الأربعاء، 2 يونيو 2021

الفلسفة الرواقية


بعد أن تكلمتُ عنها سابقاً في درس يوتيوب منذ تقريباً سنة، أعود لأكتب عن الرواقية لأهمّيتها البالغة في عالم الفكر والفلسفة، هي من أشهر المدارس وأكثرهم تكاملاً، وقد غذّت عدّت تيّارات ومفكّرين وفلاسفة.
الرواقية ترمي إلى السلام الداخلي والتوازن الإجتماعي، وتهدف إلى أن تزيدك علماً ووقار.
تهدف أيضاً إلى دفع الفرد للتحكّم في عواطفه واندفاعاته، في تصويب الحُكم على الذات، وعلى الأحداث، وعلى الطبيعة.
اتفق الرواقيون أن ما يحدُث في الكون هو نتيجة ”الفاتوم“ أي القدر، ولا يمكننا إلا تقبّل ذلك القدر، وتصويب حكمنا عليه.
إذ من المستحيل أن نُغيّر العديد من الأشياء، ولكن يمكننا أن نُغيّر نظرتنا إليها والحكم عليها، مثل الموت والمرض والنجاح والخذلان.
الهدف من قبول القدر هو بقاء المرء هادئاً مهما ساءت الأحوال، فيقال فب الدارج الفرنسي ابقى رواقيا rester stoïque.
عدم الإفراط في الحزن أو في السعادة هو أول طريق لبلوغ ذلك الهدوء الدائم الذي تعلمنا اياه الرواقية.
أكبر المفاهيم الرواقية ترمي الى تعليم الأفراد بأن يهملوا كل ما لا يعتمد عليهم، وأن يركّزوا فيما يمكنهم تغييره، فقدم حملت لنا هذه الفلسفة أكبر مثالين مختلفين، إبكتيتوس الذي كان عبداً عند سيّده، وأوريليوس الذي كان إمبراطوراً، فكلاهما لم يختارا طبقتهم وما ورثوه، فلم يحاولا تغيير ما لا يمكن تغييره، بل ركّزا على اصلاح الأمور من طبقتهما ومستواهما، وهذا ما تتميز به الرواقية عن باقي الفلسفات، المرونة.
يعتبرها الفنانون نوعا من أنواع التثبيط للمشاعر، بما أنها تحاول أن تعقلن الحزن والفرح، وأنها لا تترك مجالا للإنسان كي يفرغ مخزونه، وقد نلاحظ فعلا أن بعض المأثورات في كتاب «المختصر» تحمل نوعا من برودة الدم في التعامل مع الأحداث والمصائب.
و يراها الكثيرون، وأنا معهم، كأحسن بديل لمن يبحث عن ”التطوير الذاتي“ بصيغته الفلسفية، لأنها تصلح للتطبيق في أيّ زمان ومكان، ولا تتناقض مع أي عرف ودين، ومع اختلاف تجارب ومناصب روّادها، فهذا يجعل منها مصدراً حكيما لمن يريد أن يخطو بحذر واتزان في الحياة.
من أهم الكتب الرواقية :
المختصر، تأملات، من الغضب، من السعادة.
_
المقال 165
Imed eddine zenaf / عماد الدين زناف

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق