السبت، 27 مارس 2021

ألبر كامو..العبثية هي الجواب



ألبرت رجل يساري، حمل على عاتقه همّ العدالة الاجتماعية، ورغم اتفاقهم حو الكثير من الأفكار الوجودية والعبثية، هو و جون بول سارتر، الا أن الاختلاف بينهما ظهر جلياً في الجانب السياسي،وصل حد العداوة، بما ان سارتر شيوعيّ الإيديولوجية، وكامو ”لا إيديولوجي“ او كان يخشى تأثير الإيديولوجية على إنسانية الفرد، وقد استنكر التعسف الذي كان يتعرض اليه الشعوب جراء الحكم الشيوعي، تماما كسابقه النّا-زي والفا-شي.. وكل ما هو شُمولي!
فبعد إصدار كامو لكتابه الإنسان المتمرد في 1951، الذي انتقد فيه بشدة الفلسفة الوجودية، رد عليه سارتر ”بعنف“ في مقالة بجريدة ”les temps modernes“ في سنة 1952، وانتهت الصداقة بينهما بعد ذلك.
فما هي أبعاد الفلسفة التي انتهجها كامو؟ ولمَ اختلف عن غيره من المفكرين؟
المقال الـ 129 للكاتب Imed eddine zenaf / عماد الدين زناف 
ألبير كامو هو المفكر العبثي الأشهر في فرنسا للقرن العشرين، ويظهر ذلك جليا في كتبه الثلاثة، والتي كتبهم في ثلاث أجناس ادبية مختلفة: 
أسطورة سيزيف (محاولة) 1942، الغريب (رواية) 1942، كاليجولا (أدب مسرحي) 1944.
فقد وزّع فكره الفلسفي العبثي في الأجناس الأدبية بشكل عبقري، عبثية كامو تكمن في عمقه الأدبي.
”هناك مشكلة فلسفية واحدة وجادة، إنه الإنتحار، الحكم إن كانت الحياة تستحق أن تُعاش أو لا، هو الإجابة على السؤال الرئيس للفلسفة.“
هذا الاقتباس يلخص ”تشدد“ كامو في عبثية الوجود.
إذا كان العالم عبثيا، فلمَ العيش؟، ولمَ هذا التمسك بالحياة؟، العبثية تلامس حقيقة الإنسان الأولى في الوجود: أعماق كينونتنا، العبثية ليست غطاء ثقافي تعجيزي، بل هي أصل يُبنى عليه، هكذا يشرحها كامو في أعماله.
السؤال حول العبثية، يعني التساؤل حول قيمة الحياة، فماهي إذا قيمة الحياة؟ ومن أين نستمد هذه الطاقة للعيش؟
عكس الأبيقورية، يطرح كامو تساؤلاً: لمَ نرى الموت على انه أمرٌ محزن؟، علينا أن نسأل عن قيمة الحياة ونجيب عنها، قبل أن نقيّم الموت.
الجواب ينقسم الى ثلاثة أحام، الأحكام الاخلاقية الاحكام البيولوجية والحكم الديني، يقول إن من يضع قانونا يمنع القتل، فهو يعطي للحياة معنى، ويولّد حس التعايش، من ثم حب الحياة.
الشطر الثاني هو التلقائية البيولوجية التي تمنع الفرد من الانتحار، عدم قدرة الفرد على كتم انفاسه، أو اغراق نفسه، يعد دافعاً بيولوجيا مبرمجاً لإعطاء قيمة للحياة.
الشطر الثالث هو الجواب الديني، فيتفق كامو مع فرويد أن الدين يجيب على الأسئلة التي تؤرق الإنسان، فهما يعتبرانه ”تكاسل“ عن البحث الحقيقي على سر الوجود، فالدين يجيب على الموت والحياة الآخرة، وكل ما لا نراه، فيجد الدينيون أنفسهم لا يبحثون أكثر، رغم عدم تأكّدهم من الأمر..(حسب اعتقادهما).
العبثية ليست جواباً على أن الحياة عبثية، بل هي سؤال دون جواب، بالنسبة لكامو، من المستحيل أن يجيب أحد علميا ومنطقيا حول سبب الوجود، إذا فالأمر يبقى عبثياً، او، نستعمل الدين، والأحكام السابقة ”لتحاشي الجواب“.
العبثية والوجودية هما الوجه الحقيقي للعدمية، لأن العدمي يبحث عن الأسباب الواقعية والفضيلة المطلقة، مما يلقي بنفسه في العدم.
يجيبني الكثيرون، يقول كامو، أن للحياة معنى لأننا نحبها، ”يجب أن نشرح ما نحب، لا ان نستسلم له“.
”الإيمان يجيب عِوض المنطق، لكن المنطق لم يحلل بعد ذلك الجواب.“..”وهذا سهل جداً، والسهولة تعني تحاشي مواجهة الحقيقة“.

*هذا المقال مُحايد، لشرح العبثية كما هي، لكن وجب علي التنويه بأن هذا الفكر ليس قائما على شيء معين حتى يؤخذ بجديّة، وعدم القدرة على الجواب، لا يعني أن ليس هناك جواب، بل ان الجواب لم يشفي ميولك فقط.

انتهى
#عمادالدين_زناف

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق