركية والكردية.
قيل أنه كان عند العرب بمنزلة أفلوطين الروماني المجدد لأفلاطون. فلقّب بالمعلم الثاني بعد آرسطو.
كان قويّ التفكير قليل العمل، قيل أنه اخترع القانون، وسمي فيلسوف السياسة. شرح كتب آرسطو مثل المقولات والعبارة وانالوطيقا الأولى والمغالطة  والسماء والعالم  والآثار العلوية والأخلاق ..وغيرهم. 
وردّ على ابن الراوندي وجالينوس ويحيى النحوي والرازي.
قسّم فلسفته الى أربعة  أقسام:
▪وِحدةُ الفلسفة، والتي ترمي إلى فكرة وحدانية الفلسفة مهما اختلفت مذاهبها وأهدافها. وأن ما اختُلف فيه هو الأسلوب الكتابي فقط.
▪ اللهُ والعالم، وقسمها إلى تقسيم الموجودات، ممكن وواجب الوجود. حقيقة الله، نظرية الفيض، يشرح فيها كيفية الموجودات والمسببات. علاقة الله بالعالم، كتقسيمه للعالم العلوي والسفلي (متأثرا بأفلاطون).
▪ النفسُ الإنسانية، المعرفة الحسية والعقلية.
وقسمها الى قوى النفس، القوة النزوعية، بها يطلب أو يهرب من الشيء. القوة الحاسة، وهي قوة إدراك المحسوسات. القوة المتخيلة، وهي التي تحفظ رسوم المحسوسات بعد غيبتها عن الحس. القوة الناطقة، تكمن في إدراك المعقولات والتمييز بين الجميل والقبيح.  وحدة النفس. نظرية العقل، وهي كيفية وصول النفس لإدراك المعقولات.
▪السياسةُ، المدينةُ الفاضلة ومضاداتها.
كتب في السياسة [تحصيل السعادة، جوامع كتاب النواميس، السياسات المدنية، آراء أهل المدينة الفاضلة، رسالة في السياسة]. عالج مفهوم النبوة من الجانب السيكولوجي، وقال انها وسيلة اتصال بين السماء والأرض.

كقارئ لآرسطو وآفلاطون، لم أجد اختلافاً، بل وحدت أسلمة الفلسفة بطريقة صعبة جداً، بحيث تحاشيت ذكر تفاصيل خشية الترويج لها.

أعجبت بالتفاني في عمله جداً، رحمه الله على ما أفاد، وغفر له ما شوّش.

#عمادالدين_زناف 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق