السبت، 15 مايو 2021

بين النور والظلام، نظرة فرويد



من خلال هذه الصّورة، ستعلم تماما أنّ الرّجل يملك نظرة عنك، وأنّه مستعد بأن يوفّر عنك شقاء البحث عن مشاكلك الدّفينة: أنت ضحيّة حبّ مَرضي في زمكان ما!
طبعا، لم تكن مقدّمة ”إلّا“ مازحة.

                                       -1-
قبل ظهور فرويد، اعتمدت الفلسفة عن الأنا، مثل ديكارت وكانط وغيرهم..”أنا أفكّر إذا أنا موجود“، فقد كانوا يعتمدون عن النظرة الواعية للإنسان، ورغم أن الكثير منهم أشار إلى وجود شيء خفيّ، إلّا أنّهم لم يستطيعوا هيكلته كما فعل سيجموند. 

                                       -2-
عصر التنوير انطلق من القرن الخامس عشر إلى القرن التاسع عشر، إلا أن جاء فرويد بمدرسة علم النفس التحليلي بداية القرن العشرين وقام بإطفاء الأنوار، مشيراً إلى أن الحقيقة تكمن في الظلام، في لا وعي الإنسان، وليست فيما يراه ويعيه.
لذلك قاد الوجوديون حملة انتقاد واسعة ضد فرويد، لأن فكرة فرويد تلغي ”حرية الاختيار“ التي تقوم عليها الوجودية.

                                      - 3 -
حطّ رحاله في فرنسا و”تعلّم“ من جون مارتين شاركو التنويم المغناطيسي، فتلك هي الطريقة التي كان يهدّئ بها ”العُصابيات“، وأضاف من جهته الصدمات الكهربائية، لكنه لم يستعمل تلك الطريقة مطولا، لأنه أراد أن يبقي الفرد واعياً، أن يتحدّث  دون انقطاع لكي يقع فيما يُسمّى بـ ”زلة لسان، السقطات، الفلتة، الانزلاق اللفظي..“ le lapsus révélateur ومن خلاله يتعرّف على خفاياه، ويدرس حالته ويشخّصها.

                                       -4-
دائما ما تكون المحرّكات المكبوتة أقوى من أن يتحكّم فيها الوعي، فتقفز بعدّة طرق، كلمات بذيئة، اشارات جنسية، صمت، صراخ، ضحك إلخ، وهذا الذي حثّه إلى إعطاء أهميّة كبيرة للحلم وتفسيراته.

                                       -5-
في عالم الأحلام، تصبح تلك ”المحرّكات“ هي الوعي في ذاته، لأنها تهزمه بسهولة وتسيطر عليه، وبما أنّ المحرّكات هي التي تمثّل ”حقيقة“ الفرد، فتفسير الحلم يُعدّ أمراً رئيسياً للتشخيص والفهم التام للحالة.
كلّما ضغط الإنسان على محرّكاته، كلّما عادت بأكثر قوّة وأكثر خبث وخطورة.

                                         -6-
عندما توفّى والده، حلّل فرويد نفسه، واستحال الى فكرة أنّه كان غاضباً منه، لأنه كان يحبّ أمّه أكثر، ذلك الذي أطلق عليه اسم ”عقدة أوديب“، و”عقدة إلكترا“ للفتاة، وزعم أن هذه العلاقة المثلّثة (الأب، الأم، والإبن/البنت) هي عقدة إنسانية عامّة.

                                         -7-
بعد مدّة، شدّ الرحال إلى الولايات المتحدّة الأمريكية، وعندما حطّ في المطار قال: لا يعلمون أنني جلبت لهم الطاعون.
مشيراً إلى أنّ فكرة علم النفس التحليلي ستقلب العالم رأسا على عقب، وكذلك فعلت.

                                         -8-
أطّر فرويد كل أفكاره ونظّمها على قاعدة شبه علمية، نعم، إلى يومنا، لا يزال علم النفس التحليلي مصنّفاً عند الكثيرين مع العلم الزائف (pseudo sciences ).
حدّد النفس في الأنا والهو والأنا الأعلى.
 الوعي، جدار الوعي، واللا وعي.
العصاب، العصاب: الهيستيري ،الهوس.

                                        
المقال 164
#عمادالدين_زناف

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق