الأحد، 9 مايو 2021

الفلسفة والفن



ارتبط الفنّ منذ بداياته الأولى بثقافة الشعوب، والتي بدورها كانت ولا تنزال خاضعة للظروف المناخية والجغرافية. وبشكل تلقائي للظروف السياسية والاقتصادية، ثم يختلف ويتفرع بين الطبقات الاجتماعية، درجات الفن عمودياً، وزمنياً، حقب الفن أفقيّاً.

تطوّر الفن قضيّة تبتعد قليلاً عن ضوء الفلسفة، أو لنقل أنها دراسة تخضع لكل العلوم في نفس الوقت، لأن الفن يتماشى وتطوّر الإنسان في كل المجالات.

لكن كيف كانت آراء الفلاسفة للفن، وكيف تم تصنيفه بشكل يخترق الأزمنة؟

                                      -1-

المُحاكاة.

عارض آفلاطون كل أنواع المحاكاة المُمكنة، وأي محاولة لإعادة نسخ الطبيعة هو تقليل منها، وانحراف عنها، فقد عارض آفلاطون: الرسم، النقش، التماثيل، والكتابة.

لكن كان لتلميذه آرسطو رأيٌ آخر بحيث أباحها كُلّها، لأنها ”تُخلّد الجمال“ وتحميه من النسيان.

 

                                      -2-

تطرّق هيجل إلى الفن بتقسيمه إيّاه الى عشرة أصناف، بدأها من الهندسة واختتمها بالألعاب وتوسّطها الأدب، وقد قسّمها بحسب أهميّتها، بحيث أنه اعتبر الفنون ”الملموسة“ أكثر أهمّية من الفنون ”الخيالية“، وبرّر ذلك بنتائجها (السريعة والمفيدة) على الفرد والمجتمع.

 

                                     - 3 -

عارض تولستوي كل ما قيل عن الفن أمثال كانط وشوبنهاور وهيجل، وأعاد تعريفه في كتابه «ما الفن؟»، بقوله أنهم حاولوا أن ”يعضّوا“ الفن ويغيّروا شكله ولونه لكي يتماشى ونظرتهم ”الخاصة وغير الموضوعية“، وبذلك أرادوا تصنيف بعض الأمور على أنها فنون وهي ليست كذلك، وأكّد أن الفن ليس له علاقة بالأخلاق، وذكر مثال روميو وجولييت لشكسبير كمثال لتغيير معاني الفن، لكي يتم إدراج ما ليس بفنّ مع الفنون.

فقال أنه لايريد تعريف الفن انطلاقاً من الفنون الموجودة، لأن هذا يجعل التعريف غير موضوعياً، وقدّ عرّفه بأنّ كل شيء يحرّك المشاعر ..يعتبر فنّاً، جدير بالذكر أنّه كان يمقت أكبر الفنانين في عصره أمثال الفنان التشكيلي كلود مونييه.

        

                                      -4-

تكلّم دو لافونتين عن الأمور التي لا نفهمها ومن بينها الفنون بشكل غير مباشر، مُمثّلا ذلك بالقصّة الشهير التي ألّفها ”الثعلب والعنب“، والتي تقص لنا محاولات الثعلب للوصول للعنب..وعندما عجز عن ذلك راح يذمّهُ وينتقص منه، على أنّه غير جدير بمكانته العالية وأنّه حامض المذاق.

 

                                      -5-

بين الفن الكلاسيكي والفن الكلاسيكي الجديد والفن المعاصر..صراعات لن تنتهي، عندما وُضع حجر الأساس لبناء برج إيفل، انتفض نخبة المثقفين الفرنسين لمعارضة ذلك، وعلى رأسهم الموسيقار شارل جونود، والكُتاب أمثال ابن ألكسندر دوما..، لأنهم شعروا أن ”كومة الحديد“ هذه ستزيح أعين الناس عن التراث الكلاسيكي الذي ”يمثل جذور البلد“ أمثال الكنائس القوطية الوثنية الأصل..حدث نفس الشيء عند وضع الهرم الجديد أمام متحف اللوفر العتيق.

 

حاولت أن أعطي إشارات فقط وليس دراسة مُعمّقة، لأن الموضوع أعقد من هذا، ولا يزال الصراع محتدما بين أنصار التراث وأنصار التجديد وأنصار الحداثة والمفاهيم الجديدة للفن.


#عمادالدين_زناف

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق