الجمعة، 25 أبريل 2025

سلطنة بِجاية واستقلالها عن الحفصيين


بجاية.. سلطنة الاستقلال في قلب الدولة الحفصية

بجاية، المدينة العريقة التي اشتق اسمها من قبيلة بربرية محلية، كانت تُعرف قديماً باسم صالداي. تقع بجاية في قلب الجزائر، ولم تكن يوماً سوى جزائرية، منذ أقدم العصور. فقد كانت جزءاً من مملكة الماسيل، ثم المملكة النوميدية، قبل أن تتقاسمها قبائل الحلف الخماسي، حيث حكمها عدد من الملوك والأمراء المحليين، من سلالة الملك الأمازيغي الشهير نوبل، من قصره المعروف بـالبتراء في بجاية.

ولا حاجة للإطالة فيما هو معلوم من تاريخ بجاية في عهدها الكُتّامي خلال الحقبة الفاطمية، ثم في عهد صنهاجة خلال الحكم الزيري، ولا في كيفيات بروزها كعاصمة سياسية وثقافية وعلمية للدولة الحمادية في المغرب الأوسط، بعد انتقال مركز الحكم من قلعة بني حماد بالمسيلة، زمن السلطان الناصر بن علناس، حتى أصبحت تُعرف بـ"الناصرية" نسبة إليه.

كما كان لبجاية دور محوري في نشوء دولة الموحّدين الجزائرية، حين التقى ابن تومرت بالتلمساني عبد المؤمن في قرية ملالة البجاوية، فانطلقت منها شرارة الدولة الجديدة. ولم تكن بجاية، حتى ذلك الحين، تعرف طريقاً إلى تونس، إلى أن سقطت الدولة الحمادية وتوزّعت البلاد بين دولٍ جديدة: المرينية في أقصى الغرب بأصولها الزابية الجزائرية، والزيانية في تلمسان، والحفصية في أقصى الشرق. وفيما بينها نشأت سلطنة بجاية، وهي موضوع هذا اليوم، الذي يُسقط أوهام البعض ممّن يحاولون استغلال الحقبة الحفصية لربط الشرق الجزائري بتونس — ويا للعجب، فالحفصي نفسه لم يكن تونسيّاً، بل لم يبق فيها ساعة حتى تعود مستقلة!

ولا يعلم كثيرون أن الدولة الحفصية كانت من أكثر الدول هشاشة واضطراباً سياسيًّا، فكان حكّامها جالسين على الإبر، لا يستقر لهم حال. في هذا السياق ظهرت سلطنة بجاية المستقلة، ككيان سياسي قوي منذ أواخر القرن الثالث عشر. وقد تأسست سلالتها الأولى على يد أمراء حفصيين متمرّدين على السلطنة الحفصية، التي تمركزت في بدايتها بتونس. هؤلاء الأمراء أسّسوا، بين الزيانيين والحفصيين، مملكة مستقلة حقيقية، عرفت فترات من الانفصال المتقطع، لكنها متقاربة ومتكررة.

وجد أمير بجاية نفسه على رأس مدينة ذات شأن ومكانة مرموقة؛ فهي عاصمة الحماديين القديمة، صاحبة هوية سياسية راسخة، وموقع جغرافي بحري استراتيجي جعلها بوابة المغرب الأوسط على البحر المتوسط. وقد كانت دوماً بعيدة عن مركز الحكم الحفصي في تونس، وغير معنية بما يدور هناك من صراعات. هذا البعد ساهم في نضج نزعة التمرّد، خصوصاً في فترات النزاع على الخلافة بين الأمراء الحفصيين أنفسهم.

وعند الغزو الإسباني، كان أمير بجاية ينتمي إلى سلالة آثب-عياد القادمة من منطقة الحضنة. واللافت أن حكّام بجاية وقسنطينة أسهموا بشكل كبير في إضعاف السلطة الحفصية، من خلال نزعتهم المستمرة إلى الاستقلال تارة، ومحاولاتهم المتكررة لضمّ تونس وساحلها إلى سلطنتهم تارة أخرى. فهؤلاء ينحدرون من سلالات حمادية ملكية، بخلاف تونس التي لم تعرف حُكماً محلّياً خالصاً.

هكذا، شهدت بجاية (ومعها قسنطينة) فترات استقلال بارزة خلال العهد الحفصي، تبادل خلالها البجاويون والقسنطينيون حكم السلطنة. وأبرز هذه الفترات كانت:

من سنة 1285 إلى 1309
ومن سنة 1312 إلى 1318
ثم من سنة 1358 إلى 1510

أي أن أغلب الحقبة الحفصية عرفت بجاية فيها لحظات من التمرد والانعتاق، مما يعكس مكانتها كعاصمة للغرب الحفصي، ومهدٍ للسيادة المتمرّدة.

ومن أبرز حكّام بجاية المستقلين، من جعل منها ميناءً مغاربياً هاماً، موصولاً بعلاقات تجارية وعلمية واسعة في المتوسط.

ولا ننسى أن في عروش تونس نفسها، أُضيف عرش بجاوة، نسبةً للبجاويين الذين استقروا فيها، وهم معروفون بالاسم واللقب، إضافة إلى المقرانيين، الذين ظلوا يعتزون بجزائريّتهم ويُقرّون بها علناً، مهما حاول البعض تحوير التاريخ.

المراجع
































الأربعاء، 23 أبريل 2025

تلخيصي لكتاب شروط النهضة - مالك بن نبي

 


ملخّصي لكتاب "شروط النهضة" لمالك بن نبي (دون أي تعليق أو تعقيب مني):

في البداية، تحدّث عن إلزامية وجود الرغبة في وعي الفرد بأن يُخلّد تاريخ حضارته، ويبعث روح خلودها في المجتمع، وأن يقاوم ليس لكي يتحرّر فحسب، بل لكي يبقى. وأعطى على ذلك مثالًا بالأمير عبد القادر، وذكر أن آخر من جسّد ذلك هو عبد الكريم الخطابي، ثم اختفت تلك الشعلة حتى برز مجدّدون للفكر الإسلامي مثل جمال الدين الأفغاني بأفكار أخرى للنهوض.

يقول إن صوت جمال الدين وأتباعه قد بلغ مسامع الجزائريين الذين كانوا في كسل حضاريّ بعد شعلة الأمير عبد القادر. وقد بدأت أولى بوادر الإصلاح من قسنطينة على يد الشيخ صالح بن مهنا سنة 1898، لكن تفطّنت لها السلطات الاستعمارية وفرّقت شمله وصادرت مكتبته. ولم تُبعث هذه الروح إلا في مطلع سنوات العشرين، عندما بدأ ابن باديس في نشر الوعي الحضاري، وانتقلت أسطورة العمل الفردي التي كان ينتظرها الشعب الخامل، كتكرار لتجربة الأمير عبد القادر، إلى عمل توعوي جماعي يشارك فيه الجميع. وبدأت تنتشر فكرة الابتعاد عن الزوايا والتقرب من المكاتب العلمية، والابتعاد عن الخمّارات والاقتراب من الحوزات الثقافية.

ورغم تبنّي هؤلاء المصلحين لتوجهات مختلفة، كمن كان يتبع المذهب الوهابي، وآخرين يتبعون منهج التعليم المدني، فبين الشاشية والقبعة، اتفق الجميع على التحرك ثقافيًا. لكن هذا كان في الفترة الأولى، قبل أن تُفسد الغايات السياسية ما أصلحته الغايات المعنوية.

عرفت الفترة الثانية من العمل الإصلاحي مرحلة سوداء أخلطت الأوراق، فقد انتقل المصلحون من روح الأمة إلى دهاليز السياسة وصناديق الانتخاب، حيث تُوّج ذلك بخطوتهم إلى باريس للتحاور، متناسين أن نجاحهم الأول كان في الابتعاد عن فخ التسييس والتحزّب. ولم تكن الجزائر وحدها من أُصيبت بحمى التحزّبات، فقد نشأت هذه الطريقة في كل العالم الإسلامي حتى أصابتهم بالركون والخمول من جديد. فهي عملية تُولّد التنافس، لكنها لا تبني الوعي، وبذلك تقهقر العمل الإصلاحي، على الأقل في جانبه المعنوي.

يقول إن سبب تقهقر الوضع العام في الفكر الجمعي الجزائري هو انتشار الجهل الذي كان ينبثق من الزوايا التي لم تكن تُحيل الناس إلى العلوم، حيث سمّى أتباع الجهل بالوثنية. فوضع مقارنة بالفترة الجاهلية التي سبقت الإسلام، إذ إن الجهل فيها أدى إلى شيء ساذج وهو عبادة الأوثان، وأسقطه على واقع الجزائر إلى غاية 1925م، إذ قال إن السذاجة التي كانت منتشرة تشبه وثنية الجاهلية، لأنها تُعتبر عبادة عن جهل. فبدأ هذا الشيء في الزوال عندما ابتعد الناس عن الدروشة وانتقلوا إلى مستويات أعلى. لكن، وكما ذكر، وقع المصلحون في الشيء الذي حاربوه، وانتقلوا من زوايا الدروشة إلى زوايا ذات طابع سياسي، وانتقلوا من الحروز التي سحرت عقول الناس لقرون، إلى حروز أوراق الانتخابات، فانتقل الناس من تصديق معجزات الدراويش الكاذبة إلى تصديق معجزات حزبية سياسية كاذبة.

انتقلت الجزائر من دروشة قديمة إلى دروشة جديدة، من صنم الجهل إلى صنم السياسة، من خرافات الشيوخ إلى خرافات السياسيين. فقد تناسى المصلحون أن المستعمر ما كان ليحتل شعبًا لا يحمل في روحه قابلية للاستعمار، وأن خلع تلك القابلية لا يكون إلا بعلاج الروح، وليس بالبهرجة والجاوي الخرافي من جهة، والسياسي من جهة أخرى.

إن فخ ولوج السياسة وخطاباتها نقل لسان المثقفين من الشعور بمسؤولية النهضة وتقييم الفكرة والدفاع عنها، إلى مجرد "كاسيت" لأشخاص يلوون ألسنتهم ليطالبوا بحقوقهم. فانتقل الفرد من السعي لإقامة واجباته إلى المطالبة بحقوقه، في ظلّ ما تسمح به السياسة والظروف. فعاد الناس إلى الوثنية، في تقديس وتملّق من يطالب بحقوقهم، وتخلّوا عن القيام بواجباتهم.

اختلفت الرؤية عند المصلحين المسلمين؛ فمنهم من كان يرى الإصلاح ضمن السياسة كجمال الدين الأفغاني، ومنهم من كان يراه خارجها، بالوعظ وتصحيح العقيدة كتلميذه محمد عبده.. وكلاهما لم يُعالجا المرض، بل كانا يتحدّثان عن أعراضه. لأن الشعوب المسلمة المعتلّة كانت تعاني من خليط من الأمراض: الاستعمار، والأمة، والكساح العقلي.. فلا يمكن بحال اختيار دواء واحد لعدة أمراض.

لم يكن من العقل أن نضع ستارًا بين حضارتنا الفتية التي تصنع نفسها، وحضارة مكتملة تحوطنا من كل اتجاه. فكان علينا لزامًا الاستعانة بها واستخدامها دون الغوص فيها، ففي كل الحالات، هي في بيوتنا وحجراتنا.

وبما أن التاريخ يعيد نفسه، فعلينا إلزامًا تحديد مكانتنا من التاريخ لنعرف من أين تبدأ النهضة. فالحلول التي تأتي بإغفال مكانة الأمة ومركزها الحالي لن تؤتي نفعًا، وكذلك تلك التي تُستورد من الغرب، فهي جهل وانتحار. فطريق النهضة كطريق السفر، يجب فيه معرفة الوجهة ومعرفة الزاد اللازم. يقول: الحضارة كالشمس.. تتنقّل وتُضيء الشعوب، والسُذّج هم من يقولون: "يا شمس قفي".

ما من حضارة إلا وتستمدّ نورها من وازعها الديني كنقطة انطلاق. لذلك كانت جزيرة العرب قبل نزول الوحي منطقة قفار، فيها عامل البعث الحضاري وهو الإنسان والتراب والوقت، لكن أهم عامل، وهو الروح، كان غائبًا عنها. لذلك لم تُقِم شيئًا. وعند نزول الوحي، انقلب فَس هؤلاء البدو والرعاة إلى نور يشعّ.

ولكن عندما فقدت الأمة شعلة الروح الأولى، في ليلة معركة صفّين، انتقلت أو لنقل عادت من سموّ الروح إلى العقل والتخطيط والمنفعة. فتقهقرت إلى المادّة ونسيت أصل البعث الحضاري الذي يقابل هذه المساعي الجديدة. فقد كان نور الإيمان يطفو ويشعّ فوق رؤوس الناس مؤثرًا حتى بلغ منتهى الأرض، من الصين إلى المحيط. وعندما فقد براءته الأولى، راح ينزل شيئًا فشيئًا إلى الأرض، فامتزج بالمادة، ولم يعد تأثيره كما كان. وهي نفس مراحل المسلم الذي بدأ مؤمنًا وانتهى إنسانًا بدائيًا... أي أنه انتقل من الفكر إلى السياسة بلغة العصر.

لم تعرف الماركسية شيوعًا إلا من مبعثها المسيحي عند الناس، وإن لم يكن ماركس نفسه مسيحيًا، لكن الفكرة ما كانت لتنتشر عند المسيحيين لو لم يجدوا لها مصوّغًا دينيًا. وإن المسيحية لم تستطع التوغّل بين اليونان والرومان وغيرهم من المتشبّعين بحضاراتهم وفكرهم، بل فعلت ذلك عند قبائل الجرمان، الذين كانوا بدائيين حتى نزل عليهم هذا المعتقد الذي أعطاهم شعلة حضارية أناروا بها أوروبا، وبنوا على أثرها معابد القوط، وأسسوا السلالات مثل الكارولنجيين والميروفنجيين.

باقي الأفكار لا يمكن تلخيصها لأن مالك بن نبي شرع في الاستشهاد بعلماء الاجتماع الغربيين بشكل متتابع لصفحات طويلة، لذلك يستحيل بتر فكرة عن سياقها العام، وبهذا وجب العودة إليها نصًا لا تحليلًا.

عماد الدين زناف 

فضل الجزائريين على المغرب الأقصى

 شهدت مملكة مراكش خلال النصف الأول من القرن العشرين حضورًا لافتًا لعدد من الشخصيات الجزائرية التي ساهمت في تكوين النخبة السياسية والإدارية  داخل دهاليز المخزن.  وقد عرف تأثير الجزائريين أوجّه في حكم محمد الخامس بن يوسف، وذلك بشكل مباشر. .. لكن الأمر غير جديد، فهذا التقليد قديم  فقد تجسّد في عديد المرات، خاصة فيما يخصّ الإفتاء والتأريخ، وتحديدا  في مدينة  فاس. فقد شغل التلمساني محمد بن مرزوق الخطيب عند بني مرين وكان كاتبهم.. وكذلك فعل عدد كبير من الجزائريين  خاصة  في فترة إيالة الجزائر، ونذكر منهم   أحمد الواعواني ومحمد بن عزوز الديلمي ومحمد بن محمد العباسي وابن جلال المغراوي وابن الكماد القسنطيني ومحمد بن عبد الكريم الجزائري وسعيد المنداسي.. لكن يبقى أشهرهم أبو العباس أحمد الونشريسي في فاس، بعد خروجه من تلمسان، أصبح أحد كبار الفقهاء المالكية في فاس،مرجعًا فقهيًا فيها الى أن قتله السعديون. وكذا المؤرخ والفقيه المقري التلمساني، الذي تولى مناصب علمية وقضائية مهمة في المدينة وكان له تأثير على الفقه والقضاء هناك.   وكانت تلك تبعات الغزو السياسي السابق لمغراوة وبني يفرن والمرينيين والموحدين، فقد كان الجزائريون  في السابق يرون في المغرب الأقصى امتدادا لأطماعهم التوسعية. ومع بداية الغزو الفرنسي للجزائر، في مطلع القرن العشرين، رحل عدد كبير من الجزائريين الى المغرب الأقصى خاصة الى تطوان، وجلبوا معهم كل ثقافاتهم ومعارفهم، حتى تدرجوا في الأسلاك السياسة وصارت لهم قربى بمركز القرار. وقد كان محمد أرزقي بن ناصر من أبرز علماء الجزائر التي تولى الإفتاء على المذهب المالكي، وترك أثرًا فكريًا امتد إلى المغرب  كان من  تلامذته  محمد بن يوسف الشاب الذي سيصبح سلطان مراكش. من بين أبرز الشخصيات ذات الأصل الجزائري التي ساهمت في تكوين المحيط السياسي لمحمد الخامس، يأتي محمد المقري، الذي ولد في وجدة من عائلة تلمسانية، والذي شغل منصب الصدر الأعظم (رئيس الوزراء) في عهد السلطان مولاهم عبد الحفيظ، واستمر في موقعه حتى عهد محمد الخامس. وكانت له مكانة استشارية بارزة، وتأثير على عدد من وزراء الدولة..  كما لعب قدور بن غبريط، الإداري والدبلوماسي الجزائري الذي ولد ببلعباس، دورًا مفصليا في السياسة المراكشية الداخلية والخارجية، خاصة عبر صلاته الثقافية والدينية في باريس والرباط. وقد ربطته علاقات مع محيط القصر، وكان يُستشار في شؤون الجاليات المغاربية. أما في المجال الفني، فحدث ولا حرج، انطلاقا من محمد بن القاسم القندوسي الذي ابتدع الخط القندوسي  ومنه انتشر على كل شمال افريقيا  وخاصة في فاس. وكذا السي ازواو معمري، الفنان الجزائري، الذي ولد في بني يني ودرس في الجزائر العاصمة، والذي استعان به المخزن ليدرس محمد بالخامس بن يوسف الشاب أيضا.. ومن الأسماء التي ساهمت في تربية المجتمع المراكشي فنيا، نجد بوجمعة العملي،  الفنان الذي غادر الجزائر ليؤسس مصنعا حرفيا في آسفي، ومنه شاعت الصنعة هناك. .لاحقًا، جاء عبد الكريم الخطيب، ذوي الأصول جزائرية، والذي أصبح طبيبًا ثم سياسيًا بارزًا بعد الاستقلال، وأسس لهم حزب العدالة والتنمية الذي يترأسه الجاهل بن كيران ، وكان حلقة وصل بين الجيل القديم من رجال القصر وجيل ما بعد الاستقلال.. كذلك نجد بصمة الجزائريين متواصلة في البناء هناك، على سبيل المثال بناء قصر ناماسكار في مراكش من قبل المهندس الجزائري عماد رحموني.


عماد الدين زتاف 

من هو الأمير عبد المالك بن الأمير عبد القادر

 


ولد الأمير عبد المالك بن محي الدين بن الأمير عبد القادر الجزائري سنة 1868 في دمشق، حيث نشأ وتلقى تعليمه وتدريبه العسكري ضمن الجيش العثماني، وذلك حتى نال رتبة عقيد في نهايات القرن التاسع عشر. بصفته ينتمي إلى عائلة الأمير عبد القادر، فقد ظل محل اهتمام القوى الاستعمارية والإمبراطوريات الكبرى المتنافسة، بريطانيا، ألمانيا، فرنسا والدولة العثمانية، خاصة مع اقتراب اندلاع الحرب العالمية الأولى.
بعدما فشل في التوغّل في الداخل الجزائري، تسلل الأمير عبد المالك الى المغرب الأقصى فعُيّن  قائدًا لقوات الشرطة في طنجة من طرف الحماية الفرنسيّة فيها، وذلك بعد مؤتمر الجزيرة الخضراء سنة 1906، حيثُ حاولت فرنسا استغلال نسبته للأمير لاستمالته ومنع ميل المهاجرين الجزائريين لألمانيا أو الدولة العثمانية. إلا أن الأمير عبد الملك كان به بُعد آخر، وبيّن عدم رضاه بذلك المنصب، حيث اعتبره دون طموحه. بل إنه قد أبدى علانية استياءه من العراقيل الفرنسية، كما نقل عنه الصحفي البريطاني الشهير جون هاريس من جريدة The Times.
في الفترة من 1906 إلى 1914، كانت طنجة ومنطقة الريف عمومًا ساحة للمؤامرات بين القوى العظمى، خاصة فرنسا وألمانيا إضافة للمضايقات الإسبانية. ومع بداية الحرب العالمية الأولى، تحرك الأمير عبد المالك بخطة طموحة أظهرت نواياه. فقد كان على اتصال سرّي بالألمان، وقد أبلغهم مسبقًا بقرار فرنسا طرد ممثلي القوات المغربية المركزية من طنجة الريفيّة. وبعد أشهر من التحضير، أرسل عائلته إلى إسبانيا وأعلن الثورة ضد فرنسا في مارس 1915.
بدأ الأمير ثورته من منطقة تازة، شمال شرق فاس، وكان هدفه إقامة دولة مستقلة وتنصيب نفسه سلطانًا على المغرب الأقصى، وخطّط بأن تكونَ فاسًا عاصمة لها. دعمته القوى المركزية، لا سيما ألمانيا والدولة العثمانية نِكايةً في فرنسا، وذلك بالسلاح والعتاد، كما أيدته إسبانيا سرًا لأن اضعاف الأطراف الأخرى يخدمها. أدار الأمير عبد المالك اتصالاته مع الثوار الريفيين المحليين، وتلقى دعمًا مهمًا من الأمير عبد الكريم الخطابي، الذي كان آنذاك موظفًا في الإدارة الإسبانية بمليليّة.
إن عبد الكريم الخطابي لعب دور الوسيط بين عبد المالك وألمانيا عبر إسبانيا، وساهم في تنظيم الدعم اللوجستي له.  وفي رسالة سنة 1916 إلى أخيه الأمير علي (الذي كان يتحرك بين برلين وجنيف واسطنبول لنقل رسائل الأمير ونشرها في الصحف الأوروبية، خاصة وكالة وولف الألمانية)، عبّر عبد المالك عن خطته للاستيلاء على الدار البيضاء وجعلها عاصمة جديدة.
ففي ديسمبر 1914، بدأت الصحف الأوروبية تنقل أخبار ثورته. ذكرت جريدة Tribuna الإيطالية أن الأمير عبد المالك استولى على تازة بجيش قوامه 15 ألف مقاتل وهاجم الدار البيضاء، وكبد الفرنسيين خسائر فادحة. أما الصحف العثمانية، ، فقد نشرت بيانات دعايات منسوبة إليه بكونه "أمير المغرب الأقصى" وأن المجاهدين يتقدمون والشعب يستقبلهم بحماس.
كانت فرنسا ترى فيه تهديدًا جديًا. ووفقًا لهاريس، فقد تلقى الأمير تمويلًا ضخمًا من الألمان، وكان يتمتع بسمعة قوية بين السكان، ما ساعده في تجنيد الكثير من المجاهدين. 
أشار الدبلوماسي البريطاني ج. هـ. سيلوس، الذي خدم في فاس، إلى أن عبد المالك بدأ مقاومته منذ فرض الحماية الفرنسية على المغرب، ووصفه بأنه كان مؤمنًا بأن دوره التاريخي قد آن.
بعد نهاية الحرب العالمية الأولى وهزيمة الألمان والعثمانيين، لم ينهزم عبد المالك، بل سعى لتحالف وحيلة جديدة. ففي عام 1921، عرض خدماته العسكرية على إسبانيا فقبلت، وجعلت منه مسؤولًا عن تجنيد الجنود المغاربة. لكن فرنسا احتجت، وذكّرت إسبانيا بأن الأمير أعلن الجهاد ضدها، ما دفع الأخيرة إلى التراجع عنه.
في عام 1924، قاد عبد المالك حملة جديدة في دولة الريف  بعد أن نجح في تجنيد عدد كبير من المقاتلين. لكن تلك الحملة كانت الأخيرة، إذ سقط  ميّتًا سنة 1924، لتنتهي بذلك آخر محاولاته لإقامة دولته.
بعد عامين، نُفي الأمير عبد الكريم الخطابي إلى جزر القمر إثر سقوط ثورته وسقوط دولة الريف معًا. 

عماد الدين زناف 

الاثنين، 14 أبريل 2025

ابن بطوطة.. الذي لم يغادر غرفته



ابن بطوطة، الرّحالة الذي لم يغادر غرفته.
مقال عماد الدين زناف.

ليسَ هذا أول مقال يتناول زيفَ الكثير من أعمالِ المؤرخين القدامى، الذين كانوا يكتبون للسلاطين من أجل التقرّب منهم، ومن ذلك السعيُ للتكسّب، ولن يكون الأخير من نوعه. الكتب التاريخية، وأخص بالذكر كتب الرّحالة، هي عبارة عن شيءٍ من التاريخ الذي يضع صاحبها في سكّة المصداقية أمام القارىء، ممزوجِ بكثيرٍ من الروايات الفانتازيّة، التي تميّزه عن غيره من الرحالة والمؤرخين. فإذا اتخذَ أحدنا نفس السبيل الجغرافي، فلن يرى إلا ما رآه الآخرون، بذلك، لن يكون لكتاباته أيّ داعٍ، لأن ما من مؤرخ ورحّالة، إلا وسُبقَ في التأريخ والتدوين، أما التميّز، فيكون إما بالتحليل النفسي والاجتماعي والفلسفي، أو بابتداع ما لا يمكن نفيُهُ، إذ أن الشاهد الوحيد عن ذلك هو القاصّ نفسه، وفي ذلك الزمن، كان هناك نوعين من المتلقين، أذن وعين تصدق كل ما تسمع وتقرأ، وأذن وعين لا تلتفت إلا لما يوافق معتقدها أو عقلها. 
الهدف من هذا المقال ليس ضربُ شخص ابن بطوطة، لأن الشخص في نهاية المطاف ما هو إلا وسيلة تحمل المادة التي نتدارسها، فقد يتبرّأ ابن طوطة من كل ما قيل أنه قد كتبه، فالأيادي الصانعة للشخصيات لم تتوقف يومًا عن الاختباء وراء شخصيّات مزيفة، أو شخصيّة لها شيء من المصداقية لتمرر بها أساطيرها.
والحقيقة أنني لم أعتمد على نفسي لمعرفة كم التدليس واللا منطق في رواياته، لأنني لست أملك من القدرة على التحقق بشكل محسوس في كل نقطة تطرّقَ إليها، وبالتالي فإنني قد اعتمدت على عديد الشخصيات المجتهدة، التي بدورها جمعت المراجع اللازمة في هذا الموضوع، بهذا سأحوم حول ما قيل من الباحثين المختصين في التنقيب وما وراء ذلك. ومن بينهم الباحث ¹ stephen janicek الذي نفى بالكامل رحلة ابن بطوطة إلى بلغاريا، مثلا. وجامعات متخصصة مثل جامعة ² WARWICK والتي ربطته بأكاذيب زيارته للقسنطنطينية والصين وكذلك مالي "على الرغم من أنها تعتبر أقرب نقطة له"، كذلك لم يسلم ماركو بولو من نفس التهم.  
وإذا عُدنا بالزمن قليلا، فسوف نجد أن ما كتبه ابن خلدون، معاصره، وما كتبه هو، يرجّح كفّة ابن خلدون في المصداقية التاريخية، لأن ابن خلدون يعدّ رحّالة أيضًا، وأكثر من ذلك، فقد كان قاضيا ووزيرا عندَ عديد الملوك، من الأندلس إلى مصر، وما سمعه ابن خلدون وما خَبَره، يُجاوز ما قد يعلمه ابن بطوطة الذي لم يتقلّد مناصب سامية، ولم يلتق بشخصيات وزوار ذوي شأن من مختلف مناطق العالم مثله. والقارىء لمقدمة ابن خلدون، يعلم تماما أنه قد قرأ ودرس ما قيل من المؤرخين الذين سبقوه، وردّ أكثر ما سردوه بضربة واحدة واعتبره كذبا وتزويرا ، وقد ذكر بعضهم بالاسم، كالمسعودي وابن الكلبي.. قائلا " وهذه الأخبار كلّها بعيدة عن الصّحّة عريقة في الوهم والغلط وأشبه بأحاديث القصص الموضوعة."³ فأسلوب ابن خلدون منطقي وعلمي، عكس ابن بطوطة الذي يعتمد الخرافات، فهو شبيه بما كتبه المسعودي عن "مغامرات ملوك اليمن" في مورج الذهب. ولم يسلم ابن بطوطة من ملاحظات المؤرخين المعاصرين كابن الخطيب قائلا "لديه مشاركة يسيرة في الطلب"⁴ مقللا من شأن ما يعلمه. 
بعدَ هذه التوطئة السريعة، سنقتحم تفاصيل رحلاته، الأماكن التي ادعى زيارتها، التدرج الزمني الخاطىء، وصفه لمخلوقات أسطورية، مع أخبار كاذبةً تماما.. وكذا دلائل قويّة على أنه نسخ كثيرا من نعوت الأماكن من مؤرخين آخرين. 
1- التناقضات الزمنية :
ينقل لنا أنه كان ينتقل من مكان إلى آخر كثيرا.. المشكلة في ذلك التنقل هو في مدته الزمنية السريعة جدا، مثلا، انتقل من الحجاز إلى الشام إلى الأناضول إلى جنوب روسيا قبل أن يزور القسطنطينية وكذا آسيا الوسطي.. في سنة واحدة! من 1332 إلى 1333. بينما يؤكد العلماء أنه وبظروف ذلك الزمن وحتى بأحسن الوسائل، وجب أن يحدث ذلك في 3 سنوات كأقل مدة زمنية. وحتى لو حدث ذلك وحطّ في آسيا الوسطى سنة 1335، فلن يكون ذلك ممكنا، لمَ؟ لأنه ذكر بأنه التقَ بالسلطان تارماشيرين المغولي، لكنه في الحقيقة توفى سنة 1334م. سيُقال، ربما أخطأ في التاريخ، ورحل سنة 1330، لكنه قال أنه بقيَ في مكة من سنة 1327 إلى 1330. كذلك حول رحلته إلى بلغاريا، يقول أنه قام بالذهاب والعودة بين أوزبكستان وبلغاريا في شهر رمضان، لأنه يقول بأن المسافة بينهما تقاس بعشرة أيام مشيًا على الأقدام.. لكن الحقيقة أن بينهما 1500 كم، وهذا لا يستقيم، لأنك إذا مشيت 25 كم في اليوم فسوف يستغرق منك شهرا كاملا. كذلك في الأناضول، فقد انطلق من الغرب ليصل الى أقصى الشرق بمدينة أرضروم قبل أن يعود للمكان الذي انطلق منه.. وكل هذا في ثلاثة أشهر، والمسافة بينهما 2000 كم، الشيء الذي يتطلب 100 يوم و10 أيام إضافية. 
نفس الشيء عندَ كتابته حول الهند، الصين، والمالديف. 
في الصين مثلا، أكّدَ أنه زار عديد المدن في مدة بين 4 و 5 أشهر، الأمر الذي عدّه المؤرخون مستحيلا لأن المدن الصينية في تلك الفترة كانت بعيدة كثيرة عن بعضها البعض، مثل مدن قوانغتشو، تشوانتشو، بويانغ، نانتشانغ، هانغتشو إلى غاية خان باليق (بيكين).. علاوة أنه أكد عودته منها إلى مدينة تشوانتشو. 
2- وصفه لما شاهده.
المغالطات التي جاء بها هنا تعد فاضحة، لأنه يصف مدينة ما بشكل مخالف تماما عن مدينة قريبة منها، وبعضها كاذب تماما لا يمت بصلة إلى وصفها الحقيقي. 
عبر "رحلاته"، يصف ابن بطوطة بالتفصيل كل ما يراه، العمارات الناس التظيم الاجتماعي والاقتصادي، وكذا يومياته هناك.. لكن في بعض المناطق، ينقطع وصفه بطريقة غريبة، ولا يتكلم باسهاب مثل مناطق أخرى، مثلا، في افريقيا الشرقية، كان من المفترض أن يزور ثلاثة مدن، مقاديشو، مومباسا وكيلوا، لكن كان ذلك دون أي وصف دقيق. والغريب أنه لا يتكلم تماما عن رحلاته البحرية، بالرغم من أنها تشكل جزءًا كبيرا من هذا الترحال، بل إن بعض الرحلات البحرية تدوم أشهرا. أما وصفه للمدن، فهو يفتقد للدقة أو مغالط تماما، بالنسبة له، منازل مدينة كيلوا مصنوعة بالحطب وتعتليها نفايات.. لكن حسب الأركيولوجيين، فإن المنازل كانت تبني باستخدام المُرجان. كذلك لا يسرد أي معلومة على ازدهار هذه المدينة، التي كانت مسرح إعجاب، كما تبينها لوحة رسمت سنة 1572. أما بالنسبة لمومباسا، فقد وصفها أنها مدينة كبيرة وعظيمة، لكن الحقيقة أنها كانت مدينة ساحلية صغيرة. لاحقا، وفي أندونيسيا، ادعى أنه التقَ بملكها الملك الزهير، بيدَ أن الملك هذا توفى سنة 1326، أي 20 سنة كاملة قبل قدومه لأندونيسا. لكن المثال الأكثر غرابة هو الصين، لأنه بلد عظيم في تلك الفترة مليء بالثقافات والمثقين، وكان شهيرا حتى لمن لم يرحل إليه، وقد دخلها المسلمون وكان لهم مجتمعهم المسلم منذ قرون، مع ذلك، ابن بطوطة قصّ بطريقة شحيحة عن ما شاهده هناك، بل قد وصف الصينيين وصفا ساذجا مثل، "الصينيون يهتمون بالحِرَف التقليدية والرسم، طرقهم محصنة، ويومياتهم مخالفة للاسلام". ويبدو جليا أنه اختلق وصفا في ذلك المكان، فمن المستحيل الانتقال من زيتون (تشوانتشو) الى قوانغتشو من الوادي الأصفر، لكنه قال أنه فعل ذلك، كذلك بالنسبة لرحلته من زيتون إلى بيكين، فقد ذلك أنه اتخذ طريق الواد، والواد غير موجود بينهما (إضافة إلى أن المسافة كبيرة جدا).. ولانقاذ ما يمكن إنقاذه لابن بطوطة، رجّح المؤرخان (François-Xavier fauvelle و Bertrand Hirsh) ⁵ أنه قد يكون خطأ المؤخين⁶ في تحديد المدن بدقة، هذا كل ما يمكن قوله.. بيدَ أنني أراه تحليلا متحيّزًا لا يستند إلى الوثائق التي معهم... خاصة عندما نعلم أنه أكّد حضوره لجنازة الإمبراطور في بيكين سنة 1346، بيدَ أن توغون تَيمور توفى سن 1368.. أي 22 سنة بعد التاريخ الذي ذكره.. حظ موفق لمن يريد تبييض صحيفته !
لنتكلم عن رحلته إلى مالي ثم عن الذين أخذ منهم وأخيرًا وصفه للكائنات الغريبة، للنهي بعد هذ المقال الذي اخترت أن يكون موجزًا، لأن الحديث عن كل تناقضاته سيأخذ وقتا يماثل وقت كتابته لهذه الروايات. الرحلة المزعومة إلى مالي حدثت ما بين 1352 و 1353، وقد كانت مالي وقتها مملكة محترمة وثرية جدا، ذلك من إرث مانسا موسى الشهير الذي حكم سنوات 1312 الى 1337.. وفي آخر المطاف، يأتي ابن بطوطة ليروي لنا أشياءَ شحيحة جدا عنها، فقد أسهب في وصف مدينة ديلي مثلا، لكنه لم يقم بذلك ليصف أهم مدينة وهي العاصمة نياني.. وراح يسرد نفس الشيء الذي سرده عن الصين، بالرغم من أن مالي كانت مملكة مسلمة، اختزل وصف شعبها أن عاداتهم وثنية.. علاوة أنه بقيَ هناك 8 أشهر.. من أجل وصف شحيح وغير دقيق كهذا. 
3- المصادر التي أخذ منها.
كثير من صفحاتات "الرحلة" مأخذوة بالنسخ التام عن مؤخرين آخرين، أخذ عن ابن جزي الكلبي الغرناطي (1321-1351) الذي أخذ عن الرحالة ابن جبير (1145-1217) الذي رحل من الشرق الى الغرب ما بين 1183 الى 1185. مثلا، كل وصف دمشق منسوخ تماما من ابن جُبير، كذلك مدن أخرى في الشام، والكوفة بالعراق.. حتى وصفه لمكة معظمه منسوخ من ابن جبير. بالنسبة لمالي، فقد نسخ الوصف من الرحالة العُمَري في كتاب مسالك الأبصار في ممالك الأمصار (1301-1349)، أما وصفه لمدن إفريقيا، فقد نسخ من البكري (1014-1094) الذي يعد من أشهر مؤرخي زمانه، وكذا القزويني (1203- 1283). أما عن الصين، فسوف نجد نَسْخا من كتاب أخبار الصين والهند الذي يعود للقرن التاسع.   
4- المخلوقات العجيبة.
يقول ابن بطوطة أنه وخلال رحلته عايش أعاجيب وخوارق، مثلا، يروي أن في عُمان، يصنع الناس بيوتهم بهياكل السمك، في الهند، يقول أنه شاهد يوغيًّا يطير في السماء، في الصين، يقول أنه التق بشخص عمره 200 سنة لا يأكل ولا يشرب شيئا.. ويقول أن دِيَكَة الصين ضخمة بحجم النعامة.. وبعودتهه منها، صادف في الماء عصفورا عجيبا كبيرا يعتقد البحارة أنه جبل. أما في بارانهغار في برمانيا 'ميانمار'، يصف سكانها أنهم إنس برؤوس الكلاب.. وعشرات الخوارق والعجائب الأخرى التي يرويها كحقائق. 
سأتوقف هنا، بالرغم من أن هناك الكثير من الأشياء التي يمكن التعرض لها ونقضها بل وتدميرها كليا، لكن لكي نترك المقال قابلا للقراءة، فضلت اختزاله إلى هذا الحد.. فليكن لكلّ منا عقلا نقديًا لا تروعه الأسماء ولا ما قيل عنها. 
________
المراجع:

¹ https://www.semanticscholar.org/paper/Ibn-Ba%E1%B9%AD%E1%B9%AD%C5%AB%3B%E1%B9%ADa%27s-Journey-to-Bulgh%C3%A0r%3A-Is-it-a-Janicsek/792fdab3c61837edcd7ce5155816f6b99f946124

 ²
https://warwick.ac.uk/fac/arts/history/students/modules/hi3k2/outlinesyllabus/week4/

 ³ المقدمة، الجزء 1 الصفحة 17

 ⁴ «الإحاطة» مخطوطة المكتبة الأحمدية بفاس، وعن هذا المصدر: ابن حجر في «الدر الكامنة»: الطبعة الأولى ج 3 ص 480.

  https://shs.cairn.info/revue-afrique-et-histoire-2003-1-page-75?lang=fr 

⁶ 
Voyage aux frontières du monde
Topologie, narration et jeux de miroir dans la Rihla de Ibn Battûta
• Par François-Xavier Fauvelle et Bertrand Hirsch Pages 75 à 122

#عمادالدين_زناف