التخطي إلى المحتوى الرئيسي

علم الأعصاب الحكيم!


 يقدّم لنا الباحث و الدكتور إدريس أبركان -الجزائري الأصل-، نظرة جديدة في علم الأعصاب ، ذلك في تقسيم بين التكنولوجيا الحكيمة و غير الحكيمة ، في كتابه «حرّروا عقولكم» و الذي كان best-seller في 2016

المقال الـ62 للكاتب Imed eddine zenaf / عماد الدين زناف

_

القادم في المقالة هو عبارة عن تجميع لأفكار إدريس في هذا التخصص ، لانه ايضا متخصص في الأدب المقارن و الجيوسياسة ، و بما أننا في عصر المعرفة ، فعلم الأعصاب أصبح من أعمدة العلوم و حديث الساعة.

«أن تنتج أو تستمتع..عليك أن تختار!»

«أن تعمل و تكون عدوّا للبيئة ..أو تكون صديقاً لها بلا انتاج»، هذه أكثر فكرتين مغلوطتين ورثناهم من الثورة الصناعية ، و في الحقيقة، كلّ التطوّر التكنولوجي المعاصر يقول غير هذا.

جميع من حقق جائزة نوبل ، كان عمله هو متعته في نفس الوقت ، الكرة الذهبية لكرة القدم ليس شهادة الباكالوريا ، بل عمل و مهارة و متعة و حب الشيء ذاته قبل كل شيء فقط، 

اما الانتاج و التطور التكنولوجي ، فهو ليس خيراً او شرّا في ذاته ، ما يجعله كذلك هو طريقة استعماله!

و هنا نتكلم عن الحكمة العصبيّة ، اي كيف نوظّف العمل العصبي ليقدّم لنا تكنولوجيا صديقة للانسان و الطبيعة و مربحة!

العلم بصفة عامّة لا يخبرنا ما نفعله به و كيف نوظّفه، و هنا تكمن خطورته أو حسنته، و خطورة التطوّر العلمي تكمن في عدم تطوّر الحكمة في استعماله او في تصنيعه!، يقول اسحاق ازيموف «الحضارة التي تنتج كثيراً من التكنولوجيا و قليلاً من الحكمة..فهي في خطر».

و أفضل مثال للحديث عن التباعد بين الحكمة و التكنولوجيا هو ألمانيا النّازيّة و استعمالها تطوّرها العلمي في قهر الشعوب الى ان ابتلع التنين ذيله ، و الو م أ  التي ألقت قنبلتها على مناطق هيروشيما و ناكازاكي في اليابان.

أما كمثال لـ التكنولوجيا الحكيمة او علم الاعصاب الحكيم لنتكلم بمصطلح علمي ، هو سيارات تيسلا الكهربائية لمديرها ايلون موسك ، فهي صديقة للبيئة و غير مكلّفة.

اذا على الانسان ان يربط تطوّره بشكل دائم الى الحكمة ، و انا لا تتجاوز اعماله حكمته و عقلانيّته، و الا فتجربة الحرب العالمية الثانية ليست ببعيدة.


انتهى


#عمادالدين_زناف

تعليقات

  1. مقال أكثر من رائع ، اننا في زمن الاعتماد الكلي على التكنولوجيا و الإستعمال المفرط و اللامدروس لها الذي يتزامن مع بداية تغييب التفكير البشري العقلاني

    ردحذف

إرسال تعليق

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

ابن بطوطة.. الذي لم يغادر غرفته

ابن بطوطة، الرّحالة الذي لم يغادر غرفته. مقال عماد الدين زناف. ليسَ هذا أول مقال يتناول زيفَ الكثير من أعمالِ المؤرخين القدامى، الذين كانوا يكتبون للسلاطين من أجل التقرّب منهم، ومن ذلك السعيُ للتكسّب، ولن يكون الأخير من نوعه. الكتب التاريخية، وأخص بالذكر كتب الرّحالة، هي عبارة عن شيءٍ من التاريخ الذي يضع صاحبها في سكّة المصداقية أمام القارىء، ممزوجِ بكثيرٍ من الروايات الفانتازيّة، التي تميّزه عن غيره من الرحالة والمؤرخين. فإذا اتخذَ أحدنا نفس السبيل الجغرافي، فلن يرى إلا ما رآه الآخرون، بذلك، لن يكون لكتاباته أيّ داعٍ، لأن ما من مؤرخ ورحّالة، إلا وسُبقَ في التأريخ والتدوين، أما التميّز، فيكون إما بالتحليل النفسي والاجتماعي والفلسفي، أو بابتداع ما لا يمكن نفيُهُ، إذ أن الشاهد الوحيد عن ذلك هو القاصّ نفسه، وفي ذلك الزمن، كان هناك نوعين من المتلقين، أذن وعين تصدق كل ما تسمع وتقرأ، وأذن وعين لا تلتفت إلا لما يوافق معتقدها أو عقلها.  الهدف من هذا المقال ليس ضربُ شخص ابن بطوطة، لأن الشخص في نهاية المطاف ما هو إلا وسيلة تحمل المادة التي نتدارسها، فقد يتبرّأ ابن طوطة من كل ما قيل أنه قد كتبه، ...

مذكرة الموت Death Note

إذا كُنت من محبّي المانجا و الأنيم، من المؤكد أنه لم تفتك مشاهدة هذه التُّحفة المليئة بالرسائل المشفّرة. هذا المسلسل اعتمد على عدّة ثقافات و إيديولوجيات و ارتكز بشكل ظاهريّ على الديكور المسيحي، في بعض اللقطات و المعتقدات. المقال الـ104 للكاتب Imed eddine zenaf / عماد الدين زناف  _ الرواية في الأنيم مُقسّمة الى 37 حلقة، الشخصيات فيها محدّدة و غير مخفية. تبدأ القصة بسقوط كتاب من السّماء في ساحة الثانوية موسوم عليه «مذكرة الموت» ،حيث  لمحه شاب ذكيّ يُدعى ياغامي رايتو، و راح يتصفحه، احتفظ به، رغم أنه أخذها على أساس مزحة ليس الّا، و بعد مدّة قصيرة اكتشف ان المذكرة "سحريّة"، يمكنه من خلالها الحكم على ايّ كان بالموت بعد اربعين ثانية من كتابة اسمه و طريقة موته بالتفصيل. لم تسقط المذكرة عبثاً، بل اسقطته شخصية تُسمى ريوك، من العالم الآخر، وكانت حجة ريوك هي: الملل والرغبة في اللعب. كلُ من يستعمل مذكرة الموت يطلق عليه اسم " كيرا".  بعدها تسارعت الأحداث بعدما أصبح "كيرا" يكثّف من الضحايا بإسم العدل و الحق، فقد كان منطلقه نبيلاً: نشر العدل و القضاء على الجريمة في الأرض....

أخلاق العبيد، نيتشه والمغرب الأقصى

مفهوم أخلاق العبيد عند نيشته، المغرب الأقصى مثالا. مقال عماد الدين زناف. فريدريش نيتشه، حين صاغ مفهومه عن «أخلاق العبيد» في مُعظم كتبه، لم يكن يتحدث عن العبودية الملموسة بالمعنى الاجتماعي أو الاقتصادي، أو بمعنى تجارة الرّق. بل تحدّث عن أسلوب في التفكير نِتاجَ حِقدٍ دفين وخضوع داخلي يولد مع الأفراد والجماعة. إذ بيّن أن الضعفاء، العاجزين عن تأكيد قوتهم، اخترعوا أخلاقًا تُدين الأقوياء، فرفعوا من شأن التواضع والطاعة فوق ما تحتمله، حتى أنها كسرت حدود الذل والهوان. ومن هذا المنطلق يمكن رسم موازاة مع خضوع شعب المغرب الأقصى لنظام المخزن. إذ أنها سلطة شكّلت لعقود علاقة هرمية تكاد تكون مقدسة بين الحاكمين والمحكومين. وما يلفت النظر هو أنّ هذا الخضوع لم يُقبل فقط بدافع الخوف والريبة، بل تَمَّ استبطانه كفضيلة بل وعمل أخلاقيًا. فالطاعة أصبحت عندهم حكمة، والعبودية وَلاءً، والاعتماد على الغير، أيًّ كانت مساعيه في دولتهم عبارة عن صورة من صور الاستقرار. نيتشه قال «نعم للحياة»، لكنها استُبدلت بـ«لا» مقنّعة، إذ جرى تحويل العجز التام على تغيير الظروف إلى قيمة، وتحويل الذل إلى فضيلة الصبر، وعندما عبّر قائلا...