الجمعة، 14 مايو 2021

في سبيل التنوير



عن القُدسيّة
لم تُبنى الحضارات الا بتقديس الأرض والانسان، بتقديس النبوءات والرسالات، بتقديس الحروب والانتفاضات، بتقديس العلوم والفلسفات، ما الذي يجعل الانسان ينسى انسانيّته؟ لقد عاش الانسان مئتي ألف من السنين على نهج البدايات، فلمَ تُغيّره آخر مئة سنة من الترّهات وبعض الدّعايات من النفايات، أقدس ما في الانسان روحه، وأقدس شيء بعدها أرضه وعرضه، فاذا اطفأت شُعلة حماية العِرض، اعترى روحه ولم يعد لها مأوى وسقف يحميها.
عن الانسان
لا كرامة للإنسان دون عقل، فالعقل هو الذي يجعلنا نُدرك ما يجب وما لا يجب، العقل هو الذي يُسيّر العواطف ويضعها في مكانها، وعن قُدسيّة العِرض والأرض، فللعقل النصيب الأكبر في العمل على حمايتهم، للعاطفة الواجب الرئيس في جعلنا نشعر بالرغبة في الأمن والقوة، لكن العمَل على ذلك يتطلّب التخطيط والتدبير.
عن الأرض
الأرض سرّ المجتمعات، سرّ الانسان في أرضه، وسرّ الجماعة في محيطها، انّنا نَحمي ونحتمي بأرضنا، اننا نتعصّب لمائها وفومها وعدسها وبصلها، لبحرها وجبالها وتلالها وسهولها، لزيَتوها الصّامد وصخرها العريق
عن المجتمعات
يموتُ الانسان من يومها إذا ما انسلخ عن مجتمعه، المجتمع أنت، وأنت المجتمع، الانسان أخو الانسان، والجماعة جدار واقٍ لجماعة أخرى، والمجتمع دولة قائمة تحمل نفسها، وتطلُّ على امّتها. 
عن الأمة 
الأمّة مفهوم يتجاوز المجتمعات، انّ إبراهيم كان أمّة، وما كان إبراهيم الّا أباً للأمة!
فالمقصود أن إبراهيم أبوها ومُعلّمها، على المجتمعات أن تلتفّ حول الأب الذي يُعلّمها ما لا تعلمه عن القوّة وشد الازر والنجاة، يُعلّمها حبّ الأرض وحبّ الرسالات والنبوءات والانتفاضات، نحنُ الأمّة الوسط، التي تتوسّط الأمم رشداً وفهماَ، فمن يجمع فتاتها ويُلملم عقولها، ويُوجّه فُرسانها، ويَرفعَ عُلمائها ومُفكّريها.
عن الهدف
الهدف من الحضارة هو التنوير، البقاء في المقدّمة للعيش الكريم، للبناء والتعمير والبحث عما يختفي وراء كل صغير وكبير، الحضارة هدف وغاية، غياب هذه الرغبة يعني تشوّه مفهوم الحياة في نظر الانسان، لا يوجد انتصارٌ مباشر، هناك انتصارات، وبعدها تأتي سلسلة الدفاعات عن تلك الانتصارات، بمعنى أن المقاومة لا ولن تتوقف.
عن المقاومة
المقاومة تجمع ما ذكرته سابقا، أن تقاوم الفقر والجهل، ثم تحاول ان تجتمع مع أفراد يقاومون نفس ما تقاوم، فتشكلون فريقا مقاوما، تنجحون نجاحات بسيطة، فتنيرون جمعاً آخر، فتصبحون متنوّرين، فيكبر النور الى أن يشعّ على نطاق واسع، فيتعرّض ذلك النور الى قوى الظّلام، فيجتمع كل الناس على مقاومته ودفعه، هكذا هي حياة الانسان، فمن استسلم للأمور الأولى، لا يمكنه مواجهة الظلام الأسود العظيم، فالقوّة تأتي بالتدرّج، وتتصاعد مع تجاوز الانسان للمراحل والسنون.
عن البيوت
تبقى البيوت عرضة للرياح والأمطار والزلازل إذا لم تسند بعضها بعضا، ويبقى الانسان عرضة للمرض والفضل والكآبة إذا لم يسنده انسان آخر، وتبقى البلدان عرضة للانكسار والنكسات إذا لم تسندها دول أخرى، فكونوا سنداً للبيوت.
عن الوحدة
لا يعيش الانسان دون إله، فقد قال سبحانه ''أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ''، لا يوجد من يُنكر ربّه الا ليضع رباً آخراً يُبيح له كلّ ما يهواه، فمن لم يُوحّد الله، فهو حتماً يعبدُ هواه، وحّدوا الله وعظّموه، واعملوا بأمره، منهج التوحيد مهمّ للشعوب والأمة، التوحيد يُوحّد، ونحن أمّة اتّحدت على توحيد الله وتعظيم شعائره، فمن غير المعقول ألا نتحّد على حماية من يوحّده من بني جلدتنا، انّهم شعبٌ من أقصى الأرض يُوحّد الله، فتوحّدوا وهرولوا الى حمايته.
_
الخلاص..هو أن يبني الانسان نفسه، ويعمل على تنويرها، وتنوير محيطه، والتعلم والعمل، ونشر الوعي، والاتحاد والتوحيد، والبناء والدّعم، وجعل نصب عينيه بناء الحضارة التي يحبّ أن يعيش فيها هو ومن يُحبّ ان يكون جزءً منها.

المقال 163
#عمادالدين_زناف

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق