الأحد، 28 مارس 2021

بين العاطفة والمنطق



بين العاطفة والمنطق!
المقال 130 للكاتب Imed eddine zenaf / عماد الدين زناف 
..وأنا أتسكّع في بعض الصفحات والمواقع والمدونات، ما زلت أصادف نفس الإشكالية التي تطلّ برأسها الساخر، إشكالية اِسقاط القول على القائل، حيث يوجب العديد منا ان يكون القائل مؤمنا بقوله، ومُشبّعا بما يقول، ويكون أسلوبُ حياته من قوله وقوله أسلوب حياته، والا، فتُرفض أقاوله، بحكمٍ عاطفي غير قائم الا على "الإحساس" بالمكر والخديعة، أو النفاق، رغم ان صاحب القول يمكنه ان يكوناً رسولاً للمنطق، مجبراً لا بطلاً، لا مؤمناً به حق الايمان.
ولي في هذا الموضوع عديد الأمثلة الدامغة في بطلان العاطفة في قول القائل، فقد أوحى الله الي سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام بالحوار الذي دار بين ابليس وربه "الحوار كان بإذنه".
 قَالَ رَبِّ بِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَلَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (39) 
في حديث قُدسيّ، "وعزتك وجلالك لأغوينهم مادامت ارواحهم في أجسادهم" فيقول الله "وعزتي وجلالي لأغفرن لهم ما داموا يستغفرونني".
هنا اقرارٌ واضح من ابليس ان الله ربه ورب العالمين، "ولا تُقوّلوني ما لم أقلهُ"، ابليس أقرّ أنه ذو العزة والجلال رب العالمين، مادام ابليس مُقرّ بعزّة الله، والمعروف عن ابليس أنه كاذب في جميع الحالات.. انه يريد أن يمكر بنا بهذا الإقرار؟، لمَ خلّد الله تعالى إقرار ابليس بربوبيته في كتابه العزيز؟..
لأن الحق لا يُعلى عليه، فرغم ان ابليس ملعون، ويعلم لعنته، فهو يُقرّ بما هو معلوم ولا شكّ فيه، حتى بكفره وتمرّده.
أحمل لكم مثالا آخرا.. أقل قيمة، عندما كتب جون جاك روسو كتابه العقد الاجتماعي لقى عديد الانتقادات العاطفية، وما زالت الى يومنا، فحواها أنهُ هو نفسه غير أخلاقي ومُهمل لأسرته وأبنائه، فكيف يُعلّم البشرية طرق العيش الاجتماعي؟.
اضرب رأسي بكفي مُجددا، هل يمكننا القول إن الرجل الذي ينصحنا بشرب الماء وهو "يُنجّس" في الماء الشروب، ان بفعلته تلك لم يعد الماء صالحاً للشرب؟، بما انه يُنجّس فيه ولا يحترمُ نصيحته؟، لا أعلمُ عنكم، لكنني سأكون مُمتنا لنصيحته، رغم منظره المناقض لقوله.
 آخر مثال، هو أقوال الملاحدة التي تُنصف الإسلام، دعونا نتفق أننا لسنا بحاجة لتأكيد منهم، لأننا مؤمنون "تلقائيا" أو عن "قناعة"، لكل قناعاته ونواياه، لكننا لا نُمثّل سُرّة هذه الأرض، أي أن القول الحقّ حقٌّه أن يُقال، أن تمتعض من قائله، وعلى ماذا مات قائلُه، وكيف عاش القائل، ثم التنقيب في آراءه حول مواضيع أخرى، فهذا يُعتبر سفسطة وتشويش وخروج عن الموضوع الأصلي، بل والأمرّ، يُعتبر تشويهاً لعقلك، وابرازاً لعيبك في التفريق بين العاطفة والمنطق ( ما ينطقه الانسان عن حق).

#عمادالدين_زناف

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق