التخطي إلى المحتوى الرئيسي

لودفينغ فيتغنشتاين.. و مشكلة اللغة







لودفيغ فيتغنشتاين، الفيلسوف النمساوي المعروف بدراسته وتدريسه لـ فلسفة اللغة.
المقال الـ95 للكاتب عماد الدين زناف.
_

"المحاضرة عن الأخلاق"، هي محاضرة ألقاها الفيلسوف النمساوي لودفيج فيتغنشتاين في نوفمبر 1929، حيث تمت مناقشة هذه المحاضرة بعد بضعة أسابيع مع "دائرة فيينا"، وهي واحدة من المصادر القليلة لفهم الفكر "الأخلاقي" لـ فيتجنشتاين. 
 اشتهر أصحاب "دراسات فيتجنشتاين" باستعارة الكثير من أفكار "الكتاب العظيم"، و هو كتاب من 13صفحة فقط، الذي عبر فيه فيتجنشتاين عن مفهومه للأخلاق.
كُتب لودفينغ وأفكاره، هي من أصعب ما يمكن للقارئ أن يصادفه، فاذا لم تكن مهتما بعلوم اللغة، أو فلسفة اللغة، او الفلسفة بصفة عامة، فقد تواجه صعوبة في التعمق اكثر.
 لكنني جئتكم بأهم أفكاره، لأن أفكاره تستحق ان نتوقّف عندها.
اولاً في كتابه عن الأخلاق، لم يدرج فيه الأخلاق، نعم، ولا تقيماً عن الأخلاق، في الحقيقة لم يتكلم عنها في المحاضرة أيضاُ، لأنه يعتبر الحديث فيها غير ممكنا، ما يمكننا التحدث فيه هو الأمور التي يمكن اثباتها، مثل الحوادث والعلوم التجريبية.
يقول: «أغلب القضايا والأسئلة التي يتكلم عنها الفلاسفة، إنما تنشأ عن حقيقة كوننا لا نفهم منطق لغتنا»
فاذا فهمنا منطق اللغة، لتجاوزنا الحديث في معظم مواضيع الفلسفة.
الأمر شبيه بسباق لفهم الفكر و اللغة، و من يسبق الآخر، اشير الى انني قد تكلمت عن هذا الموضوع وفككته في هذا الدرس الثامن عشر: اللِّغة و الفِكر..صِراعُ الجَودة بين النُّشطاء
https://youtu.be/5KYZqpcZp2w
يقول "كل صعوباتي، هي صعوبات في التعبير عن صعوباتي."، فهو يشير الى ان اللغة عاجزة عن التعبير عن ذاتها.
الصورة يمكنها تعويض شرحها، كذلك الأخلاق، كذلك كل ما هو غير تجريبي، مثل الوقت، فقد تحدث عن أن الوقت سيبقى إشكالية، تماما كما تحدث عنه اغسطين و باسكال، حيث قال أن من أثقل ما يمكن شرحه هو خاصية الوقت و الزمن.
الطريقة الأمثل في الفلسفة، هي عدم التكلم في الذي يتكلم عن نفسه، مثل الطبيعة، لأن الحديث عنها ينقص منها، وقد يكون الحديث خاطئاُ، لان اللغة غير كاملة.
آخر شيء، و كما اشرت اليه في بشر لا تنين، يقول ان العالم مستقل عن ارادتي، أي ان ما اريده لا يريده العالم، و ما يريده العالم ليس ما اريده، ولا حاجة ان تلتقي حاجتي و حاجة العالم، فهو مستقل عن ارادتي و انا مستقل عن ارادته.

انتهى

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

ابن بطوطة.. الذي لم يغادر غرفته

ابن بطوطة، الرّحالة الذي لم يغادر غرفته. مقال عماد الدين زناف. ليسَ هذا أول مقال يتناول زيفَ الكثير من أعمالِ المؤرخين القدامى، الذين كانوا يكتبون للسلاطين من أجل التقرّب منهم، ومن ذلك السعيُ للتكسّب، ولن يكون الأخير من نوعه. الكتب التاريخية، وأخص بالذكر كتب الرّحالة، هي عبارة عن شيءٍ من التاريخ الذي يضع صاحبها في سكّة المصداقية أمام القارىء، ممزوجِ بكثيرٍ من الروايات الفانتازيّة، التي تميّزه عن غيره من الرحالة والمؤرخين. فإذا اتخذَ أحدنا نفس السبيل الجغرافي، فلن يرى إلا ما رآه الآخرون، بذلك، لن يكون لكتاباته أيّ داعٍ، لأن ما من مؤرخ ورحّالة، إلا وسُبقَ في التأريخ والتدوين، أما التميّز، فيكون إما بالتحليل النفسي والاجتماعي والفلسفي، أو بابتداع ما لا يمكن نفيُهُ، إذ أن الشاهد الوحيد عن ذلك هو القاصّ نفسه، وفي ذلك الزمن، كان هناك نوعين من المتلقين، أذن وعين تصدق كل ما تسمع وتقرأ، وأذن وعين لا تلتفت إلا لما يوافق معتقدها أو عقلها.  الهدف من هذا المقال ليس ضربُ شخص ابن بطوطة، لأن الشخص في نهاية المطاف ما هو إلا وسيلة تحمل المادة التي نتدارسها، فقد يتبرّأ ابن طوطة من كل ما قيل أنه قد كتبه، ...

مذكرة الموت Death Note

إذا كُنت من محبّي المانجا و الأنيم، من المؤكد أنه لم تفتك مشاهدة هذه التُّحفة المليئة بالرسائل المشفّرة. هذا المسلسل اعتمد على عدّة ثقافات و إيديولوجيات و ارتكز بشكل ظاهريّ على الديكور المسيحي، في بعض اللقطات و المعتقدات. المقال الـ104 للكاتب Imed eddine zenaf / عماد الدين زناف  _ الرواية في الأنيم مُقسّمة الى 37 حلقة، الشخصيات فيها محدّدة و غير مخفية. تبدأ القصة بسقوط كتاب من السّماء في ساحة الثانوية موسوم عليه «مذكرة الموت» ،حيث  لمحه شاب ذكيّ يُدعى ياغامي رايتو، و راح يتصفحه، احتفظ به، رغم أنه أخذها على أساس مزحة ليس الّا، و بعد مدّة قصيرة اكتشف ان المذكرة "سحريّة"، يمكنه من خلالها الحكم على ايّ كان بالموت بعد اربعين ثانية من كتابة اسمه و طريقة موته بالتفصيل. لم تسقط المذكرة عبثاً، بل اسقطته شخصية تُسمى ريوك، من العالم الآخر، وكانت حجة ريوك هي: الملل والرغبة في اللعب. كلُ من يستعمل مذكرة الموت يطلق عليه اسم " كيرا".  بعدها تسارعت الأحداث بعدما أصبح "كيرا" يكثّف من الضحايا بإسم العدل و الحق، فقد كان منطلقه نبيلاً: نشر العدل و القضاء على الجريمة في الأرض....

أخلاق العبيد، نيتشه والمغرب الأقصى

مفهوم أخلاق العبيد عند نيشته، المغرب الأقصى مثالا. مقال عماد الدين زناف. فريدريش نيتشه، حين صاغ مفهومه عن «أخلاق العبيد» في مُعظم كتبه، لم يكن يتحدث عن العبودية الملموسة بالمعنى الاجتماعي أو الاقتصادي، أو بمعنى تجارة الرّق. بل تحدّث عن أسلوب في التفكير نِتاجَ حِقدٍ دفين وخضوع داخلي يولد مع الأفراد والجماعة. إذ بيّن أن الضعفاء، العاجزين عن تأكيد قوتهم، اخترعوا أخلاقًا تُدين الأقوياء، فرفعوا من شأن التواضع والطاعة فوق ما تحتمله، حتى أنها كسرت حدود الذل والهوان. ومن هذا المنطلق يمكن رسم موازاة مع خضوع شعب المغرب الأقصى لنظام المخزن. إذ أنها سلطة شكّلت لعقود علاقة هرمية تكاد تكون مقدسة بين الحاكمين والمحكومين. وما يلفت النظر هو أنّ هذا الخضوع لم يُقبل فقط بدافع الخوف والريبة، بل تَمَّ استبطانه كفضيلة بل وعمل أخلاقيًا. فالطاعة أصبحت عندهم حكمة، والعبودية وَلاءً، والاعتماد على الغير، أيًّ كانت مساعيه في دولتهم عبارة عن صورة من صور الاستقرار. نيتشه قال «نعم للحياة»، لكنها استُبدلت بـ«لا» مقنّعة، إذ جرى تحويل العجز التام على تغيير الظروف إلى قيمة، وتحويل الذل إلى فضيلة الصبر، وعندما عبّر قائلا...