التخطي إلى المحتوى الرئيسي

نقطة جودوين



قانون جودوين، أو نقطة جودوين، أو مرحلة جودوين، هي ”نظرية“ طورها المحامي الأمريكي مايك جودوين، حيث وضع هذا القانون عام 1990، مؤكداً أن ليس لقانونه هذا أي قيمة علمية.
 طور قانونه بعد قضاء بعض الوقت على Usenet ، وهو منتدى افتراضي كان موجودًا قبل الويب، بحيث أن كلما طالت مدة المناقشة عبر الإنترنت، زادت اِحتمالية العثور على مقارنة تتضمن الإقتراب من النـ،ـازيين أو هتلر!.
 عادة ، يكون هذا القانون صحيحًا عندما يكون هناك ذكر ”للنـ،ـازية“ في نقاش لا علاقة له بالموضوع الأساسي! هناك تعريفات مختلفة معطاة لنقطة جودوين! عندما يخرج النقاش عن السيطرة ، نعلم أنه تم الوصول إلى نقطة ”جودوين“ القاضية!
فكلما شعر الفرد بخسارة الحوار أو الحجج..، كنوع من السفسطة، يقترب من نقطة جودوين..، أي اتهام الآخر بالـنـ،ـازية أو الفـ.ـاشيّة! 
لم يذكر مايك جودوين عن "نقطة" جودوين، بل اكتفى بـ"وضع نظرية" لهذا القانون.
 قبله ببضع سنوات، أي في الخمسينيات من القرن الماضي، تحدث الفيلسوف ليو شتراوس عن ظاهرة تسمى "اختزال المقاربة لـ هتلر"! كانت الفكرة هي استبعاد ”حجة الخصم“ من خلال ربطه مباشرة بهتلر أو النـ،ـازية.
لذلك قام غودوين ببساطة بتطبيق فلسفة شتراوس على ”الإنترنت“.
نقطة جودوين هي موضوع ثقافة الويب!
إن عمليّة التشبيه بـ الـ،ـنازية أو هتلر عندما لا يكون هناك ما يربط بينهما أصبحت لعبة بالنسبة لمن يسمون بالمتصيدون! أو السفصطائيون المعاصرون، المتصيد هو الشخص الذي يهدف من خلال سلوكه على الإنترنت إلى إثارة ردود الفعل من لا شيء، لعب دور الضحية، الفوز بالضربة القاضية، ”بضربة جودوين“، وإثارة الجدل! بالإضافة إلى ذلك، غالبًا ما يُسخّر هتلر من خلال الميمات الساخرة، من قبل ”الكوميديين“، من خلال المحاكاة الساخرة لخطبه، أو لمحاكاة الديكتاتورية!
لذلك أصبح الوصول إلى نقطة جودوين لعبة حقيقية بالنسبة للبعض.. وسوف أدرج بعص الأمثلة من مجتمعنا..
نقطة جودوين في الواقع المعاش!
إن قانون جودوين لا يقتصر فقط على العالم الافتراضي، فعلى سبيل المثال: هناك سياسيون وصلوا بكلماتهم أيضًا إلى نقطة غودوين، مثل خطابات دونالد ترامب التي يصل بها مباشرة إلى نقاط المقارنات الحادّة، كوضع كل العرب في قائمة الإرهـ،ـابيين والمكسيكيين كلهم كمروجيين للمخدرات، تشبيه الخليج بالبقرة الحلوب، الصين بالعدو المباشر، وهي كلها نقاط جودوين، بالعاميّة، نقطة جودوين هي نقطة ”من الآخر“!
وكمثال آخر، قال Laurent Wauquiez متحدثا عن (الإنجاب بمساعدة طبية) "كل هذا له اسم! إنه تحسين النسل!  إنها طريقة نـ،ـازية!".
كذلك قال بيير موسكوفيتشي في عام 2010 ، عندما تم طرد الغجر من فرنسا: ”إن هذا المناخ يشبه نظام "فيشي للغاية"، ونظام فيشي الفرنسي كان مواليا لهيتلر.
يجسد هتلر والنازية في الغرب، شخصية الشر المطلقة،
بحيث يتم استخدام ”نقطة جودوين“ للمقارنات بالشر المُطلق! لإحراج الآخر وجعله يبرر عدم انتسابه لذلك الشر، عوض طرح حججه!
في مجتمعنا الجزائري، نقاط جودوين توزع دون هوادة، بشكل عشوائي، قليل الحجة يضع الآخرين دائما في مقارنات مع الشر المطلق! أو بأسخف ما يوجد فوق البسيطة.
لإنهاء أي حوار، يتّهمك الآخر بالزندقة، بالجهل، بالعَمالة، بالموالاة، بالإنتساب لجماعة سياسية او دينية متطرفة، يربط بين حديثك وحديث آخر مشابه ليقنعك أنك تروج له، ولأفكاره كلها!
نقطة جودوين، هي طريقة جديدة لوضع الحواجز وإغلاق النقاشات، حيث صرنا نشهد هذا في كل الحوارات والجدالات الدينية والسياسية في التلفاز، إنها سفسطة العصر! لما تُحادث الآخر إذا كنت ستخىج ورقة الجوكر عند أول اختبار حقيقي في ميدان المناظرة!


Imed eddine zenaf / عماد الدين زناف

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

ابن بطوطة.. الذي لم يغادر غرفته

ابن بطوطة، الرّحالة الذي لم يغادر غرفته. مقال عماد الدين زناف. ليسَ هذا أول مقال يتناول زيفَ الكثير من أعمالِ المؤرخين القدامى، الذين كانوا يكتبون للسلاطين من أجل التقرّب منهم، ومن ذلك السعيُ للتكسّب، ولن يكون الأخير من نوعه. الكتب التاريخية، وأخص بالذكر كتب الرّحالة، هي عبارة عن شيءٍ من التاريخ الذي يضع صاحبها في سكّة المصداقية أمام القارىء، ممزوجِ بكثيرٍ من الروايات الفانتازيّة، التي تميّزه عن غيره من الرحالة والمؤرخين. فإذا اتخذَ أحدنا نفس السبيل الجغرافي، فلن يرى إلا ما رآه الآخرون، بذلك، لن يكون لكتاباته أيّ داعٍ، لأن ما من مؤرخ ورحّالة، إلا وسُبقَ في التأريخ والتدوين، أما التميّز، فيكون إما بالتحليل النفسي والاجتماعي والفلسفي، أو بابتداع ما لا يمكن نفيُهُ، إذ أن الشاهد الوحيد عن ذلك هو القاصّ نفسه، وفي ذلك الزمن، كان هناك نوعين من المتلقين، أذن وعين تصدق كل ما تسمع وتقرأ، وأذن وعين لا تلتفت إلا لما يوافق معتقدها أو عقلها.  الهدف من هذا المقال ليس ضربُ شخص ابن بطوطة، لأن الشخص في نهاية المطاف ما هو إلا وسيلة تحمل المادة التي نتدارسها، فقد يتبرّأ ابن طوطة من كل ما قيل أنه قد كتبه، ...

مذكرة الموت Death Note

إذا كُنت من محبّي المانجا و الأنيم، من المؤكد أنه لم تفتك مشاهدة هذه التُّحفة المليئة بالرسائل المشفّرة. هذا المسلسل اعتمد على عدّة ثقافات و إيديولوجيات و ارتكز بشكل ظاهريّ على الديكور المسيحي، في بعض اللقطات و المعتقدات. المقال الـ104 للكاتب Imed eddine zenaf / عماد الدين زناف  _ الرواية في الأنيم مُقسّمة الى 37 حلقة، الشخصيات فيها محدّدة و غير مخفية. تبدأ القصة بسقوط كتاب من السّماء في ساحة الثانوية موسوم عليه «مذكرة الموت» ،حيث  لمحه شاب ذكيّ يُدعى ياغامي رايتو، و راح يتصفحه، احتفظ به، رغم أنه أخذها على أساس مزحة ليس الّا، و بعد مدّة قصيرة اكتشف ان المذكرة "سحريّة"، يمكنه من خلالها الحكم على ايّ كان بالموت بعد اربعين ثانية من كتابة اسمه و طريقة موته بالتفصيل. لم تسقط المذكرة عبثاً، بل اسقطته شخصية تُسمى ريوك، من العالم الآخر، وكانت حجة ريوك هي: الملل والرغبة في اللعب. كلُ من يستعمل مذكرة الموت يطلق عليه اسم " كيرا".  بعدها تسارعت الأحداث بعدما أصبح "كيرا" يكثّف من الضحايا بإسم العدل و الحق، فقد كان منطلقه نبيلاً: نشر العدل و القضاء على الجريمة في الأرض....

أخلاق العبيد، نيتشه والمغرب الأقصى

مفهوم أخلاق العبيد عند نيشته، المغرب الأقصى مثالا. مقال عماد الدين زناف. فريدريش نيتشه، حين صاغ مفهومه عن «أخلاق العبيد» في مُعظم كتبه، لم يكن يتحدث عن العبودية الملموسة بالمعنى الاجتماعي أو الاقتصادي، أو بمعنى تجارة الرّق. بل تحدّث عن أسلوب في التفكير نِتاجَ حِقدٍ دفين وخضوع داخلي يولد مع الأفراد والجماعة. إذ بيّن أن الضعفاء، العاجزين عن تأكيد قوتهم، اخترعوا أخلاقًا تُدين الأقوياء، فرفعوا من شأن التواضع والطاعة فوق ما تحتمله، حتى أنها كسرت حدود الذل والهوان. ومن هذا المنطلق يمكن رسم موازاة مع خضوع شعب المغرب الأقصى لنظام المخزن. إذ أنها سلطة شكّلت لعقود علاقة هرمية تكاد تكون مقدسة بين الحاكمين والمحكومين. وما يلفت النظر هو أنّ هذا الخضوع لم يُقبل فقط بدافع الخوف والريبة، بل تَمَّ استبطانه كفضيلة بل وعمل أخلاقيًا. فالطاعة أصبحت عندهم حكمة، والعبودية وَلاءً، والاعتماد على الغير، أيًّ كانت مساعيه في دولتهم عبارة عن صورة من صور الاستقرار. نيتشه قال «نعم للحياة»، لكنها استُبدلت بـ«لا» مقنّعة، إذ جرى تحويل العجز التام على تغيير الظروف إلى قيمة، وتحويل الذل إلى فضيلة الصبر، وعندما عبّر قائلا...