الضّحك، سلوك بشري بامتياز لأنه نتاج وعي
وإدراك ناضج للمحيط، لماذا خصّصه هنري بدراسة تحليلية في كتاب «الضّحك»!
يقول: علينا الإشارة إلى الضّحك مصحوب بـ”عدم
إكتراث“ وغياب تام ”للشفقة والعطف“، على الفُكاهي أن يُضحك النّاس على شيءٍ أو روحٍ
هادئة، وإلّا ستكون عواقب الضّحك وخيمة جداً.
عدم الاكتراث، هو محيط الضحك الطبيعي، عدوّ
الضّحك هو المشاعر!، نستطيع أن نشعر بالحزن للذي يحدث له شيءٌ مزعج أو مُحرج..لكن لمي
نضحك سويّاً.. علينا أن ننسى تلك العاطفة والمشاعر لثوان! علينا أن نُسكت تلك الشفقة.
وعلى هذا الأساس، يفرضُ علينا الفُكاهي
أن ”نُخدّر قُلوبنا“ وأن يُخاطب ”ذكائنا“ فحسب.
كذلك يحدث عندنا تقوم مجموعة من الأشخاص
بالتحرّش بشخصية عامّة، فهي لن تُفكّر للحظة حول مشاعرها، أو وضعيتها المعنوية، كلّ
ما يحدُث، هو أن تلك المجموعة تفرضُ الضّحك على ضحيّتها.
إذا، في معظم الأحيان، تنقسم حالة الضّحك
إلى مجموعة أو شخص يستمتع بلحظة التخدير تلك،في المُقابل شخص أو مجموعة تعاني من تلك
اللحظات الحرجة.
تُشير دراسات حديثة، أن الذين يستعملون
الفكاهة السوداء أو يحبّون الفكاهة السوداء، هم مجموعة تملك ذكاءً فوق المتوسّط، ودرجة
عنف وعاطفة منخفضين جداً.
لكي تضحك..عليك أن تكون ذكيّاً.
لكن بالنسبة لهنري، المجموعة مهمة جداً
للضحك، لن نشعر بالمرح إذا شعرنا بالوحدة، يبدو أن الضحك يحتاج إلى الصدى، الضحك، ليس
بصوتٍ سويّ، ولا محدّد.
عندما تكون في حافلة ما وتسمع أشخاصاً من
منطقة واحدة، يضحكون على شيءٍ يخصّ منطقتهم، فلن يضحكك الأمر، لأن لن تفهم على ما يسخرون.
هل هذا يعني أن الضحك أمرٌ سيّء؟
ليس كذلك، الضحك رد فعل طبيعي للإنسان الذكيّ،
وهو سلاح للمجموعة لتنمّي وتوطّد علاقتها ببعضها، ولكن، لا يكون ذلك سوى على حساب الآخر.
على الذكيّ أن يصل لدرجة من الوعي الذي
يجعله، يفهم غضب الشخص، أو المجموعة، الذي تعرّض إليها بالسّخرية، فهو يفهم سبب ضحكه،
ويتفهّم غضب الآخر جرّاء ذلك.
عندما يختلك الجد بالهزل في الجنائز، او
في الصلاة، أو في الامتحانات، فيمكن أن يتم
شرح ذلك بأنّه ناجم عن التوتّر وليس عن سخرية.
الضحك، يقول هنري، ليس فيه فضيلة واحدة
على المتحرش به، بل هو ضحك على معاناة الآخر فقط.
لأن العمل الفاضل، يحتاج وقتاً للتفكير،
بينما الضحك هو عمليّة طبيعية تلقائية تذهب لوحدها، الضحك في الأغلب الآحيان يقهر الضحايا
ويعفو عن الظالمين.
لن تستطيع أن ترفض الضحك عن شيء وتقبله
في أشياء أخرى، فمن هو ذكي كفاية ليجد الأمور المضحكة، فسوف يضحك على كل المقدّسات.
الأخلاق تقول ”أنظر ذلك الضعيف“ أما الضحك
فيقول ”أنظر كم هو ضعيف!“
الضحك شرٍّ لا بد منه و ذكاءٌ..لا بد من
أن يُهذب.
المقال 161
#عمادالدين_زناف
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق