التخطي إلى المحتوى الرئيسي

المشاركات

عرض المشاركات من أغسطس, 2025

أخلاق العبيد، نيتشه والمغرب الأقصى

مفهوم أخلاق العبيد عند نيشته، المغرب الأقصى مثالا. مقال عماد الدين زناف. فريدريش نيتشه، حين صاغ مفهومه عن «أخلاق العبيد» في مُعظم كتبه، لم يكن يتحدث عن العبودية الملموسة بالمعنى الاجتماعي أو الاقتصادي، أو بمعنى تجارة الرّق. بل تحدّث عن أسلوب في التفكير نِتاجَ حِقدٍ دفين وخضوع داخلي يولد مع الأفراد والجماعة. إذ بيّن أن الضعفاء، العاجزين عن تأكيد قوتهم، اخترعوا أخلاقًا تُدين الأقوياء، فرفعوا من شأن التواضع والطاعة فوق ما تحتمله، حتى أنها كسرت حدود الذل والهوان. ومن هذا المنطلق يمكن رسم موازاة مع خضوع شعب المغرب الأقصى لنظام المخزن. إذ أنها سلطة شكّلت لعقود علاقة هرمية تكاد تكون مقدسة بين الحاكمين والمحكومين. وما يلفت النظر هو أنّ هذا الخضوع لم يُقبل فقط بدافع الخوف والريبة، بل تَمَّ استبطانه كفضيلة بل وعمل أخلاقيًا. فالطاعة أصبحت عندهم حكمة، والعبودية وَلاءً، والاعتماد على الغير، أيًّ كانت مساعيه في دولتهم عبارة عن صورة من صور الاستقرار. نيتشه قال «نعم للحياة»، لكنها استُبدلت بـ«لا» مقنّعة، إذ جرى تحويل العجز التام على تغيير الظروف إلى قيمة، وتحويل الذل إلى فضيلة الصبر، وعندما عبّر قائلا...

الجمال والقوة في تماثيل اليونان

الجمال والقوة في تماثيل اليونان.. مقال عماد الدين زناف. في اليونان القديمة، كانت الثقافة السائدة بينهم أن الجميل في ظاهره جيد في باطنه تلقائيا، أو أن الذي يكون أقل كمالا في أحدهما، عليه أن يجتهد بقوة ليصل إلى ذلك التوازن. فقد كانوا يحبون الكمال إلى درجة أن الرجل عندهم يجب أن يكون: جميل المظهر، قوي البنية (رياضي)، وحكيما عاقلا، فاختصروا هذا الأمر في جملة شهيرة وهي: Kalos kagathos  كالوس كاغاتوس  καλὸς κἀγαθός هو كالوس التي تعني جميل، كاغاتوس تعني جيد (قوي وصاحب المبادئ)، حيث نرى ذلك في كل تماثيلهم. والمثير أن كثيرًا منهم رفض سقراط وفكره بالكامل فقط لأنه قبيح الوجه والشكل، لأن قبحه جعلهم يشككون في أصوله اليونانية أساسا، وقد كان محل سخرية من  مجموعة السفسطائيين الذين كانوا طبقة مثقة وجميلة المظهر.   وحتى بعد 2000 سنة من موته، جاء الفيلسوف نيتشه المحب لإحياء فلسفة يونان ما قبل سقراط، ليصفه بأنه قبيح، إذا عليه أن يصمت.. متهما كذلك أرسطو أنه غير آثيني الدم لأنه من مقدونيا.. وأن هؤلاء قد ساهموا في إنهاء بريق اليونان.  لكن طبعا هذا الحكم تعسفي وملني على نظرة شخصية، لأن اليونانيّون لم ينحصروا ف...

الفلسفة في الجزائر

كيف دخلت الفلسفة أرض الجزائر؟  مقال عماد الدين زناف  من مقدمة كتابي: فلسفتـنا. إن ترميم الفلسفة والفكر الاجتماعي ليسَ بالأمرِ الهيّن، وقد يكون موضوعا يفتحُ لنا تناقضاتٍ في ذاته، ويفتح صناديق مخفية تَكنُز قضايا قد أُهمِلَت. فقد يُقال إن لكل مجتمع فكره الخاص، وكذا فلسفته التي لا يمكن أن تتغير، إذ هي خاضعة للمناخ والأرض وخاضعة لتراكمات العامل الوراثي والظروف السياسية والاقتصادية .   ملاحظةٌ مهمّة، لكنها غير كاملة، أو لنقل أنها لا تُلْقي علينا نظرةً زمنية فوقية، وتحليلا دقيقا. فالذي يريد أن يدرس فلسفةَ مجتمع معيّن، عليه ألا يكتفيَ بما يراه في حاضره، خاصةً إذا أراد أن يسترق النظر وراء الأستار ليرى مستقبله الافتراضيّ، ولنقل، لينظًرَ مصيرهُ، وبالتالي إذا أردتُ أن أضع الفلسفة الجزائرية تحت المجهر، فعليّ أن أنظُرَ إلى تاريخ الفلسفة الجزائرية، وبذلك، على أن أعودَ إلى أقدم دولَة عرفتها هذه الأرض الشاسعة، لكي ننظر معًا حال ذلك المجتمع وعلى أي فِكرٍ نشأ، ولمَ اختارَ منهجًا أو منهجيّات مُعيّنة، وما الذي جعله على ما هوَ عليه اليوم، وهل هو تطوّر منطقي لهذه الفلسفة أم هو نتاج عوامل؟ أو أنه تطوّر مُنقَ...