السبت، 5 مارس 2022

الأعين الثلاث



كيف يتحوّل المتابع من؛ مُشفق إلى شيء متطرّف❓

[أدعوكم بإلحاح لقراءة هذا]

في عالم التمثيل، الإعلام، الأدب، المسرح، الموسيقى، تجد أن المتابعين ينظرون إلى الشخصيات بثلاثةِ أعيُن، سأتكلم عنها.  غالباً، نجد أن المُتواضعين فكراً ومضموناً يلقون تفاعلاً كبيراً جداً يالمُقارنة بمن يقدّمون أعمالاً ذات جودة، حيث لا يَج من الأذكياء مبررّا لهذا السلوك الشائع! 
العين الأولى؛ يرونَ في المبتدئ شخصاً مثيراً للشفقة، قد يتعاطفون معه معنوياً، لكن ليسَ كثيراً، رغم كل محاولته لتقديم الإضافة، إلا أنهم لا يريدون التفاعل مع شخص مجهول تماماً، وبذلك، سيعاني المبتدئ كثيراً من تهميشٍ لسببٍ ساذج، السبب هو أنه ليس نجماً في ميدانه، أي، لا يستفز المتابع للحُلم.
العين الثانية، يرون الشخصية التي خرجت من الجبّ أخيراً بعينِ الإعجاب، ذلك أنه تجاوز امتحان التجاهل الذي فرضوهُ عليه، الآن، بالنسبة لهم! أصبح هذا الشخص مثيراً للإنتباه، ذلك أن لديه الكثير ليرويه لهم عن ”قصة نجاحه“، يرونَ فيه الأمل بأنهم سيصلون هم كذلك، فيُصبح هذا الفرد محقاّ في كل ما يقوله، فحجّتهُ تشبه حجّة شاهد حرب بالنسبة لعوام الناس، لا يُهمهم محتواه، بقدر ما يهتمون لشخصه. وهذه الفئة هي الفئة الطاغية في العالم.
العين الثالثة، الآن، تغيّر كل شيء، من شخصية مجهولة تماماً إلى حسابٍ موثّق وشهرة واسعة! سينقسمُ المتابعون إلى فريقين متطرّفين، بين طرف لا يزال يرى في تلك الشخصية قدوته في النجاح! يرى أنها شخصية تستحق كل هذا الجزاء، سواءً لمحتواها الجيد، أو، للمثابرة وعدم الاستسلام، وكذا يرى بأنه ليسَ أقل قبمة وذكاء، ويمكنه فعل ما فعله هذا المتفوق، دون أن يحاربه. وطرف آخر، من كان يحبه ويتابعه، لأنه كان يرى نفسه  في تلك الشخصية المتواضعة في المحتوى والشهرة، أو المتواضعة شهرةً فقط، وكان يتابعه، لأنه كان يشبهه، أي لا يجد ما يحسده فيه! الآن، قد تحول ذلك الصديق الذي يشبهه إلى شاب ناجح! خائن! عميل لكل ما هو غير متواضع وكل ذا تأثير! سيبدأ هذا الصنف في بعث الكراهيّة ضد من كانَ يحبّهُ خفيةً أو علناً. 
☢ علينا معرفة أن الناس لا يحبون الشخصيات العامة لنفس السبب، بنفس الغاية، وبنفس الدوافع، رغم أن تلك الشخصية تقدم شيئاً واحداً، أي، من المنطقي أن تثير انتباه من هم مهتمين بمحتواها. ونقول أننا نتابع المحتوى لا الأشخاص.
إلا أننا لا نفعل ذلك حقاً، هناك مثل في الجزائر يقول ”لن أُعجب به حتى لو أخرج يدهُ خضراء من الجنّة“. وهذا راجع لدوافع نفسية تطغى على عقلانية الفرد، رغم أن من يفكر هكذا، يحاول أن يُعقلنَ قراره بكل الطُرُق.
عندما تكلمت  في السابق منتقداً المؤلفين الذين يضعون كتبهم في الكراتين قائلين للناس أنها مصدر عيشهم، قصدت أن حبّ الناس هنا هو حب التعاطف، والعاطفة والشفقة ليست حباً حقيقياً.  ربما سيكسب المستميل لعاطفة الناس، لكن وحيهُ إذا نجح واشتهر! ويحَ كلّ من تجرّأ وابتعدَ بأحلامه!
احموا أنفسكم من اللذين يحبونكم لأنكم تشبهونهم، فقد يصيرون أعدائكم يوماً ما.  
وهذا ليس وليد اليوم، دائما ما كانت الشخصيات العامة تعاني من الأعين الثلاثة، ولنقل أن الأمر طبيعي جداً، ليسَ فيه شرّ يُذكر!

#عمادالدين_زناف

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق