الأحد، 27 ديسمبر 2020

مدرسة الخضوع ضد مدرسة التمرّد.


هل التأليف يخضع لقوانين زمنية و بريستيج؟ و هل مُدّة التأليف و التباعد أو التقارب في الاصدارات يؤثر على جودة الكتاب؟ لماذا نجح الاخوة رايت في تحليق أول طائرة و لم ينجح في ذلك صديق الصحف و الرئاسة؟
المقال الـ83  للكاتب Imed eddine zenaf / عماد الدين زناف 

https://imedzenaf.blogspot.com/2020/12/blog-post_27.html?m=1

في الحقيقة ينقسم عالم التأليف و الكتابة الى مذهبين، المذهب الأوّل هو الخضوع التام لُعُرف الكتابة و التأليف، وهو مذهب متشدد لكل طقوس التأليف، فتجد أصحابه لا يصدرون كتاباً الى بعد سنة من الكتابة أو سنتين، ثم انهم لا يخرجون عن قانون الجنس الأدبي بشبر واحد، ثم يفرضون على أنفسهم التباعد بين اصدار و اصدار بسنة كأقل تقدير، و هذا النوع أسمّيه صديق الرئيس و الصُّحف أو الخبّاش.
و هناك المذهب الثاني المُتحرّر عن كل عُرف أدبي أو طقوس في التأليف، تاريخياً، كان المتحرّرون هم المؤسسين لكل ما نراه اليوم "بديهيا"، أو "عُرفاً" أي ما أصبح متعارفاً عليه في كل مجال، حيث تمرّد هؤلاء الأشخاص عن كلّ جنس أدبي وقاعدة فكرية، وبذلك التمرّد صنعوا مدارس جديدة داخل المدارس، هذا النوع ليس صديقاً لأحد، و في الغالب يجلسون آخر القسم، لكنّ العبقرية تأتي منهم في كل مرّة.
في فرنسا هناك نوع أدبي خاص جدا معروف اسمه "المحاولة l'essai"، و هو ما يُميّز %90 من تعريفات الكُتّاب و الفلاسفة و حتى العلميين، تجد أنّهُ يُلقّب بالمُحاول essayiste
قبل أن يُسمى بتخصصه الأدبي : فيلسوف، مُفكّر، روائي، شاعر..
و القاعدة هنا في تكرار المحاولة الأدبية، الى غاية الاصدار العبقري، لأنهم يؤمنون أن الكتابة مُمارسة و ليست بريستيج أو طقوساً تُحترم أبعادها، و أن الكتاب العظيم لا يخضع لأي مدة في التأليف، ليست حجة في ذاتها أن تقول أنك كتبت محاولتك في خمس سنوات أو اسبوع ، ولا على أنهُ أول اعمالك او الثامن و الخمسون، الأهم أن الكاتب وصل لنقطة العبقرية الفكرية التي يحتاجها العالم.
ما علاقة الاخوان "رايت" مع هذا المجال؟
هو مُجرّد استعارة لقصّة، سضع أوائل القسم في حرج شديد.
أورفيل وويلبر رايت هما مخترعان أمريكيان ينسب إليهما معظم المؤرخون اختراع أول طائرة والقيام بأول تجربة طيران ناجحة عن طريق آلة أثقل من الهواء في 17 ديسمبر 1903، لكن ما لا يعلمه الناس انه لم يكن في المُخطط الأمريكي أن يكونا هم من يفعلون ذلك.
بل كان شخصاً آخر لا يحضرني اسمه، كان مكلّفاً من الرئيس نفسه لاقلاع أول طائرة، جدير بالذكر أن هذا الرجل كان نجم الصّحف، يقضي أوقاته في لعب الغولف مع كبار القادة السياسيين، و كان من كوادر التقنيين في الميكانيك.
الا أن المعجزة جائت من "حقل الماييس" في الجهة الأخرى مع اخوان لم يكن لهما نفس المستوى العلمي و لا الاعلامي.
ما الفرق؟، الفرق أن الأوّل لم يرد أن تتسّخ بذلته، اعتمد على دراسته و "بريستيج التجربة الواحدة" فلم يفلح رغم الدعم المادي و المعنوي، اما الآخرون، فكانا يسقطان في اليوم اربعين مرّة.
ان الطقوس و عقلية "اوّل القسم" لم تصنع الا بعضاً من الأشخاص الجيدين، لأن أوائل القسم يعيشون ضغط الأضواء في مخيلتهم، ويحسرون أنفسهم في قواعد أباءهم، اما المتمرّدون هناك، فلهم خاصية حب ما يفعلون، و لا يبحثون عن شيء سوى "الاستمتاع" و"الوصول و لو بعد ألف محاولة".
الخلاصة:
اذا كان للابداع تعريف واحد، فوسف يكون: لاتتبع القواعد، كُن القاعدة الجديدة.

#عمادالدين_زناف

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق