عندما يبحث أحدنا بشكل دائم على ما يريده عكس ما يحتاجه، فهو لم يصل بعد الى مرحلة النضج، لان ما يريده البالغ دائماً ما يأتي بعد العطاء، عكس الصبي الذي يريد المتعة دون تقديم شيء مُعيّن. على الراشد ان يبحث عما يحتاجه لنفسه ولبدنه ومحيطه، أما ما يريده لها، فيكون نتيجة لذلك، لا يستطيع الصبي أن يتجرّد من إرادة المتعة المستمرة، ولا يدرك ان ما يريده قد يضرّه، ان للصبي حكم مطلق ومتطرّف مع الذي يمنعه ارادته، إذا أخذت أمّه الخنجر من يده، فهي تكرهه، لأنها لا تحترم متعته، هكذا ينظر الى الأمور، رغم أن ذلك الخنجر قد يشكر خطراً عليه وعلى محيطه.
المقال الـ112 للكاتب Imed eddine zenaf
/ عماد الدين زناف _
طبعاً هذا القول ليس حُكمٌ مُطلق، فان للإنسان فسحة في الملذات، يريدها كما يريد الأفضل لحياته، دون التفكير في تقاطع الارادات بينه وبين الغير، في كل مرة يدنو الانسان الى اختيار مراده بدعس مراد الآخر، فهو يقترب من صباه عن كبره.
وكلّما حكم على الأشياء بالخير والشّر، فهو لايزال يرى الأمور بعينٍ واحدة.
يقول الامبراطور الروماني الحكيم، ماركوس اوريليوس أن الانسان لا يحب "لا يميل الى" ما ينفعه، ولا يقتصر هذا العيب في الفرد، بل في المؤسسات والدول، فهناك قرارات كارثية يتخذها الجمع، لمجرّد رغبة في تغذية الإرادة، وليس الحاجة لما ينفع.
أعطني، كلمة لا يستعملها الناضج، فهو يُقدّم ليأخذ حاجته، امّا العطاء، فهو هدية، والهدية لا تُطلب، كأنك تطلبُ الودّ والحبّ والصداقة والاهتمام، ألا تعتقد انها "هدية من السّماء"؟
كذلك المال والعمل، ليسا إرادة بل حاجة، انّما ما تريده يأتي كفاكهة بعد زرع وسُقية.
ان الذي يأتي وفي شماله رغيف خُبز يُخبر من حوله انه لا يريد منهم شيئاً، بل يحتاج منهم أن يعطونه فُرصة.
لقوله ﷺ اليد العليا خير من اليد السفلى، لا تطلب دون تقديم، لأنك ستُعطى اذلالاً.
نحن البشر بحاجة الى ما نحن بحاجة اليه، ولسنا بحاجة الى ما نريده، لأن ما نريده لا ينتهي.
انتهى
#عمادالدين_زناف
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق