المقال الـ59 للكاتب Imed eddine zenaf / عماد الدين زناف
_
في زمن ليوناردو كان ما يسمى "نخبة الإنسانيين"، و تلك النخبة كما نسمّيها حاليا زبدة المجتمع او المثقفين، و من أهم ما وجب ان يتوفّر عليه المثقف هو التحكّم في اللغة اللاتينية و الاغريقية، لذلك هناك شارع في فرنسا يسمّى (الشارع اللاتيني).
و رغم ان ليوناردو سافر كثيراً (و قد زار بجاية و تمدرس فيها)، و قد درّس فرونسوا الأوّل ، الا انه كان مقصي من نخبة الإنسانيين (humanist)، لانه لم يتكلّم و لا يتقن لا اللاتينية و لا الاغريقية! و بالنسبة للمثقفين هو أمر قريب من الجهل، كما هو الحال اذا اسقطناها عن من لا يتكلّم الإنجليزية أو الفرنسية.. أو أي لغة علميّة غير لغته الأمّ.
فقد وجد نفسه ملغي من النخبة ، الأمر الذي جعله يعتني بأعماله أكثر فأكثر ، و الأغرب انهم وجدوا في مدوّناته محاولات للكتابة باللغتين و لم ينجح!
حيث كلّف كاتباً عامّا ليكتب عنه رسائله و أبحاثه.
النتيجة يعرفها الجميع : ليوناردو ليس رسّاماً او نحّاتاً فحسب ، بل هو الممهّد للتشريح الطبّي الحديث لعلمه الدقيق بتفاصيل الإنسان ، و كان فيلسوفاً و رياضياً، و هو رمز من رموز الإنسانيين عبر التاريخ .. و مات و هو لا يحسن اللاتينية و الإغريقية ، بل ترك إرثاً يتجاوز حدود التفوّق المسطّرة لتلك النّخبة الأوروبيّة.
هل هذا يعني ان كل من لا يحسن الإنجليزية او الصينية سيكون دافينشي المستقبل؟ لا طبعاً.
لكن الفكرة أنّ الانسان ليس عبداً لقوانينه! و انّ التفوّق يحتاج منك الإيمان بما تفعل ، و التغاضي عن الحدود الوهميّة، فلو كان التفوّق مُعادلة تُدرّس: لوجدنا ملايير الناجحين.
#عمادالدين_زناف
صدقت التفوق يخرج من الايمان بما تفعل .
ردحذف