التخطي إلى المحتوى الرئيسي

أقدم قصبة في الجزائر

أقدم قصبة في الجزائر 🔎




موضوع أقدم قصبة في الجزائر ليس من السهل تناولهأقدم قصبة في الجزائر 🔎

موضوع أقدم قصبة في الجزائر ليس من السهل تناوله بالقطع، لأن بعض القصبات في الوطن لم يتمّ ترميمها بعد، ولا يُعرف متى تم بنائها بالضبط، كذلك هناك بعض القصبات قد اندثرت، والحديث هنا مثلا عن قصبة أشير معقل الزيريين، الذين عرفوا أنهم هم بناة القصبات لاحقا.

لكن علينا أن نعرف ما القصبة أصلا، لكي لا نحصر الحديث عن مناطق معروفة ونهمل البقية، فالقصبة هي مدينة مسوّرة محروسة بأواب تعتليها قلاع غالبا. الحديث الدارج هو عن القصبات الزيرية فقط، على الرغم من أن هناك قصبات بأسلوب آخر، مثلا، قصبة هُنين. وهي عبارة عن قلعة وحصن تقع في بلدة هنين في ضواحي تلمسان، على شواطئ البحر.  يعود تاريخ القصبة والأسوار إلى عهد الموحدين، حيث تشير الدلائل إلى أنها تأسست في القرن الثاني عشر الميلادي على يد مؤسس دولة الموحدين عبد المؤمن بن علي، وذلك فوق انقاض تعود للفترة الرومانية.  كذلك مدينة غرداية التي تعتبر قصبةً صحراوية، والتي تأسست، قبل قصبة هنين في القرن الحادي عشر.

وأيا كان الحديث، فيكاد يكون الإجماع على أن بنو زيري هم أول بناة للقصبة، وكما أشرت، تعتبر أشير أم الزيريين، بالرغم من أن هناك شكوك في كون قصبة تنس هي الأقدم، أي في القرن التاسع ميلادية 875م، لكن على هذه المعلومة ملاحظات سنعود إليها. 

تقع هذه المنطقة الأثرية (أشير) بالكاف الأخضر ناحية عين بوسيف ولاية المدية، وقد تم تأسيسها على يد زيري بن مناد في القرن العاشر، عام 939م في الحِقبة الفاطميّة.  فإذا كان المبحث تاريخيا، فيجب أن يُعتد بالقصبات التي تآكلت أيضا.

بالنسبة لقصبة تنس، يقال أنها بنيت على يد رحالة أندلسيين سنة 875م ، لكن الإشكال في كون هذا البناء لم يكن دارجا في الأندس ذاتها، وفي تلك الفترة، كانت تعرف هذه الأخيره شبه استقرار ما لا يضطر أي أندلسيٍّ أن يغادرها لشمال إفريقيا الملتهبة في العهد الفاطمي بين اتحاد صنهاجة وكتامة ضد قبائل زناتة الكبيرة والمنشترة في كل مكان. فالأمر صعب التصديق، و المرجح عندي أن قصبة تنس هي كذلك زيرية، سواءً بنيت تماما من الصفر، أو على أنقاض بناء روماني أو بزنطي أو نوميدي أو أيّا كان.. وإذا لم يكن الأمر كما أقول، فهي إذا أقدم قصبة في الجزائر فعلا.

نفس الأمر مع قصبة وهران التي يقال أنها بنيت بين 900 و 910م كما هو مكتوب، بنفس الطريقة التي قيل أن قصبة تنس قد بُنيت، اي على يد بحارة أندلسيين، بهذا أضع نفس الإشكال، وإذا لم يكن لطرحي مصوّغًا، فهي ثاني أقدم قصبة بعد قصبة تنس.

وبعدما تم بناء قصبة جزائر بني مزغنة سنوات 960م من قبل الزيريين، توالت القصبات مثل الزرع، فبنيت قصبة مليانة لي 972م وقصبة بني حماد (القلعة 1007) وقصبة دلس سنة 1068م ثم قصبات عنابة، اشهرها القصبة الحفصية في نهاية القرن الثالث عشر، وقصبة المدينة العتيقة في قسنطينة التي عرفت بداياتها في العهد الزيري واستكملت وبرزت في القرن السادس عشر مع قصبة البليدة. 
 الأكيد أن كل ما بني بعد سقوط ممالك الطوائف الأندلسية، يمكن نسبته للأندلسيين المهاجرين إلى الجزائر ولا إشكال في ذلك "منطقيا"، إلا أنه وجب أن يكون محل تحقيق أركيولوجي وليس اعتمادا على مرويات.

وكما تلاحظون، الدقة في ضبط السنوات غير ممكنة، فكل شيء يبقى رهين الأبحاث المتواصلة.

باختصار: إذا أخذنا بما قيل لحد الآن دون أن نمحّص في المعلومات، فقصبة تنس هي الأقدم، تليها قصبة وهران، تليها قصبة أشير.  أما بالمجادلة والمقارنات، فربما قصبة أشير الزائلة هي الأقدم، أما المتماسكة فهي قصبة العاصمة.

#عمادالدين_زناف #استرجع_تراثك  #الجزائر

 #الجزائر

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

ابن بطوطة.. الذي لم يغادر غرفته

ابن بطوطة، الرّحالة الذي لم يغادر غرفته. مقال عماد الدين زناف. ليسَ هذا أول مقال يتناول زيفَ الكثير من أعمالِ المؤرخين القدامى، الذين كانوا يكتبون للسلاطين من أجل التقرّب منهم، ومن ذلك السعيُ للتكسّب، ولن يكون الأخير من نوعه. الكتب التاريخية، وأخص بالذكر كتب الرّحالة، هي عبارة عن شيءٍ من التاريخ الذي يضع صاحبها في سكّة المصداقية أمام القارىء، ممزوجِ بكثيرٍ من الروايات الفانتازيّة، التي تميّزه عن غيره من الرحالة والمؤرخين. فإذا اتخذَ أحدنا نفس السبيل الجغرافي، فلن يرى إلا ما رآه الآخرون، بذلك، لن يكون لكتاباته أيّ داعٍ، لأن ما من مؤرخ ورحّالة، إلا وسُبقَ في التأريخ والتدوين، أما التميّز، فيكون إما بالتحليل النفسي والاجتماعي والفلسفي، أو بابتداع ما لا يمكن نفيُهُ، إذ أن الشاهد الوحيد عن ذلك هو القاصّ نفسه، وفي ذلك الزمن، كان هناك نوعين من المتلقين، أذن وعين تصدق كل ما تسمع وتقرأ، وأذن وعين لا تلتفت إلا لما يوافق معتقدها أو عقلها.  الهدف من هذا المقال ليس ضربُ شخص ابن بطوطة، لأن الشخص في نهاية المطاف ما هو إلا وسيلة تحمل المادة التي نتدارسها، فقد يتبرّأ ابن طوطة من كل ما قيل أنه قد كتبه، ...

مذكرة الموت Death Note

إذا كُنت من محبّي المانجا و الأنيم، من المؤكد أنه لم تفتك مشاهدة هذه التُّحفة المليئة بالرسائل المشفّرة. هذا المسلسل اعتمد على عدّة ثقافات و إيديولوجيات و ارتكز بشكل ظاهريّ على الديكور المسيحي، في بعض اللقطات و المعتقدات. المقال الـ104 للكاتب Imed eddine zenaf / عماد الدين زناف  _ الرواية في الأنيم مُقسّمة الى 37 حلقة، الشخصيات فيها محدّدة و غير مخفية. تبدأ القصة بسقوط كتاب من السّماء في ساحة الثانوية موسوم عليه «مذكرة الموت» ،حيث  لمحه شاب ذكيّ يُدعى ياغامي رايتو، و راح يتصفحه، احتفظ به، رغم أنه أخذها على أساس مزحة ليس الّا، و بعد مدّة قصيرة اكتشف ان المذكرة "سحريّة"، يمكنه من خلالها الحكم على ايّ كان بالموت بعد اربعين ثانية من كتابة اسمه و طريقة موته بالتفصيل. لم تسقط المذكرة عبثاً، بل اسقطته شخصية تُسمى ريوك، من العالم الآخر، وكانت حجة ريوك هي: الملل والرغبة في اللعب. كلُ من يستعمل مذكرة الموت يطلق عليه اسم " كيرا".  بعدها تسارعت الأحداث بعدما أصبح "كيرا" يكثّف من الضحايا بإسم العدل و الحق، فقد كان منطلقه نبيلاً: نشر العدل و القضاء على الجريمة في الأرض....

أخلاق العبيد، نيتشه والمغرب الأقصى

مفهوم أخلاق العبيد عند نيشته، المغرب الأقصى مثالا. مقال عماد الدين زناف. فريدريش نيتشه، حين صاغ مفهومه عن «أخلاق العبيد» في مُعظم كتبه، لم يكن يتحدث عن العبودية الملموسة بالمعنى الاجتماعي أو الاقتصادي، أو بمعنى تجارة الرّق. بل تحدّث عن أسلوب في التفكير نِتاجَ حِقدٍ دفين وخضوع داخلي يولد مع الأفراد والجماعة. إذ بيّن أن الضعفاء، العاجزين عن تأكيد قوتهم، اخترعوا أخلاقًا تُدين الأقوياء، فرفعوا من شأن التواضع والطاعة فوق ما تحتمله، حتى أنها كسرت حدود الذل والهوان. ومن هذا المنطلق يمكن رسم موازاة مع خضوع شعب المغرب الأقصى لنظام المخزن. إذ أنها سلطة شكّلت لعقود علاقة هرمية تكاد تكون مقدسة بين الحاكمين والمحكومين. وما يلفت النظر هو أنّ هذا الخضوع لم يُقبل فقط بدافع الخوف والريبة، بل تَمَّ استبطانه كفضيلة بل وعمل أخلاقيًا. فالطاعة أصبحت عندهم حكمة، والعبودية وَلاءً، والاعتماد على الغير، أيًّ كانت مساعيه في دولتهم عبارة عن صورة من صور الاستقرار. نيتشه قال «نعم للحياة»، لكنها استُبدلت بـ«لا» مقنّعة، إذ جرى تحويل العجز التام على تغيير الظروف إلى قيمة، وتحويل الذل إلى فضيلة الصبر، وعندما عبّر قائلا...