الجمعة، 29 يناير 2021

قراءة في كتاب "معالم الفلسفة الإسلامية"


معالم الفلسفة الإسلامية
مقال مُفصلّ حول الكتاب، للمؤلف محمد جواد مُغنية.
دار مكتبة الهلال-بيروت 1982
المقال الـ 113 للكاتب Imed eddine zenaf / عماد الدين زناف 
_
يحمل هذا الكتاب تفاصيل حساسة عن تاريخ الفكر العربي (الإسلامي)، وتطوره وتأثره بالفكر الأعجمي (كل ما هو غير عربي).
يحمل أيضاً نظرات في التصوف والكرامات، لكن قبل الخوض في تفاصيله، دعونا نعطي فكرة عامة عن المواضيع التي اخترتها لكم:
يتكلم عن الفلسفة، وجاء فيه معالمها وغايتها ومنهجها البحثي، يتكلم عن علم الكلام، وقد جاء فيه موضوع الخلافة وعلم الفقه وموضوع السياسة في استشهاد سيدنا عثمان بن عفان ثم مرتكب الكبيرة بعد صفين وبروز ظاهرة التصوف وبعدها تأصيل علم الكلام وعلم التوحيد وأصول الدين، وأخيرا المقارنات بين الفلسفة وعلم الكلام، الحواس الخمس، فيه الكلام عن السفسطائيون، يتكلم عن القِدم والحدوث، عن الحسن والقبحّ، عن المصطلحات الفلسفية، يتحدث عن النفس.


أولا، عن الفلسفة ومعالمها:
قبل دراسة أي علم من العلوم، علينا دراسة موضوعه وغايته والمنهج الصحيح في دراسته، مثلا، نعلم ان كلام العرب موضوع علم النحو، والغاية منه صون اللسان هم الخطأ في الاعراب، والمصدر في ذلك أقوال الثقات والروايات عن العرب.
لكي يتضح موضوع الفلسفة، مهد الكاتب بما يلي، ان اللغة العربي موضوع لدراسة علم النحو، ولكن النحوي لا يبحث جميع صفات اللغة وعوارضها، انما يهتم بما يُعرض أواخر الكلمة من البناء والاعراب رفعا ونصبا وجرا.
فمجال دراسة علم النحو محدود، وكذا علم الصرف، فهو يبحث عن تصرفات الكلمة العربية فقط، وعلم المفردات يبحث في معنى الكلمة.
وهكذا سائر العلوم، تختلف في القيود والحيثيات، العلوم الطبيعية تبحث في الوجود، والعلوم الرياضية تبحث فيه بالشكل والأعداد، والكيمياء تبحث فيه بالعنصر، وعلم النفس يبحث فيه بالإنسان، كلها تتحد في الموضوع الأهم، وتختلف في الحيثيات.
اما الفلسفة فهي تبحث في الوجود وهي مجردة من كل قيد.
فالفيلسوف يبحث في الوجود بقطع النظر عن كونه طبيعي أو غير طبيعي.
لقول ارسطو "الفلسفة تبحث في طبيعة الوجود كما هو"
في العصر التخصصات التي انبثقت من الفلسفة، يعتقد الكثير ان الفلسفة أضحت من العلوم القديمة التقليدية، لكن الفيلسوف لم يستزد عن شرح الالفاظ وتنظيم القضايا، اما الاستنتاج فيتركه لغيره "المختص".
الغاية من الفلسفة إدراك حقائق الموجودات بعيدا عن الشهرة والاضواء والعرفان، الفيلسوف باحث بالبراهين يحارب الظن.
فالحياة تهدف لحياة عملية أرقى دائما، وكما يحلو لوليام جامس تسميته بالبراغماتية.
منهجها واضح، البحث عن الحقيقة، والطريق هو العقل وليس الاجماع، ويسمى القياس الصوري الذي اعتمده آرسطو.
ويأتي أيضا عن طريق الاستنباط الرياضي الذي انتهجه ديكارت وسلّم به العقليون من بعده.
وبشكل عام، فان فلسفة المسلمين تنتهج أسلوب ارسطو الصوري، دون انكار أسلوب ديكارت، لكنهم لا يعتبرون التجربة مقياسا دائما.
ثانيا علم الكلام، جاء هذا العلم بعد وفاة سيد البشر، واختلف الناس في موضوع الخلافة، اذ وجد علي بن ابي طالب نفسه يرد على المعتدين بلسان فصيح، لان الغلبة تعود للأفصح دائما، وقد قال يهودي قولته، لم يمت نبيكم حتى اختلفتم فيه، فرد الامام، بل اختلفنا عنه، ولم نختلف فيه، بدأت بوادر الاختلاف في الفقه بعد ذلك بعيدا عن الفلسفة الى حد الآن، بل كان الأمر عقديا وسياسيا، بين الخِلافة للقرابة ام للصحابة.
فتطور الأمر الى المعارضة السياسية العملية ابان حكم سيدنا عثمان واستشهاده إثر ذلك،  
ثم انتقل التعارض في قضية كُفر او فسوق مرتكب الكبيرة، خاصة بعض معركة صفين الشهيرة.
وعندما استقر الامر السياسي بالجبر، اختلف المسلمون في رؤية الله، وصفاته، وخلق القرآن، والجبر والاختيار، والتحسين والتقبيح، وعصمة الأنبياء، وصفات الامام، ثم ظهور مسألة الجبر التي تنزع عن السلطان المسؤولية.
ثم ظهر التصوف الذي برز في اعتزال بعض الأفراد كل هذا والاعتزال بعيدا للتفرغ للعبادات والذكر، مع ظهور أفكار الحلول والاتحاد.
كل هذه الخلافات انشات علم الكلام، وعلم التوحيد، وعلم أصول الدين، فتفرع المسلمون فرقا مثل الخوارج والامامية والمعتزلة والاشاعرة والمرجئة.
علم الكلام هو الوجه الإسلامي للفلسفة.
المتكلم يختلف عن الفيلسوف في البدء بمبادئ الدين قبل الفلسفة، والفيلسوف المؤمن يبدأ بالتوفيق بينهما، اما غير المؤمن فهو يبدأ بالعقل الديكارتي.
اما عن الوجود، فهو الثابت العين، وهو الذي يمكن أن يخبر عنه، وقد اتفق كثيرهم ان ماهية واجب الوجود عين وجوده.
عن الحواس الخمس، فيوجد الحس المشترك، وهو لوح النفس، وهو قوة داخلية، ويوجد حس الخيال، وهو خزانة الحس المشترك، وهو المسؤول عن تذكرنا كل شيء، حس الوهم، وهو قوة تدرك المعاني الجزئية، ومثلها لا تدرك بالحواس الظاهرة كالعين والاذن.
الحس الحافظة، وهي خزانة الوهم فاذا ذهبت المعاني الجزئية، نتذكرها بالحافظة.
أخرها المتخيلة، وهي التي تنسب بعض الصور الى بعض.
السفسطائية مغالطة، وتلبيس الحق بالباطل، وهو منهج كبيرهم بروتاغوراس، وهي علم مستقل بذاته لا يرتبط بالفلسفة، وجاءت خصيصا لمناهضة الفلسفة اليونانية.
ظاهر السفسطائي خصب، وباطنه جدب، هم اهل التلاعب الألفاظ، ورغم ان سقراط و افلطون قد حاربوهم، الا ان سقراط انتهج كثيرا من طرقهم.
أما عن النفس، بلغت الاقوال عنها أربعة عشر قولا، اسخفها هو ربطها بالله ذاته، وضاعفها هي الهواء أو النار.
هي جوهر منزه عن المادة وعوارضها، والقول الثاني انها جوهر مادي، كقول المعتزلة والمتكلمين، حيث قال الحنابلة والكرامية، ما ليس جسما فهو لا شيء.
اما عن ارسطو والدينيين قالوا انها حادثة، وهي مقرونة بوجود البدن.
اتفق الفلاسفة على بقاء النفس بعد مفارقتها للبدن، أما اهل التناسخ فيومنون بانتقالها الى الابدان بحسب اصلها، الطيب او الخبيث.

كان هذا جزءً من قراءتي لرائعة "معالم الفلسفة الإسلامية"
اذا أعجبكم كثيرا، فسوف اعمل على بقية تحليل فصول أخرى.

#عمادالدين_زناف

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق