الأحد، 20 يونيو 2021

لا عقلانية القُوّة



📌لا عقلانية القوّة.

وبعد أن علمتُ بحماقة تهوّري، تريّثت للحظة وفكّرتُ وتساءلت، ما مَعني أن أفقد عَقلانيّتي وهدوئي في كلّ مرّة أجد فيها نفسي مرغماً على الفعل، أو ردّة الفعل، كيف أفسّر غياب حكمتي ورصانتي، عندما أحتاج الى الهرولة أو الصّراخ، عندما أهمّ بالبطش على شيء ما، أو سحب شيء ما.
وكلّما اشتدّت الظّروف وقساوتها، أو كُنتُ على شفا حفرة، أو وجدتني مُنقذاً لمارٍّ أو صبيٍّ، أو مُنقذاً لنفسي، كُلّما قلّت حِكمتي وحيلتي، وارتفعَت هِمّتي وقَسوتي، وزاد عُنفواني واندفاعي، غير مُبالٍ بما قد يُسفرُ عنه هذا التحوّلُ اللّحظي. 
أعقِلُ أنّ مواجهة الخطر تَكون بالخَطر نفسه، ولا عقلَ مع من لاعقلَ لهُ من جمادٍ أو دواب، لكنني لا أعقلُ تقبّل العقل للمُخاطرة بالذّات في سبيل "لحظة"، وليس في سبيل سعة من الوقت والحياة، فعندما تَفقد أعزّ ما تملك، وهي نَفسك، من أجل لحظة مُعيّنة، فقد يكنُ هذا نبيلاً، بل هو كذلك، لكنّك ستفقدُ نَشوة الانتصار بذلك، أو عَيشِ ذلك، ولن تعودَ لك نَفسك، فقد تَخسرُ حياتك للأبد.
هذه توطئة، لفكرة التهوّر عندما نحتاجُ التريّث، فهل هذا التهوّرُ لا عقلانيّ فعلا؟
الجميع يعلم أن الرّجلُ، على عكس المرأة، يملك هُرموناً قَويّاً، هو ما يَجعلُهُ يختلفُ جذرياً عن المرأة، وعندما أتكلّم عن الاختلاف، فهو ليس اختلافاً ظاهرياً، أو فيزيولوجياً، بل اتحدّثُ عن اختلافٍ فكريٍّ حقيقي، ونظرة نَفسيّة مُغايرة عن الحياة.  
هرمون التستوستيرون هو المُسبّب الأوّل لوفاة الرّجل، أمّا كيفية الموت، فهو تفصيلٌ بسيط في أغلب الأحيان، قد يَعتقدُ الكثير من النّاس أن تَهوّر الرجل نابعٌ عن نقصٍ في الذّكاء أو الحكمة او التعقّل، وهذا الرّأي غير علمي، وغير قائمٍ على شيء مُعيّن، الرّجل كائنٌ صيّاد بطبعه، فهو من يشدّ الرّحال الى الفرائس، والكنوز العميقة، والقُرى البعيدة، وفي كلّ تلك الرّحلات والجولات، يُلاقي أنواعاً من الشِّرار، لذلك هوَ مُزوّدٌ بسلاحٍ يُبطلُ عقلانيّته أمامَ الخطر، لأنّ الخَطرَ في ذاته لا يُمهلك بُرهة للتفكير، فلوّ مالَ الرّجُلُ للتفكير طرفةَ عينٍ لانتهى قبل أن يُقاوم بثواني.
والانسان يَميلُ للتريّث والسّكون بطبعه، لكنّ الله شاء أن يُزوّده بهرمون يجعلهُ "يَندفعُ" للحركة، مع هرموناتٍ أخرى مثل الأدرينالين والكورتيزول اللذان يحميان الرجل والمرأة على حدّ سواء.
هذا الهُرمون، هو الذي يَدفع الرجال للحرب، لحماية العِرض، للمُغامرات والاكتشاف، وكُلّها أفعال لو "عُقلنَ فِعلُها" لما همَّ اليها الكثيرون، لأنّ خَطر الموت يَحوم في كل خطوة ومُراد، ومن منّا يَندَفعُ نحو الموت وهو في سِعة من التفكير والتدبّر، لن نَجد أحدهم وهو مُستلقٍ على سريره وفي يمينه كوبَ عصير يُردّد’ أن أجملَ ما في الحياة هو الموتُ في نِزالٍ ما’.
أجملُ ما في الحياة هي الحياةُ نفسها لا الموت، لكن الموتَ سبيلٌ للحياة في عديد من المرات، هكذا استمرّت الحضارات والدُّول والثقافات، فان لم يَكُن هناك انسٌ مهيؤون "للاندفاع" عندَ الحاجة، فمن يَضمنُ سيرورة وصَيرورة الحياة؟
القوّة لا عقلَ لها، لأنّ عَقلنتها يُفرغ طاقتها ويُرضخها، القوّة طاقتان، طاقةُ التخطيط في السّعة، وطاقة الاندفاع عند الخطر، وغيرُ هذا يُعتبرُ اختلالاً لا عقلانية البشر، فما يَحدُثُ من تراخٍ عند جنس الذكور، هو خللٌ هُرموني قد بدأ منذ عقدٍ من الزّمن، وأنّ قلّة المغامرين والمكتشفين والمُندفعين تنعكسُ سلباً على استمراريّة الحياة بشكلها الطبيعيّ التي نشأت عليه.

المقال 170
Imed eddine zenaf / عماد الدين زناف

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق