التخطي إلى المحتوى الرئيسي

كذب ولو صدق

⬅عندما يغيب البناء المفاهيمي.. يسحب البساط من أي نظرية بلمح البصر..وبطريقة مهينة على صاحبها، أنظر المثال لتفهم:

هناك رجل إسمه بسام جرار، وهو على ما يبدو إماما لمسجد في فلسطين، اشتهر بفرضية أو بنبوءة زوال الكيان سنة 2022م اعتماداً على ما يسمّيه ”الإعجاز الحسابي“ في القرآن، شيءٌ يشبه ”الإعجاز العلمي“.
نشر كتاباً باسم إعجاز الرقم 19 في القرآن، منطلق فكرته جاء من يهـ،ود أنفسهم رفضوا فكرة قيام دولة لهم بالنصوص التوراتية. لا أريد الإطالة أو الدخول في الحسابات التي اعتمدها لأنها مرفوضة أساساً! كيف ذلك؟ 
ببساطة لأن القرآن الكريم لا يخضع للتقويم الميلادي! ولا حتى للتقويم الهجري! ولا لأي حساب إداري من صنع بشري! 
الغريب أن من يريدون شيئاً يُخضعون منطقهم على القرآن عوض أن يخضعوا له! 
من قال لك أصلا أن الميلادي تقويم صحيح؟
في كتابي «الشفق» درست التقويم وأصوله، وهو بعيد كل البعد عن سيدنا عيسى عليه صلوات الله، وحتى وان كان، فهذا ليس بما يُلزَم به القرآن! فهو المُلزِم لا المُلزَم.
كذلك الحال مع أي تقويم، فالتقويم الهجري قرّره عمر الفاروق باجتهادٍ منه، وليس لأثر ديني، بل إن الإسلام حافظ على أشهر العرب كلها تقريباً، فقد عرفو رمضان منذ القدم ”كمثال“.
وأخيراً، لا يجب أن يوخذ ما يسمى بالإعجاز العلمي بتلك الجدية أو بالدلالية القاطعة، لأن القرآن أعلى دائما وله السبق قبل العلوم، فما هو مسلمٌ به اليوم، قد يصبح رواية فانتازية بعد مئة سنة! فكيف نخضع قول الرحمٰن للتلاعبات البشرية، أو في أحسن الأحوال: ”اجتهاداتهم“.
البحث في الدين أمر حساس جداً، فلا تجرك الحميّة للدفاع عنه حتى تنقص منه، أو تجعله عرضة للسخرية.. فإذا لم يزل ذلك الكيان سنة 2022 ما موقفك وموقف العلماء من إعجازك هذا؟ حتى لو كانت مجرد احتمالات، فهي لا تصح في كتاب الله.
على المسلم أن يبقى فطنا، ومن يريد زوال ذلك الكيان عليه أن يتعلم ويعمل ويتقوى.

#عمادالدين_زناف

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

ابن بطوطة.. الذي لم يغادر غرفته

ابن بطوطة، الرّحالة الذي لم يغادر غرفته. مقال عماد الدين زناف. ليسَ هذا أول مقال يتناول زيفَ الكثير من أعمالِ المؤرخين القدامى، الذين كانوا يكتبون للسلاطين من أجل التقرّب منهم، ومن ذلك السعيُ للتكسّب، ولن يكون الأخير من نوعه. الكتب التاريخية، وأخص بالذكر كتب الرّحالة، هي عبارة عن شيءٍ من التاريخ الذي يضع صاحبها في سكّة المصداقية أمام القارىء، ممزوجِ بكثيرٍ من الروايات الفانتازيّة، التي تميّزه عن غيره من الرحالة والمؤرخين. فإذا اتخذَ أحدنا نفس السبيل الجغرافي، فلن يرى إلا ما رآه الآخرون، بذلك، لن يكون لكتاباته أيّ داعٍ، لأن ما من مؤرخ ورحّالة، إلا وسُبقَ في التأريخ والتدوين، أما التميّز، فيكون إما بالتحليل النفسي والاجتماعي والفلسفي، أو بابتداع ما لا يمكن نفيُهُ، إذ أن الشاهد الوحيد عن ذلك هو القاصّ نفسه، وفي ذلك الزمن، كان هناك نوعين من المتلقين، أذن وعين تصدق كل ما تسمع وتقرأ، وأذن وعين لا تلتفت إلا لما يوافق معتقدها أو عقلها.  الهدف من هذا المقال ليس ضربُ شخص ابن بطوطة، لأن الشخص في نهاية المطاف ما هو إلا وسيلة تحمل المادة التي نتدارسها، فقد يتبرّأ ابن طوطة من كل ما قيل أنه قد كتبه، ...

مذكرة الموت Death Note

إذا كُنت من محبّي المانجا و الأنيم، من المؤكد أنه لم تفتك مشاهدة هذه التُّحفة المليئة بالرسائل المشفّرة. هذا المسلسل اعتمد على عدّة ثقافات و إيديولوجيات و ارتكز بشكل ظاهريّ على الديكور المسيحي، في بعض اللقطات و المعتقدات. المقال الـ104 للكاتب Imed eddine zenaf / عماد الدين زناف  _ الرواية في الأنيم مُقسّمة الى 37 حلقة، الشخصيات فيها محدّدة و غير مخفية. تبدأ القصة بسقوط كتاب من السّماء في ساحة الثانوية موسوم عليه «مذكرة الموت» ،حيث  لمحه شاب ذكيّ يُدعى ياغامي رايتو، و راح يتصفحه، احتفظ به، رغم أنه أخذها على أساس مزحة ليس الّا، و بعد مدّة قصيرة اكتشف ان المذكرة "سحريّة"، يمكنه من خلالها الحكم على ايّ كان بالموت بعد اربعين ثانية من كتابة اسمه و طريقة موته بالتفصيل. لم تسقط المذكرة عبثاً، بل اسقطته شخصية تُسمى ريوك، من العالم الآخر، وكانت حجة ريوك هي: الملل والرغبة في اللعب. كلُ من يستعمل مذكرة الموت يطلق عليه اسم " كيرا".  بعدها تسارعت الأحداث بعدما أصبح "كيرا" يكثّف من الضحايا بإسم العدل و الحق، فقد كان منطلقه نبيلاً: نشر العدل و القضاء على الجريمة في الأرض....

أخلاق العبيد، نيتشه والمغرب الأقصى

مفهوم أخلاق العبيد عند نيشته، المغرب الأقصى مثالا. مقال عماد الدين زناف. فريدريش نيتشه، حين صاغ مفهومه عن «أخلاق العبيد» في مُعظم كتبه، لم يكن يتحدث عن العبودية الملموسة بالمعنى الاجتماعي أو الاقتصادي، أو بمعنى تجارة الرّق. بل تحدّث عن أسلوب في التفكير نِتاجَ حِقدٍ دفين وخضوع داخلي يولد مع الأفراد والجماعة. إذ بيّن أن الضعفاء، العاجزين عن تأكيد قوتهم، اخترعوا أخلاقًا تُدين الأقوياء، فرفعوا من شأن التواضع والطاعة فوق ما تحتمله، حتى أنها كسرت حدود الذل والهوان. ومن هذا المنطلق يمكن رسم موازاة مع خضوع شعب المغرب الأقصى لنظام المخزن. إذ أنها سلطة شكّلت لعقود علاقة هرمية تكاد تكون مقدسة بين الحاكمين والمحكومين. وما يلفت النظر هو أنّ هذا الخضوع لم يُقبل فقط بدافع الخوف والريبة، بل تَمَّ استبطانه كفضيلة بل وعمل أخلاقيًا. فالطاعة أصبحت عندهم حكمة، والعبودية وَلاءً، والاعتماد على الغير، أيًّ كانت مساعيه في دولتهم عبارة عن صورة من صور الاستقرار. نيتشه قال «نعم للحياة»، لكنها استُبدلت بـ«لا» مقنّعة، إذ جرى تحويل العجز التام على تغيير الظروف إلى قيمة، وتحويل الذل إلى فضيلة الصبر، وعندما عبّر قائلا...