الأربعاء، 5 يناير 2022

علم النفس عند بيار داكو


الكتاب الذي سأشرع في تحليله هو لـ بيار داكو، وهو مُعالج نفسي بلجيكي ولد سنة 1936م وتوفى سنة 1992م، هو أحد أبرز طُلاب كارل جوستاف يونغ. مُعظم مؤلّفاته تتحدّث عن علم النفس التحليلي، فهو فرويدي بامتياز، خاصّة عندما يتناول موضوع اللاوعي والآليات التي تكُوّنه، كان يُدافع عن فكرة التعاطي مع الانسان بطرق مُختلفة plurifactorielle، للوصول الى كماليّة الانسان. اعتمَدَ أسلوب التعميم العلمي في شرح علم النفس وفروعه، في الحديث عن الأمراض النفسية، في تبسيط المفاهيم المعقدة او تلك التي تختلط علينا عادةً. من الضروري أن تكون لدى الشعوب ثقافة مُحترمة في علم النفس، وكذا تفضيل المعالجين النفسيين ابتداءً وآخراً، على أساليب أخرى غير علمية، ما يُسمّى بالدّجل أو "العلم الزائف".  كُل ما سأرجهُ، سيكون ترجمةً بتصرّف لما كتبه داكو حول الموضوع في كتابه، les prodigieuses victoires de la psychologie الانتصارات العظيمة لعلم النّفس.
بماذا يهتم علم النفسي؟ 
ابان تجاربي في هذا المجال الرائع، اكتشفت ان لعلم النفس مليء بالخبايا والظلال، يُقال لي "ما هو علم النفس في نهاية المطاف؟"، "ما الذي يُعاجله؟"، العديد يعتقدون انه يتلخص في شخص يقوم بتجارب معيّنه مع الأفراد، أو هو مجرّد شخص يُدير النفسيات، أو ساحر يُذهب الأمراض بطريقة ما!  كل ما يُطلب مني في صورة تهجئة ثورة المراهقين، أو معالجة ألم ما، هي حتماً من مهامي طبعاً، ورغم أنني أفعل ذلك بطرق علمية، الا أننا نقوم بذلك بإيماننا بالإنسان. 
ما هو علم النفس باختصار؟ 
هو علم يدرس الروح أو النفسيات، الروح والنفس لهما تعريفات كثيرة، لذاك يبقى تعريفه بشكل قطعي عملية صعبة، صعوبة تفريق النفس من الروح في العلم. يقول جانت: علم النفس يلمس كل شيء، وهو في كل مكان. يمكن تعريفها بأنها دراسة سلوكيات الانسان الداخلية والخارجية، أيضاً، البحث عن مسببات تلك السلوكيات الداخلية والخارجية.
لماذا يثير اهتمام الكثيرين؟ 
الجواب سهل، تطور علم النفس بتطوّر الحاجة اليه، في عالم معقد كهذا، البحث عن الأجوبة يأخذ المساحة الأكبر. يجب أن يتوفّر للإنسان حقل كبير لإعادة البناء النفسي. من الصعب أن يتحقق لك أن العديد من الناس ليسوا بشيء.. بالمقارنة مع ما يمكنهم أن يكونوا، لذلك يبقى البناء النفسي الوسيلة الوحيدة لحياة أفضل. 
أهم شيء فيه؟
التوازن، يجب البحث عن التوازن الجسدي والعقلي عند كل انسان، بدون هذا الشرط، لا شيء يمكنه أن يُنجز. 
ما هي مشكلة الانسان المعاصر؟
مشكلة الانسان المعاصر في عدم التأقلم، وهذا ما يؤدي مباشرة الى القلق angoisse، بيد أن الانسان خلّة بين ما هو فعلاً، وما يعتقد أنه هو. 
الانسان متجمّد في عالمه؟ 
تخيّل ان انسانا ما، قد اكتشف محطّة ما، في مذياع ما، وهو يستمع لموسيقى ما، فيبقى يستمع لتلك الموسيقى، طول الوقت، هي كل شيء بالنسبة له. الى ان يأتي أحدهم، وبشكل مباغت.. يغيّر له المحطة، فيُصدم بسماع الاف اللغات، والموسيقى، والأحداث.. هو الذي كان يعتقد أن كل العالم يتمحور في تلك الموسيقى وتلك المحطة، بتلك اللغة. 
هذا هو الانسان، منطوي على فكرة واحدة، يكررها دائما، هي عالمه، لا يعلم أصلا ان هناك خيارات أخرى.. مع ذلك، يظن انه يعيش! الى أن يأتي اليوم، أين يغيّر أحدهم..
التعليم وعلم النفس؟ 
التعليم هو حلّ وسط للطفل، فيه يتعلم الحسن والسيّء، بينما تكمن تربيته في البيت، بين الأب والأم.
ما هي أساسيات النفس السويّة؟
الراحة والنوم. النوم ضرورة إنسانية، لكننا نعلم أن النوم في عصرنا لم يعد يُجدي للتخلّص من التعب المزمن، ذلك التعب الذي نتركه يتراكم يوما بعد يوم، فيتحوّل من تعب عادي الى مجهودات مضاعفة، ثم قسوة على الذات acharnement، ثم الى تعب مضاعف، فيتحول اما الى اكتئاب، ثم خلو الجسم من الطاقة، ضعف الإرادة، احتقار الذات.. ثم معاقبتها. أو، الى هياج Agitation، طاقة مُخادعة، إرادة كبيرة، اعجاب بالذات، انهيار.  لا يجب أن نقع في فخ تحقير التعب، علينا أخذ الراحة اللازمة دائما (هذه نصيحة مباشرة لي).
ما الذي يجب ان تعرفه حول الاكتئاب؟ 
- المكتئب يشعر بنقص فادح في الإرادة Aboulie.
- نقص فادح في التركيز، لدرجة تكرار نفس الفعل دون النجاح في فهمه او فعله. 
- الوسواس من كل شيء.
- عدم الاهتمام المبالغ فيه، لامبالاة. 
- فقدان الشهية الارادي، رفض الأكل.
- الخوف من الجنون.

 الاجهاد، تعب عادي أم انذار لاقتراب الاكتئاب؟ 
الاجهاد يأتي عندما نقدّم أكثر مما ينبغي، أي، نعمل أكثر مما وجب انه نعمله، وهذا لا يكون الا بدوافع نفسية ليست سويّة، فلا شيء يدعوك لفعل هذا، خاصة إذا كان في سبيل الترقيات وما شابه.
هل تعلم؟ حالة التركيز الكبيرة تمنع الامتياز والعبقرية.
نعم، الشيء الذي يمنع بعض الأفكار العبقرية والحكيمة هو كثرة التركيز، لان التركيز يُعطّل ثلاث أربع العقل، لأنها مشغولة في شيء بذاته، عوض التفكير في مجموع الأشياء. 

هذا مُلخّص لربع الكتاب (495 ص) ، باقي الكتاب يحتوي على تفاصيل "مُرهقة بعض الشيء"، لا يسمح بالتوسع فيها أي مقال كان، علمي، فكري، فلسفي.. ولا تعميم علمي. 
انصحكم باقتنائه لأنه يعتمد لغة مفهومة جداً لكل فرونكوفوني مُتوسّط.  

#عمادالدين_زناف 
المقال 253
*

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق