التخطي إلى المحتوى الرئيسي

الإنسان أعلى من إنجازاته.


منذ ان طور الانسان الكتابة والتأريخ ،  ترك شهاداته الحضارية في كل عصر،  وكل حضارة،  سطّرت العصور التي سبقتها،  وبما اننا في القرن الحادي و العشرين ، سوف نعمل على  تصنيف العصور التي سبقت عصرنا الحالي،  وهي كالتالي:

العصر الحجري

عصر الحجر المصقول

عصر الحجر المنحوت

عصر  الطهي

العصر البرونزي

العصر الحديدي

عصر الكربون / الشاربون ١

عصر الكربون / البترول والغاز ٢

عصر المعرفة

المقال الـ55 من تقديم عماد الدين زناف.

_

في الصورة رسمة رمزية  للقديس اوغوستين البوني و هو يدعس على الكتب ويتلقى المعرفة مباشرة من النور ،  صوره قد يتم تفسيرها بعدة صور سطحية ،  لكن في الحقيقة هذه الصورة تمثل عملية « المزيد من المعرفة» ،  ورمزيه دعسه على الكتب ليس احتقارا للعلم،  بل ان ذلك العلم من صنيعه الانسان،  والانسان اعلى مما يصنعه.

الكثير من الناس لا يعرف بان الى غايه 1840م لم يكن هناك  حذاء  مقسم  بما يلائم الرجل اليمنى والرجل اليسرى،  اي ان الزوج متطابق تماما في الحجم والشكل ،  اذا طلب منك مصلح الأحذية بأن  على قدمك ان تتأقلم مع الحذاء، وليس الحذاء ان يتلاءم مع قدمك ،   فستعلم مباشره بانه ضحيه صناعته وليس سيّداً لصانعته! 

مثلما هو من المنطقي بأن نقول أن الحذاء من يتأقلم وشكل القدم و ليس العكس،  فعلى المعرفة ان تتأقلم وتطور الانسان وتطور عقله وتفكيره،  ولا نخضع الانسان  للمنطق المعرفي الذي صنعه هو.

اذا كان الانسان هو من صنع  المدارس و الجامعات،  ورسم منظومه خاصة للتعليم ،  وقرر ما هو  واجب ان يعرفه الطفل والمراهق والبالغ،  فمن غير المعقول  ان يحصر نفسه في قانونه.

يقول  ايلون موسك  مدير شركه تيسلا واكس سبايس :  شهادتك لا تساوي شيئا،  وهو محق تماما  اذا اخذناها من الجانب الفكري والفلسفي ، لان تلك الشهادة صناعة انسانية،  وعندما يصنع الانسان شيئا فهو يتجاوزه تماما في الثانية التي  تأتي وراء تلك الصناعة،  الانسان باحث  مستمر عن المعرفة،  اما اذا تكلمنا عن الشهادة الاجتماعية ،  فهي تمثل معرفه ذلك الشخص بالإنسان السابق اكثر من غيره  لا اكثر.

اذا  صنع الانسان حذاء لكي يلبسه ، وظهر  له عمليا بان ذلك الحذاء  اكبر او اصغر بكثير من قدمه،  فعليه ان يصنع حذاء اخر، لا ان يرغم قدمه على التأقلم معه.

كذلك الحال في الدول،  اذا فرض نظام فلسفي اقتصادي على دوله وشعب ، حضاريا غير مهيئين للعمل به،  فليس على الدولة والشعب التأقلم مع النظام الفلسفي الاقتصادي،  بل على تلك الدولة والشعب صناعه نظام فلسفي اقتصادي يتماشى وحضارة ومفهوم ذلك الشعب،  فلكل فكر سياسي واقتصادي  حدوده المعرفية،  بما انه صنيعه الانسان.

كل الكوارث التي تمر عليها البلدان،  تأتي جراء  فرض منطق انساني منتهي ،  او غير ملائم في ظروف معينة.

الانسان اعلى من الاهرامات واعلى من  الإمبراطورية الرومانية واعلى من برج بابل و  الحدائق المعلقة  وصور الصين العظيم.

 علينا ان نعلم بان كل ما صنعه الانسان  يتجاوزه ،  يمكنكم العودة الى مقال تأثير بانيستر ،  لمعرفه بان  ما يعيق الانسان هو  مفهومه و نظرته على صناعه الانسان نفسه،  وان الانسان اذا تعالى وتجاوز صناعة الانسان،  فلن يتوقف على التطور وعلى السباحة في هذا العالم اللامتناهي.


انتهى


#عمادالدين_زناف

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

ابن بطوطة.. الذي لم يغادر غرفته

ابن بطوطة، الرّحالة الذي لم يغادر غرفته. مقال عماد الدين زناف. ليسَ هذا أول مقال يتناول زيفَ الكثير من أعمالِ المؤرخين القدامى، الذين كانوا يكتبون للسلاطين من أجل التقرّب منهم، ومن ذلك السعيُ للتكسّب، ولن يكون الأخير من نوعه. الكتب التاريخية، وأخص بالذكر كتب الرّحالة، هي عبارة عن شيءٍ من التاريخ الذي يضع صاحبها في سكّة المصداقية أمام القارىء، ممزوجِ بكثيرٍ من الروايات الفانتازيّة، التي تميّزه عن غيره من الرحالة والمؤرخين. فإذا اتخذَ أحدنا نفس السبيل الجغرافي، فلن يرى إلا ما رآه الآخرون، بذلك، لن يكون لكتاباته أيّ داعٍ، لأن ما من مؤرخ ورحّالة، إلا وسُبقَ في التأريخ والتدوين، أما التميّز، فيكون إما بالتحليل النفسي والاجتماعي والفلسفي، أو بابتداع ما لا يمكن نفيُهُ، إذ أن الشاهد الوحيد عن ذلك هو القاصّ نفسه، وفي ذلك الزمن، كان هناك نوعين من المتلقين، أذن وعين تصدق كل ما تسمع وتقرأ، وأذن وعين لا تلتفت إلا لما يوافق معتقدها أو عقلها.  الهدف من هذا المقال ليس ضربُ شخص ابن بطوطة، لأن الشخص في نهاية المطاف ما هو إلا وسيلة تحمل المادة التي نتدارسها، فقد يتبرّأ ابن طوطة من كل ما قيل أنه قد كتبه، ...

مذكرة الموت Death Note

إذا كُنت من محبّي المانجا و الأنيم، من المؤكد أنه لم تفتك مشاهدة هذه التُّحفة المليئة بالرسائل المشفّرة. هذا المسلسل اعتمد على عدّة ثقافات و إيديولوجيات و ارتكز بشكل ظاهريّ على الديكور المسيحي، في بعض اللقطات و المعتقدات. المقال الـ104 للكاتب Imed eddine zenaf / عماد الدين زناف  _ الرواية في الأنيم مُقسّمة الى 37 حلقة، الشخصيات فيها محدّدة و غير مخفية. تبدأ القصة بسقوط كتاب من السّماء في ساحة الثانوية موسوم عليه «مذكرة الموت» ،حيث  لمحه شاب ذكيّ يُدعى ياغامي رايتو، و راح يتصفحه، احتفظ به، رغم أنه أخذها على أساس مزحة ليس الّا، و بعد مدّة قصيرة اكتشف ان المذكرة "سحريّة"، يمكنه من خلالها الحكم على ايّ كان بالموت بعد اربعين ثانية من كتابة اسمه و طريقة موته بالتفصيل. لم تسقط المذكرة عبثاً، بل اسقطته شخصية تُسمى ريوك، من العالم الآخر، وكانت حجة ريوك هي: الملل والرغبة في اللعب. كلُ من يستعمل مذكرة الموت يطلق عليه اسم " كيرا".  بعدها تسارعت الأحداث بعدما أصبح "كيرا" يكثّف من الضحايا بإسم العدل و الحق، فقد كان منطلقه نبيلاً: نشر العدل و القضاء على الجريمة في الأرض....

أخلاق العبيد، نيتشه والمغرب الأقصى

مفهوم أخلاق العبيد عند نيشته، المغرب الأقصى مثالا. مقال عماد الدين زناف. فريدريش نيتشه، حين صاغ مفهومه عن «أخلاق العبيد» في مُعظم كتبه، لم يكن يتحدث عن العبودية الملموسة بالمعنى الاجتماعي أو الاقتصادي، أو بمعنى تجارة الرّق. بل تحدّث عن أسلوب في التفكير نِتاجَ حِقدٍ دفين وخضوع داخلي يولد مع الأفراد والجماعة. إذ بيّن أن الضعفاء، العاجزين عن تأكيد قوتهم، اخترعوا أخلاقًا تُدين الأقوياء، فرفعوا من شأن التواضع والطاعة فوق ما تحتمله، حتى أنها كسرت حدود الذل والهوان. ومن هذا المنطلق يمكن رسم موازاة مع خضوع شعب المغرب الأقصى لنظام المخزن. إذ أنها سلطة شكّلت لعقود علاقة هرمية تكاد تكون مقدسة بين الحاكمين والمحكومين. وما يلفت النظر هو أنّ هذا الخضوع لم يُقبل فقط بدافع الخوف والريبة، بل تَمَّ استبطانه كفضيلة بل وعمل أخلاقيًا. فالطاعة أصبحت عندهم حكمة، والعبودية وَلاءً، والاعتماد على الغير، أيًّ كانت مساعيه في دولتهم عبارة عن صورة من صور الاستقرار. نيتشه قال «نعم للحياة»، لكنها استُبدلت بـ«لا» مقنّعة، إذ جرى تحويل العجز التام على تغيير الظروف إلى قيمة، وتحويل الذل إلى فضيلة الصبر، وعندما عبّر قائلا...